tgoop.com/ebn_rjb/1555
Last Update:
الله تعالى جعل في الدنيا أشياء كثيرة تذكّر بالنار المعدّة لمن عصاه وبما فيها من الآلام والعقوبات من أماكن وأزمان وأجسام وغير ذلك:
أمّا الأماكن؛ فكثير من البلدان مفرطة الحرّ أو البرد، فبردها يذكّر بزمهرير جهنّم، وحرّها يذكّر بحرّ جهنّم وسمومها، وبعض البقاع يذكّر بالنار، كالحمّام. قال أبو هريرة: نعم البيت الحمّام يدخله المؤمن فيزيل به الدّرن، ويستعيذ بالله فيه من النّار
كان السّلف يذكرون النّار بدخول الحمّام* فيحدث ذلك لهم عبادة. دخل ابن وهب الحمّام، فسمع تاليا يتلو: {وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ} [غافر: ٤٧]، فغشي عليه..
كان بعض السّلف إذا أصابه كرب الحمّام يقول: يا برّ يا رحيم، منّ علينا وقنا عذاب السّموم.
صبّ بعض الصالحين على رأسه ماء من الحمّام فوجده شديد الحرّ، فبكى، وقال: ذكرت قوله تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحجّ: ١٩].
كل ما في الدنيا يدلّ على صانعه، ويذكّر به، ويدلّ على صفاته؛ فما فيها من نعيم وراحة يدلّ على كرم خالقه وفضله وإحسانه وجوده ولطفه، وما فيها من نقمة وشدّة وعذاب يدلّ على شدّة بأسه وبطشه وقهره وانتقامه. واختلاف أحوال الدّنيا من حرّ وبرد وليل ونهار وغير ذلك يدلّ على انقضائها وزوالها.
[لطائف المعارف (ص/553) لابن رجب]
______________________________
(*) [هو المُستحم: المتخذ لغرض الاغتسال والتنظف، وليس مكان قضاء الحاجة كما في عرفنا اليوم، وقد كتبوا في أحكامه، ومنه أحكام الحمام لابن المبرد، وغيره].
BY لطائف ابن رجب
Share with your friend now:
tgoop.com/ebn_rjb/1555