tgoop.com/readk/22423
Last Update:
بين الثورة والعودة إلى الاستبداد: حلم الدولة المفقود
بدأت الثورة السورية منذ سنوات بشعارات عظيمة وأحلام كبيرة. الثوار خرجوا في سبيل تحقيق حرية وكرامة، مستعدّين لدفع الغالي والنفيس لبناء دولة تحقق العدالة والمساواة للجميع. ولكن، هل تحقق هذا الحلم؟ هل ولدت الدولة التي كانت الثورة تطمح إليها؟
للأسف، بعد سنوات من الصراع، نجد أنفسنا في مرحلة يطغى فيها الإحباط والقلق على كل الأمل الذي حملته الثورة في بداياتها. ما كان يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو بناء دولة قانون ومؤسسات متينة، أصبح مع مرور الوقت عرضة للانتكاسات. الثورة، التي خرجت ضد الاستبداد والظلم، بدأت تشهد عودة خفية لنظام الدكتاتورية، ولكن هذه المرة بطرق ناعمة وأدوات جديدة، أقل وضوحًا لكنها بنفس القسوة.
فلول النظام الهارب، الذين كانوا بالأمس أعداء للثوار، اليوم عادوا ليملؤوا الفراغات التي خلفتها السنوات السابقة، بل وأصبحوا أكثر نفوذًا. في غياب العدالة الانتقالية، لم يتم محاسبة هؤلاء المجرمين، بل أصبحت ممارساتهم القمعية تتسلل إلى الحياة اليومية، لتعيد إنتاج ذات الأجواء التي ثار الناس عليها. المخابرات والشبيحة الذين كانوا رموز الاستبداد في الماضي، أصبحوا أقوى اليوم من أي مسؤول أو وزير في الحكومة الجديدة.
ما يعزز هذا الواقع المؤلم هو شعور كثيرين من الثوار بأنهم أصبحوا مجرد أداة في أيدي هؤلاء الذين استعادوا قوتهم. أنشأت الثورة من أجل حرية الإنسان، لكنها بدأت تتراجع أمام سلطات قديمة تم تجديدها، وأصبح المخبر والشبيح يمارسون سطوتهم كما كانوا في عهد النظام السابق، بل تجاوزوا الكثير من الأشخاص الذين يفترض أنهم يمثلون السلطة الحاكمة.
لا بد من محاسبة الماضي والاعتراف بأخطائه. غياب العدالة الانتقالية يحول دون بناء الدولة الحقيقية التي طالما حلم بها السوريون. ولن يكون لهذه الثورة معنى إذا لم تُتوج بإقامة دولة القانون التي تضمن حقوق الجميع وتحميهم من ممارسات الظلم والفساد.
يبقى الأمل بالله، لكن الأمل لا يعني الانتظار فقط، بل هو دعوة للعمل من أجل التغيير الحقيقي، لتحقيق العدالة والحرية في سوريا الجديدة التي طالما حلمنا بها.
BY دعوة للقراءة والرقي
Share with your friend now:
tgoop.com/readk/22423