هي يا حلوين ضيفوني معاكم سناب 🌚💙💙💙💙mohamedyaassr0 https://www.snapchat.com/add/mohamedyaassr0?share_id=sZH_FXYqO38&locale=ar-EG
📘 سواء كنت تحمل *شهادة ثانوية (علمي أو أدبي)، أو خريج جامعة، واين ماكنت — *في السودان أو السعودية أو مصر* — فهذه فرصتك لتبدأ مستقبلك المهني في المجال الصحي. 🌍🎯
🎓 برامج مهنية معتمدة في مجالات صحية
📅 سنة واحدة فقط لتصبح كادرًا صحيًا معتمدًا
✅ اعتماد رسمي من مجلس المهن الطبية والصحية – السودان
✅ اعتراف لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية
✅ تسجيل مهني يفتح لك أبواب العمل داخل وخارج السودان
🔹 البرامج المتاحة:
▪️ معاون طبي أسنان
▪️ مسعف طبي
▪️ سحب عينات (محضر معمل)
▪️ مسجل عيادات
🎯 مميزات البرامج:
✨ مدة قصيرة (عام واحد فقط)
✨ تدريب عملي مكثف
✨ فرص عمل واسعة في جميع الدول
✨ رسوم مناسبة وقيمة مهنية عالية
📌 سجّل الآن وابدأ مسيرتك بثقة نحو مستقبل صحي واعد! 💪
⸻
للاستفسار والتسجيل https://www.tgoop.com/+C0e9VFbywsk5ZmY0
🎓 برامج مهنية معتمدة في مجالات صحية
📅 سنة واحدة فقط لتصبح كادرًا صحيًا معتمدًا
✅ اعتماد رسمي من مجلس المهن الطبية والصحية – السودان
✅ اعتراف لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية
✅ تسجيل مهني يفتح لك أبواب العمل داخل وخارج السودان
🔹 البرامج المتاحة:
▪️ معاون طبي أسنان
▪️ مسعف طبي
▪️ سحب عينات (محضر معمل)
▪️ مسجل عيادات
🎯 مميزات البرامج:
✨ مدة قصيرة (عام واحد فقط)
✨ تدريب عملي مكثف
✨ فرص عمل واسعة في جميع الدول
✨ رسوم مناسبة وقيمة مهنية عالية
📌 سجّل الآن وابدأ مسيرتك بثقة نحو مستقبل صحي واعد! 💪
⸻
للاستفسار والتسجيل https://www.tgoop.com/+C0e9VFbywsk5ZmY0
Telegram
برامج المجلس الطبية .
طيب يا شباب ح انزل لينك قروب للسودان
https://www.tgoop.com/+iMuwUDQmtvs0ZTM0
ولينك قروب لمصر ده هو
https://www.tgoop.com/+o9yN-17IuP5iYTk8
ولينك قروب لناس السعودية عشان الموضوع يكون منظم وده تبع ناس السعوديةhttps://www.tgoop.com/+Xk327eyLELFjYmQ8
اي استفسار هنا @S_H_O_1_4_7
https://www.tgoop.com/+iMuwUDQmtvs0ZTM0
ولينك قروب لمصر ده هو
https://www.tgoop.com/+o9yN-17IuP5iYTk8
ولينك قروب لناس السعودية عشان الموضوع يكون منظم وده تبع ناس السعوديةhttps://www.tgoop.com/+Xk327eyLELFjYmQ8
اي استفسار هنا @S_H_O_1_4_7
✨ حلمت في يوم إنك تدرس في جامعة هندية معترف بيها عالميًا؟
خطوتك الأولى نحو مستقبل أكاديمي ناجح تبدأ مع منصة شباب النجاح!
بنسهّل ليك كل خطوات الدراسة في أفضل الجامعات الهندية بكل دعم ومصداقية وبدون أي تعقيدات.
🎓 خدماتنا التعليمية:
1️⃣ التقديم في الجامعات الهندية:
- دعم كامل لإكمال مستنداتك بسهولة.
- متابعة خطوة بخطوة حتى القبول الرسمي، بكل شفافية.
2️⃣ اختيار التخصص المناسب ليك
ح نوفر ليك ملف PDF شامل بكل التخصصات، منها عل سبيل المثال :
- الطب والرعاية الصحية العامة: الطب العام، طب الأسنان، التمريض، الصيدلة
- العلوم الصحية المساعدة: العلاج الطبيعي، البصريات، التغذية، الصحة العامة، العلوم الجنائية
- التقنيات الطبية الحديثة: المختبرات، الأشعة، التخدير، الغسيل الكلوي، العناية القلبية، غرف العمليات
-برامج مساندة: مساعد طبيب
📘 الملف يوضح عدد سنوات الدراسة لكل تخصص ورسوم كل سنة بالتفصيل.
3️⃣ المستندات المطلوبة:
- شهادة الثانوية مترجمة (شهادة النجاح كافية)
- صورة شخصية بخلفية بيضاء
- جواز سفر ساري المفعول
4️⃣ الرسوم والتكاليف:
- رسوم التسجيل: 500 دولار لكل تخصص (تخصم من رسوم السنة الأولى)
- التقديم مفتوح طوال العام
5️⃣ مميزات إضافية:
- متابعة شخصية قبل وبعد السفر
- نصائح وإرشادات لضمان تجربة دراسية ناجحة
- خدمة موثوقة ومصداقية تامة
💡 ابدأ رحلتك الأكاديمية الآن مع منصة شباب النجاح، وحقق حلمك بالدراسة في الهند!
https://www.facebook.com/61580504904837/posts/122108654115016830/?mibextid=rS40aB7S9Ucbxw6v
#شباب_النجاح #الدراسة_في_الهند #رحلة_نجاح #تعليم_عالمي #فرص_دراسة
خطوتك الأولى نحو مستقبل أكاديمي ناجح تبدأ مع منصة شباب النجاح!
بنسهّل ليك كل خطوات الدراسة في أفضل الجامعات الهندية بكل دعم ومصداقية وبدون أي تعقيدات.
🎓 خدماتنا التعليمية:
1️⃣ التقديم في الجامعات الهندية:
- دعم كامل لإكمال مستنداتك بسهولة.
- متابعة خطوة بخطوة حتى القبول الرسمي، بكل شفافية.
2️⃣ اختيار التخصص المناسب ليك
ح نوفر ليك ملف PDF شامل بكل التخصصات، منها عل سبيل المثال :
- الطب والرعاية الصحية العامة: الطب العام، طب الأسنان، التمريض، الصيدلة
- العلوم الصحية المساعدة: العلاج الطبيعي، البصريات، التغذية، الصحة العامة، العلوم الجنائية
- التقنيات الطبية الحديثة: المختبرات، الأشعة، التخدير، الغسيل الكلوي، العناية القلبية، غرف العمليات
-برامج مساندة: مساعد طبيب
📘 الملف يوضح عدد سنوات الدراسة لكل تخصص ورسوم كل سنة بالتفصيل.
3️⃣ المستندات المطلوبة:
- شهادة الثانوية مترجمة (شهادة النجاح كافية)
- صورة شخصية بخلفية بيضاء
- جواز سفر ساري المفعول
4️⃣ الرسوم والتكاليف:
- رسوم التسجيل: 500 دولار لكل تخصص (تخصم من رسوم السنة الأولى)
- التقديم مفتوح طوال العام
5️⃣ مميزات إضافية:
- متابعة شخصية قبل وبعد السفر
- نصائح وإرشادات لضمان تجربة دراسية ناجحة
- خدمة موثوقة ومصداقية تامة
💡 ابدأ رحلتك الأكاديمية الآن مع منصة شباب النجاح، وحقق حلمك بالدراسة في الهند!
https://www.facebook.com/61580504904837/posts/122108654115016830/?mibextid=rS40aB7S9Ucbxw6v
#شباب_النجاح #الدراسة_في_الهند #رحلة_نجاح #تعليم_عالمي #فرص_دراسة
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
الخوف من المستقبل واحد من أكتر الحاجات المرهقة نفسياً، لأنو بيحبسك في دوامة قلق مستمرة، لا انت عايش هسي، لا قادر تخطط لي قدام، ولا حتى مستمتع بي حياتك. تلقى الزول شغال يسأل: الحرب حتنتهي متين؟ حنعيش كيف؟ الشغل حنلقاهو ولا لا؟ لو اتزوجت ممكن أفشل؟ لو عملت مشروع ممكن أخسر؟💙
الحاجة المحزنة إنو الخوف ده ما بيغير أي شيء، ما بيمنع الحرب، ما بيخلق ليك شغل، ما بيضمن نجاح زواجك ولا مشروعك، بس بيستنزفك، بيكسر روحك، وبخليك متوتر على الفاضي.
الخوف ده جاي من وين؟
الخوف من المستقبل سببو الأساسي عدم اليقين، لأنك عايز كل شيء يكون مضمون قبل ما تخطو أي خطوة، وده مستحيل. مافي زول ضامن شنو حيحصل ليهو بكرة، لكن الفرق بين الناس البيعيشوا حياتهم والناس البيتعبوا نفسياً هو إنو الفئة الأولى متوكلة، والفئة التانية مستسلمة للقلق.💙
طيب نعمل شنو؟
1. فهم الحياة كما هي:
الدنيا ما بتمشي بمزاجنا، في حاجات حتحصل برضانا أو بدونو، ولو قعدت تحرق أعصابك في التفكير، ما حتغير فيها شيء. بدل ما تسأل "الحرب حتنتهي متين؟"، فكر في كيف تتعامل مع الظروف الحالية بأفضل طريقة ممكنة.💙
2. عيش يومك:
اسأل نفسك: أنا الليلة عملت شنو؟ استفدت شنو؟ حسّنت شنو في حياتي؟ لو كان تفكيرك كلو في بكرة، معناتو انت بتضيع وقتك ساكت.💙
3. الخوف ما بيمنع الحاجة من الحدوث:
يعني لو الحاجة مكتوبة ليك حتحصل سواءً كنت خايف منها ولا لا، ولو ما مكتوبة، مهما قلقت ما حتحصل. فليه تتعب روحك ؟💙
4. التوكل ما التواكل:
خلي عندك يقين إنو ربنا بيدبّر الأمور، لكن برضو اشتغل، اتحرك، ما تخلي الخوف يشلك💙.
5. جرب تفشل:
لو خايف من الفشل، فخليني أقول ليك خبر: الناس الناجحين كلهم فشلوا مليون مرة قبل ما يصلوا. الخوف الحقيقي مفروض يكون من إنك ما تحاول أصلًا.💙
الخوف من بكرة بيضيع منك الليلة، والتفكير في الليلة بيضيع منك اللحظة، وفي النهاية بتلقى نفسك عشت عمرك كلو خايف وما عشتو بجد. ما تخلي المستقبل يسرق منك الحاضر، عيش يومك، خطط بدون وسوسة، وخلي الامور لله💙💙💙💙
الحاجة المحزنة إنو الخوف ده ما بيغير أي شيء، ما بيمنع الحرب، ما بيخلق ليك شغل، ما بيضمن نجاح زواجك ولا مشروعك، بس بيستنزفك، بيكسر روحك، وبخليك متوتر على الفاضي.
الخوف ده جاي من وين؟
الخوف من المستقبل سببو الأساسي عدم اليقين، لأنك عايز كل شيء يكون مضمون قبل ما تخطو أي خطوة، وده مستحيل. مافي زول ضامن شنو حيحصل ليهو بكرة، لكن الفرق بين الناس البيعيشوا حياتهم والناس البيتعبوا نفسياً هو إنو الفئة الأولى متوكلة، والفئة التانية مستسلمة للقلق.💙
طيب نعمل شنو؟
1. فهم الحياة كما هي:
الدنيا ما بتمشي بمزاجنا، في حاجات حتحصل برضانا أو بدونو، ولو قعدت تحرق أعصابك في التفكير، ما حتغير فيها شيء. بدل ما تسأل "الحرب حتنتهي متين؟"، فكر في كيف تتعامل مع الظروف الحالية بأفضل طريقة ممكنة.💙
2. عيش يومك:
اسأل نفسك: أنا الليلة عملت شنو؟ استفدت شنو؟ حسّنت شنو في حياتي؟ لو كان تفكيرك كلو في بكرة، معناتو انت بتضيع وقتك ساكت.💙
3. الخوف ما بيمنع الحاجة من الحدوث:
يعني لو الحاجة مكتوبة ليك حتحصل سواءً كنت خايف منها ولا لا، ولو ما مكتوبة، مهما قلقت ما حتحصل. فليه تتعب روحك ؟💙
4. التوكل ما التواكل:
خلي عندك يقين إنو ربنا بيدبّر الأمور، لكن برضو اشتغل، اتحرك، ما تخلي الخوف يشلك💙.
5. جرب تفشل:
لو خايف من الفشل، فخليني أقول ليك خبر: الناس الناجحين كلهم فشلوا مليون مرة قبل ما يصلوا. الخوف الحقيقي مفروض يكون من إنك ما تحاول أصلًا.💙
الخوف من بكرة بيضيع منك الليلة، والتفكير في الليلة بيضيع منك اللحظة، وفي النهاية بتلقى نفسك عشت عمرك كلو خايف وما عشتو بجد. ما تخلي المستقبل يسرق منك الحاضر، عيش يومك، خطط بدون وسوسة، وخلي الامور لله💙💙💙💙
❤1
السادس عشر من أكتوبر — يومٌ يشبه صمت المقابر، لا يُنبِتُ وردًا ولا يُميتُ شوكًا، فقط يترك في القلب مساحة رمادية تُدعى اللاشيء.
أنا يا صديقي لست بخير، ولست مريضًا كما يقول الأطباء، بل أنا مصاب بداءٍ لا يُرى في الأشعة، ولا يُعالَج بالمهدئات… داءٍ أعمق من علم النفس، وأقسى من الاكتئاب.
اسمه الإيثوكليسا.
الإيثوكليسا — ذاك الفيروس الذي يسكن منتصف الروح، فيُطفئ ألوانها واحدةً تلو الأخرى.
لا يسرق البصر، بل يسرق المعنى من البصر.
يجعل السماء مجرّد سقفٍ من غبار، والبحر صفحةً لا رغبةَ لها في العناق.
يجعل الضحكة ذنبًا، والورد خديعة، والعين اللامعة مرآةً مكسورة.
مريض الإيثوكليسا لا يكره الحياة… لكنه فقد الحيلة في حبّها.
هو من يُجيد التمثيل، يضحك في وجهك وهو في الداخل يشيّع جنازة قلبه الرابع.
هو من يكتب “أنا بخير” في كل مرةٍ يموت فيها جزءٌ منه، ثم يضع النقطة كمن يغلق تابوتًا صغيرًا في صدره.
الإيثوكليسا ليست بهتانًا في المشاعر، بل جفافًا بعد طوفان، وهدوءًا بعد معركةٍ لم ينجُ منها أحد.
مريضها يعرف كل اللغات، لكنه فقد لغة الدهشة.
ينام بجسدٍ متعبٍ، وروحٍ تتساءل كل فجر: “ما الفائدة؟”
ويُصلي دون دموع، لأن الدموع هجرت المآقي منذ زمنٍ بعيد.
ومع ذلك، لا تنعوه بعد…
فأحيانًا يشفى مريض الإيثوكليسا حين يبكي سرًّا،
أو حين يرى طفلًا يضحك من قلبه،
أو حين يتذكر أن الله — رغم كل هذا البهتان — لم يبهت وجهه يومًا عنه.
فيا صديقي،
إن وجدت نفسك تنظر إلى الحياة دون معنى، لا تلعن نفسك،
بل ضع يدك على صدرك وقل:
“يا رب، أعد لي إحساسي… ولو كان وجعًا.”
🖋️ – بقلم كاتبٍ عاش بعد موته بألف شعورٍ منسي،
ورحل مبتسمًا كأنه شُفي من الإيثوكليسا. 💙
أنا يا صديقي لست بخير، ولست مريضًا كما يقول الأطباء، بل أنا مصاب بداءٍ لا يُرى في الأشعة، ولا يُعالَج بالمهدئات… داءٍ أعمق من علم النفس، وأقسى من الاكتئاب.
اسمه الإيثوكليسا.
الإيثوكليسا — ذاك الفيروس الذي يسكن منتصف الروح، فيُطفئ ألوانها واحدةً تلو الأخرى.
لا يسرق البصر، بل يسرق المعنى من البصر.
يجعل السماء مجرّد سقفٍ من غبار، والبحر صفحةً لا رغبةَ لها في العناق.
يجعل الضحكة ذنبًا، والورد خديعة، والعين اللامعة مرآةً مكسورة.
مريض الإيثوكليسا لا يكره الحياة… لكنه فقد الحيلة في حبّها.
هو من يُجيد التمثيل، يضحك في وجهك وهو في الداخل يشيّع جنازة قلبه الرابع.
هو من يكتب “أنا بخير” في كل مرةٍ يموت فيها جزءٌ منه، ثم يضع النقطة كمن يغلق تابوتًا صغيرًا في صدره.
الإيثوكليسا ليست بهتانًا في المشاعر، بل جفافًا بعد طوفان، وهدوءًا بعد معركةٍ لم ينجُ منها أحد.
مريضها يعرف كل اللغات، لكنه فقد لغة الدهشة.
ينام بجسدٍ متعبٍ، وروحٍ تتساءل كل فجر: “ما الفائدة؟”
ويُصلي دون دموع، لأن الدموع هجرت المآقي منذ زمنٍ بعيد.
ومع ذلك، لا تنعوه بعد…
فأحيانًا يشفى مريض الإيثوكليسا حين يبكي سرًّا،
أو حين يرى طفلًا يضحك من قلبه،
أو حين يتذكر أن الله — رغم كل هذا البهتان — لم يبهت وجهه يومًا عنه.
فيا صديقي،
إن وجدت نفسك تنظر إلى الحياة دون معنى، لا تلعن نفسك،
بل ضع يدك على صدرك وقل:
“يا رب، أعد لي إحساسي… ولو كان وجعًا.”
🖋️ – بقلم كاتبٍ عاش بعد موته بألف شعورٍ منسي،
ورحل مبتسمًا كأنه شُفي من الإيثوكليسا. 💙
❤2
جئتك مرّةً أُخرى يا ربّ،
لا أحمل زادًا ولا دعوى،
بل قلبًا أنهكه البُعد، ودمعًا يعرف طريق التوبة أكثر مما يعرف طريق النوم.
يا الله،
طهّرني كما يُطهَّر الثوب الأبيض من الدنس،
واغسل ذنوبي كما يغسل المطر وجه الأرض بعد العاصفة،
واجعلني بعد العودة إليك أنقى مما كنت، وأقرب مما رجوت.
هنا، حيث الدعاء يعلو قبل أن يُقال،
وحيث الدموع تصير طهورًا،
أسألك يا ربّ أن تجعلني من أهل هذا البيت،
من الذين لا يعيشون إلا على أمل الرجوع…
إليك، دائمًا وأبدًا. 💙
لا أحمل زادًا ولا دعوى،
بل قلبًا أنهكه البُعد، ودمعًا يعرف طريق التوبة أكثر مما يعرف طريق النوم.
يا الله،
طهّرني كما يُطهَّر الثوب الأبيض من الدنس،
واغسل ذنوبي كما يغسل المطر وجه الأرض بعد العاصفة،
واجعلني بعد العودة إليك أنقى مما كنت، وأقرب مما رجوت.
هنا، حيث الدعاء يعلو قبل أن يُقال،
وحيث الدموع تصير طهورًا،
أسألك يا ربّ أن تجعلني من أهل هذا البيت،
من الذين لا يعيشون إلا على أمل الرجوع…
إليك، دائمًا وأبدًا. 💙
❤3
صباح الخير، عزيزي الفاقد الأمل،
اعلم أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
لا تظن أن الأمل شجرة تُزرع في الربيع فقط؛
فالأمل يُولد أحيانًا في منتصف المقابر،
في قلب الخيبات،
حين يمدّ الله إليك خيط نورٍ خافتٍ،
ويقول لك بصوتٍ لا يُسمع: قم، فما زال فيك نبضٌ يحب الحياة.
على هذه الأرض ما يستحق الحياة،
وإن ضاق بك الوطن، وإن خانتك الطرقات،
فثمة يدٌ خفيةٌ تُمسك بك كي لا تسقط تمامًا،
وثمة نفسٌ جديد ينتظرك عند أول فجرٍ بعد العتمة.
لا تفقد الأمل،
فكم من وردةٍ نبتت من صخرٍ صامت،
وكم من قلبٍ عاد يخفق بعد أن حسبوه رمادًا.
الحياة لا تُكافئ الأقوياء دائمًا،
لكنها تبتسم للذين لم يتركوا أنفسهم في العاصفة.
عش كما لو أنك خُلِقتَ لتشهد الجمال رغم الخراب،
وابتسم كما لو أن الحزن لا يعرف عنوانك.
فما زال في العيون ضوء،
وفي القلوب سكنى،
وفي الطريق — رغم طوله — جهةٌ تُدعى الغد.
على هذه الأرض، يا صاحبي، ما يستحق أن نحيا من أجله:
نظرةُ أمٍّ، وضحكةُ طفل، وسماءٌ بعد مطر،
وصلاةٌ تُعيد الطمأنينة إلى القلب.
فلا تُطفئ مصباحك،
فمن يدري؟
لعلّ الله يُعدّ لك فجرًا
يُشبه الحلم الذي ظننته مستحيلًا. 💙
#محمد_ياسر
اعلم أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
لا تظن أن الأمل شجرة تُزرع في الربيع فقط؛
فالأمل يُولد أحيانًا في منتصف المقابر،
في قلب الخيبات،
حين يمدّ الله إليك خيط نورٍ خافتٍ،
ويقول لك بصوتٍ لا يُسمع: قم، فما زال فيك نبضٌ يحب الحياة.
على هذه الأرض ما يستحق الحياة،
وإن ضاق بك الوطن، وإن خانتك الطرقات،
فثمة يدٌ خفيةٌ تُمسك بك كي لا تسقط تمامًا،
وثمة نفسٌ جديد ينتظرك عند أول فجرٍ بعد العتمة.
لا تفقد الأمل،
فكم من وردةٍ نبتت من صخرٍ صامت،
وكم من قلبٍ عاد يخفق بعد أن حسبوه رمادًا.
الحياة لا تُكافئ الأقوياء دائمًا،
لكنها تبتسم للذين لم يتركوا أنفسهم في العاصفة.
عش كما لو أنك خُلِقتَ لتشهد الجمال رغم الخراب،
وابتسم كما لو أن الحزن لا يعرف عنوانك.
فما زال في العيون ضوء،
وفي القلوب سكنى،
وفي الطريق — رغم طوله — جهةٌ تُدعى الغد.
على هذه الأرض، يا صاحبي، ما يستحق أن نحيا من أجله:
نظرةُ أمٍّ، وضحكةُ طفل، وسماءٌ بعد مطر،
وصلاةٌ تُعيد الطمأنينة إلى القلب.
فلا تُطفئ مصباحك،
فمن يدري؟
لعلّ الله يُعدّ لك فجرًا
يُشبه الحلم الذي ظننته مستحيلًا. 💙
#محمد_ياسر
❤3
*انا صاحب ال سبع والعشرون عاما*
لم أدرِ متى تغيّر كلُّ شيء،
ولا في أيِّ لحظةٍ بالتحديد صرتُ "رجلًا" كما يقولون...
كنتُ أظنُّ أنَّ الكِبَر قرارٌ نتّخذه، أو مرحلةٌ نشعر بها كما نشعر بالجوع أو التعب،
لكنّها جاءت بصمتٍ، كأنّها سرقتْني من طفولتي خُلسةً وأنا منشغلٌ بضحكٍ مع الأصدقاء أو بمتابعةِ مسلسلٍ قديمٍ من أيّام الطفولة.
ما زلتُ أرى نفسي ذاك الصبيَّ الذي يركض في الأزقّة،
يندهش من الفراشات، ويؤمن أنّ الحياة أبسط من أن تُثقلها الفواتير والمواعيد والاجتماعات.
أعود من عملي فأجد داخلي ذلك الطفل يصفّق كلما رأى "سبونج بوب"،
ويضحك عندما يرى مجموعة أطفالٍ يلعبون بالكرة في الشارع،
فأجلس معهم، لا مجاملةً لهم، بل لأنّ قلبي هناك... معهم.
كنتُ أظنُّ أنّ الناس من حولي يرونني كما أرى نفسي،
شابًّا عادياً، يلهو ويضحك ويؤجل الجدّ للأيام القادمة،
لكن حين صاحبتُ من هم أصغر سنًّا، رأيتُ فيهم ماضيي،
رأيتُ أفكاري القديمة واندفاعي الطائش وأحلامي التي لم تكتمل،
كنتُ أرى فيهم نسخةً منّي يوم كنتُ لا أُدرك معنى "المسؤولية"،
يوم كان الغد بعيدًا بما يكفي لأتغافل عن التفكير فيه.
والمفارقة أنّهم صاروا يسألونني المشورة،
ينتظرون كلمتي وكأنّها وحيٌ لا يُخطئ.
كنتُ أضحك في سرّي، وأتساءل: متى أصبحتُ أنا مَن يُسأل؟
متى تحوّلتُ من "المخطئ" إلى "الناصح"، من "الطفل" إلى "الملجأ"؟
حتى جاء يومٌ وقف فيه خالي، الرجل الذي كان يربّت على كتفي وأنا صغير،
الذي كان يقرّعني إذا أخطأت، ويمنحني العيدية بابتسامةٍ واسعة،
وقف أمامي وقال بصوتٍ مبحوح: يا محمد، أريد أن أستشيرك في أمرٍ ما.
كان يتحدث وأنا أستمع، أظنُّه يبوح فقط،
لكنّه أنهى كلامه بسؤالٍ جعل الدنيا تسكت في رأسي:
قالها باللهجه السودانيه البحته: هسي انا يا محمد أسوي شنو؟؟؟
حينها فقط، شعرتُ بثقل العمر على كتفي،
تذكّرتُ كل السنوات التي مرّت دون أن أودّعها كما يجب،
تذكّرتُ كل الأشياء التي تغيّرت من حولي وأنا لم ألاحظ.
ضحكتي لم تعُد نفسها، وقلبي صار أهدأ، وصمتي أطول.
لم أعد أركض خلف الأشياء كما كنت، صرتُ أتركها تأتي إن أرادت،
وكأنّي تعبت من المطاردة.
كبرنا يا صديقي...
لا لأنّنا أردنا، بل لأنّ الأيام دفعتنا في طريقها دون أن تسألنا إن كنّا مستعدّين.
كبرنا حين بدأ الناس يثقون برأينا،
حين صار الحزن لا يحتاج سببًا واضحًا،
حين صارت العودة إلى البيت تعني الراحة لا العقاب،
وحين صارت نصيحتنا لغيرنا نسخةً من ندمنا القديم.
كبرنا...
حين أدركنا أنّ الضحكة التي كنّا نطلقها بلا حساب،
صارت الآن مشروطةً بوقتٍ ومكانٍ ومزاج.
حين صار الخوف على من نحب أكبر من حبّنا لأنفسنا،
وحين أصبحنا نغفو ونحن نعدّ ما تبقّى من العمر، لا ما أنجزناه فيه.
كبرنا يا أنا...
لكنّ الطفل فينا ما زال يلوّح من بعيد،
يقف عند أول شارعٍ من طفولتنا،
ينادينا بصوته القديم: "ارجع … الدنيا هناك كانت أبسط!"
كبرنا دون أن نشعر،
وما بين الأمس واليوم، صرنا غرباء في أجسادنا الجديدة.
تغيّرنا... لا لأنّنا خذلنا الطفولة، بل لأنّ الحياة علّمتنا أن نكمل الطريق،
ولو بوجهٍ يشبه الرجال وقلوبٍ لم تكبر بعد.
فالكِبَر ليس في العمر، بل في الوعي الذي يوجِعك كلّما تذكّرتَ أنّك لم تعُد كما كنت.❤️❤️
#محمد_ياسر
لم أدرِ متى تغيّر كلُّ شيء،
ولا في أيِّ لحظةٍ بالتحديد صرتُ "رجلًا" كما يقولون...
كنتُ أظنُّ أنَّ الكِبَر قرارٌ نتّخذه، أو مرحلةٌ نشعر بها كما نشعر بالجوع أو التعب،
لكنّها جاءت بصمتٍ، كأنّها سرقتْني من طفولتي خُلسةً وأنا منشغلٌ بضحكٍ مع الأصدقاء أو بمتابعةِ مسلسلٍ قديمٍ من أيّام الطفولة.
ما زلتُ أرى نفسي ذاك الصبيَّ الذي يركض في الأزقّة،
يندهش من الفراشات، ويؤمن أنّ الحياة أبسط من أن تُثقلها الفواتير والمواعيد والاجتماعات.
أعود من عملي فأجد داخلي ذلك الطفل يصفّق كلما رأى "سبونج بوب"،
ويضحك عندما يرى مجموعة أطفالٍ يلعبون بالكرة في الشارع،
فأجلس معهم، لا مجاملةً لهم، بل لأنّ قلبي هناك... معهم.
كنتُ أظنُّ أنّ الناس من حولي يرونني كما أرى نفسي،
شابًّا عادياً، يلهو ويضحك ويؤجل الجدّ للأيام القادمة،
لكن حين صاحبتُ من هم أصغر سنًّا، رأيتُ فيهم ماضيي،
رأيتُ أفكاري القديمة واندفاعي الطائش وأحلامي التي لم تكتمل،
كنتُ أرى فيهم نسخةً منّي يوم كنتُ لا أُدرك معنى "المسؤولية"،
يوم كان الغد بعيدًا بما يكفي لأتغافل عن التفكير فيه.
والمفارقة أنّهم صاروا يسألونني المشورة،
ينتظرون كلمتي وكأنّها وحيٌ لا يُخطئ.
كنتُ أضحك في سرّي، وأتساءل: متى أصبحتُ أنا مَن يُسأل؟
متى تحوّلتُ من "المخطئ" إلى "الناصح"، من "الطفل" إلى "الملجأ"؟
حتى جاء يومٌ وقف فيه خالي، الرجل الذي كان يربّت على كتفي وأنا صغير،
الذي كان يقرّعني إذا أخطأت، ويمنحني العيدية بابتسامةٍ واسعة،
وقف أمامي وقال بصوتٍ مبحوح: يا محمد، أريد أن أستشيرك في أمرٍ ما.
كان يتحدث وأنا أستمع، أظنُّه يبوح فقط،
لكنّه أنهى كلامه بسؤالٍ جعل الدنيا تسكت في رأسي:
قالها باللهجه السودانيه البحته: هسي انا يا محمد أسوي شنو؟؟؟
حينها فقط، شعرتُ بثقل العمر على كتفي،
تذكّرتُ كل السنوات التي مرّت دون أن أودّعها كما يجب،
تذكّرتُ كل الأشياء التي تغيّرت من حولي وأنا لم ألاحظ.
ضحكتي لم تعُد نفسها، وقلبي صار أهدأ، وصمتي أطول.
لم أعد أركض خلف الأشياء كما كنت، صرتُ أتركها تأتي إن أرادت،
وكأنّي تعبت من المطاردة.
كبرنا يا صديقي...
لا لأنّنا أردنا، بل لأنّ الأيام دفعتنا في طريقها دون أن تسألنا إن كنّا مستعدّين.
كبرنا حين بدأ الناس يثقون برأينا،
حين صار الحزن لا يحتاج سببًا واضحًا،
حين صارت العودة إلى البيت تعني الراحة لا العقاب،
وحين صارت نصيحتنا لغيرنا نسخةً من ندمنا القديم.
كبرنا...
حين أدركنا أنّ الضحكة التي كنّا نطلقها بلا حساب،
صارت الآن مشروطةً بوقتٍ ومكانٍ ومزاج.
حين صار الخوف على من نحب أكبر من حبّنا لأنفسنا،
وحين أصبحنا نغفو ونحن نعدّ ما تبقّى من العمر، لا ما أنجزناه فيه.
كبرنا يا أنا...
لكنّ الطفل فينا ما زال يلوّح من بعيد،
يقف عند أول شارعٍ من طفولتنا،
ينادينا بصوته القديم: "ارجع … الدنيا هناك كانت أبسط!"
كبرنا دون أن نشعر،
وما بين الأمس واليوم، صرنا غرباء في أجسادنا الجديدة.
تغيّرنا... لا لأنّنا خذلنا الطفولة، بل لأنّ الحياة علّمتنا أن نكمل الطريق،
ولو بوجهٍ يشبه الرجال وقلوبٍ لم تكبر بعد.
فالكِبَر ليس في العمر، بل في الوعي الذي يوجِعك كلّما تذكّرتَ أنّك لم تعُد كما كنت.❤️❤️
#محمد_ياسر
❤5
*المغول إقتحمو السودان*
حين كتب «ألكسندر دوما» جملته الشهيرة:
"Cherchez la femme"
أي "ابحث عن المرأة"،
كان يقصد أن وراء كل مأساة، ثمة امرأة.
أما اليوم، فلو عاش في زمننا هذا، لقال:
"Cherchez la UAE" — ابحث عن الإمارات.
فكل خرابٍ في جسد هذه الأمة، ستجد هناك يدًا تمتد من بعيد، تُحرّك خيوط الدمار كعازفٍ خبيثٍ لا يُخطئ النغمة.
حين قلتُ إن المغول عادوا واقتحموا السودان، لم أكن أكتب استعارة أدبية.
بل كنت أصف واقعًا أشدّ مرارة من التاريخ نفسه.
المغول الذين قرأنا عنهم كانوا عاصفةً من حديد، يقتلون بلا رحمة،
لكنهم على الأقل، كانوا يحاربون أعداءهم.
أما اليوم، فقد خرج علينا مغولٌ جُدد — لا وجوه لهم،
لا دين لهم،
لا شرف لهم.
إنهم «قوات الدعم السريع»،
قوةٌ خرجت من رحم الخيانة، تغتسل في دماء الأبرياء،
تسجد للمال، وتُبايع الشيطان.
المغول، رغم وحشيتهم، لم يفعلوا ما يفعله هؤلاء.
المغول كانوا يقتلون، نعم،
لكنهم لم يعرفوا لذة اغتصاب امرأة أمام زوجها،
ولا نشوة ذبح رجلٍ بينما تُهان روحه برؤية أحبّ الناس إليه يُنتهك جسدها أمامه.
أيُّ حقدٍ هذا؟ أيُّ انحطاطٍ بشريٍ يجعل الإنسان يبتكر أشكالًا جديدة من الألم؟
قواتٌ فقدت كل معنى للإنسانية،
تُطفئ أنوار المدن، لتشعل ليلًا من الصراخ،
تُحوّل الأمهات إلى جثثٍ تبكي بأعينٍ مفتوحة،
والأطفال إلى صورٍ معلّقة على جدران الذاكرة.
لكن يا صديقي، الخيانة لا تأتي وحدها،
وراءها دومًا يدٌ تُغذيها، تموّلها، وتبتسم بخبثٍ وهي تشاهد الجثث تُعدّ على الشاشات.
تلك اليد… هي الإمارات.
التي لم تكتفِ بتخريب العقول،
بل امتدت لتخرب الأوطان، لتزرع الفتنة حيثما مرّت،
ولتُشعل حروبًا ليست لها فيها إلا مصلحةٌ واحدة:
أن تبقى النار مشتعلة، لتتدفأ هي على رماد الشعوب.
هي التي موّلت، وسلّحت، وفتحت السماء لطائراتٍ تحمل مرتزقة ومؤنًا وسلاحًا لقَتَلةٍ مأجورين.
هي التي دفعت لأجل سدّ النهضة لتشعل العداء بين مصر وأثيوبيا والسودان.
هي التي باعت كرامة العرب في سوق التطبيع.
السودان اليوم يُقسّم كما يُقسّم الميت بين الورثة.
دارفور سقطت، والفاشر أُسرت،
والبلد الذي كان اسمه "السودان" صار أربع جراحٍ نازفة على خريطةٍ واحدة.
أطفالٌ جياعٌ يموتون وهم ينادون أمّهاتٍ لن يسمعن النداء،
نساءٌ يغتسلن بالدموع بعد أن سُرقت منهنّ الحياة،
ورجالٌ مقيّدون بالعجز، يتمنون الموت فلا يجدونه.
هل تعلم ما هو أشدُّ أنواع الموت؟
أن تموت وأنت ترى وطنك يُغتصب،
ولا تستطيع أن تصرخ.
السودان تُباد.
نعم، هذه ليست مبالغة.
بل الحقيقة التي يُراد دفنها تحت الضجيج.
السودان تُباد، لا برصاص الأعداء فقط،
بل بصمت الإخوة، وبلادة العالم،
وبتواطؤ الذين ينامون على الوسائد الوثيرة بينما الخرطوم تئنّ من الجوع والرعب.
اكتبوا… تحدّثوا… صرخوا.
لا تدفنوا أصواتكم كما دُفنوا تحت الركام.
قولوا للعالم إن في دارفور نساءً يُغتصبن لأنهن وُلدن هناك،
وأن في الفاشر أطفالًا يموتون لأنهم لم يجدوا ماءً ولا خبزًا ولا حضنًا.
اللهم اشهد،
أنّ السودان يُنزف أمام أعيننا،
وأنّنا لم نصمت خوفًا، بل قهرًا.
اللهم اشهد، أننا نحملها في قلوبنا وإن عجزت أيدينا عن حملها.
اللهم كن في عونهم،
فقد خذلهم القريب قبل البعيد.
السودان لا يستحق هذا الموت.
بلاد الطيبة والكرم،
بلاد النيل والذهب،
بلاد الجدود الذين ماتوا واقفين…
ستموت الآن؟
لا.
لن تموت، ما دام فينا قلبٌ ينبض لأجلها، وما دامت الكلمات لم تُكسر بعد.
> اللهم ارحم السودان،
وامسح على قلوب أهلها،
وانزع عن أرضها يد الطغاة والمأجورين.
"عزيزي القارئ صوتك أمانة… فلا تصمت."
#إنقذو_الفاشر
#محمد_ياسر
حين كتب «ألكسندر دوما» جملته الشهيرة:
"Cherchez la femme"
أي "ابحث عن المرأة"،
كان يقصد أن وراء كل مأساة، ثمة امرأة.
أما اليوم، فلو عاش في زمننا هذا، لقال:
"Cherchez la UAE" — ابحث عن الإمارات.
فكل خرابٍ في جسد هذه الأمة، ستجد هناك يدًا تمتد من بعيد، تُحرّك خيوط الدمار كعازفٍ خبيثٍ لا يُخطئ النغمة.
حين قلتُ إن المغول عادوا واقتحموا السودان، لم أكن أكتب استعارة أدبية.
بل كنت أصف واقعًا أشدّ مرارة من التاريخ نفسه.
المغول الذين قرأنا عنهم كانوا عاصفةً من حديد، يقتلون بلا رحمة،
لكنهم على الأقل، كانوا يحاربون أعداءهم.
أما اليوم، فقد خرج علينا مغولٌ جُدد — لا وجوه لهم،
لا دين لهم،
لا شرف لهم.
إنهم «قوات الدعم السريع»،
قوةٌ خرجت من رحم الخيانة، تغتسل في دماء الأبرياء،
تسجد للمال، وتُبايع الشيطان.
المغول، رغم وحشيتهم، لم يفعلوا ما يفعله هؤلاء.
المغول كانوا يقتلون، نعم،
لكنهم لم يعرفوا لذة اغتصاب امرأة أمام زوجها،
ولا نشوة ذبح رجلٍ بينما تُهان روحه برؤية أحبّ الناس إليه يُنتهك جسدها أمامه.
أيُّ حقدٍ هذا؟ أيُّ انحطاطٍ بشريٍ يجعل الإنسان يبتكر أشكالًا جديدة من الألم؟
قواتٌ فقدت كل معنى للإنسانية،
تُطفئ أنوار المدن، لتشعل ليلًا من الصراخ،
تُحوّل الأمهات إلى جثثٍ تبكي بأعينٍ مفتوحة،
والأطفال إلى صورٍ معلّقة على جدران الذاكرة.
لكن يا صديقي، الخيانة لا تأتي وحدها،
وراءها دومًا يدٌ تُغذيها، تموّلها، وتبتسم بخبثٍ وهي تشاهد الجثث تُعدّ على الشاشات.
تلك اليد… هي الإمارات.
التي لم تكتفِ بتخريب العقول،
بل امتدت لتخرب الأوطان، لتزرع الفتنة حيثما مرّت،
ولتُشعل حروبًا ليست لها فيها إلا مصلحةٌ واحدة:
أن تبقى النار مشتعلة، لتتدفأ هي على رماد الشعوب.
هي التي موّلت، وسلّحت، وفتحت السماء لطائراتٍ تحمل مرتزقة ومؤنًا وسلاحًا لقَتَلةٍ مأجورين.
هي التي دفعت لأجل سدّ النهضة لتشعل العداء بين مصر وأثيوبيا والسودان.
هي التي باعت كرامة العرب في سوق التطبيع.
السودان اليوم يُقسّم كما يُقسّم الميت بين الورثة.
دارفور سقطت، والفاشر أُسرت،
والبلد الذي كان اسمه "السودان" صار أربع جراحٍ نازفة على خريطةٍ واحدة.
أطفالٌ جياعٌ يموتون وهم ينادون أمّهاتٍ لن يسمعن النداء،
نساءٌ يغتسلن بالدموع بعد أن سُرقت منهنّ الحياة،
ورجالٌ مقيّدون بالعجز، يتمنون الموت فلا يجدونه.
هل تعلم ما هو أشدُّ أنواع الموت؟
أن تموت وأنت ترى وطنك يُغتصب،
ولا تستطيع أن تصرخ.
السودان تُباد.
نعم، هذه ليست مبالغة.
بل الحقيقة التي يُراد دفنها تحت الضجيج.
السودان تُباد، لا برصاص الأعداء فقط،
بل بصمت الإخوة، وبلادة العالم،
وبتواطؤ الذين ينامون على الوسائد الوثيرة بينما الخرطوم تئنّ من الجوع والرعب.
اكتبوا… تحدّثوا… صرخوا.
لا تدفنوا أصواتكم كما دُفنوا تحت الركام.
قولوا للعالم إن في دارفور نساءً يُغتصبن لأنهن وُلدن هناك،
وأن في الفاشر أطفالًا يموتون لأنهم لم يجدوا ماءً ولا خبزًا ولا حضنًا.
اللهم اشهد،
أنّ السودان يُنزف أمام أعيننا،
وأنّنا لم نصمت خوفًا، بل قهرًا.
اللهم اشهد، أننا نحملها في قلوبنا وإن عجزت أيدينا عن حملها.
اللهم كن في عونهم،
فقد خذلهم القريب قبل البعيد.
السودان لا يستحق هذا الموت.
بلاد الطيبة والكرم،
بلاد النيل والذهب،
بلاد الجدود الذين ماتوا واقفين…
ستموت الآن؟
لا.
لن تموت، ما دام فينا قلبٌ ينبض لأجلها، وما دامت الكلمات لم تُكسر بعد.
> اللهم ارحم السودان،
وامسح على قلوب أهلها،
وانزع عن أرضها يد الطغاة والمأجورين.
"عزيزي القارئ صوتك أمانة… فلا تصمت."
#إنقذو_الفاشر
#محمد_ياسر
🌍🇸🇩 مبادرة «وطن ما بينقسم» 🇸🇩
✊ صوت المظلوم... ما بنسكت
في زمن الألم والدم، ووسط صمت العالم، قرّر شباب السودان يقولوا كلمتهم:
«وطن ما بينقسم»
مبادرة شبابية مستقلة خرجت من رحم المعاناة، لتكون صوت الفاشر وكل المدن الموجوعة.
نحن ما بنمثل جهة... بنمثل الناس — المقهورين، المغتصبين، المفقودين، والمشرّدين.
🇸🇩 مهمتنا:
• إيصال صوت المواطن المظلوم في الفاشر وكل ربوع السودان.
• توثيق الانتهاكات بدقة وشجاعة، ومطالبة المجتمع الدولي بالعدالة والمحاسبة.
• نشر الوعي بحقوق الإنسان وثقافة السلام والتعايش.
• الوقوف بجانب الضحايا إنسانيًا وإعلاميًا — دون خوف ولا تردد.
🇸🇩 رؤيتنا:
وطن واحد ما بينقسم.
وطن العدالة، الكرامة، والسلام —
الناس فيهو عايشين دون خوف، دون دم، دون ظلم.
🇸🇩 قيمنا:
❤️ الإنسانية أولًا
🕊️ الصدق والتوثيق الدقيق
🤝 التكاتف والتضامن
⚖️ العدالة والسلام للجميع
🇸🇩 شنو بنعمل:
• كتابة ونشر تقارير ومقالات توعوية وتحقيقية.
• جمع شهادات وحقائق ميدانية مع احترام خصوصية الشهود والضحايا.
• تنظيم حملات تضامن إلكترونية وميدانية.
• التعاون مع منظمات حقوقية محلية ودولية لكشف الحقيقة.
🇸🇩 شعارنا:
> ✊ "صوت المظلومين ما بصمت"
💔 "وطن واحد، قلب واحد، وجع واحد"
⚖️ "وطن ما بينقسم — العدالة لينا كلنا"
🗣️ انضم لينا... وشارك صوتك.
كل تغريدة، كل بوست، كل كلمة بتفرق.
السودان محتاج لينا كلنا — عشان وطننا ما بينقسم. 🇸🇩
📲 تابعنا على:
🔹 واتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Vb6tzCR8V0toegGMUN36
🔹 تليجرام:
https://www.tgoop.com/sudan1b
🔹 فيسبوك:
https://www.facebook.com/share/1X75K4jLHp/
🔹 رابط الانضمام للمبادرة:
https://chat.whatsapp.com/FCQCiMIhp7z3VgKohqFv3T?mode=wwt
#وطن_ما_بينقسم 🇸🇩
#صوت_الفاشر 🔊
#العدالة_للمظلوم ⚖️
#الفاشر_تنزف 💔
#لا_للتطهير_العرقي 🚫
#مع_الضحايا 🤝
#أنقذوا_الفاشر 🕊️
#السودان_ينادي 📣
#صوت_الإنسانية ❤️
#ما_بنسكت_عن_الحق ✊
✊ صوت المظلوم... ما بنسكت
في زمن الألم والدم، ووسط صمت العالم، قرّر شباب السودان يقولوا كلمتهم:
«وطن ما بينقسم»
مبادرة شبابية مستقلة خرجت من رحم المعاناة، لتكون صوت الفاشر وكل المدن الموجوعة.
نحن ما بنمثل جهة... بنمثل الناس — المقهورين، المغتصبين، المفقودين، والمشرّدين.
🇸🇩 مهمتنا:
• إيصال صوت المواطن المظلوم في الفاشر وكل ربوع السودان.
• توثيق الانتهاكات بدقة وشجاعة، ومطالبة المجتمع الدولي بالعدالة والمحاسبة.
• نشر الوعي بحقوق الإنسان وثقافة السلام والتعايش.
• الوقوف بجانب الضحايا إنسانيًا وإعلاميًا — دون خوف ولا تردد.
🇸🇩 رؤيتنا:
وطن واحد ما بينقسم.
وطن العدالة، الكرامة، والسلام —
الناس فيهو عايشين دون خوف، دون دم، دون ظلم.
🇸🇩 قيمنا:
❤️ الإنسانية أولًا
🕊️ الصدق والتوثيق الدقيق
🤝 التكاتف والتضامن
⚖️ العدالة والسلام للجميع
🇸🇩 شنو بنعمل:
• كتابة ونشر تقارير ومقالات توعوية وتحقيقية.
• جمع شهادات وحقائق ميدانية مع احترام خصوصية الشهود والضحايا.
• تنظيم حملات تضامن إلكترونية وميدانية.
• التعاون مع منظمات حقوقية محلية ودولية لكشف الحقيقة.
🇸🇩 شعارنا:
> ✊ "صوت المظلومين ما بصمت"
💔 "وطن واحد، قلب واحد، وجع واحد"
⚖️ "وطن ما بينقسم — العدالة لينا كلنا"
🗣️ انضم لينا... وشارك صوتك.
كل تغريدة، كل بوست، كل كلمة بتفرق.
السودان محتاج لينا كلنا — عشان وطننا ما بينقسم. 🇸🇩
📲 تابعنا على:
🔹 واتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Vb6tzCR8V0toegGMUN36
🔹 تليجرام:
https://www.tgoop.com/sudan1b
🔹 فيسبوك:
https://www.facebook.com/share/1X75K4jLHp/
🔹 رابط الانضمام للمبادرة:
https://chat.whatsapp.com/FCQCiMIhp7z3VgKohqFv3T?mode=wwt
#وطن_ما_بينقسم 🇸🇩
#صوت_الفاشر 🔊
#العدالة_للمظلوم ⚖️
#الفاشر_تنزف 💔
#لا_للتطهير_العرقي 🚫
#مع_الضحايا 🤝
#أنقذوا_الفاشر 🕊️
#السودان_ينادي 📣
#صوت_الإنسانية ❤️
#ما_بنسكت_عن_الحق ✊
WhatsApp.com
🇸🇩مبادرة وطن ما بينقسم🇸🇩 | WhatsApp Channel
🇸🇩مبادرة وطن ما بينقسم🇸🇩 WhatsApp Channel. نحن أبناء السودان 🇸🇩
نؤمن إنو الوطن ما بينقسم ✊
نؤمن إنو صوت المظلوم لازم يُسمع 🎙️
نؤمن بالعدالة، بالكرامة، وبالإنسانية قبل كل شيء ❤️
نحن جيل ما بخاف، وما بيسكت، وما بساوم على الحق ⚖️
#وطن_ما_بينقسم 🤝 #صوت_الإنسانية…
نؤمن إنو الوطن ما بينقسم ✊
نؤمن إنو صوت المظلوم لازم يُسمع 🎙️
نؤمن بالعدالة، بالكرامة، وبالإنسانية قبل كل شيء ❤️
نحن جيل ما بخاف، وما بيسكت، وما بساوم على الحق ⚖️
#وطن_ما_بينقسم 🤝 #صوت_الإنسانية…
❤2
Forwarded from بــِروحــــي فتـــۘ❀ـَٰـآہ𓆩💙𓆪 (HΜADA𓆩💙𓆪ッ)
روايه حورية
بقلم : محمد ياسر
الفصل الاول
قناه الروايه:
https://www.tgoop.com/Rouhhee
“ما قبل الفتحة الأولى للظلام”
كان يوسف يشبه الخرطوم في هدوئه الصباحي.
مدينة تبدأ يومها ببطء… كأنها تعتذر عن الليل.
ويوسف كذلك—شابٌ لا يحب الضجيج، ولا يخطط لثورات، ولا يطلب من الحياة إلا أن تمشي بخط مستقيم، بلا زوايا حادة.
كان يستيقظ قبل الفجر بدقائق، يمدّ يده نحو هاتفه ويتأكد من الوقت، ثم ينهض متثاقلًا كمن يحمل على كتفيه نصف ليل العالم.
يغسل وجهه بماءٍ بارد، ويستمع إلى خريره كأنه نشيد صغير يعيده لهدوئه القديم.
ثم يقف للصلاة… هادئًا، مطمئنًا، خاشعًا كما يحب.
لم يكن “متدينًا مثاليًا”، لكنه كان يعرف أن الصلاة هي الشيء الوحيد البينقذه لما باقي الحياة تتخلى عنه.
كان يسجد… فيبرد صدره، ويرفع رأسه… فيرجع له بعض الهواء.
بعد الصلاة يعود إلى غرفته الصغيرة.
سرير على يمين الباب، مكتبة خشبية عتيقة على اليسار، ورائحة بخور علّقتها أمّه في الجدران قبل أن تذهب للعمل.
كانت أمه معلّمة… تعرف كيف تزرع الدفء في البيت حتى لما تسكت.
وأبوه محامٍ هادئ، صوته عالي في المحكمة، لكنه يمشي في البيت على أطراف أصابعه حتى لا يوقظ “عائشة”… الصغيرة التي تركض نحوه كل يوم لحظة يرجع من العمل، كأنه بطل خارق عاد من معركة.
اختار يوسف قميصًا مكويًا نصف كيّ، وخرج.
فتح باب سيارته القديمة—التي كانت تصدر صوتًا يشبه:
“تنهيده ، كانها تشتكي منه، كأنك تقول الفيني كملت ما عندي حيل لمشوار واحد ؟”
ثم أدار المفتاح، فاهتزّ المحرك قليلًا قبل أن يستسلم للعمل.
كان يسميها “الصابرة”، لأنها الوحيدة التي لم تخذله في سبع سنوات.
الطريق
الشمس كانت تتسلل من بين المباني، والنسيم الخفيف يلامس وجهه كأنه يربّت عليه.
لكن يوسف لم يشعر بالراحة.
كان الإحساس الثقيل الذي بدأ قبل أسبوع لا يزال يرافقه:
شيء يأتيه ليلًا…
يجلس معه…
ويهمس في أذنه بصوت لا يشبه أصوات البشر ولا الشيطان ، صوت في دماغه ، زحام من الأفكار بدون نهايه...
رنّ الهاتف.
ظهر اسمها:
سارة.
ممرضة… طيبة… لطيفة… أكتر زولة بتعرف كيف تهدّيهو ..
يوسف – «صباح الخير يا سارة.»
ساره – «صباح النور… صحيت بدري؟»
يوسف – «كالعادة. صليت ومشيت.»
ساره – «الحمد لله… واها دعيت لي؟ .»
يوسف– «اكيد يا ساره اكيد.. ثم تنهد»
ساره – «يوسف… إنت كويس؟ صوتك اليوم غريب.»
ساره – «راسي يا ساره راسي ..حلم صاحاني… ما كان مريح.»
ساره – «عن شنو؟»
يوسف – «باب… وصوت… وضباب…»
ساره– «يوسف… أنت قلت قبل كده إنو الليل بقي صعب عليك. في شنو بالضبط»
يوسف – «لكن الليلة… كانت أصعب.صدقيني ايام وحتعدي ، أها أحكي لي الحاصل عليك شنو؟؟»
سكتت قليلًا ثم قالت:
– «أها… عندي كلام مهم. لما تجي المستشفى بعد الشغل… هتكلم معاك.»
يوسف – «موضوع شنو؟»
ساره – «مهم… بس ما تخاف.»
يوسف – «ممكن أتاخر …»
ساره – «ياخ تعال بس…»
في المكتب
وصل يوسف لدوامه.
المكيف شغال بنص طاقتك، والورق فوق الطاولات كأنه ينتظر شخص يعتذر منه .
قبل أن يجلس، سمع صوت صديقه أحمد:
– «يا يوسف! الصابرة جابتك ولا لزيتها؟؟ ؟»
يوسف – «جابتني… وجابت أخبار ما لطيفة.»
احمد – «ياخي العربية دي لو عندها لسان كانت اشتكتك للمرور.»
يوسف – «ولو عندها لسان… كانت قالت ليك ارحمنا وخلينا في حالنا»
ضحكا.
احمد – «سارة اتصلت؟»
يوسف – «اتصلت.»
احمد– « كانت بتتكلم معاي شكلها دايرة تتكلم عن موضوع الخطوبة.»
يوسف – «أنا داير أستقر… ألتزم… أصلّي… أعيش مع زولة تشبهني. وسارة هي الوحيدة البتفهمني.»
احمد – «خلاص… أمش ليها بعد الشغل وشوف البحصل شنو.»
يوسف – « راسي عايز يطق ، كل يوم بقيت بحلم بس الليلة… الحلم كان غير.»
احمد – «كيف؟»
يوسف – «في صوت… قال لي: "ما تنوم بدري الليلة".»
احمد – «مجرد كابوس.»
يوسف – «لكن الصوت… كان جوه دماغي حاسس بيهو جوه.»
عدد
سكت أحمد…
هز رأسه بخفة…
وقال:
– «يوسف… إنت لازم ترتاح. القلق دا ما طبيعي.»
---
تصدعات الخوف
مر اليوم ببطء.
كل ورقة يلمسها تُذكّره بالباب الأسود.
كل صوت في المكتب يعيد تلك الجملة:
“ما تنوم بدري الليلة…”
مع نهاية الدوام خرج يوسف.
ركب الصابرة…
لكن ما أن نظر للمرآة الخلفية حتى رأى ظلًا يمرّ بسرعة—بلا ملامح… بلا وجه.
صرخ:
– «يا ساتر!!»
تعرقت يداه.
قلبه ضرب بقوة.
ذكر فورًا اسمًا واحدًا:
الدكتور علاء.
طبيب نفسي… يعرفه منذ سنة… لما مرّ يوسف بقلق شديد.
ضغط على دواسة البنزين، واتجه مباشرة نحو المستشفى النفسي.
---
المستشفى النفسي
الممرات كانت تشبه كتبًا قديمة انسكب عليها الضوء.
وجوه المرضى ليست مخيفة… بل موجوعة.
ناس جالسين في صمت—كل واحد ماسك بجرح داخلي ما عنده شكل.
في الزوايا، أصوات خطوات… همس… وبكاء مكتوم.
هنا… يعرف الإنسان أن أكثر الناس ابتسامًا
هم أكثرهم ألمًا.
بقلم : محمد ياسر
الفصل الاول
قناه الروايه:
https://www.tgoop.com/Rouhhee
“ما قبل الفتحة الأولى للظلام”
كان يوسف يشبه الخرطوم في هدوئه الصباحي.
مدينة تبدأ يومها ببطء… كأنها تعتذر عن الليل.
ويوسف كذلك—شابٌ لا يحب الضجيج، ولا يخطط لثورات، ولا يطلب من الحياة إلا أن تمشي بخط مستقيم، بلا زوايا حادة.
كان يستيقظ قبل الفجر بدقائق، يمدّ يده نحو هاتفه ويتأكد من الوقت، ثم ينهض متثاقلًا كمن يحمل على كتفيه نصف ليل العالم.
يغسل وجهه بماءٍ بارد، ويستمع إلى خريره كأنه نشيد صغير يعيده لهدوئه القديم.
ثم يقف للصلاة… هادئًا، مطمئنًا، خاشعًا كما يحب.
لم يكن “متدينًا مثاليًا”، لكنه كان يعرف أن الصلاة هي الشيء الوحيد البينقذه لما باقي الحياة تتخلى عنه.
كان يسجد… فيبرد صدره، ويرفع رأسه… فيرجع له بعض الهواء.
بعد الصلاة يعود إلى غرفته الصغيرة.
سرير على يمين الباب، مكتبة خشبية عتيقة على اليسار، ورائحة بخور علّقتها أمّه في الجدران قبل أن تذهب للعمل.
كانت أمه معلّمة… تعرف كيف تزرع الدفء في البيت حتى لما تسكت.
وأبوه محامٍ هادئ، صوته عالي في المحكمة، لكنه يمشي في البيت على أطراف أصابعه حتى لا يوقظ “عائشة”… الصغيرة التي تركض نحوه كل يوم لحظة يرجع من العمل، كأنه بطل خارق عاد من معركة.
اختار يوسف قميصًا مكويًا نصف كيّ، وخرج.
فتح باب سيارته القديمة—التي كانت تصدر صوتًا يشبه:
“تنهيده ، كانها تشتكي منه، كأنك تقول الفيني كملت ما عندي حيل لمشوار واحد ؟”
ثم أدار المفتاح، فاهتزّ المحرك قليلًا قبل أن يستسلم للعمل.
كان يسميها “الصابرة”، لأنها الوحيدة التي لم تخذله في سبع سنوات.
الطريق
الشمس كانت تتسلل من بين المباني، والنسيم الخفيف يلامس وجهه كأنه يربّت عليه.
لكن يوسف لم يشعر بالراحة.
كان الإحساس الثقيل الذي بدأ قبل أسبوع لا يزال يرافقه:
شيء يأتيه ليلًا…
يجلس معه…
ويهمس في أذنه بصوت لا يشبه أصوات البشر ولا الشيطان ، صوت في دماغه ، زحام من الأفكار بدون نهايه...
رنّ الهاتف.
ظهر اسمها:
سارة.
ممرضة… طيبة… لطيفة… أكتر زولة بتعرف كيف تهدّيهو ..
يوسف – «صباح الخير يا سارة.»
ساره – «صباح النور… صحيت بدري؟»
يوسف – «كالعادة. صليت ومشيت.»
ساره – «الحمد لله… واها دعيت لي؟ .»
يوسف– «اكيد يا ساره اكيد.. ثم تنهد»
ساره – «يوسف… إنت كويس؟ صوتك اليوم غريب.»
ساره – «راسي يا ساره راسي ..حلم صاحاني… ما كان مريح.»
ساره – «عن شنو؟»
يوسف – «باب… وصوت… وضباب…»
ساره– «يوسف… أنت قلت قبل كده إنو الليل بقي صعب عليك. في شنو بالضبط»
يوسف – «لكن الليلة… كانت أصعب.صدقيني ايام وحتعدي ، أها أحكي لي الحاصل عليك شنو؟؟»
سكتت قليلًا ثم قالت:
– «أها… عندي كلام مهم. لما تجي المستشفى بعد الشغل… هتكلم معاك.»
يوسف – «موضوع شنو؟»
ساره – «مهم… بس ما تخاف.»
يوسف – «ممكن أتاخر …»
ساره – «ياخ تعال بس…»
في المكتب
وصل يوسف لدوامه.
المكيف شغال بنص طاقتك، والورق فوق الطاولات كأنه ينتظر شخص يعتذر منه .
قبل أن يجلس، سمع صوت صديقه أحمد:
– «يا يوسف! الصابرة جابتك ولا لزيتها؟؟ ؟»
يوسف – «جابتني… وجابت أخبار ما لطيفة.»
احمد – «ياخي العربية دي لو عندها لسان كانت اشتكتك للمرور.»
يوسف – «ولو عندها لسان… كانت قالت ليك ارحمنا وخلينا في حالنا»
ضحكا.
احمد – «سارة اتصلت؟»
يوسف – «اتصلت.»
احمد– « كانت بتتكلم معاي شكلها دايرة تتكلم عن موضوع الخطوبة.»
يوسف – «أنا داير أستقر… ألتزم… أصلّي… أعيش مع زولة تشبهني. وسارة هي الوحيدة البتفهمني.»
احمد – «خلاص… أمش ليها بعد الشغل وشوف البحصل شنو.»
يوسف – « راسي عايز يطق ، كل يوم بقيت بحلم بس الليلة… الحلم كان غير.»
احمد – «كيف؟»
يوسف – «في صوت… قال لي: "ما تنوم بدري الليلة".»
احمد – «مجرد كابوس.»
يوسف – «لكن الصوت… كان جوه دماغي حاسس بيهو جوه.»
عدد
سكت أحمد…
هز رأسه بخفة…
وقال:
– «يوسف… إنت لازم ترتاح. القلق دا ما طبيعي.»
---
تصدعات الخوف
مر اليوم ببطء.
كل ورقة يلمسها تُذكّره بالباب الأسود.
كل صوت في المكتب يعيد تلك الجملة:
“ما تنوم بدري الليلة…”
مع نهاية الدوام خرج يوسف.
ركب الصابرة…
لكن ما أن نظر للمرآة الخلفية حتى رأى ظلًا يمرّ بسرعة—بلا ملامح… بلا وجه.
صرخ:
– «يا ساتر!!»
تعرقت يداه.
قلبه ضرب بقوة.
ذكر فورًا اسمًا واحدًا:
الدكتور علاء.
طبيب نفسي… يعرفه منذ سنة… لما مرّ يوسف بقلق شديد.
ضغط على دواسة البنزين، واتجه مباشرة نحو المستشفى النفسي.
---
المستشفى النفسي
الممرات كانت تشبه كتبًا قديمة انسكب عليها الضوء.
وجوه المرضى ليست مخيفة… بل موجوعة.
ناس جالسين في صمت—كل واحد ماسك بجرح داخلي ما عنده شكل.
في الزوايا، أصوات خطوات… همس… وبكاء مكتوم.
هنا… يعرف الإنسان أن أكثر الناس ابتسامًا
هم أكثرهم ألمًا.
❤1
Forwarded from بــِروحــــي فتـــۘ❀ـَٰـآہ𓆩💙𓆪 (HΜADA𓆩💙𓆪ッ)
خاطرة قصيرة:
المريض النفسي ليس ضعيفًا…
إنه شخص انهزم وحده، ثم جمع نفسه وحده،
وذهب للطبيب وحده،
ليقول بأدب: «ساعدوني… قبل ما أسقط.»
والطبيب النفسي ليس ساحرًا…
هو صديق يُعيد ترتيب الفوضى،
ويقول لك: «ما عيب تبكي… العيب تتظاهر بالقوة لحدّ ما تقع.»
دخل يوسف على الدكتور علاء.
رفع الطبيب رأسه وقال بابتسامة:
– «ليه ملامح الخوف دي كلها ؟ اتفضل اجلس يا ابني .»
يوسف – «دكتور… أنا شفت حاجة… ما طبيعية.»
– «اقعد… واحكي.»
يوسف – «ظل… ظهر قدامي… في المراية… وأنا صاحي.»
– «هل كنت مرهق؟»
يوسف – «مرهق… وخايف… راسي ما بيهدا كلو افكار »
– «يوسف… الخوف لمن يزيد… بخلي الخيال حقيقي. لكن دا ما معناهو إنك مجنون.»
يوسف – «أنا… ما داير أكون نسخة مرعبة من نفسي حاسس انو دا م انا »
– «أمشي البيت هسي ، وتعال لي بكره أخد ليك منوم عشان تقدر تنوم ، وسجل رقمك هنا حاتواصل معاك عشان مواعيد المقابله.»
خرج يوسف… وقلبه أخف قليلًا.
اتصل بسارة، فقالت له:
– «ما قدرت أستناك… أنا في مقهى قريب من المستشفى… تعال.»
---
المقهى
كانت سارة تجلس قرب النافذة..
كانت ترتدي عباءة بسيطة، وطرحة بلون الورد الهادئ.
وجهها صادق… ومليان طيبة… كانها خلقت من أجل الحب..
يوسف مغرم بها… يسميها طوق النجاه
هي كانت صديقته لسنين…
ضحكوا مع بعض… بكوا… وقفوا جنب بعض…
إلى أن انقلبت الصداقة—بهدوء—لحُب لا يعلَن بسهولة.
جلس أمامها.
ابتسمت وقالت:
– «مالك؟ شكلك مرهق.»
يوسف – «ما نمت كويس.»
ساره – «لسه الاحلام بتجي »
– «بصوره متكرره يا ساره ، الاحلام دي لو كانت انتي كان حيكون اهون..»
ضحكت وهي تخفض عينيها.
سكتت لحظة… ثم قالت كلامًا لم يكن ينتظره:
– «يوسف… في موضوع مهم.»
– «خير؟»
– «جاني عريس…»
تجمد قلبه.
– «و…؟»
– «العريس دا… متعلق بي شديد. وأهلي… ما عايزين يرفضوه.»
– «سارة…»
– «لكن…»
رفعت عينيها نحوه بثبات:
– «أنا ما عايزة… غيرك إنت.»
– «ما بقدر أعيش بدونك. وإنت عارف الكلام دا.»
– «سارة…»
– «لازم نعمل خطوة جدّية. قبل الأمور تكبر.»
كانت تنظر إليه بنظرة فيها خوف… وحب… ورجاء.
نظرة زولة مستعدة تقاتل الدنيا… بس ما تخسر يوسف.
وهنا…
بدأ الليل الحقيقي
يُفتح بابه الأول...💙
يتبع
@HmadaChan
المريض النفسي ليس ضعيفًا…
إنه شخص انهزم وحده، ثم جمع نفسه وحده،
وذهب للطبيب وحده،
ليقول بأدب: «ساعدوني… قبل ما أسقط.»
والطبيب النفسي ليس ساحرًا…
هو صديق يُعيد ترتيب الفوضى،
ويقول لك: «ما عيب تبكي… العيب تتظاهر بالقوة لحدّ ما تقع.»
دخل يوسف على الدكتور علاء.
رفع الطبيب رأسه وقال بابتسامة:
– «ليه ملامح الخوف دي كلها ؟ اتفضل اجلس يا ابني .»
يوسف – «دكتور… أنا شفت حاجة… ما طبيعية.»
– «اقعد… واحكي.»
يوسف – «ظل… ظهر قدامي… في المراية… وأنا صاحي.»
– «هل كنت مرهق؟»
يوسف – «مرهق… وخايف… راسي ما بيهدا كلو افكار »
– «يوسف… الخوف لمن يزيد… بخلي الخيال حقيقي. لكن دا ما معناهو إنك مجنون.»
يوسف – «أنا… ما داير أكون نسخة مرعبة من نفسي حاسس انو دا م انا »
– «أمشي البيت هسي ، وتعال لي بكره أخد ليك منوم عشان تقدر تنوم ، وسجل رقمك هنا حاتواصل معاك عشان مواعيد المقابله.»
خرج يوسف… وقلبه أخف قليلًا.
اتصل بسارة، فقالت له:
– «ما قدرت أستناك… أنا في مقهى قريب من المستشفى… تعال.»
---
المقهى
كانت سارة تجلس قرب النافذة..
كانت ترتدي عباءة بسيطة، وطرحة بلون الورد الهادئ.
وجهها صادق… ومليان طيبة… كانها خلقت من أجل الحب..
يوسف مغرم بها… يسميها طوق النجاه
هي كانت صديقته لسنين…
ضحكوا مع بعض… بكوا… وقفوا جنب بعض…
إلى أن انقلبت الصداقة—بهدوء—لحُب لا يعلَن بسهولة.
جلس أمامها.
ابتسمت وقالت:
– «مالك؟ شكلك مرهق.»
يوسف – «ما نمت كويس.»
ساره – «لسه الاحلام بتجي »
– «بصوره متكرره يا ساره ، الاحلام دي لو كانت انتي كان حيكون اهون..»
ضحكت وهي تخفض عينيها.
سكتت لحظة… ثم قالت كلامًا لم يكن ينتظره:
– «يوسف… في موضوع مهم.»
– «خير؟»
– «جاني عريس…»
تجمد قلبه.
– «و…؟»
– «العريس دا… متعلق بي شديد. وأهلي… ما عايزين يرفضوه.»
– «سارة…»
– «لكن…»
رفعت عينيها نحوه بثبات:
– «أنا ما عايزة… غيرك إنت.»
– «ما بقدر أعيش بدونك. وإنت عارف الكلام دا.»
– «سارة…»
– «لازم نعمل خطوة جدّية. قبل الأمور تكبر.»
كانت تنظر إليه بنظرة فيها خوف… وحب… ورجاء.
نظرة زولة مستعدة تقاتل الدنيا… بس ما تخسر يوسف.
وهنا…
بدأ الليل الحقيقي
يُفتح بابه الأول...💙
يتبع
@HmadaChan
🔥1
رواية حورية
بقلم : محمد ياسر
الفصل الثاني
قناه الرواية:
https://www.tgoop.com/Rouhhee
"السقوط الأول… حين يبدأ الليل في تذكُّر اسمه"
كان الليل تلك الليلة ثقيلًا…
ثقيلاً لدرجة تشبه يدًا فوق صدر نائمٍ، تمنعه من التنفّس.
يوسف ألقى جسده على السرير بعد يومٍ طويل، لكن النوم لم يأتي كراحة…
جا كضيفٍ متوحّش، فتح الباب بدون استئذان.
وما إن غفا…
حتى شعر كأن الظلام ليس حوله—
بل داخله.
الجبل
وجد نفسه واقفًا على قمة جبلٍ لا يُرى آخره.
ريح باردة تضرب وجهه… باردة لدرجة تشبه أصابع ميّت ينفض عنها تراب المقابر.
تحت قدميه…
هاوية سوداء، لا قاع لها.
ثم…
شيء يقترب من خلفه.
شيء يلمسه أولًا بخفّة…
ثم بقسوة…
ثم يدفعه بقوةٍ لا تشبه البشر.
حاول يتمسّك بحافة الجبل،
لكن الصخور كانت تنسحب من بين أصابعه كأنها حيّة…
كأن الجبل يرفضه.
صرخ:
– «في منو؟!»
بدون رد
وفجأة…
سقط.
السقوط كان بطيئًا… مرعبًا…
بطيئًا لدرجة يسمع فيها قلبه وهو ينفصل عنه.
ثم توقّف.
لم يسقط على الأرض…
بل سقط في حضن امرأة.
امرأة بلا ملامح.
وجهها ضباب،
شعرها طويل، مبلّل، كأنها خرجت من البحر قبل دقيقة.
لكن رائحتها…
كانت رائحة الموت تماما.
شدّته لصدرها…
أصابعها السوداء انغرست في ضلوعه.
سمع طَق.
ثم أخرى.
ضلوعه تنكسر.
ثم صرخ…
وفجأة…
استيقظ...
نهض على رنين جوّاله.
صدره يوجعه… كأن الكسر كان حقيقي.
نظر الشاشة:
الدكتور علاء.
– «ألو…»
– «يوسف؟ صباح الخير اتصلت عليك عشان اذكرك لازم تلاقيني الليله للمقابله»
– « يا دكتور تاني في حلم… كان حقيقي يا دكتور. حسّيت نفسي بموت.»
– « كدي اهدا وتعال العيادة اليوم… ضروري.»
– «حاضر.»
اغلق الهاتف، ويداها لا إراديا اتصلتا بطوق نجاته...
رفع هاتفه واتصل بسارة.
ردّت بنبرة تعب:
– «ألو… صباح الخير يا يوسف.»
– «سارة… الحلم الكان…»
قاطعته وهي تزفر:
– «الله يهديك يا يوسف… ما تبدأ اليوم شنو كل شويه حلمت. المهم، موضوع العريس… ناوي تتقدم متين؟ أهلي دايرين رد.»
سكت لحظة.
ثم انفجر…
– «دا كل همّك؟!
يا سارة دا كل همّك؟!
أنا بقول ليك بحلم بحاجات بتكسر ضلوعي…
وانتي تقولي عريس؟!»
– «يوسف… إنت مالك؟»
– «أعمل شنو؟!
راتبي يادوب مكفيني… وانتي عارفة!
أنا بقول ليك أنا بخاف… وأنا بتكسر من جوّا…
وانتي… ولا همّك!»
شهقت:
– «إنت بتصرخ لي شنو؟!»
– «عشان أنا ضايع… وأنا ما قادر أرتّب نفسي. بس.»
وقفل الخط.
وظل واقفًا…
احس إن هنالك شئ انكسر… لا يعرف قلبه ام قلب ساره...
تحرك يوسف الى الدوام يوسف كأن الليل ترك على روحه طبقة من الرماد.
لم يكن حيًّا تمامًا… ولا غائبًا تمامًا.
كان شيئًا شفافًا، يعبر الهواء بلا صوت.
الدوام
صعد الدرج ببطء.
العالم حوله بلا ألوان…
أبيض وأسود… كأن الحياة فقدت الحبر الذي تُكتب به.
كان يسمع أصواتًا بعيدة… كأن أحدهم يناديه من آخر نفق.
ولم يرد.
جلس أمام مكتبه. وضع يديه على لوحة المفاتيح…
لكن أصابعه لم تعترف بالأرقام.
كان يكتب… ثم يمحو… ثم يحدّق في شاشة لا يفهمها.
أحمد، ، حاول أن يوقظه من الغيبوبة:
– «يوووسف… ياخي انت كويس؟»
لم يلتفت.
– «يا زول… أنا بتكلم معاك.»
يوسف حرّك رأسه قليلًا، لكنه ظل صامتًا…
كأن صوته مكسور في مكانٍ ما.
– «إنت الليله مالك في شي حاصل بينك وبين ساره .»
لم يجب.
تركة أحمد بحسرة، ومشى نحو مكتب المدير.
مكتب خالد – المدير المباشر
خالد كان رجلاً صريحًا، عمليًا، لا يحب الدوران.
نظر إلى يوسف من وراء المكتب، تأمّل وجهه الباهت، وطلب منه الجلوس.
– «يوسف…»
رفع يوسف رأسه ببطء.
– «تعال نتكلم بصراحة… الحسابات ال دخلتها أمس كانت كلها غلط.»
ظل يوسف ينظر إلى الطاولة… كأنه يراها لأول مرة.
– «أنا ما بلومك… أنا بس داير أعرف: شنو الحاصل؟»
يوسف بصوت خافت، متكسّر:
– «يا خالد… ما عارف…»
– «أنا مديرك… لكن قبل كدا أنا بني آدم، وبعرف التعب لمن يهد زول.
أنت الأيام دي… ضايع يا يوسف. ضايع شديد.»
تنفّس يوسف بعمق… وحاول أن يجمع شتات جملة واحدة:
– «ما بقدر… أركز… رأسي مليان… أصوات… وأفكار… وخوف…»
خالد انحنى للأمام، تحدث بنبرة فيها قسوة… وفيها رحمة:
– «يا ابني… ما في زول بيقوى براهو
الضعف ما عيب… العيب إنك تغلط وتغلط بدون ما تراجع غلطك.»
ارتجفت يد يوسف قليلًا.
لم يكن يبكي… لكن عينيه كأنهما تحملان موسمًا كاملًا من المطر الممنوع.
– «أمشي البيت… ارتاح. ما داير منك شغل اليوم.
وبكرة… تجيني بعد ما ترتّب نفسك.
أوعك تخلي روحك تقع قدّامي يا يوسف… أنا شايفك بتنهار.»
وقف يوسف.
تأمّل الأرض… ثم قال ببطء:
– «شكراً…»
– «ما بينا شكر … شوف نفسك أول.
الدوام ما بخلص… بس صدقني روح الانسان ممكن تخلص انتبه علي نفسك يا يوسف انت غالي علي شديد »
خرج يوسف من المكتب…
والعالم ما زال أبيض وأسود.
والخوف ما زال يهمس في أذنه كظلٍّ يحاول أن يعيش معه.
بقلم : محمد ياسر
الفصل الثاني
قناه الرواية:
https://www.tgoop.com/Rouhhee
"السقوط الأول… حين يبدأ الليل في تذكُّر اسمه"
كان الليل تلك الليلة ثقيلًا…
ثقيلاً لدرجة تشبه يدًا فوق صدر نائمٍ، تمنعه من التنفّس.
يوسف ألقى جسده على السرير بعد يومٍ طويل، لكن النوم لم يأتي كراحة…
جا كضيفٍ متوحّش، فتح الباب بدون استئذان.
وما إن غفا…
حتى شعر كأن الظلام ليس حوله—
بل داخله.
الجبل
وجد نفسه واقفًا على قمة جبلٍ لا يُرى آخره.
ريح باردة تضرب وجهه… باردة لدرجة تشبه أصابع ميّت ينفض عنها تراب المقابر.
تحت قدميه…
هاوية سوداء، لا قاع لها.
ثم…
شيء يقترب من خلفه.
شيء يلمسه أولًا بخفّة…
ثم بقسوة…
ثم يدفعه بقوةٍ لا تشبه البشر.
حاول يتمسّك بحافة الجبل،
لكن الصخور كانت تنسحب من بين أصابعه كأنها حيّة…
كأن الجبل يرفضه.
صرخ:
– «في منو؟!»
بدون رد
وفجأة…
سقط.
السقوط كان بطيئًا… مرعبًا…
بطيئًا لدرجة يسمع فيها قلبه وهو ينفصل عنه.
ثم توقّف.
لم يسقط على الأرض…
بل سقط في حضن امرأة.
امرأة بلا ملامح.
وجهها ضباب،
شعرها طويل، مبلّل، كأنها خرجت من البحر قبل دقيقة.
لكن رائحتها…
كانت رائحة الموت تماما.
شدّته لصدرها…
أصابعها السوداء انغرست في ضلوعه.
سمع طَق.
ثم أخرى.
ضلوعه تنكسر.
ثم صرخ…
وفجأة…
استيقظ...
نهض على رنين جوّاله.
صدره يوجعه… كأن الكسر كان حقيقي.
نظر الشاشة:
الدكتور علاء.
– «ألو…»
– «يوسف؟ صباح الخير اتصلت عليك عشان اذكرك لازم تلاقيني الليله للمقابله»
– « يا دكتور تاني في حلم… كان حقيقي يا دكتور. حسّيت نفسي بموت.»
– « كدي اهدا وتعال العيادة اليوم… ضروري.»
– «حاضر.»
اغلق الهاتف، ويداها لا إراديا اتصلتا بطوق نجاته...
رفع هاتفه واتصل بسارة.
ردّت بنبرة تعب:
– «ألو… صباح الخير يا يوسف.»
– «سارة… الحلم الكان…»
قاطعته وهي تزفر:
– «الله يهديك يا يوسف… ما تبدأ اليوم شنو كل شويه حلمت. المهم، موضوع العريس… ناوي تتقدم متين؟ أهلي دايرين رد.»
سكت لحظة.
ثم انفجر…
– «دا كل همّك؟!
يا سارة دا كل همّك؟!
أنا بقول ليك بحلم بحاجات بتكسر ضلوعي…
وانتي تقولي عريس؟!»
– «يوسف… إنت مالك؟»
– «أعمل شنو؟!
راتبي يادوب مكفيني… وانتي عارفة!
أنا بقول ليك أنا بخاف… وأنا بتكسر من جوّا…
وانتي… ولا همّك!»
شهقت:
– «إنت بتصرخ لي شنو؟!»
– «عشان أنا ضايع… وأنا ما قادر أرتّب نفسي. بس.»
وقفل الخط.
وظل واقفًا…
احس إن هنالك شئ انكسر… لا يعرف قلبه ام قلب ساره...
تحرك يوسف الى الدوام يوسف كأن الليل ترك على روحه طبقة من الرماد.
لم يكن حيًّا تمامًا… ولا غائبًا تمامًا.
كان شيئًا شفافًا، يعبر الهواء بلا صوت.
الدوام
صعد الدرج ببطء.
العالم حوله بلا ألوان…
أبيض وأسود… كأن الحياة فقدت الحبر الذي تُكتب به.
كان يسمع أصواتًا بعيدة… كأن أحدهم يناديه من آخر نفق.
ولم يرد.
جلس أمام مكتبه. وضع يديه على لوحة المفاتيح…
لكن أصابعه لم تعترف بالأرقام.
كان يكتب… ثم يمحو… ثم يحدّق في شاشة لا يفهمها.
أحمد، ، حاول أن يوقظه من الغيبوبة:
– «يوووسف… ياخي انت كويس؟»
لم يلتفت.
– «يا زول… أنا بتكلم معاك.»
يوسف حرّك رأسه قليلًا، لكنه ظل صامتًا…
كأن صوته مكسور في مكانٍ ما.
– «إنت الليله مالك في شي حاصل بينك وبين ساره .»
لم يجب.
تركة أحمد بحسرة، ومشى نحو مكتب المدير.
مكتب خالد – المدير المباشر
خالد كان رجلاً صريحًا، عمليًا، لا يحب الدوران.
نظر إلى يوسف من وراء المكتب، تأمّل وجهه الباهت، وطلب منه الجلوس.
– «يوسف…»
رفع يوسف رأسه ببطء.
– «تعال نتكلم بصراحة… الحسابات ال دخلتها أمس كانت كلها غلط.»
ظل يوسف ينظر إلى الطاولة… كأنه يراها لأول مرة.
– «أنا ما بلومك… أنا بس داير أعرف: شنو الحاصل؟»
يوسف بصوت خافت، متكسّر:
– «يا خالد… ما عارف…»
– «أنا مديرك… لكن قبل كدا أنا بني آدم، وبعرف التعب لمن يهد زول.
أنت الأيام دي… ضايع يا يوسف. ضايع شديد.»
تنفّس يوسف بعمق… وحاول أن يجمع شتات جملة واحدة:
– «ما بقدر… أركز… رأسي مليان… أصوات… وأفكار… وخوف…»
خالد انحنى للأمام، تحدث بنبرة فيها قسوة… وفيها رحمة:
– «يا ابني… ما في زول بيقوى براهو
الضعف ما عيب… العيب إنك تغلط وتغلط بدون ما تراجع غلطك.»
ارتجفت يد يوسف قليلًا.
لم يكن يبكي… لكن عينيه كأنهما تحملان موسمًا كاملًا من المطر الممنوع.
– «أمشي البيت… ارتاح. ما داير منك شغل اليوم.
وبكرة… تجيني بعد ما ترتّب نفسك.
أوعك تخلي روحك تقع قدّامي يا يوسف… أنا شايفك بتنهار.»
وقف يوسف.
تأمّل الأرض… ثم قال ببطء:
– «شكراً…»
– «ما بينا شكر … شوف نفسك أول.
الدوام ما بخلص… بس صدقني روح الانسان ممكن تخلص انتبه علي نفسك يا يوسف انت غالي علي شديد »
خرج يوسف من المكتب…
والعالم ما زال أبيض وأسود.
والخوف ما زال يهمس في أذنه كظلٍّ يحاول أن يعيش معه.
لكن…
في مكانٍ بعيد من قلبه…
كان اسم سارة يلمع مثل نقطة نور صغيرة.
وكأنه الشيء الوحيد الملون…
في يومٍ بلا لون..
تحرك يوسف عبر الصابره الي دكتور علاء ، وكله امل لإنقاذه.
جلس أمام الدكتور علاء.
يده ترتجف.
علاء نظر له بثبات:
– «الحلم الأخير… حسّسك بشنو؟»
– «زي زول بيقع… وضلوعي بتتكسر… وكنت حاسس بالوجع.»
– «قبل ما تنوم… بتحس بالخوف؟»
يوسف – «قبل… وأثناء… وبعد.»
علاء – «عصبيتك؟»
يوسف – «زي نار… بتولّع بدون سبب.»
سكت يوسف فجأة…
ورفع رأسه…
وعينيه مليانات خوف.
– «دكتور…
قول لي…
أنا مجنون؟
فيّ شنو؟»
ابتسم علاء بهدوء:
– «المجنون ما بيسأل السؤال دا يا يوسف.
العقل المرهق ما جنون…
العقل المرهق دا نداء.
وإنت سمعت النداء… وجيت.
دا أول خط نجاة.»
يوسف مسح وجهه:
– «بس أنا خايف… خايف أنوم.»
علاء – «وخوفك ما غلط.
الغلط إنك تواجه براااك.
لكن أنا معاك هسي .»
علاء – «يوسف…
إنت مريت بصدمة؟
بحاجة ما بتنقال بسهولة؟
حاجة غيّرت مجرى حياتك؟
كسّرتك؟»
يوسف شهق نفس…
وبدت روحو كلها ترتعش…
يوسف – «مريت…
مريت بحاجة…
لكن…
في صدمة…
لو فتحت بابها…
ما ح أوقف بكا…
وما مستعد…
ما مستعد أسترجعها الآن.»
علاء ما حاول يسأل اكتر
ما حاول يسرّع اللحظة…
لأنه كان عارف إن الصدمات ما بتتفتح بسهوله..
علاء – «تمام يا يوسف.
إحنا ما بنفتح جروح قديمه
في ابواب صاحبها يكون جاهز قبل ما يدقها.
المقابلة الجاية…
خليها لمن تكون مستعد.
لمن تحس قلبك يقدر يشيل الحكاية.
وأنا…
أنا ح أكون هنا.
ينسمعها مع بعض…
ونرتّب الخراب اتفقنا؟ »
يوسف وقف…
جسمه تقيل…
والباب البيفتحه بيده كان أخف من الباب البيقفل جوّا روحو.
وهو طالع…
كان صدره لسه مكتوم…
لكن لأول مرة…
في شرارة صغيرة براّقة…
شرارة بتقول:
"ما لازم أحارب براي. "
خاطرة قصيرة:
كأنّ البحر خُلق للرجل الذي يُجيد الكتمان.
يهرب إليه لا لينجو… بل ليضع أوجاعه فيه
كمن يخبّئ سرًا في صدر صديقٍ أمين.
هناك، عند الحافة الزرقاء،
يستعيد الرجل جزءًا من نفسه،
ويتنفّس الحقيقة بلا شهود،
كأن الهروب—أحيانًا—أقرب طريق للثبات.
البحر… المكان الوحيد الممكن يتنفس فيه يوسف
يوسف ما بدخّن،
ما بشرب،
ما بيعرف طريق الانتشاء الصناعي.
انتشاءه الوحيد…
إنه يقيف قدّام البحر،
ويرفّع صدره،
ويخلّي الهواء يدخل لحد آخر الرئة.
البحر مكانه السري…
زر إعادة التشغيل…
المنفذ الوحيد الهارب منه ومن نفسه.
جلس على صخرته.
الموج يتكسّر تحته.
والهواء يملأ صدره كأنه دواء.
كان يوسف يسير كأنه مأخوذٌ بقوةٍ لا يفهمها…
الرغبة في دخول البحر لم تكن قرارًا، بل كانت إحساسًا طافحًا من داخله، إحساسٌ ضاغط يشبه نداءً قديمًا يعود ليطالب بحقّه.
وقف عند الحافة، نظر إلى الآفاق الواسعة كمن يحاول أن يقرأ شيئًا مكتوبًا على حافة الدنيا، ثم بدأ ينزل… خطوةً بعد خطوة…
خطوات بطيئة، هادئة، لكنها مُحمَّلة بثقل سنوات طويلة.
تنفّس بعمق.
كأن صدره يحاول أن يبتلع العالم قبل أن يطفو أو يغرق.
وفجأة—بلا سابق إنذار—انبثق صوت من العدم،
صوت لم يكن خارجيًا تمامًا… ولا داخليًا تمامًا…
صوتٌ خافت، بارد، ينفذ إلى العظم:
«أغرق… ما عندك أمل تعيش.»
وفي لحظة…
انطفأ كل شيء.
ظلام حالك.
ظلام يشبه حفرة بلا قاع…
ثم صمت طويل كأن الزمن نفسه حبس أنفاسه.
…
وفجأة صوت سيارة…
انفجار ضوء…
ارتجاج في الروح…
فتح يوسف عينيه ببطء،
وجد نفسه جالسًا داخل الصابرة أمام باب منزله.
ملابسه تلتصق بجسده، تنقط ماءً كأنه خرج من البحر في هذه اللحظة.
يداه ترتجفان.
أنفاسه متقطعة.
نظر إلى المقود، إلى الباب، إلى الطريق أمامه…
ولا شيء في ذاكرته يخبره:
متى قاد؟
كيف عاد؟
أين اللحظة التي حملته من قاع البحر إلى عتبة بيته؟
كل ما عرفه…
أن الليل أكبر منه،
وأن ثمة سرًّا ثقيلاً حدث…
ولا يزال يقطر من جسده كما يقطر ماء البحر الآن.
نزل يوسف من السيارة مترنّحًا،
كل خطوة يخطوها تترك خلفه أثر ماء…
كأنه لا يزال يخرج من البحر، لا من الشارع.
صعد الدرج ببطء،
ورأسه يعجُّ بأسئلةٍ لا يملك حتى شجاعة صياغتها:
كيف وصل؟ لماذا عاد؟ ماذا حدث؟ هل كان ذلك الصوت وهمًا… أم نداء؟
ضغط على الجرس.
فتحت أمه الباب—زينب، تلك التي تعرف وجع أولادها حتى قبل أن ينطقوا.
حدّقت فيه بدهشة حادّة، بنظرة أمّ ترى الشرّ قبل أن يُذكر.
قالت بصوت متوتر:
«يوسف… إنت كويس؟ مالك مبلول كدا؟ مشيت وين؟»
لكن يوسف لم يملك أي كلمة.
اقترب فقط…
ثم انهار في حضنها كطفل سُلبت منه كل الحيلة.
ارتمى بكل ثقله—ثقل الماء، ثقل الخوف، ثقل شيء لم يفهمه بعد—
وبكى… بكى بصوتٍ عالٍ كأنه يبكي للمرة الأولى في حياته.
أمه تحاول أن تلمس رأسه، أن تطمئنه، أن تسأله…
وهو لا يستطيع الرد.
كل ما يخرج منه:
نحيب رجلٍ رأى شيئًا لم يكن مستعدًا لرؤيته.
وهناك… عند عتبة البيت، في حضن أمّه،
لم يولد الخوف فقط،
بل وُلدت حكاية جديدة…
حكاية ظلامٍ بدأ يبتلع يوسف من تلك اللحظة،
ظلام لا يعرف أحد—ولا حتى هو—إلى أين سيقوده...
يتبع...
في مكانٍ بعيد من قلبه…
كان اسم سارة يلمع مثل نقطة نور صغيرة.
وكأنه الشيء الوحيد الملون…
في يومٍ بلا لون..
تحرك يوسف عبر الصابره الي دكتور علاء ، وكله امل لإنقاذه.
جلس أمام الدكتور علاء.
يده ترتجف.
علاء نظر له بثبات:
– «الحلم الأخير… حسّسك بشنو؟»
– «زي زول بيقع… وضلوعي بتتكسر… وكنت حاسس بالوجع.»
– «قبل ما تنوم… بتحس بالخوف؟»
يوسف – «قبل… وأثناء… وبعد.»
علاء – «عصبيتك؟»
يوسف – «زي نار… بتولّع بدون سبب.»
سكت يوسف فجأة…
ورفع رأسه…
وعينيه مليانات خوف.
– «دكتور…
قول لي…
أنا مجنون؟
فيّ شنو؟»
ابتسم علاء بهدوء:
– «المجنون ما بيسأل السؤال دا يا يوسف.
العقل المرهق ما جنون…
العقل المرهق دا نداء.
وإنت سمعت النداء… وجيت.
دا أول خط نجاة.»
يوسف مسح وجهه:
– «بس أنا خايف… خايف أنوم.»
علاء – «وخوفك ما غلط.
الغلط إنك تواجه براااك.
لكن أنا معاك هسي .»
علاء – «يوسف…
إنت مريت بصدمة؟
بحاجة ما بتنقال بسهولة؟
حاجة غيّرت مجرى حياتك؟
كسّرتك؟»
يوسف شهق نفس…
وبدت روحو كلها ترتعش…
يوسف – «مريت…
مريت بحاجة…
لكن…
في صدمة…
لو فتحت بابها…
ما ح أوقف بكا…
وما مستعد…
ما مستعد أسترجعها الآن.»
علاء ما حاول يسأل اكتر
ما حاول يسرّع اللحظة…
لأنه كان عارف إن الصدمات ما بتتفتح بسهوله..
علاء – «تمام يا يوسف.
إحنا ما بنفتح جروح قديمه
في ابواب صاحبها يكون جاهز قبل ما يدقها.
المقابلة الجاية…
خليها لمن تكون مستعد.
لمن تحس قلبك يقدر يشيل الحكاية.
وأنا…
أنا ح أكون هنا.
ينسمعها مع بعض…
ونرتّب الخراب اتفقنا؟ »
يوسف وقف…
جسمه تقيل…
والباب البيفتحه بيده كان أخف من الباب البيقفل جوّا روحو.
وهو طالع…
كان صدره لسه مكتوم…
لكن لأول مرة…
في شرارة صغيرة براّقة…
شرارة بتقول:
"ما لازم أحارب براي. "
خاطرة قصيرة:
كأنّ البحر خُلق للرجل الذي يُجيد الكتمان.
يهرب إليه لا لينجو… بل ليضع أوجاعه فيه
كمن يخبّئ سرًا في صدر صديقٍ أمين.
هناك، عند الحافة الزرقاء،
يستعيد الرجل جزءًا من نفسه،
ويتنفّس الحقيقة بلا شهود،
كأن الهروب—أحيانًا—أقرب طريق للثبات.
البحر… المكان الوحيد الممكن يتنفس فيه يوسف
يوسف ما بدخّن،
ما بشرب،
ما بيعرف طريق الانتشاء الصناعي.
انتشاءه الوحيد…
إنه يقيف قدّام البحر،
ويرفّع صدره،
ويخلّي الهواء يدخل لحد آخر الرئة.
البحر مكانه السري…
زر إعادة التشغيل…
المنفذ الوحيد الهارب منه ومن نفسه.
جلس على صخرته.
الموج يتكسّر تحته.
والهواء يملأ صدره كأنه دواء.
كان يوسف يسير كأنه مأخوذٌ بقوةٍ لا يفهمها…
الرغبة في دخول البحر لم تكن قرارًا، بل كانت إحساسًا طافحًا من داخله، إحساسٌ ضاغط يشبه نداءً قديمًا يعود ليطالب بحقّه.
وقف عند الحافة، نظر إلى الآفاق الواسعة كمن يحاول أن يقرأ شيئًا مكتوبًا على حافة الدنيا، ثم بدأ ينزل… خطوةً بعد خطوة…
خطوات بطيئة، هادئة، لكنها مُحمَّلة بثقل سنوات طويلة.
تنفّس بعمق.
كأن صدره يحاول أن يبتلع العالم قبل أن يطفو أو يغرق.
وفجأة—بلا سابق إنذار—انبثق صوت من العدم،
صوت لم يكن خارجيًا تمامًا… ولا داخليًا تمامًا…
صوتٌ خافت، بارد، ينفذ إلى العظم:
«أغرق… ما عندك أمل تعيش.»
وفي لحظة…
انطفأ كل شيء.
ظلام حالك.
ظلام يشبه حفرة بلا قاع…
ثم صمت طويل كأن الزمن نفسه حبس أنفاسه.
…
وفجأة صوت سيارة…
انفجار ضوء…
ارتجاج في الروح…
فتح يوسف عينيه ببطء،
وجد نفسه جالسًا داخل الصابرة أمام باب منزله.
ملابسه تلتصق بجسده، تنقط ماءً كأنه خرج من البحر في هذه اللحظة.
يداه ترتجفان.
أنفاسه متقطعة.
نظر إلى المقود، إلى الباب، إلى الطريق أمامه…
ولا شيء في ذاكرته يخبره:
متى قاد؟
كيف عاد؟
أين اللحظة التي حملته من قاع البحر إلى عتبة بيته؟
كل ما عرفه…
أن الليل أكبر منه،
وأن ثمة سرًّا ثقيلاً حدث…
ولا يزال يقطر من جسده كما يقطر ماء البحر الآن.
نزل يوسف من السيارة مترنّحًا،
كل خطوة يخطوها تترك خلفه أثر ماء…
كأنه لا يزال يخرج من البحر، لا من الشارع.
صعد الدرج ببطء،
ورأسه يعجُّ بأسئلةٍ لا يملك حتى شجاعة صياغتها:
كيف وصل؟ لماذا عاد؟ ماذا حدث؟ هل كان ذلك الصوت وهمًا… أم نداء؟
ضغط على الجرس.
فتحت أمه الباب—زينب، تلك التي تعرف وجع أولادها حتى قبل أن ينطقوا.
حدّقت فيه بدهشة حادّة، بنظرة أمّ ترى الشرّ قبل أن يُذكر.
قالت بصوت متوتر:
«يوسف… إنت كويس؟ مالك مبلول كدا؟ مشيت وين؟»
لكن يوسف لم يملك أي كلمة.
اقترب فقط…
ثم انهار في حضنها كطفل سُلبت منه كل الحيلة.
ارتمى بكل ثقله—ثقل الماء، ثقل الخوف، ثقل شيء لم يفهمه بعد—
وبكى… بكى بصوتٍ عالٍ كأنه يبكي للمرة الأولى في حياته.
أمه تحاول أن تلمس رأسه، أن تطمئنه، أن تسأله…
وهو لا يستطيع الرد.
كل ما يخرج منه:
نحيب رجلٍ رأى شيئًا لم يكن مستعدًا لرؤيته.
وهناك… عند عتبة البيت، في حضن أمّه،
لم يولد الخوف فقط،
بل وُلدت حكاية جديدة…
حكاية ظلامٍ بدأ يبتلع يوسف من تلك اللحظة،
ظلام لا يعرف أحد—ولا حتى هو—إلى أين سيقوده...
يتبع...
رواية : حورية
بقلم : محمد ياسر
الفصل الرابع
«يوم ميلاد… بلا شموع»
قناه الرواية:
https://www.tgoop.com/Rouhhee
كانت الذكريات أول أعداء الإنسان؛
تخرج عليه حين يطمئن،
وتلدغه حين يظن أنه نجا،
كأن الماضي ليس زمناً مضى…
بل روحًا تتسكع داخل القلب ولا تموت.
وكان يوسف يعرف هذا أكثر من غيره؛
فكل خسارة عاشها
بدأت دائمًا من تلك الغرفة الصغيرة في صدره…
حيث لا سبيل للهروب.
قبل 5 سنوات..
كان يوم ميلاده الثالث عشر من يناير،
كان القدر يهيّئ له ضربة قاسية
لم يكن مستعدًا لها مهما اشتدّ ظهره.
ثلاثة رجال يسافرون نحوه في اللحظة نفسها:
مارك من بريطانيا،
فرانك من مصر،
أيمن من مدينته البعيدة.
ثلاثتهم قرروا أن يعودوا في هذا اليوم،
أن يعيدوا الزمن خمسه عشره سنه للوراء،
أن يدخلوا بيته لحظة منتصف الليل
ويصرخوا: «كل عام وانت الخير !».
لكن يوسف…
لم يكن يتذكر ميلاده أصلًا.
هو لم يحتفل به يومًا،
ولا عرف له معنى،
ولا سعى إليه.
كان الناس يذكّرونه…
وهو لا يشعر.
أما والدته..
فكانت الوحيدة التي تعرف،
والوحيدة التي تحاول أن تخفي عنه الحقيقة هذا العام،
والوحيدة التي قلبها يرتجف كل دقيقة
وهي تتمنى أن تصل المفاجأة قبل أن يصل أي خبر آخر.
كانت تخرجه من البيت بحجج واهية:
– «أمشِ اشتري لي ملح.»
– «أمشِ شوف خالتك.»
– «تعال ودّيني السوق .»
لأن يوسف لو بقي دقيقة واحدة بالبيت…
كان سيعرف أن شيئًا كبيرًا يتحضّر له.
لكن الطريق…
لا يعطي ضمانات لأحد.
فلاش باك — «أولاد الحي»
قبل خمسه عشره سنه،
كان الحي يعرف ضحكة واحدة تتوزع على أربعة أولاد:
يوسف، مارك، فرانك، أيمن.
يوسف…
الهادئ الذي يلمّ شملهم.
مارك — محمد عبدالسلام —
لكن اسمه الحقيقي مات يوم قال له يوسف ضاحكًا:
«إنت بتحب الفيس بوك كأنك مديره مارك … من الليله اسمك مارك ومافي زول حيناديك غير كدا!»
فضحك الولد… وصار الاسم قدرًا.
فرانك — محمد أحمد —
ملامحه جعلت الحي يناديه بذلك بلا نقاش كان يشبه الممثل فرانك كثيرا..
أيمن…
الرجل الصغير الذي يعقلهم كلهم.
كانوا أربعة…
أكثر من إخوة… أقل من أن تُفسّر علاقتهم بالكلام.
يلعبون، يركضون، يعبرون الحي كأنه ملكهم،
يقفزون فوق أسوار الجيران،
يهربون من الحارس،
يضحكون حتى البكاء.
وحين تفرّقوا…
مارك إلى بريطانيا،
فرانك إلى مصر،
أيمن إلى مدينة أخرى…
بقي يوسف وحده يحمل ذكرياتهم كمن يحمل وطنًا كاملًا على كتفيه.
حتى اتفقوا أخيرًا
أن يعودوا في يوم واحد…
يوم ميلاده.
يوم « الشمل الكبير ».
لكن الأقدار…
كتبت نهاية أخرى.
الاتصال...
كان يوسف في منتصف الشارع،
ينهي مشوارًا بلا معنى،
حين رنّ هاتفه.
ظهر اسم أمه زينب
– «أها يا أمي، خير؟»
لكن صوتها كان مكسورًا…
باهتًا…
مخنوقًا.
– «تعال البيت… هسّي…»
ثم انقطع الخط.
ارتجف يوسف.
ضغط على البنزين…
السيارة انطلقت كأنها تهرب من شيء أسود.
وعند أول الشارع…
رأى الناس متجمعين.
وجوه شاحبة.
دموع.
سيارة شرطة.
وصوت بكاء مكتوم.
ركض.
صرخ.
– «أبوي وين؟!»
جاءه صوت والده من الخلف:
– «أنا هنا… أنا تمام… ما تشيل هم»
امي تمام بخير.
ابوي كويس
إذن… من الميت؟
من يستحق هذا الصمت الثقيل؟
لم يجب أحد.
حتى جاء رجل الشرطة العجوز،
صديق والد يوسف،
ووضع يده على كتفه وقال:
– «تعال المشرحة… لازم تتعرّف على الجثث.»
يوسف - « جثث منو»
الشرطي- « ما حكيتو ليوسف حاجه »
هز والده رأسه علامه على التأكيد
يوسف- « فهموني فشنو؟؟؟؟»
ياسين ( والد يوسف) « يا ولدي اهدي اول أرح معانا حتفهم كل حاجه»
المشرحة — «ثلاثة جدران بيضاء»
دخل يوسف المشرحة وهو نصف حي.
الباب الحديدي فتح بصوت يشبه نعيقًا باردًا،
والجو داخل المكان كان زمهريرًا.
ثلاثة جثث
ثلاثة أغطية بيضاء.
رفع الفني الغطاء الأول.
كان مارك.
مارك الذي كانت ضحكته تسبق أنفاسه…
صار صمتًا كاملًا.
فتح الفني الغطاء الثاني.
كان فرانك.
وجهه القوي صار هدوءًا مخيفًا.
ثم الغطاء الثالث.
كان أيمن…
الرجل الصغير الذي كان يعقّلهم كلهم…
راقدًا بلا نفس.
جلس يوسف على الأرض…
الهواء يضيق…
الدماغ تجمد…
والقلب يرتطم بين ضلوعه كأنه يريد الخروج.
وقال بصوت مخنوق:
«كيف ؟
ليه جايينني؟
ليه ؟
متين حصل كدا ؟»
لكن الموت لا يفسر.
وفي تمام الساعة 12
يوم ميلاده…
انطفأ يوسف تمامًا،
وسقط فاقد الوعي
في حضرة ثلاثة وجوه
كانت كل حياته.
السقوط الطويل
دخل في غيبوبة لثلاثة أسابيع.
الأطباء قالوا كلامًا طبيًا باردًا:
«صدمة عصبية حادة.»
«اضطراب ما بعد الصدمة.»
لكن الحقيقة؟
الحقيقة أن روحه لم تستطع العودة وحدها.
كانت زينب والدته تقضي ساعات تمسك يده
وتبكي بلا صوت.
حتى في الأسبوع الثالث
راودت يوسف الاحلام ، كأنه يعيش حياه أخرى في عالم اخر ...
ولكن فجاه فتح عينيه ببطء…
ورأى الوجوه:
أمه، خالته، سهى…
وسارة.
سارة كانت واقفة في الخلف،
تمسك دفترًا صغيرًا،
تخفي نصف وجهها بشعرها،
وكأن وجودها خجل لا يريد أن ينكشف.
بقلم : محمد ياسر
الفصل الرابع
«يوم ميلاد… بلا شموع»
قناه الرواية:
https://www.tgoop.com/Rouhhee
كانت الذكريات أول أعداء الإنسان؛
تخرج عليه حين يطمئن،
وتلدغه حين يظن أنه نجا،
كأن الماضي ليس زمناً مضى…
بل روحًا تتسكع داخل القلب ولا تموت.
وكان يوسف يعرف هذا أكثر من غيره؛
فكل خسارة عاشها
بدأت دائمًا من تلك الغرفة الصغيرة في صدره…
حيث لا سبيل للهروب.
قبل 5 سنوات..
كان يوم ميلاده الثالث عشر من يناير،
كان القدر يهيّئ له ضربة قاسية
لم يكن مستعدًا لها مهما اشتدّ ظهره.
ثلاثة رجال يسافرون نحوه في اللحظة نفسها:
مارك من بريطانيا،
فرانك من مصر،
أيمن من مدينته البعيدة.
ثلاثتهم قرروا أن يعودوا في هذا اليوم،
أن يعيدوا الزمن خمسه عشره سنه للوراء،
أن يدخلوا بيته لحظة منتصف الليل
ويصرخوا: «كل عام وانت الخير !».
لكن يوسف…
لم يكن يتذكر ميلاده أصلًا.
هو لم يحتفل به يومًا،
ولا عرف له معنى،
ولا سعى إليه.
كان الناس يذكّرونه…
وهو لا يشعر.
أما والدته..
فكانت الوحيدة التي تعرف،
والوحيدة التي تحاول أن تخفي عنه الحقيقة هذا العام،
والوحيدة التي قلبها يرتجف كل دقيقة
وهي تتمنى أن تصل المفاجأة قبل أن يصل أي خبر آخر.
كانت تخرجه من البيت بحجج واهية:
– «أمشِ اشتري لي ملح.»
– «أمشِ شوف خالتك.»
– «تعال ودّيني السوق .»
لأن يوسف لو بقي دقيقة واحدة بالبيت…
كان سيعرف أن شيئًا كبيرًا يتحضّر له.
لكن الطريق…
لا يعطي ضمانات لأحد.
فلاش باك — «أولاد الحي»
قبل خمسه عشره سنه،
كان الحي يعرف ضحكة واحدة تتوزع على أربعة أولاد:
يوسف، مارك، فرانك، أيمن.
يوسف…
الهادئ الذي يلمّ شملهم.
مارك — محمد عبدالسلام —
لكن اسمه الحقيقي مات يوم قال له يوسف ضاحكًا:
«إنت بتحب الفيس بوك كأنك مديره مارك … من الليله اسمك مارك ومافي زول حيناديك غير كدا!»
فضحك الولد… وصار الاسم قدرًا.
فرانك — محمد أحمد —
ملامحه جعلت الحي يناديه بذلك بلا نقاش كان يشبه الممثل فرانك كثيرا..
أيمن…
الرجل الصغير الذي يعقلهم كلهم.
كانوا أربعة…
أكثر من إخوة… أقل من أن تُفسّر علاقتهم بالكلام.
يلعبون، يركضون، يعبرون الحي كأنه ملكهم،
يقفزون فوق أسوار الجيران،
يهربون من الحارس،
يضحكون حتى البكاء.
وحين تفرّقوا…
مارك إلى بريطانيا،
فرانك إلى مصر،
أيمن إلى مدينة أخرى…
بقي يوسف وحده يحمل ذكرياتهم كمن يحمل وطنًا كاملًا على كتفيه.
حتى اتفقوا أخيرًا
أن يعودوا في يوم واحد…
يوم ميلاده.
يوم « الشمل الكبير ».
لكن الأقدار…
كتبت نهاية أخرى.
الاتصال...
كان يوسف في منتصف الشارع،
ينهي مشوارًا بلا معنى،
حين رنّ هاتفه.
ظهر اسم أمه زينب
– «أها يا أمي، خير؟»
لكن صوتها كان مكسورًا…
باهتًا…
مخنوقًا.
– «تعال البيت… هسّي…»
ثم انقطع الخط.
ارتجف يوسف.
ضغط على البنزين…
السيارة انطلقت كأنها تهرب من شيء أسود.
وعند أول الشارع…
رأى الناس متجمعين.
وجوه شاحبة.
دموع.
سيارة شرطة.
وصوت بكاء مكتوم.
ركض.
صرخ.
– «أبوي وين؟!»
جاءه صوت والده من الخلف:
– «أنا هنا… أنا تمام… ما تشيل هم»
امي تمام بخير.
ابوي كويس
إذن… من الميت؟
من يستحق هذا الصمت الثقيل؟
لم يجب أحد.
حتى جاء رجل الشرطة العجوز،
صديق والد يوسف،
ووضع يده على كتفه وقال:
– «تعال المشرحة… لازم تتعرّف على الجثث.»
يوسف - « جثث منو»
الشرطي- « ما حكيتو ليوسف حاجه »
هز والده رأسه علامه على التأكيد
يوسف- « فهموني فشنو؟؟؟؟»
ياسين ( والد يوسف) « يا ولدي اهدي اول أرح معانا حتفهم كل حاجه»
المشرحة — «ثلاثة جدران بيضاء»
دخل يوسف المشرحة وهو نصف حي.
الباب الحديدي فتح بصوت يشبه نعيقًا باردًا،
والجو داخل المكان كان زمهريرًا.
ثلاثة جثث
ثلاثة أغطية بيضاء.
رفع الفني الغطاء الأول.
كان مارك.
مارك الذي كانت ضحكته تسبق أنفاسه…
صار صمتًا كاملًا.
فتح الفني الغطاء الثاني.
كان فرانك.
وجهه القوي صار هدوءًا مخيفًا.
ثم الغطاء الثالث.
كان أيمن…
الرجل الصغير الذي كان يعقّلهم كلهم…
راقدًا بلا نفس.
جلس يوسف على الأرض…
الهواء يضيق…
الدماغ تجمد…
والقلب يرتطم بين ضلوعه كأنه يريد الخروج.
وقال بصوت مخنوق:
«كيف ؟
ليه جايينني؟
ليه ؟
متين حصل كدا ؟»
لكن الموت لا يفسر.
وفي تمام الساعة 12
يوم ميلاده…
انطفأ يوسف تمامًا،
وسقط فاقد الوعي
في حضرة ثلاثة وجوه
كانت كل حياته.
السقوط الطويل
دخل في غيبوبة لثلاثة أسابيع.
الأطباء قالوا كلامًا طبيًا باردًا:
«صدمة عصبية حادة.»
«اضطراب ما بعد الصدمة.»
لكن الحقيقة؟
الحقيقة أن روحه لم تستطع العودة وحدها.
كانت زينب والدته تقضي ساعات تمسك يده
وتبكي بلا صوت.
حتى في الأسبوع الثالث
راودت يوسف الاحلام ، كأنه يعيش حياه أخرى في عالم اخر ...
ولكن فجاه فتح عينيه ببطء…
ورأى الوجوه:
أمه، خالته، سهى…
وسارة.
سارة كانت واقفة في الخلف،
تمسك دفترًا صغيرًا،
تخفي نصف وجهها بشعرها،
وكأن وجودها خجل لا يريد أن ينكشف.
كانت علاقتها بيوسف ضعيفة جدًا…
لكن القدر كان يكتب شيئًا آخر.
ثم خرجو كلهم من أجل إبلاغ الأطباء أن يوسف قد عاد
حين فتح يوسف عينيه وغادروا من في الغرفه كان الضوء خافتًا… والغرفة صامتة إلا من صفير جهازٍ يراقب نبضه كأنه يراقب ما تبقّى من روحه.
دخل ثلاثة أطباء، خطواتهم هادئة، ملامحهم متعاطفة بطريقة تُفهم دون كلمات.
اقترب الطبيب الأكبر، وقال بنبرةٍ مدروسة:
– «الحمد لله على سلامتك يا يوسف… فقدت الوعي لفترة.»
يوسف رفع رأسه بصعوبة، كأنه يحمل جبلًا.
– «اصحابي ؟؟ …»
صوته خرج مبحوحًا، مترددًا، كأنه يخشى الإجابة أكثر من الجهل.
تبادل الأطباء النظرات.
ثم تقدّم الطبيب قائلاً:
– «لن نتحدث عن هذا الآن… صحتك أولًا.»
لم يكن الأمر تهرّبًا…
كانوا يعلمون أن الجرح أكبر من قدرة قلبه على التحمل.
فقرّروا أن يمنعوا عن جسده أول ضربة…
حتى ينهض ليستقبل التالية.
لكن يوسف لم يسكت:
– «كيف ماتوا؟ أنا عايز اعرف كيف ماتو؟ ولي جو وكيف اتلاقو؟؟»
الطبيب جلس بجانبه، وقال بصدق لا مراوغة فيه:
– «يا يوسف…، بسبب حادث سير.»
وساد صمت طويل…
كأن الحزن نفسه يراقب من زاوية الغرفة.
ثم قال الطبيب الآخر، محاولًا أن يكون لطيفًا:
– «في الحقيقة… كانوا عائدين من المطار.
أيمن هو الذي اقترح أن يأخذكم ك مفاجأة…
فذهبوا من المطار مباشرة إلى بيتكم.
تَمازحوا في الطريق… ضحكوا…
اشتروا لك هدية عيد ميلادك.»
يوسف أغلق عينيه…
ورأى المشهد كأنه فيلم لا يستطيع إيقافه.
الطبيب أكمل بصوت منخفض:
– «لكن… سيارة ما كانت تسير بعكس الطريق اصطدمت بهم.
انقلبت سيارتهم أربع مرات.
مات سائق السيارة فورًا…
وأصدقاؤك الثلاثة…
لم يجدوا فرصة ليقولوا كلمة واحدة.»
يوسف حرك يده ببطء نحو قلبه…
كأنه يتحسس مكانًا احترق داخله.
لم يبكِ.
لم ينهار.
بل جلس ساكنًا…
كأن الصدمة جففت حتى الدموع.
الأطباء تركوه بسلام،
وغادروا الغرفة دون كلمة إضافية،
فالألم كان واضحًا بما يكفي.
خاطرة قصيرة..
الموت…
ليس صدى بعيدًا كما نظن،
إنه خطوةٌ تقف خلفنا دائمًا،
تنتظر لحظة واحدة فقط
لتضع يدها على كتف الحياة
وتقول: «انتهى الدور…»
يأتي في ضحكة طريق،
الموت ليس عدوًّا…
هو الحقيقة الوحيدة التي لم تكذب علينا يومًا.
يذكّرنا أننا مؤقتون،
وأن كل من نحبهم
يتركون فينا مساحة فارغة
لا يملأها شيء.
ولولا الموت…
لما عرفنا قيمة اللحظة،
ولا ثِقل الذاكرة،
ولا معنى أن نقول لأحد:
«ابقَ… فإن غيابك يقتلني.»
العودة بلا روح
يوسف عاد للحياة…
لكن بلا حياة.
جلس في البيت أيامًا طويلة
لا يتحدث،
لا يأكل،
لا ينظر لأحد.
كان يفتح قروب أصدقائه
ويرسل رسائل كل ليلة:
«وينكم؟
مارك… ياخي رد.
أيمن… قوم بالله.
فرانك… إنت صاحي؟»
بدون رد .
حتى جاء يومٌ
وضعت زينب هداياهم أمامه.
الهدايا التي كانوا سيقدمونها له في منتصف الليل.
قالت بصوت متكسّر:
– «افتحها… يمكن ترتاح.»
لكن يوسف…
انفجر.
مزّق كل شيء.
كسّر الهدايا.
حطم الساعات.
طرد الجميع.
حتى أمه.
ثم جلس على الأرض،
يجمع القصاصات بيدين ترتجفان،
يبكي لأول مرة
منذ موتهم.
وفي تلك الليلة
اعترف قلبه بالحقيقة:
الثلاثة لن يعودوا.
وبدأ عام كامل من الظلام…
عام لا صوت فيه إلا أنفاس رجل
يحاول ألا ينهار.
وفي تلك السَّنةِ السَّوداء…
كان هناك ظلٌّ صغيرٌ
يمشي خلف يوسف،
يتربّص بالصمت،
ويعدّ أنفاسه،
وينتظر اللحظة التي
سيخلع فيها العتمة
ويتحوّل إلى ضوء.
اسم ذلك الظل…
كان سارة.
وسارة لم تكن ظلًّا فقط،
كانت اليد الوحيدة التي امتدّت نحوه،
الحبل الأخير المتدلّي من أعلى الهاوية،
كانت طوق نجاته
وأخرجته – وعاد يوسف الى حياته بسبب ساره ... أو هكذا ظننّا جميعًا...
يتبع..
@HmadaChan
لكن القدر كان يكتب شيئًا آخر.
ثم خرجو كلهم من أجل إبلاغ الأطباء أن يوسف قد عاد
حين فتح يوسف عينيه وغادروا من في الغرفه كان الضوء خافتًا… والغرفة صامتة إلا من صفير جهازٍ يراقب نبضه كأنه يراقب ما تبقّى من روحه.
دخل ثلاثة أطباء، خطواتهم هادئة، ملامحهم متعاطفة بطريقة تُفهم دون كلمات.
اقترب الطبيب الأكبر، وقال بنبرةٍ مدروسة:
– «الحمد لله على سلامتك يا يوسف… فقدت الوعي لفترة.»
يوسف رفع رأسه بصعوبة، كأنه يحمل جبلًا.
– «اصحابي ؟؟ …»
صوته خرج مبحوحًا، مترددًا، كأنه يخشى الإجابة أكثر من الجهل.
تبادل الأطباء النظرات.
ثم تقدّم الطبيب قائلاً:
– «لن نتحدث عن هذا الآن… صحتك أولًا.»
لم يكن الأمر تهرّبًا…
كانوا يعلمون أن الجرح أكبر من قدرة قلبه على التحمل.
فقرّروا أن يمنعوا عن جسده أول ضربة…
حتى ينهض ليستقبل التالية.
لكن يوسف لم يسكت:
– «كيف ماتوا؟ أنا عايز اعرف كيف ماتو؟ ولي جو وكيف اتلاقو؟؟»
الطبيب جلس بجانبه، وقال بصدق لا مراوغة فيه:
– «يا يوسف…، بسبب حادث سير.»
وساد صمت طويل…
كأن الحزن نفسه يراقب من زاوية الغرفة.
ثم قال الطبيب الآخر، محاولًا أن يكون لطيفًا:
– «في الحقيقة… كانوا عائدين من المطار.
أيمن هو الذي اقترح أن يأخذكم ك مفاجأة…
فذهبوا من المطار مباشرة إلى بيتكم.
تَمازحوا في الطريق… ضحكوا…
اشتروا لك هدية عيد ميلادك.»
يوسف أغلق عينيه…
ورأى المشهد كأنه فيلم لا يستطيع إيقافه.
الطبيب أكمل بصوت منخفض:
– «لكن… سيارة ما كانت تسير بعكس الطريق اصطدمت بهم.
انقلبت سيارتهم أربع مرات.
مات سائق السيارة فورًا…
وأصدقاؤك الثلاثة…
لم يجدوا فرصة ليقولوا كلمة واحدة.»
يوسف حرك يده ببطء نحو قلبه…
كأنه يتحسس مكانًا احترق داخله.
لم يبكِ.
لم ينهار.
بل جلس ساكنًا…
كأن الصدمة جففت حتى الدموع.
الأطباء تركوه بسلام،
وغادروا الغرفة دون كلمة إضافية،
فالألم كان واضحًا بما يكفي.
خاطرة قصيرة..
الموت…
ليس صدى بعيدًا كما نظن،
إنه خطوةٌ تقف خلفنا دائمًا،
تنتظر لحظة واحدة فقط
لتضع يدها على كتف الحياة
وتقول: «انتهى الدور…»
يأتي في ضحكة طريق،
الموت ليس عدوًّا…
هو الحقيقة الوحيدة التي لم تكذب علينا يومًا.
يذكّرنا أننا مؤقتون،
وأن كل من نحبهم
يتركون فينا مساحة فارغة
لا يملأها شيء.
ولولا الموت…
لما عرفنا قيمة اللحظة،
ولا ثِقل الذاكرة،
ولا معنى أن نقول لأحد:
«ابقَ… فإن غيابك يقتلني.»
العودة بلا روح
يوسف عاد للحياة…
لكن بلا حياة.
جلس في البيت أيامًا طويلة
لا يتحدث،
لا يأكل،
لا ينظر لأحد.
كان يفتح قروب أصدقائه
ويرسل رسائل كل ليلة:
«وينكم؟
مارك… ياخي رد.
أيمن… قوم بالله.
فرانك… إنت صاحي؟»
بدون رد .
حتى جاء يومٌ
وضعت زينب هداياهم أمامه.
الهدايا التي كانوا سيقدمونها له في منتصف الليل.
قالت بصوت متكسّر:
– «افتحها… يمكن ترتاح.»
لكن يوسف…
انفجر.
مزّق كل شيء.
كسّر الهدايا.
حطم الساعات.
طرد الجميع.
حتى أمه.
ثم جلس على الأرض،
يجمع القصاصات بيدين ترتجفان،
يبكي لأول مرة
منذ موتهم.
وفي تلك الليلة
اعترف قلبه بالحقيقة:
الثلاثة لن يعودوا.
وبدأ عام كامل من الظلام…
عام لا صوت فيه إلا أنفاس رجل
يحاول ألا ينهار.
وفي تلك السَّنةِ السَّوداء…
كان هناك ظلٌّ صغيرٌ
يمشي خلف يوسف،
يتربّص بالصمت،
ويعدّ أنفاسه،
وينتظر اللحظة التي
سيخلع فيها العتمة
ويتحوّل إلى ضوء.
اسم ذلك الظل…
كان سارة.
وسارة لم تكن ظلًّا فقط،
كانت اليد الوحيدة التي امتدّت نحوه،
الحبل الأخير المتدلّي من أعلى الهاوية،
كانت طوق نجاته
وأخرجته – وعاد يوسف الى حياته بسبب ساره ... أو هكذا ظننّا جميعًا...
يتبع..
@HmadaChan

