tgoop.com/tarcama/3354
Last Update:
"إن لِلذُّلِّ ضريبة كما أن للكرامة ضريبة..وإن ضريبة الذل لأفدَحُ في كثير من الأحايين!
وإن بعض النفوس الضعيفة لَيُخَيَّلُ إليها أن للكرامة ضريبةً باهظةً لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال.. فتعيش عيشة تافهة رخيصة، مفزعة قلقة، تخاف من ظلها، وتَفْرَقُ من صداها..(يحسبون كل صيحة عليهم)، (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة)
هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة..إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة..يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيرا ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون!
إنه لابد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الجماعات، وتؤديها الشعوب..
فإما أن تُؤدَّى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية..
وإما أن تؤدى للذلة والمهانة والعبودية..
والتجارب كلها تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها ولا فكاك.
فإلى الذين يَفْرَقُونَ من تكاليف الحرية، إلى الذين يخشون عاقبة الكرامة، إلى الذين يمرِّغُون خدودهم تحت مواطئ الأقدام، إلى الذين يخونون أماناتهم، ويخونون كراماتهم، ويخونون إنسانيتهم، ويخونون التضحيات العظيمة التي بذلتها أمتهم لتتحرر وتتخلص..
إلى هؤلاء جميعًا أوجه الدعوة أن ينظروا في عبر التاريخ، وفي عبر الواقع القريب، وأن يتدبروا الأمثلة المتكررة التي تشهد بأن ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة، وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية، وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة، وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية، وأن الذين لا يَرْهَبُون الجاه والسلطان يَرْهَبُهم الجاه والسلطان..
ولدينا أمثلة كثيرة وقريبة على الأذلاء الذين باعوا الضمائر، وخانوا الأمانات، وخذلوا الحق، وتمرغوا في التراب ثم ذهبوا غير مأسوف عليهم من أحد، ملعونين من الله، ملعونين من الناس، وأمثلة كذلك ولو أنها قليلة على الذين يأبون أن يذلوا، ويأبون أن يخونوا، ويأبون أن يبيعوا رجولتهم، وقد عاش من عاش منهم كريمًا، ومات من مات منهم كريماً"
#سيد_قطب -رحمه الله-
BY تَرجَمَةُ مَشَاعِر
Share with your friend now:
tgoop.com/tarcama/3354