READK Telegram 22423
Forwarded from ثقافة سياسية (محمد بركات)
‏بين الثورة والعودة إلى الاستبداد: حلم الدولة المفقود

بدأت الثورة السورية منذ سنوات بشعارات عظيمة وأحلام كبيرة. الثوار خرجوا في سبيل تحقيق حرية وكرامة، مستعدّين لدفع الغالي والنفيس لبناء دولة تحقق العدالة والمساواة للجميع. ولكن، هل تحقق هذا الحلم؟ هل ولدت الدولة التي كانت الثورة تطمح إليها؟

للأسف، بعد سنوات من الصراع، نجد أنفسنا في مرحلة يطغى فيها الإحباط والقلق على كل الأمل الذي حملته الثورة في بداياتها. ما كان يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو بناء دولة قانون ومؤسسات متينة، أصبح مع مرور الوقت عرضة للانتكاسات. الثورة، التي خرجت ضد الاستبداد والظلم، بدأت تشهد عودة خفية لنظام الدكتاتورية، ولكن هذه المرة بطرق ناعمة وأدوات جديدة، أقل وضوحًا لكنها بنفس القسوة.

فلول النظام الهارب، الذين كانوا بالأمس أعداء للثوار، اليوم عادوا ليملؤوا الفراغات التي خلفتها السنوات السابقة، بل وأصبحوا أكثر نفوذًا. في غياب العدالة الانتقالية، لم يتم محاسبة هؤلاء المجرمين، بل أصبحت ممارساتهم القمعية تتسلل إلى الحياة اليومية، لتعيد إنتاج ذات الأجواء التي ثار الناس عليها. المخابرات والشبيحة الذين كانوا رموز الاستبداد في الماضي، أصبحوا أقوى اليوم من أي مسؤول أو وزير في الحكومة الجديدة.

ما يعزز هذا الواقع المؤلم هو شعور كثيرين من الثوار بأنهم أصبحوا مجرد أداة في أيدي هؤلاء الذين استعادوا قوتهم. أنشأت الثورة من أجل حرية الإنسان، لكنها بدأت تتراجع أمام سلطات قديمة تم تجديدها، وأصبح المخبر والشبيح يمارسون سطوتهم كما كانوا في عهد النظام السابق، بل تجاوزوا الكثير من الأشخاص الذين يفترض أنهم يمثلون السلطة الحاكمة.

لا بد من محاسبة الماضي والاعتراف بأخطائه. غياب العدالة الانتقالية يحول دون بناء الدولة الحقيقية التي طالما حلم بها السوريون. ولن يكون لهذه الثورة معنى إذا لم تُتوج بإقامة دولة القانون التي تضمن حقوق الجميع وتحميهم من ممارسات الظلم والفساد.

يبقى الأمل بالله، لكن الأمل لا يعني الانتظار فقط، بل هو دعوة للعمل من أجل التغيير الحقيقي، لتحقيق العدالة والحرية في سوريا الجديدة التي طالما حلمنا بها.



tgoop.com/readk/22423
Create:
Last Update:

‏بين الثورة والعودة إلى الاستبداد: حلم الدولة المفقود

بدأت الثورة السورية منذ سنوات بشعارات عظيمة وأحلام كبيرة. الثوار خرجوا في سبيل تحقيق حرية وكرامة، مستعدّين لدفع الغالي والنفيس لبناء دولة تحقق العدالة والمساواة للجميع. ولكن، هل تحقق هذا الحلم؟ هل ولدت الدولة التي كانت الثورة تطمح إليها؟

للأسف، بعد سنوات من الصراع، نجد أنفسنا في مرحلة يطغى فيها الإحباط والقلق على كل الأمل الذي حملته الثورة في بداياتها. ما كان يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو بناء دولة قانون ومؤسسات متينة، أصبح مع مرور الوقت عرضة للانتكاسات. الثورة، التي خرجت ضد الاستبداد والظلم، بدأت تشهد عودة خفية لنظام الدكتاتورية، ولكن هذه المرة بطرق ناعمة وأدوات جديدة، أقل وضوحًا لكنها بنفس القسوة.

فلول النظام الهارب، الذين كانوا بالأمس أعداء للثوار، اليوم عادوا ليملؤوا الفراغات التي خلفتها السنوات السابقة، بل وأصبحوا أكثر نفوذًا. في غياب العدالة الانتقالية، لم يتم محاسبة هؤلاء المجرمين، بل أصبحت ممارساتهم القمعية تتسلل إلى الحياة اليومية، لتعيد إنتاج ذات الأجواء التي ثار الناس عليها. المخابرات والشبيحة الذين كانوا رموز الاستبداد في الماضي، أصبحوا أقوى اليوم من أي مسؤول أو وزير في الحكومة الجديدة.

ما يعزز هذا الواقع المؤلم هو شعور كثيرين من الثوار بأنهم أصبحوا مجرد أداة في أيدي هؤلاء الذين استعادوا قوتهم. أنشأت الثورة من أجل حرية الإنسان، لكنها بدأت تتراجع أمام سلطات قديمة تم تجديدها، وأصبح المخبر والشبيح يمارسون سطوتهم كما كانوا في عهد النظام السابق، بل تجاوزوا الكثير من الأشخاص الذين يفترض أنهم يمثلون السلطة الحاكمة.

لا بد من محاسبة الماضي والاعتراف بأخطائه. غياب العدالة الانتقالية يحول دون بناء الدولة الحقيقية التي طالما حلم بها السوريون. ولن يكون لهذه الثورة معنى إذا لم تُتوج بإقامة دولة القانون التي تضمن حقوق الجميع وتحميهم من ممارسات الظلم والفساد.

يبقى الأمل بالله، لكن الأمل لا يعني الانتظار فقط، بل هو دعوة للعمل من أجل التغيير الحقيقي، لتحقيق العدالة والحرية في سوريا الجديدة التي طالما حلمنا بها.

BY دعوة للقراءة والرقي


Share with your friend now:
tgoop.com/readk/22423

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Don’t publish new content at nighttime. Since not all users disable notifications for the night, you risk inadvertently disturbing them. Informative Over 33,000 people sent out over 1,000 doxxing messages in the group. Although the administrators tried to delete all of the messages, the posting speed was far too much for them to keep up. Just at this time, Bitcoin and the broader crypto market have dropped to new 2022 lows. The Bitcoin price has tanked 10 percent dropping to $20,000. On the other hand, the altcoin space is witnessing even more brutal correction. Bitcoin has dropped nearly 60 percent year-to-date and more than 70 percent since its all-time high in November 2021. best-secure-messaging-apps-shutterstock-1892950018.jpg
from us


Telegram دعوة للقراءة والرقي
FROM American