tgoop.com/newsbyt/45241
Last Update:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾
صدق الله العلي العظيم
من يفاوض عنا؟
علي جاسب الموسوي
24/8/2025
في الزمن الذي تتحول فيه الوزارات السيادية إلى أدوات للزينة السياسية .. لا بد أن يُطرح السؤال الجوهري والمفصلي: من الذي يُمثلنا في الخارج؟ ومن يفاوض عنا؟
إن وزارة الخارجية في أي دولة ليست مجرد دائرة بروتوكولية تملأ الشاشات بابتسامات السفراء والقمصان المكوية .. بل هي الجبهة الأمامية غير المعلنة .. الجبهة الناعمة التي تُرسم فيها خرائط القوة والضعف .. وتُبنى فيها تفاهمات السيادة أو تُباع.
حين تكون وزارة الخارجية في قبضة مندسين .. وبعثيين نائمين .. وجواسيس مموهين في ثياب دبلوماسيين .. فإن العراق كله يصبح على طاولة التصفية .. لا رصاصة تُطلق في جبهات الحرب إلا وتسبقها ورقة خائنة .. أو توقيع مضلل، أو صمت مُدبر في دهاليز التفاوض.
لقد أثبتت التجارب أن التمثيل الدبلوماسي الفاسد لا يختلف في آثاره عن القصف الجوي .. وأن كلمة واحدة على لسان مندوب عميل قد توازي سقوط مدينة .. فهل يُعقل أن يُسلم العراق .. بعمقه الحضاري وشيعيته السياسية ومشروعه النهضوي .. إلى أيد ملوثة بالطائفية .. مطبوعة بالخنوع .. مدفوعة الأجر من غرف السفارات الغربية والخليجية؟
إن وزارة الخارجية في دول المواجهة – كالعراق – لا يجب أن تُقاس بقدرتها على إصدار بيانات (القلق) بل بقدرتها على اقتحام طاولات التفاوض وإعادة ترتيب مفردات الخطاب السياسي الخارجي بما يعكس هوية العراق الجديدة: عراق الأغلبية .. عراق الشهداء .. عراق المرجعية .. عراق المقاومة.
وما جرى في إيران في حرب الاثني عشر يومًا مثال باهر: كانت الجبهة الأولى تقاتل في الميدان .. والجبهة الثانية يقودها وزير الخارجية عباس عراقجي يقاتل بالكلمات .. يُدافع عن السيادة .. يُراوغ العدو .. ويُحاصر الضغط بمفردات مدروسة.
وإذا أردنا أن نقرأ واقعنا العراقي اليوم .. فالأمثلة كثيرة وصارخة: خمسة من شباب العراق الذين قصدوا بيتَ الله الحرام معتمرين ما زالوا حتى اللحظة في المعتقلات السعودية دون محاكمة .. ولا خبر عن مصيرهم .. ولا يعرف سبب اعتقالهم .. أين كانت وزارة الخارجية؟ وأين كان صوت سفارتنا هناك؟! لقد كانوا – كما وصف القرآن – ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾.
والمقدَّم أسعد حميد الحريشاوي، الذي واجه الإرهاب وقاتل داعش وتعرض لإصابات متعددة في ساحات العز .. يقبع منذ خمس سنوات في سجون آل سعود تحت أقسى أنواع التعذيب والعزل الانفرادي .. ومصيره مجهول .. أليس هذا ملفا سياديا وإنسانيا في الدرجة الأولى؟!
وفوق ذلك .. هناك الكثير من الحوادث المؤلمة التي تعرض لها الحجاج والمعتمرون العراقيون .. ولم نجد من الخارجية العراقية إلا صمتا مخزيا وتغافلًا متعمداً.. وكأن أرواح العراقيين بلا قيمة في حسابات هذه الوزارة.
إذا كانت الحرب اليوم متعددة الجبهات .. فإن وزارة الخارجية تمثّل جبهة الكلمة والسيادة .. جبهة الشرعية والإقناع .. جبهة الظهور الدولي للمشروع الشيعي السياسي الحضاري. وحين تُترك هذه الجبهة لأيتام البعث أو ورثة السفارات .. فإن الهزيمة تبدأ من هناك .. بصمت .. وبدم بارد.
إن عراق اليوم بحاجة إلى إعادة هيكلة كاملة وناعمة لوزارة الخارجية .. لا على أساس المحاصصة السياسية أو التوازن المذهبي .. بل على أساس حاكمية المشروع وأمانة التمثيل.
المنصب ليس مجرد حقيبة وزارية .. بل واجهة فكر .. وصوت شعب .. وبيان أمة .. وقلم تبييني لمشروع عالمي يؤمن بأن الصراع ليس على النفط والماء فقط .. بل على الهوية والحق والحقائق.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ( أشدّ من فقد الأحبة، خيانة الثقة )
فهل نأمن على تمثيلنا الدولي من لا نثق بصلاته الخفية؟ وهل يُكتب النصر على جبهات الحرب إنْ كانت جبهة الدبلوماسية تنام في حضن الأعداء؟
آن الأوان أن يُطرح هذا السؤال في كل شارع .. وكل منصة: من يفاوض عنا؟
ولندرك جيدا أن العدو لا يخاف من دبابة بقدر ما يخاف من دبلوماسي مؤمن .. يحترف التفاوض كما يحترف المجاهدُ البندقية.
والسلام على من رفع صوته بالحق .. ودافع عن العراق بمفردات السيادة .. كما يُدافع المجاهد عن ترابه بالدماء.
BY كتبَ فلان
Share with your friend now:
tgoop.com/newsbyt/45241