SIRAJEDDINE12 Telegram 1755
في سنة من سنوات الألم، دوى في بغداد صوت الفتنة.. لم يكن الصراع بين غاز وعدو، ولا بين باطل وحق، بل بين قوم من المسلمين حملهم التعصب على أن يسفكوا الدم الحرام، بسبب تفسير آية في كتاب الله.

نقل الإمام ابن كثير – رحمه الله – في كتاب البداية والنهاية أحداث عام 317 للهجرة، حيث فتنة وقعت بين أصحاب الإمام المروذي، أحد أعيان الحنابلة، وطائفة من العامة، بسبب تفسير قوله تعالى:
﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾
فقالت الحنابلة: يُجلسه على العرش.
وقالت العامة: بل هي الشفاعة العظمى.
فاختلفوا، ثم اقتتلوا، وسقط القتلى من هذه الأمة المسلمة!
وأثناء هذه الواقعة وفي نفس العام وقعت الكارثة العظمى، حين أغار القرامطة على المسجد الحرام، فقتلوا الحجيج في أطهر بقعة على وجه الأرض، وسرقوا الحجر الأسود.

سبحان الله، كأن التاريخ يعيد نفسه من جديد! ففي الوقت الذي كانت فيه الأمة تنزف في مكة، شُغلت بغداد بمعركة كلامية أشعلها الغلو، وانتهت بسفك الدماء.

واليوم، والأمة تتألم في غزة وتحت الحصار، يخرج الحدادية الجدد ليكرروا نفس المأساة، فيشعلوا الفتن بين المسلمين، ويوجهوا سهامهم إلى صدور الموحدين، بدل أن يوجهوها إلى صدور المحتلين.

فيا حسرة على العقول إذا استبد بها الجهل، ويا ويلاً للنفوس إذا غاب عنها نور الحكمة.

هذه دماء سُفكت لا لأجل أرض مغصوبة، ولا لحد معطل، بل لاجتهاد في تفسير آية من كتاب الله، وهي مما يسوغ فيه الخلاف، بل إن ما اختاره العامة آنذاك هو الذي تؤيده الأحاديث الصحيحة في صحيح البخاري، وقد نقل الإمام ابن عبد البر الإجماع على ذلك.

وأما القول بأن المقام المحمود هو جلوس النبي ﷺ على العرش، فمروي عن مجاهد، لكنه حديث لا يصح، بل ضعفه أهل الفن، وعدّوه من مناكير الأثر.

فيا من تنسب نفسك إلى السلف.. أي سلف هذا الذي تحيي باسمه الفتن؟
وأي وراثة للنبوة تدعيها وأنت تستبيح بها دم مسلم يقول: لا إله إلا الله؟

هذه الحادثة ليست من التاريخ فحسب، بل هي مرآة تحذرنا من مستقبل قريب قد يتكرر، إن تمكن الحدادية الجدد، الذين يرفعون راية نصرة العقيدة، ثم لا تجد منهم نصرة لغزة، ولا غيرة على فلسطين ومقدسات المسلمين، بل تراهم يصبون سهامهم في صدور الدعاة والمجاهدين وعموم المسلمين، يكفرون هذا، ويضللون ذاك، ويثيرون الفتن في كل واد، ثم يقولون: نحن أهل السنة!

إن دين الله أعظم من أن يُجعل سلعة لتصفية الحسابات، وأكبر من أن يُستخدم مطية لتكفير العباد!

أفيقوا أيها الغافلون.. فلو كان سفك الدماء في مسائل الخلاف والاجتهاد مذهبًا، لما بقي في الأمة مسلم واحد!

اللهم احفظ علينا ديننا من أهل الغلو، وأمتنا من فتنة الجهال، وألّف بين قلوبنا على الحق والهدى.



tgoop.com/sirajeddine12/1755
Create:
Last Update:

في سنة من سنوات الألم، دوى في بغداد صوت الفتنة.. لم يكن الصراع بين غاز وعدو، ولا بين باطل وحق، بل بين قوم من المسلمين حملهم التعصب على أن يسفكوا الدم الحرام، بسبب تفسير آية في كتاب الله.

نقل الإمام ابن كثير – رحمه الله – في كتاب البداية والنهاية أحداث عام 317 للهجرة، حيث فتنة وقعت بين أصحاب الإمام المروذي، أحد أعيان الحنابلة، وطائفة من العامة، بسبب تفسير قوله تعالى:
﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾
فقالت الحنابلة: يُجلسه على العرش.
وقالت العامة: بل هي الشفاعة العظمى.
فاختلفوا، ثم اقتتلوا، وسقط القتلى من هذه الأمة المسلمة!
وأثناء هذه الواقعة وفي نفس العام وقعت الكارثة العظمى، حين أغار القرامطة على المسجد الحرام، فقتلوا الحجيج في أطهر بقعة على وجه الأرض، وسرقوا الحجر الأسود.

سبحان الله، كأن التاريخ يعيد نفسه من جديد! ففي الوقت الذي كانت فيه الأمة تنزف في مكة، شُغلت بغداد بمعركة كلامية أشعلها الغلو، وانتهت بسفك الدماء.

واليوم، والأمة تتألم في غزة وتحت الحصار، يخرج الحدادية الجدد ليكرروا نفس المأساة، فيشعلوا الفتن بين المسلمين، ويوجهوا سهامهم إلى صدور الموحدين، بدل أن يوجهوها إلى صدور المحتلين.

فيا حسرة على العقول إذا استبد بها الجهل، ويا ويلاً للنفوس إذا غاب عنها نور الحكمة.

هذه دماء سُفكت لا لأجل أرض مغصوبة، ولا لحد معطل، بل لاجتهاد في تفسير آية من كتاب الله، وهي مما يسوغ فيه الخلاف، بل إن ما اختاره العامة آنذاك هو الذي تؤيده الأحاديث الصحيحة في صحيح البخاري، وقد نقل الإمام ابن عبد البر الإجماع على ذلك.

وأما القول بأن المقام المحمود هو جلوس النبي ﷺ على العرش، فمروي عن مجاهد، لكنه حديث لا يصح، بل ضعفه أهل الفن، وعدّوه من مناكير الأثر.

فيا من تنسب نفسك إلى السلف.. أي سلف هذا الذي تحيي باسمه الفتن؟
وأي وراثة للنبوة تدعيها وأنت تستبيح بها دم مسلم يقول: لا إله إلا الله؟

هذه الحادثة ليست من التاريخ فحسب، بل هي مرآة تحذرنا من مستقبل قريب قد يتكرر، إن تمكن الحدادية الجدد، الذين يرفعون راية نصرة العقيدة، ثم لا تجد منهم نصرة لغزة، ولا غيرة على فلسطين ومقدسات المسلمين، بل تراهم يصبون سهامهم في صدور الدعاة والمجاهدين وعموم المسلمين، يكفرون هذا، ويضللون ذاك، ويثيرون الفتن في كل واد، ثم يقولون: نحن أهل السنة!

إن دين الله أعظم من أن يُجعل سلعة لتصفية الحسابات، وأكبر من أن يُستخدم مطية لتكفير العباد!

أفيقوا أيها الغافلون.. فلو كان سفك الدماء في مسائل الخلاف والاجتهاد مذهبًا، لما بقي في الأمة مسلم واحد!

اللهم احفظ علينا ديننا من أهل الغلو، وأمتنا من فتنة الجهال، وألّف بين قلوبنا على الحق والهدى.

BY قناة / سراج الدين زريقات




Share with your friend now:
tgoop.com/sirajeddine12/1755

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

How to Create a Private or Public Channel on Telegram? Matt Hussey, editorial director of NEAR Protocol (and former editor-in-chief of Decrypt) responded to the news of the Telegram group with “#meIRL.” Invite up to 200 users from your contacts to join your channel How to create a business channel on Telegram? (Tutorial) End-to-end encryption is an important feature in messaging, as it's the first step in protecting users from surveillance.
from us


Telegram قناة / سراج الدين زريقات
FROM American