Telegram Web
قد يتلبّس الطفل الفضيلة دون اختيار واعٍ منه لأنّ دوافع نفسه لم تستحكم منه، أو لأنّ ما اكتسبه من خبرات لم تعينه على استكشاف المساحات المظلمة في نفسه بعد.
نعم، قد تخالط نفوس الأطفال الغيرة أو الحسد أو الطّمع وقد يكذبون، لكنّها في حدود مشاعرهم الطفوليّة الغضّة وفي حدود انفعالاتهم البشريّة الصِّرفة، وفي حدود ما يفهمون من لعبة الحياة، وفي حدود ما يدركون من متعها وأطماعها، فإذا تعاظم الوعي بقواعد اللعبة وشروطها-دون عاصمٍ من خُلُق- لربما انحسرت مساحة الخيّرية لصالح القوّة/ الظروف، تحت ذرائع ومبرّرات الأوهام، بل وكثيرًا تحت سلطة الهوى.
ولهذا كلّما تعاظمت مساحة اشتغالك في الحياة، كلّما تطلب ذلك جهدًا أكبر في مراجعة النفس وتهذيبها وتقويمها، نستصحب في هذا الميدان العسر، هدي القرآن: "والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم".
ودعاء النبي عليه السلام: "ربّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
"فخَيْر الكلام - على هذا التصفُّح والتحصيل - ما أيّده العقل بالحقيقة، وساعده اللفظ بالرّقة، وكان له سهولة في السّمع، ووَقْع في النّفس، وعذوبة في القلب، ورَوْح في الصدر؛ إذا ورد لم يُحجب، وإذا صدر لم يُنْسَ، وإذا طال لم يُملّ، وإذا قصُر لك يُحقر، له غَنج كغنج العين، ودلّ كدلِّ الحبيب، ولذّة كلذّة الغِناء، وانقياد كانقياد الذّليل، وتيهٌ كتيه العزيز، ووقارٌ كوقار الشّيخ، وحلاوة كحلاوة العافية، وأخذٌ كأخذ الخمر، وولوجٌ كولوج النسيم، ووقعٌ كوقع القطر، وريحٌ كريح العِطر، واستواءٌ كاستواء السَّطر، وسبْكٌ كسبك التِّبر، يجمعُ لك بين الصّحة والبهجة والتّمام".

[أخلاق الوزيرين]
Forwarded from ‏صومعة.
..
"وإذا تمكنت الشهوة من النفس، فلا بد أن تحدث أثرها في العقل، شعر بذلك أو لم یشعر، وهذا من لوازم الضعف البشري، ولكن كمال البشر هو بتضييق مداخلها على العقل؛ حتى لا تظهر في صورة واضحة الخطأ؛ بل إن دورانها يكون من مكان بعيد عن حمى الوضوح حتى تحقق شهوتها ومطمعها، وذلك يتعسر على الأذكياء معرفه وتقييده، وهذا غالبًا يكون من العفو لأن دخول العقول في تعظيمه وتضخيمه وشدة الحذر منه يُدخلها في وسواس، وهو من الأمراض التي تعتري الأذكياء؛ يوغلون في الدقة فيما لا تنبغي فيه الدقة؛ حتى تمرض عقولهم، فتعطل أفعالاً عظيمة؛ خوفًا من عواقب دقيقة".

[الفصل بين النّفس والعقل| الطّريفي]
وحين نُحبّ، فنحنُ نحاولُ مدّ ذواتِنا، أي نُضيفُ إلى ذاتِنا مساحةً أخرى، تكمّل فيها نقصا، أو تأمن بها من خوف، أو تخفّف بها من غربة عالَم موحِشٍ وقاسٍ. لا يبحثُ النّاس، غالبا، عن حبيب يُناظِرونه فكريّا، أو يُناقشونه فلسفيّا، أو يخوضوا معه حوارا دينيّا، أي لا يبحثُ النّاس عن "آخَر" أو "موضوع" ليحبّوه. يُحبّ النّاس من لا يرونَ فيه آخَرا تماما، ومن لا تحتاجُ ذواتُهم في حضرتِه إلى أن تتسلّح بدفاعاتِها وأقنعتِها وحِجاجاتِها وحيلِها المعتادة حين تواجهُ العالم.  
يشيعُ القولُ بأنّ حبيبَك هو من تستطيعُ في وجودِه أن تكونَ أنت، لكن يُمكِنُنا أن نرى الأمر من زاوية مُقابِلة تماما، فالحبيب هو من لا تحتاجُ في حضرتِه إلى أن تكون "أنت"، ولا تحتاجُ في وجودِه إلى استحضار "أناك"، بل يمكنُك أنت تكونَ حالة مخفّفة جدّا من ذاتك، بلا أقنِعةٍ ودفاعات وحجج وحيل، حالة من "الخفّة الوجوديّة" التي يمكنُ أن تعيشَها مؤقَّتا بلا تبعات.

[همّام يحيى]
الانحياز الغربي للرواية الصهيو.نية مقيتٌ جدًا، لكن الأشدّ مقتًا هو تبرير جرا.ئم الاحتلا.ل وفق مسطرتهم الأخلاقيّة تطول وتقصر أنّى شاؤوا وكيف شاؤوا، بدمٍ بارد ومنطقٍ جافٍّ وضمير فاسد وبصيرةٍ عمياء واستعلاءٍ أخلاقيّ وقيميّ أجوف، يسأل بيرس مورغان أحد محاوريه، كم عدد الأشخاص الذين يجب قتلهم لإنهاء هذا الصراع؟ فأجاب: بقدر ما يتطّلبه الأمر!
ثم تابع قائلًا: أنّ الطريقة الوحيدة لجعل الحرب مبرّرة أخلاقيًّا هي بالفوز بها، ضاربًا في عرض الحائط المعضلات الأخلاقيّة التي شغلت الفلاسفة دهرًا، إزهاق الأرواح خسائر جانبيّة للحرب، قصف المستشفيات وتدمير المنازل وتهجير النّاس ضرورة لا بُدّ منها!

في كتاب الشرّ السائل بيّن باومان أنّ اللامبالاة حالة من الدمار الأخلاقيّ والمرض الاجتماعي في العالم الحديث، إذ يُقال أنّ موت شخص واحد إنّما هو مأساة، أما موت ملايين الناس فهو عمليّة إحصائيّة، إنّ الصراع بين "العمى الأخلاقي" وقدرتنا على رؤية الناس"ككائنات أخلاقيّة" هو محكّ حقيقيّ للنّفوس اليقظة النبيلة.

وكأمّة مسلمة نعلمُ أنّ الإيمان هو أساس رؤيتنا للعالم وهو مفتاح صناعتنا للتّاريخ، إنّ هذا الميراث الروحيّ هو زادنا ونورنا، ونفرح للمقاومة وقد ملكت علينا جوانحنا بهذا المنجز العظيم، وبخطابها الإيمانيّ الرّصين، أما أنتم يا أهل غزة فقد أحييتم الإنسان الذي كاد يموت في هذا العالم وألهمتم النفوس الحرّة، وألهبتم النفوس الثائرة، وعلّمتم الأجيال جيلًا بعد جيلٍ، كيف تُصان الأرض وتحفظ الحُرُمات وتُلهب المروءات، أمّا إسرا.ئيل عديمة الحياء، لا تحفظ كرامة لله فكيف تحفظ كرامة الإنسان؟!

ولكن عزاءنا أنّ الأيّام دولٌ والحرب سجال.
وأن الله مولانا ولا مولى لهم


عييت بطب الأحمقين وجهلهم
بأنّ (النفوس الخيرات عجابُ)

فهنّ إذا ما الأمر هان أباطحٌ
وهن اذا ما الجدُّ جدّ هضابُ

يضيق بها كونٌ وهن شوامخٌ
وسبع سموات وهنّ رحابُ

يساقين أجيالًا وهنّ ظوامئٌ
ويُشبعن أحقابًا وهنّ سغابُ
!

[الجواهري]
إلى أبناء الأرض وأصفيائها..

إلى أبناء الأرض.. تؤويهم إلى ظلّها المقدّس كأمّ رؤوم، وتمسح بأغصانها على رؤوسهم مثل كفّ أبّ، ثم تُسّر إليهم بنبوءة الملحمة الأخيرة:
لينطقّن الحجر والشجر باسم يهود، وحتى ذلك اليوم لتهديّنكم الشّمسُ ضياءً ينير عتمة "النّفق" ولتهديّنكم الأرض شعابًا، ولتُلقيّنّ يد النّعاس سطوتها على عين العُقاب ذلًا وخوفًا ومهانةً.

إلى تلك الصّدور العنيدة والبطولات الخالدة آواكم الله إلى ركنه الذي لا يُضام وحرسكم بعينه التي لا تنام، فما كنتم لأرواحنا إلّا رياحينا..
[وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ]

لمَّا كَانَ مِن شَأنِ أَهلِ الحَقِّ وَالْحِكْمَةِ أَن يَكُونُوا حَرِيصِينَ عَلَى صَلَاحِ أَنفُسِهِم وَصَلَاحِ أُمَّتِهِم؛ كَانَ مِن مُكَمِّلَاتِ ذَلِكَ أَنْ يَحرِصُوا عَلَى دَوَامِ الحَقِّ فِي النَّاسِ مُتَّبَعًا مَشْهُورًا، فَكَانَ مِن سُنَنِهِمُ التَّوصِيَةُ لِمَن يَظُنُّونَهُم خَلَفًا عَنهُمْ فِي النَّاسِ بِأَن لَا يَحِيدُوا عَن طَرِيقِ الحَقِّ وَلَا يُفَرِّطُوا فِيمَا حَصَلَ لَهُم مِنهُ، فَإِنَّ حُصُولَهُ بِمُجَاهَدَةِ نُفُوسٍ وَمُرُورِ أَزمَانٍ، فَكَانَ لِذَلِكَ أَمْرًا نَفِيسًا يَجدُرُ أَن يُحتَفِظَ بِهِ.

[التحرير والتنوير]
Channel photo updated
رسالةُ رَمَضان.pdf
259.3 KB
‏مستند من البحر
..
"الإنسان الفلسطينيّ له خصوصيّة ليست لسواه، إذ أرضه "ملتقى العوالم"، الشهادي منها والغيبيّ؛ وإرثه "ملتقى الأبعاد"، الزمني منها والسرمدي؛ ومن كانت هذه صفاته، لا تفيد في معرفة حقيقته "المقاربة التاريخية"، لأنها تسقط بعده السرمدي، حتى ولو لم تسقط عالمه الغيبي؛ كما لا تفيد، في هذه المعرفة، "المقاربة القانونية"، لأنها تسقط عالمه الغيبي حتى ولو لم تسقط بعده السرمدي، ولا، بالأولى، تفيد فيها "المقاربة السياسية"، لأنها سقط عالمه الغيبي ويعده السرمدي کليها، فتكون أبعد المقاربات، ومع ذلك، تبقى "المقاربة السياسيّة" هي الاختيار المنهجي الطاغي اليوم في تناول الأذى الواقع على الفلسطيني، وفي هذا دلالة على أننا لا زلنا بعيدين عن إدراك هذه الحقيقة؛ فالإنسان الفلسطيني لا يمكن أن تعرف حقيقته، ولا أن تدفع أذيته، إلا بمقاربة تصل العالم الشهادي لأرضه بعالمها الغيبي، کا تصل البعد الزمني لإرثه بعده السرمدي".

[ثغور المرابطة| د. طه عبدالرحمن]
..
من سمات الإنسان الحديث افتقادُ القدرة على تسمية الأشياء بمسمّياتها، بَلْهَ تسميتها بغير مسمّياتها.
وقَوْلُهُ تَعالى ﴿فَإنْ زَلَلْتُمْ مِن بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ البَيِّناتُ فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ تَفْرِيعٌ عَلى النَّهْيِ أيْ فَإنِ اتَّبَعْتُمْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَزَلَلْتُمْ أوْ فَإنْ زَلَلْتُمْ فاتَّبَعْتُمْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ، وأرادَ بِالزَّلَلِ المُخالَفَةَ لِلنَّهْيِ.
وأصْلُ الزَّلَلِ الزَّلَقُ أيِ اضْطِرابُ القَدَمِ وتَحَرُّكُها في المَوْضِعِ المَقْصُودِ إثْباتُها بِهِ، واسْتُعْمِلَ الزَّلَلُ هُنا مَجازًا في الضُّرِّ النّاشِئِ عَنِ اتِّباعِ الشَّيْطانِ مِن بِناءِ التَّمْثِيلِ عَلى التَّمْثِيلِ؛ لِأنَّهُ لَمّا شُبِّهَتْ هَيْئَةُ مَن يَعْمَلُ بِوَسْوَسَةِ الشَّيْطانِ بِهَيْئَةِ الماشِي عَلى أثَرِ غَيْرِهِ شُبِّهَ ما يَعْتَرِيهِ مِنَ الضُّرِّ في ذَلِكَ المَشْيِ بِزَلَلِ الرِّجْلِ في المَشْيِ في الطَّرِيقِ المُزْلَقَةِ، وقَدِ اسْتُفِيدَ مِن ذَلِكَ أنَّ ما يَأْمُرُ بِهِ الشَّيْطانُ هو أيْضًا بِمَنزِلَةِ الطَّرِيقِ المُزْلَقَةِ عَلى طَرِيقِ المَكْنِيَّةِ، وقَوْلُهُ زَلَلْتُمْ تَخْيِيلٌ وهو تَمْثِيلِيَّةٌ فَهو مِنَ التَّخْيِيلِ الَّذِي كانَ مَجازًا، والمَجازُ هُنا في مُرَكَّبِهِ.
والبَيِّناتُ: الأدِلَّةُ والمُعْجِزاتُ ومَجِيئُها وظُهُورُها وبَيانُها، لِأنَّ المَجِيءَ ظُهُورُ شَخْصِ الجائِي بَعْدَ غَيْبَتِهِ

[التحرير والتنوير]
Channel photo updated
"لا تتوقف.. ربما ترى العالم قد توقف فعلاً من منظورك الخاص، ما دمت حيًّا، استمر بالهرولة الجسد والروح خلقا للحركة لا السكون، كلّ حركة هي مخرج طوارئ بمعنى ما. غالب الاتجاهات حينها تكون هي الطريق الصحيح، طاقة الذهن وطبيعة الذاكرة تخضع جزئيَّا لأسلوب الحياة اليوميّ، كلما توقفت تعملق البؤس في داخلك حتى يستولي على جوهر روحك، وإذا واصلت الحياة، ستتغلب يومًا ما على مصاعبك، أو على الأقل ستكون منعت الظروف الصعبة من أن تسيطر عليك. لا أؤمن بالأمل الدنيوي المطلق، أؤمن بأن الحياة قصيرة، وأنك مهيّأ تماما للمكابدة فيها، وأنّ كلّ مكابدة فهي لا تخرج عن قدرتك البشرية، قرأت قبل مدة لعالم الأعصاب البارع أنطونيو داماسيو عن متلازمة الانحباس، وهي الإصابة بالشّلل التامّ عدا حركة الجفن مع بقاء الذهن واعيًا تماما ، يقول طبقًا لنظريّته الشهيرة عن علاقة الجسد والعواطف بالأعصاب أنّ هذا الخلل البالغ في السيطرة الحركية "يقلّل التفاعلية العاطفيّة، ويبدو أنه ينتج شيئًا من الهدوء الداخليّ للمريض" خلافًا لما نظنّه عادةً عن الشخص المصاب. هذه لغة العلوم العصبية، أما لغة الإيمان فهو اللطف الإلهي الذي يتخلّل كافة الآلام الدنيوية، فلا تتوقف".

[عبدالله الوهيبي]
هُناك غِلالة ينزع الإنسان الحديث لضربها على الأشياء والمكان والإنسان، قُل هي: زخرف زائف، وتسليع مبتذل، وتسويق غثّ، نجم عنها فجوات لا تُحصى، في المعرفة، والعلاقات الإنسانية، والنّفس البشريّة، حتّى الأماكن تراها تفيضُ خواءً وعبثًا ومللًا.
——
غِلالة: جمع غلائل، وهي ما يُلبس تحت الملابس الخارجية.
فالغاية منها الستر لا البهرج الزائف، وفي هذا ملمحٌ للمتأمّل!
منذ أيّام تدور في ذهني الكلمة العظيمة التي قالها ليرمنتوف: "لا يستطيع الإنسان أن يفهم العدالة الإلهيّة إلا إذا بلغ هذه الدرجة العُليا من معرفة نفسه".
أظنّ أنّ معرفة النّفس تنبع من تواضع حقيقيّ أمام الحقّ والخير والجمال متى ما تحقق إدراكه، ومن نفوس فذّة تُحسن استشعار مواضع الضّعف فيها؛ هذه هي رسالة الأنبياء: نور وهدى ورحمة، وإرث عباقرة الأدب في استنطاق الإنسان.
Forwarded from ‏صومعة. (حوريّة عمر)
The Devil can strip a human being, doomed to be confined to non-person and nonentity, of their memory. By losing their memory, people become incapable of any critical questioning of themselves and the world around them. By losing the powers of individuality and association, they lose their basic moral and political sensibilities. Ultimately, they lose their sensitivity to another human being. The Devil, who safely lurks in the most destructive forms of modernity, deprives human beings of the sense of their place, home, memory and belonging.

[Zygmunt Bauman| Moral Blindness]
والذي اغتالني: ليس ربًا.. ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
الذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

[أمل دنقل]
2025/07/05 09:39:17
Back to Top
HTML Embed Code: