FWDADAB Telegram 461
ليلى والذئب.. من اللغة إلى العقل..!
.
.
كلمة "المُحتَلّ" كلمة لافتة للنظر من جهة اللغة، ذلك أنها من جهة الصورة تجمع بين كلمتين على الحقيقة، جعلهما الإدغام في هيئة واحدة: المُحتلِلُ الذي هو اسم الفاعل، وهو الذي يَحتَلّ غيرَه، والمحتلَلُ: الذي هو اسم المفعول، وهو الذي يحتلُّه غيرُه. ومن عجب أن هذا الإدغام يحيلنا على معنى التوحد اللغوي بين صيغتين ودلالتين وصورتين ذهنيتين الأصل أنهما منفصلتان، بل الأصل أنهما متعاديتان، ولكن الإدغام ههنا كأنه أسقط تلك الفوارق إلى درجة أن المحتل الذي وقع عليه الاحتلال قد رضي لنفسه أن يتماهى في صورة من احتلّه، وكأنّ المحتلّ(اسم المفعول) ليس هو من تسلّط عليه الاحتلال، ولكنه الذي تقبّل الاحتلال ورضي أن تتحول علاقته به من علاقة الإكراه العسكري إلى علاقة التنميط المعيشي..
.
وينتج عن هذه العلاقة الجديدة أن اتجاه المد والجزر بين عناصر الممانعة وعناصر الانخراط ينعكس جذريا، بمعنى أن الخاضع للاحتلال عوض أن يجعل عناصر الحرية والاستقلال والتمايز مرتكزات لمدافعة المحتل الأجنبي، يفعل عكس ذلك، فيجعل التنميط الأجنبي مرتكزا لمحو ما بقي من مميزات الهوية الأولى، ولمحاربة كل محاولة للانعتاق من أغلال الاحتلال. فالخاضع للاحتلال واقف عند عتبة الخمسين بالمائة ينتظر الواحد بالمائة الذي تنقلب به الأغلبية من أجل أن ينسلخ من هويته، لأنه لا يملك أدنى قدر من الممانعة والاستعداد للمجابهة والقـ.ـ(تا).ل.
.
ففي وعي المحتلّ الخاضع: "الاحتلال يبرر الاحتلال"، أو بعبارة أخرى: القوة تؤسس الحقيقة، فإزهاق النفس الأولى يبرر إزهاق كل النفوس بعدها، واليوم الأول من العبودية يبرر مائة عام من العبودية بعده. ولو أمكن المحتلّ الخاضع أن يتحرر ولو دقيقة واحدة في يوم العبودية الطويل فإنه غير مستعد ليشم نفَس الحرية في تلك الدقيقة لأنه مخالف لنمط العبودية الدائم. إنه شبيه بالمساجين الذين يرفضون الخروج إلى الساحة ويرونه تمرّدا على ديونتولوجية السجن..!
.
هذا المحتل الخاضع، مسكون بالخوف من التغيير، إلى درجة أن يقوده هذا الخوف إلى أن يتحول إلى جندي متفان في خدمة النظام السائد. والعجيب أنه مستعد للموت في سبيل النظام السائد، وغير مستعد لأدنى مخاطرة في سبيل القضية العادلة. وهو ما يخلق تناقضا عجيبا: وهو أن يصير الخوف من رهان الحياة أكبر من الخوف من حتمية الموت..!
.
لنعد الآن إلى قصة طفولية قديمة، إنها قصة "ليلى والذئب"، والتي لا نحتاج إلى إعادة سرد تفاصيلها، وإنما نحتاج فقط إلى طرح مجموعة من الأسئلة، هل كانت ليلى ضحية بريئة، أم كانت فريسة حمقاء؟ لقد كانت ليلى أمام مجموعتين من الرموز: ثياب الجدة وفراشها، أمام أنياب الذئب ومخالبه، وعوض أن تتساءل عن الثياب والفراش التي هي عناصر منفصلة ومتحركة، جعلت هذه العناصر هي الأصل متسائلة عن الأنياب والمخالب. لقد كانت ترى جدة طيبة طرأت عليها بعض التغيرات، عوض أن تلاحظ ذئبا جائعا مارس بعض التمويهات، وبالتالي فقد كانت إمكانية جدة ذات مخالب وأنياب في ذهن ليلى أقرب من إمكانية ذئب متستر في ثياب عجوز..! لقد فضلت ليلى فرضية الأمان على فرضية الحذر، لأن ليلى تؤثر فرضية النمط على فرضية الممانعة. ولذلك فإن ليلى تستحق أن يلتهمها الذئب..
.
المهم، بقي من مسؤوليتنا أن نقول لليلى: إن الذئب يضع لها على الطريق دجاجةً فدجاجةً إلى غاية المغارة التي سيلتهمها فيها، ولكننا لا نستبعد فرضية أخرى، وهي أن يكون الذئب قد عقد صفقة مع ليلى، وهي أن تتكفل هي بوضع الدجاج على الطريق لاصطياد بنات أخريات للذئب، مقابل أن يجعلها الذئب فريسته الأخيرة..

#المقاطعة_وجود



tgoop.com/fwdadab/461
Create:
Last Update:

ليلى والذئب.. من اللغة إلى العقل..!
.
.
كلمة "المُحتَلّ" كلمة لافتة للنظر من جهة اللغة، ذلك أنها من جهة الصورة تجمع بين كلمتين على الحقيقة، جعلهما الإدغام في هيئة واحدة: المُحتلِلُ الذي هو اسم الفاعل، وهو الذي يَحتَلّ غيرَه، والمحتلَلُ: الذي هو اسم المفعول، وهو الذي يحتلُّه غيرُه. ومن عجب أن هذا الإدغام يحيلنا على معنى التوحد اللغوي بين صيغتين ودلالتين وصورتين ذهنيتين الأصل أنهما منفصلتان، بل الأصل أنهما متعاديتان، ولكن الإدغام ههنا كأنه أسقط تلك الفوارق إلى درجة أن المحتل الذي وقع عليه الاحتلال قد رضي لنفسه أن يتماهى في صورة من احتلّه، وكأنّ المحتلّ(اسم المفعول) ليس هو من تسلّط عليه الاحتلال، ولكنه الذي تقبّل الاحتلال ورضي أن تتحول علاقته به من علاقة الإكراه العسكري إلى علاقة التنميط المعيشي..
.
وينتج عن هذه العلاقة الجديدة أن اتجاه المد والجزر بين عناصر الممانعة وعناصر الانخراط ينعكس جذريا، بمعنى أن الخاضع للاحتلال عوض أن يجعل عناصر الحرية والاستقلال والتمايز مرتكزات لمدافعة المحتل الأجنبي، يفعل عكس ذلك، فيجعل التنميط الأجنبي مرتكزا لمحو ما بقي من مميزات الهوية الأولى، ولمحاربة كل محاولة للانعتاق من أغلال الاحتلال. فالخاضع للاحتلال واقف عند عتبة الخمسين بالمائة ينتظر الواحد بالمائة الذي تنقلب به الأغلبية من أجل أن ينسلخ من هويته، لأنه لا يملك أدنى قدر من الممانعة والاستعداد للمجابهة والقـ.ـ(تا).ل.
.
ففي وعي المحتلّ الخاضع: "الاحتلال يبرر الاحتلال"، أو بعبارة أخرى: القوة تؤسس الحقيقة، فإزهاق النفس الأولى يبرر إزهاق كل النفوس بعدها، واليوم الأول من العبودية يبرر مائة عام من العبودية بعده. ولو أمكن المحتلّ الخاضع أن يتحرر ولو دقيقة واحدة في يوم العبودية الطويل فإنه غير مستعد ليشم نفَس الحرية في تلك الدقيقة لأنه مخالف لنمط العبودية الدائم. إنه شبيه بالمساجين الذين يرفضون الخروج إلى الساحة ويرونه تمرّدا على ديونتولوجية السجن..!
.
هذا المحتل الخاضع، مسكون بالخوف من التغيير، إلى درجة أن يقوده هذا الخوف إلى أن يتحول إلى جندي متفان في خدمة النظام السائد. والعجيب أنه مستعد للموت في سبيل النظام السائد، وغير مستعد لأدنى مخاطرة في سبيل القضية العادلة. وهو ما يخلق تناقضا عجيبا: وهو أن يصير الخوف من رهان الحياة أكبر من الخوف من حتمية الموت..!
.
لنعد الآن إلى قصة طفولية قديمة، إنها قصة "ليلى والذئب"، والتي لا نحتاج إلى إعادة سرد تفاصيلها، وإنما نحتاج فقط إلى طرح مجموعة من الأسئلة، هل كانت ليلى ضحية بريئة، أم كانت فريسة حمقاء؟ لقد كانت ليلى أمام مجموعتين من الرموز: ثياب الجدة وفراشها، أمام أنياب الذئب ومخالبه، وعوض أن تتساءل عن الثياب والفراش التي هي عناصر منفصلة ومتحركة، جعلت هذه العناصر هي الأصل متسائلة عن الأنياب والمخالب. لقد كانت ترى جدة طيبة طرأت عليها بعض التغيرات، عوض أن تلاحظ ذئبا جائعا مارس بعض التمويهات، وبالتالي فقد كانت إمكانية جدة ذات مخالب وأنياب في ذهن ليلى أقرب من إمكانية ذئب متستر في ثياب عجوز..! لقد فضلت ليلى فرضية الأمان على فرضية الحذر، لأن ليلى تؤثر فرضية النمط على فرضية الممانعة. ولذلك فإن ليلى تستحق أن يلتهمها الذئب..
.
المهم، بقي من مسؤوليتنا أن نقول لليلى: إن الذئب يضع لها على الطريق دجاجةً فدجاجةً إلى غاية المغارة التي سيلتهمها فيها، ولكننا لا نستبعد فرضية أخرى، وهي أن يكون الذئب قد عقد صفقة مع ليلى، وهي أن تتكفل هي بوضع الدجاج على الطريق لاصطياد بنات أخريات للذئب، مقابل أن يجعلها الذئب فريسته الأخيرة..

#المقاطعة_وجود

BY قناة الأحمدي-أمين قادري


Share with your friend now:
tgoop.com/fwdadab/461

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

You can invite up to 200 people from your contacts to join your channel as the next step. Select the users you want to add and click “Invite.” You can skip this step altogether. The SUCK Channel on Telegram, with a message saying some content has been removed by the police. Photo: Telegram screenshot. Ng, who had pleaded not guilty to all charges, had been detained for more than 20 months. His channel was said to have contained around 120 messages and photos that incited others to vandalise pro-government shops and commit criminal damage targeting police stations. Healing through screaming therapy The main design elements of your Telegram channel include a name, bio (brief description), and avatar. Your bio should be:
from us


Telegram قناة الأحمدي-أمين قادري
FROM American