tgoop.com/salahkotb/1951
Last Update:
امبارح أفقتُ من نومي بمنتصف الليل، و فتحت مخصوص أشوف صور خسوف القمر، و بين غمضة عيني قبل النومة الثانية مرّت ببالي آية عظيمة توقفت عندها أتأملها لأول مرة: " إنا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال"...
تأملت عظمة السموات، و بديع صُنع الخالق في الأرض و تلك الجبال القوية المُخيفة... هذا الكون القوي جداً... عرض الله عليه أن يحفظ هو أمانته، لكن...
"فأَبَيْن أن يحملنها و أشفقن منها و حمَلَها الإنسان"... هذا الكون المُرعِب بعظمته أبَى أن يحمل أمانة الله له لأنها أعظم منه!
أهناك ما هو أعظم من هذا الكون المُرعِب بقوته؟ نعم؛ إنه الإنسان!
"وحمَلَها الإنسان إنه كان ظلوماً جهوْلاً". الإنسان أعطاه الله أمانة الحفاظ على هذا النظام الكوني، أمانة الحفاظ على توازن الأرض بكل ما سخر لنا فيها. أمانة الحفاظ على هذا الناموس العظيم الذي استخلفنا الله فيه "إنّى جاعلٌ في الأرضِ خليفة".
خلق الله كل هذا الكون الذي لا نهاية له، و خلق كل تلك القوة و الظواهر الكونية المُعجزة، و لا شيء أعظم منها سوى الإنسان!
و انتهت الآية بوصف عجيب جداً للإنسان: "إنه كان ظلوماً جهولاً"...
تأملت هذا الوصف.. ليه ظالم و جاهل؟ و ليه التعبير عن هاتين الصفتين على صيغة "فعول" و ليس صيغة "فاعل"؟!
الذي حمل أمانة الله العظيمة و التكليف الإلهي في الأرض هو الإنسان، لكنه كان ظالماً لنفسه بجرأته على قبول هذه الأمانة التي أشفقن منها و عجز عنها السموات و الأرض و الجبال...
ظلم نفسه بجرأته، و عدم إدراكه بهذا التكليف الإلهي العظيم، و عدم إدراكه أن فيه من روح الله، و أنه خليفته، و كان جاهلاً لأنه لم يُقدّر تلك الأمانة، و لا عِلم له و لا قوة إلا بعونٍ من الله.
التعبير بصيغة "فعول" ظلوم-جهول، و ليس بـ "فاعل" ظالم-جاهل؛ لأنه كثير الظلم و الجهل. صفة متكررة في أصل الإنسان تدل على ضعفه مهما كانت قوته و عظمته أمام عظَمة الخالق، و أنه بالأخير لا حول و لا قوة له إلا بالله!
#صلاح_قطب
BY د.صلاح قطب
Share with your friend now:
tgoop.com/salahkotb/1951