Telegram Web
فلا تظنّوا أن المراد أنّ المُحب مُطالبٌ بالعِصمة، وإنّما هُو مطالبٌ كلّما زلّ أن يتلافى تِلكَ الوَصْمَة.

[مجموع الرسائل (69/3) لابن رجب]
[ الذكر عند النوم وعند الاستيقاظ ]

"فيستصحبُ الذكر في يقظته حتى ينامَ عليه، ثم يبدأُ به عندَ استيقاظه، وذلك من دلائل صدقِ المحبة، كما قال بعضهم:

وآخِرُ شيءٍ أنت في كلِّ هَجعةٍ … وأوَّل شيءٍ أنتَ وقتَ هُبُوبي

وذكرك في قلبي بنومٍ ويقظةٍ … تجافى من اللّين اللبيب جنوب"

‏[جامع العلوم والحكم (ص/944) لابن رجب]
عَن النَّبِيّ ﷺ قَالَ: "بشر المشائين فِي الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"

قَالَ إبراهيم النخعي: كانوا يرون أن المشي إلى الصلاة فِي الليلة الظلماء موجبة -يعني-: توجب لصاحبها الجنة.

[فتح الباري (35/6) لابن رجب]
قال رجل لبعض العارفين: قد قطعت إليك مسافة، قال: ليس هذا الأمر بقطع المسافات، فارق نفسك بخطوة وقد وصلت إلى مقصودك.

[لطائف المعارف (ص/439) لابن رجب]
عِظَم حديث جبريل عليه السلام

قال ابن رجب الحنبلي:
جميعَ العُلوم والمعارف ترجعُ إلى هذا الحديث وتدخل تحته، وأنَّ جميع العلماء من فِرَقِ هذه الأمَّة لا تخرجُ علومهم التي يتكلَّمون فيها عن هذا الحديث، وما دلَّ عليه مجمَلاً ومفصَّلاً.

فإنَّ الفُقهاءَ إنَّما يتكلَّمون في العبادات التي هي من جملة خصال الإسلام، ويضيفون إلى ذلك الكلامَ في أحكامِ الأموالِ والأبضاعِ والدِّماءِ، وكلُّ ذلك من علمِ الإسلامِ كما سبق التنبيه عليه، ويبقى كثيرٌ من علم الإسلامِ مِنَ الآدابِ والأخلاقِ وغير ذلك لا يَتَكلَّمُ عليه إلاَّ القليلُ منهم، ولا يتكلَّمون على معنى الشهادتين، وهما أصلُ الإسلام كلِّه.

والذين يتكلمون في أصول الدِّيانات، يتكلَّمون على الشَّهادتين، وعلى الإيمان باللهِ، وملائكته، وكتبه، ورسُله، واليومِ الآخرِ، والإيمان بالقدر.

والذين يتكلَّمون على علم المعارف والمعاملات يتكلَّمون على مقام الإحسان، وعلى الأعمال الباطنة التي تدخلُ في الإيمان أيضاً، كالخشية، والمحبَّة، والتوكُّلِ، والرِّضا، والصَّبر، ونحو ذلك،

فانحصرتِ العلومُ الشَّرعية التي يتكلَّمُ عليها فِرَقُ المسلمين في هذا الحديث، ورجعت كلُّها إليه، ففي هذا الحديث وحدَه كفايةٌ، وللهِ الحمدُ والمنَّةُ.

[جامع العلوم والحِكَم (ص/112) لابن رجب]
ذو القعدة من الأشهر الحرم بغير خلاف، وهو أول الأشهر الحرم المتوالية.
وهل هو أول الحرم مطلقا أم لا؟ فيه خلاف..
وهو أيضا من أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]،

وقيل: إن تحريم ذي القعدة كان في الجاهلية لأجل السير إلى الحج، وسمي ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال.

وتحريم المحرم لرجوع الناس فيه من الحج إلى بلادهم، وتحريم ذي الحجة لوقوع حجهم فيه،
وتحريم رجب كان للإعتمار فيه من البلاد القريبة.

[لطائف المعارف (ص/259) لابن رجب]
من خصائص ذي القعدة أن عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم كلها كانت في ذي القعدة، سوى عمرته التي قرنها بحجته مع أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بها أيضا في ذي القعدة وفعلها في ذي الحجة مع حجته،

وكانت عمره صلى الله عليه وسلم أربعا:

عمرة الحديبية ولم يتمها بل تحلل منها ورجع.

وعمرة القضاء من قابل.

وعمرة الجعرانة عام الفتح لما قسم غنائم حنين. وقيل: إنها كانت في آخر شوال، والمشهور أنها كانت في ذي القعدة، وعليه الجمهور.

وعمرته في حجة الوداع كما دلت عليه النصوص الصحيحة، وعليه جمهور العلماء أيضا.

وقد روي عن طائفة من السلف منهم:
ابن عمر، وعائشة، وعطاء، تفضيل عمرة ذي القعدة وشوال على رمضان.

[لطائف المعارف (ص/259) لابن رجب]
تطهير القلب: تفريغه من كلّ ما يكرهه الله تعالى من أصنام النّفس والهوى، ومتى بقيت فيه من ذلك بقيّة، فالله أغنى الأغنياء عن الشّرك، وهو لا يرضى بمزاحمة الأصنام..

أردناكم صرفا فلمّا مزجتم … بعدتم بمقدار التفاتكم عنّا

وقلنا لكم لا تُسكِنُوا القلب غيرنا … فأسكنتم الأغيار ما أنتم منّا

[لطائف المعارف (ص/440) لابن رجب]
كان الإمام أحمد يدعو: اللهم أعزّنا بعزّ الطاعة ولا تُذلّنا بذلّ المعصية.

[مجموع الرسائل (243/1) لابن رجب]
في رواية ابن القاسم: أن أحمد ذكر قبر الحسين، وما يفعل الناس عنده -يعني: من الأمور المكروهة المحدثة-.

وهذا فيه إشارة إلى أن الإفراط في تتبع مثل هذه الآثار يخشى منه الفتنة، كما كره اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، وقد زاد الأمر في ذلك عند الناس حتى وقفوا عنده، واعتقدوا أنه كاف لهم، واطرحوا ما لا ينجيهم غيره، وهو طاعة الله ورسوله.

[فتح الباري (179/3) لابن رجب]
من كلام الحافظ عبدالغني المقدسي صاحب "عمدة الأحكام":

أبلغ مَا سأل العبد ربه ثلاثة أشياء:
رضوان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ،
والنظر إِلَى وجهه الكريم،
والفردوس الأعلى.

[ذيل طبقات الحنابلة (20/3) لابن رجب]
أداء الواجبات كلّها أفضل من التنفّل بالحجّ والعمرة وغيرهما؛ فإنّه ما تقرّب العباد إلى الله تعالى بأحبّ إليه من أداء ما افترض عليهم.

وكثير من الناس يهون عليه التنفّل بالحجّ والصّدقة ولا يهون عليه أداء الواجبات من الديون وردّ المظالم، وكذلك يثقل على كثير من النّفوس التنزّه عن كسب الحرام والشبهات، ويسهل عليها إنفاق ذلك في الحجّ والصّدقة.

[لطائف المعارف (ص/438) لابن رجب]
الله تعالى جعل في الدنيا أشياء كثيرة تذكّر بالنار المعدّة لمن عصاه وبما فيها من الآلام والعقوبات من أماكن وأزمان وأجسام وغير ذلك:

أمّا الأماكن؛ فكثير من البلدان مفرطة الحرّ أو البرد، فبردها يذكّر بزمهرير جهنّم، وحرّها يذكّر بحرّ جهنّم وسمومها، وبعض البقاع يذكّر بالنار، كالحمّام. قال أبو هريرة: نعم البيت الحمّام يدخله المؤمن فيزيل به الدّرن، ويستعيذ بالله فيه من النّار

كان السّلف يذكرون النّار بدخول الحمّام* فيحدث ذلك لهم عبادة. دخل ابن وهب الحمّام، فسمع تاليا يتلو: {وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ} [غافر: ٤٧]، فغشي عليه..
كان بعض السّلف إذا أصابه كرب الحمّام يقول: يا برّ يا رحيم، منّ علينا وقنا عذاب السّموم.
صبّ بعض الصالحين على رأسه ماء من الحمّام فوجده شديد الحرّ، فبكى، وقال: ذكرت قوله تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحجّ: ١٩].

كل ما في الدنيا يدلّ على صانعه، ويذكّر به، ويدلّ على صفاته؛ فما فيها من نعيم وراحة يدلّ على كرم خالقه وفضله وإحسانه وجوده ولطفه، وما فيها من نقمة وشدّة وعذاب يدلّ على شدّة بأسه وبطشه وقهره وانتقامه. واختلاف أحوال الدّنيا من حرّ وبرد وليل ونهار وغير ذلك يدلّ على انقضائها وزوالها.

[لطائف المعارف (ص/553) لابن رجب]

______________________________

(*) [هو المُستحم: المتخذ لغرض الاغتسال والتنظف، وليس مكان قضاء الحاجة كما في عرفنا اليوم، وقد كتبوا في أحكامه، ومنه أحكام الحمام لابن المبرد، وغيره].
قال أبو عثمان النهدي:

كانوا يُعظّمون ثلاث عشرات:

العشر الأخير من رمضان

والعشر الأول من ذي الحجة

والعشر الأول من محرم .

[لطائف المعارف (ص/35) لابن رجب]
‏واعلم أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب :

١- منها: [ شرف المكان ] المعمول فيه ذلك العمل كالحرم ولذلك تضاعف الصلاة في مسجدي مكة والمدينة..

٢- ومنها: [ شرف الزمان ] كشهر رمضان وعشر ذي الحجة..

٣- وقد يضاعف الثواب بأسباب أُخر منها: [ شرف العامل ] عند الله وقربه منه وكثرة تقواه.

[لطائف المعارف (ص/269) لابن رجب]
[عشر ذي الحجة]

وأما استحباب الإكثار من الذّكر فيها؛ فقد دلَّ عليه قول الله عزّوجل: {ويذكروا الله في أيامٍ معلومات} فإنَّ الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء.

وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).

[لطائف المعارف (ص/461) لابن رجب]
وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره.

[فتح الباري (16/9) لابن رجب]
روى أبو عمرو النيسابوري في (كتاب الحكايات) بإسناده عن حُميد، قال: سمعت ابن سيرين وقتادة يقولان: صومُ كُلِّ يومٍ من العَشْرِ يعدُل سنة..
وممن كان يصوم العشر عبدالله بن عمر رضي الله عنه.

[لطائف المعارف (ص/459) لابن رجب]
2025/10/10 15:42:13
Back to Top
HTML Embed Code: