tgoop.com/newsbyt/45077
Last Update:
زينب تروي ما جرى..!
زهراوية منتظرة
عدنا من درب السبي والعناء، كطيورٍ أُطلق سراحها، نمضي مجددًا إلى تلك البقعة التي أُريق فيها دمُنا.
وضعتُ يدي على تراب قبرك، يا أخي، وأحسستُ بدفء دمك ما زال فيه، وهمستُ لك، كأنك تسمعني:
أخي… ها قد عدتُ إليك، جئتك لأفي بعهدي، وأُحدثك بما جرى بعد رحيلك عنا، وما رأته عيني من فواجع لم تحتملها القلوب.
حينما سقطتَ على الرمضاء وسكنت أنفاسك، خيّم على كربلاء صمتٌ ثقيل، حتى ضجيج السيوف هدأ، وكأن الأرض وقفت عن الدوران، السماء بكت دمًا، وكل حجر ومدر يُرفع كان تحته دمٌ عبيط! التفتُّ حولي فلم أجدك، ولم أجد العباس ولا الإخوة ولا الأصحاب، كنّا وحدنا، لا يسمع صراخنا إلا أهل السماء.
جمعونا يا أبا عبد الله، ونحن بين الخوف والحزن، أطفالنا يتراكضون مذعورين، والنيران تلتهم الخيام حتى كادت تحرق عباءاتنا، ساقونا في موكبٍ على نياقٍ هزيلة، بلا ستر، بلا رحمة، ولا خوف من الله! كنا نلتفت خلفنا نرجو أن نرى طيفك، لكن لم نجد إلا الغبار والدخان ورائحة الدماء.
أدخلونا الكوفة، فازدحم الناس، منهم من بكى، ومنهم من شمت وضحك، وقف الطاغية ابن زياد يتشفّى، وقد نصب رأسك أمامه، ما زالت كلماته الجارحة ترنّ في أذني، لكني وقفتُ أمامه بصلابة عليٍّ، وقلت ما يقطع كبرياءه، رغم قسوة ما عانيناه من السياط والإهانات.
ثم ساقونا إلى الشام… آه يا أخي، ما أقسى الطريق! قفارٌ لا ظل فيها، قيود تنهش معاصمنا، عطشٌ وجوع، وأطفال يئنّون، لكننا أخفينا دموعنا حتى لا يظنّون أننا انكسرنا.
أدخلونا قصر يزيد، وقد وضع رأسك الشريف في طشت، يمرّر خيزرانه على شفتيك الطاهرتين، اللتين طالما قبّلهما جَدّنا رسول الله صلى الله عليه وآله، كان يظن أن الرأس غنيمة، وما علم أن في صمته هدمًا لعرشه، كنتُ واقفة أمامه، وداخلي بحر من الحزن، لكني حملتُ رسالة كربلاء وجبيني مرفوع.
وفي الخرابة، كنا نبيت على الحجارة، ننعى مجدنا المفقود ونستعيد ذكراك، لم ينطفئ الألم حتى جاءت المصيبة الأخرى؛ رحيل الصغيرة رقية، لم تهدأ يومًا عن السؤال: "أين أبي؟" حتى جاءوها برأسك، فأسرعت تحتضنه وتقول:
"هلا بل ما يخلف بالوعود… هلا بأبوية الحسين 💔"
ثم فارقت الدنيا وهي تضمّك، يا قرة عينها.
صبرنا رغم القيود، وتحملنا رغم الجراح، حتى عدنا بعد أربعين يومًا، نحمل إلى تربك الطاهر قصص العذاب والصبر، ونوصل رسالتك لأمتك:
شيعتي، مهما شربتم عذب ماء، فاذكروني
فأنا السبط الذي من غير جرمٍ قتلوني
وسيبقى العالم يروي ما جرى، حتى لا تُنسى كربلاء.
فالسلام عليك يوم وُلدت، ويوم استُشهدت، ويوم تُبعث حيًّا.
BY كتبَ فلان
Share with your friend now:
tgoop.com/newsbyt/45077