tgoop.com/salahkotb/1606
Last Update:
من يومين استقبلت private session في الclinic، لبنت قادمة من سفر حوالي ٦ ساعات مخصوص للقائي. و مع إن لا يحدث إطلاقاً إني أستقبل session في الكلينك نظراً لضيق وقتي، إلا إن إصرارها و محاولاتها من شهور لحجز هذا الميعاد كان يجب وضعها في الحُسبان و تقديرها.
جلست و سألتها: ايه الحاجة اللي انت قاطعة كل هذا الطريق عشانها، و مكلّفة نفسك التكلفة المادية الكبيرة لهذه الجلسة، مع إن كان ممكن تكون أون لاين؟
البنت ما شاء الله مجتهدة، و متعددة المواهب، و عندها فكر و وعي جيّد، و عندها طموح بتسعى لتحقيقه، لكن أول مطب قابلته هو اختلاف المجتمع عنها و إحباطه لها. العديد من الأسئلة في نفسها بلا إجابة.
-المجتمع مختلف عني تماماً، و مُحبِط، و كسول.
=طبيعي. ده اسمه الوعي الجمعي. وعي القطيع. الكل بيفكر بنفس الطريقة، و الكل عايش في مسار معيّن. انتي مختلفة و مميزة ف ده طبيعي.
-لما بتعامل معاهم طاقتهم بتأثّر عليّ. بتعجّب من تفكيرهم و أسلوبهم.
=قللي الاحتكاك، و لا تتبنّي عقلية الناقد للمجتمع عشان هتتعبي. قللي الاحتكاك بقدر الإمكان، و دعي المواقف تمر في سلام بدون أحكام أو انتقاد. عادي.
-لما بقلل الاحتكاك بحس إني بقيت منعزلة عن الناس كتير، و لما بتفاعل معاهم بحس إني بقيت شبههم و بكون مُحبَطة.
=مين قالك إن التميّز بيكون بدون تكلفة و بدون مقابل! طبيعي عشان تحافظي على تركيزك و فكرك لازم تبقي بعيدة، و طبيعي إن البُعد و الوحدة بتكون مزعجة جداً على النفس البشرية.
الإنسان المفكر المتأمل طبيعي بيبعد عن المجتمع الغير جيّد لأن فكره سوف يُشوَّش، و نفسه ستُصاب بالكسل و العَطَب. الرسول صلى الله عليه وسلم، وضعه كان عامل إزاي قبل ما يعرف إنه رسول من الله؟ هل كان بيقعد مع قومه في مجالسهم في السهر و الشُرب و اللعب؟ و لا كان حاسس إن في حاجة غلط، و دايما يروح يختلي بنفسه و بفكره في الجبل يتأمل؟ هو حاسس إن في حاجة مش صح في المجتمع بتاعه، و حاسس إن في حل، في إله، في دين، في رسالة لازم تبقى موجودة في ظل هذا العَبَث اللي حاصل في الحياة.
لولا تأمّله و خلوته بعيداً عن قومه، لما نزلت عليه الرسالة من الله سبحانه و تعالى. سيدنا إبراهيم لما قعد كل يوم يتأمّل و يبحث عن الله، مرّة يقول النجوم، و مرة يقول القمر، و مرة يقول الشمس، و لما كان بيفكّر و بيجد إنهم كلهم لا يصلحون ليكونوا الإله، تعب و قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين.
د.مصطفى محمود، كان دائم الفكر و التأمل و السؤال و البحث. المجتمع قعد يهاجموه كتير وقتها. لم و لن نسمع بهم، لكن اسم مصطفى محمود ظل باقياً و سيبقى.
الإنسان اللي حاسس إنه مميز فعلاً، و حاسس إنه عنده قيمة و رسالة حقيقية فعلاً، و مُدرك بنعمة الله عليه و على فكره و على نفسه، يجب أن يتوكل على الله و يمشي في هذا الطريق حتى لو خالف المجتمع كله، لأنه هنا هو بيصنع الوعي الجديد، و المسار الجديد، و الطفرة الجديدة اللي بنشوفها في مناحي كتير في الحياة لأشخاص مميزين فعلاً و مختلفين، و قدموا قيمة للإنسانية مميزة.
طموحك و فكرك و وعيك أوله و آخره لنفسك. إنك تبني الحياة اللي انتي حابّاها و تستحقيها. وقتها تأثيرك يمتد على نطاق أسرتك الصغيرة. مش مطلوب منك تغيري العالم، لكن مطلوب منك تبني عالمك الخاص بيكي انتي، و باختياراتك انتي، و بطموحاتك انتي.
نكمل؟
BY د.صلاح قطب
Share with your friend now:
tgoop.com/salahkotb/1606