tgoop.com/hasad_alkotob/650
Last Update:
قبيل انطلاق الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، كانت الحرب الحقيقية قد بدأت في الخفاء، لكن هدفها لم يكن النفط فقط، بل العقول… العقول العراقية التي ظلت تؤرق الغرب لعقود. فقد زوّدت المخابرات الإسرا*ئيلية (الموساد) نظيرتها الأمريكية (CIA) بقوائم مفصلة تحتوي على أسماء وعناوين وأرقام هواتف نخبة من العلماء العراقيين، أغلبهم من الذين عملوا في مفاعل أوزيراك النووي، الذي دمرته إسرا*ئيل في غارة جوية يوم 7 يونيو 1981. ورغم أن كثيرًا من هؤلاء العلماء نجوا من تلك الضربة، إلا أن النظام العراقي أعاد تأهيلهم، ووزّعهم على الجامعات والمراكز البحثية، وواصلوا تطوير أبحاثهم في الفيزياء النووية والهندسة الكيماوية والبيولوجية.
مع بدء الاجتياح الأمريكي، وصلت القوائم إلى قواعد المارينز في الخليج، وكانت التعليمات صريحة: يجب مداهمة منازل العلماء واعتقالهم بالقوة، أو تصفيتهم في حال أبدوا أي مقاومة أو رفضوا التعاون. وهكذا، وبعد ساعات من سقوط بغداد، انطلقت الوحدات الأمريكية الخاصة في تنفيذ الخطة. كانت البداية مع اعتقال الدكتورة هدى صالح مهدي عماش، الحاصلة على الدكتوراه من جامعة تكساس ورئيسة قسم الأحياء الدقيقة بجامعة بغداد، والتي وصفها الإعلام الأمريكي بـ"أم الجمرة الخبيثة"، نظرًا لدورها الكبير في ملف الأسلحة البيولوجية. وتم اعتقالها في 9 مايو 2003، إلى جانب العالمة البيولوجية رحاب طه، المتخصصة في تطوير برامج الحرب الجرثومية.
وفي المقابل، استطاعت القوات الأمريكية نقل أكثر من 70 عالماً نوويًا إلى منشآت بحثية في فلوريدا، بينما تم تصفية نحو 310 عالمًا عراقيًا ممن رفضوا التعاون، بعمليات اغتيال ميدانية داخل بيوتهم، أو بإعدامات صامتة لم يُعلن عنها.
لكن ما كان يجري في الخفاء كان أخطر… فقد دخلت إيران على الخط، ليس بصفتها خصمًا لأمريكا، بل حليفًا صامتًا و متعاون يتقاسم الغنيمة معها. ففي ظل الاحتلال، وبغطاء أمريكي واضح، بدأت المليشيات الطائفية التابعة لإيران مثل "فيلق بدر" و"عصائب أهل الحق" و"جيش المهدي" بتنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة طالت أساتذة الجامعات والأطباء والعلماء، خصوصًا من أبناء الطائفة السنية أو من ذوي التوجه القومي أو الرافضين للنفوذ الإيراني.
قُتل المئات على يد هذه المليشيات و المخابرات الإيرانية ، كالدكتور محمد عبدالله الراوي رئيس جامعة بغداد و الدكتور وسام الهاشمي ، و عالم الفزياء النووية مجيد علي ، الدكتور عبد اللطيف علي المايح و غيرهم ...
اللافت أن بعض عمليات الاغتيال تمت بعد اعتقال العلماء من طرف القوات الأمريكية، ثم تسليمهم لاحقًا لمليشيات موالية لإيران بحجة "عدم جدوى تعاونهم"، ليُقتلوا في ظروف غامضة بطرق وحشية ، إما في السجون أو بعد الإفراج عنهم بأيام.
لقد تواطأت أمريكا مع إيران بشكل مفضوح، وكان الهدف المشترك واضحًا: إفراغ العراق من عقوله، وتحويله إلى دولة ضعيفة تابعة، لا تملك من أدوات النهوض سوى رماد التاريخ. وكما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت ذات يوم: " "ماذا نستطيع أن نفعل مع العراق غير تدمير عقوله التي لا تستطيع القنابل الذرية أن تدمّرها، فتدمير العقول العراقية أهم من ضرب القنابل"...
وهكذا، لم يكن الاحتلال الأمريكي سوى الجزء الأول من الكارثة، أما الجزء الثاني فقد تولّته إيران ومليشياتها، التي لم تترك عالماً إلا وامتدت إليه، قتلاً أو تهجيرًا أو ترهيبًا أو خطفا . سقط العراق، وسقط معه جيلٌ كامل من العلماء الذين كان يمكن أن ينهضوا به… لكنهم رحلوا بصمت، وخلفهم كتبٌ مغلقة، وأبحاثٌ لم تكتمل، وبلدٌ بات يُدار بالرصاص و نظام طائفي موالي لايران و أمريكا ..
📚 المصدر : الدكتور عبد الله النفيسي
مجلة المشاهد السياسي البريطانية
BY حصاد الكتب
Share with your friend now:
tgoop.com/hasad_alkotob/650