tgoop.com/SUuCCeSSplATfORM/2798
Last Update:
كانت علاقتها بيوسف ضعيفة جدًا…
لكن القدر كان يكتب شيئًا آخر.
ثم خرجو كلهم من أجل إبلاغ الأطباء أن يوسف قد عاد
حين فتح يوسف عينيه وغادروا من في الغرفه كان الضوء خافتًا… والغرفة صامتة إلا من صفير جهازٍ يراقب نبضه كأنه يراقب ما تبقّى من روحه.
دخل ثلاثة أطباء، خطواتهم هادئة، ملامحهم متعاطفة بطريقة تُفهم دون كلمات.
اقترب الطبيب الأكبر، وقال بنبرةٍ مدروسة:
– «الحمد لله على سلامتك يا يوسف… فقدت الوعي لفترة.»
يوسف رفع رأسه بصعوبة، كأنه يحمل جبلًا.
– «اصحابي ؟؟ …»
صوته خرج مبحوحًا، مترددًا، كأنه يخشى الإجابة أكثر من الجهل.
تبادل الأطباء النظرات.
ثم تقدّم الطبيب قائلاً:
– «لن نتحدث عن هذا الآن… صحتك أولًا.»
لم يكن الأمر تهرّبًا…
كانوا يعلمون أن الجرح أكبر من قدرة قلبه على التحمل.
فقرّروا أن يمنعوا عن جسده أول ضربة…
حتى ينهض ليستقبل التالية.
لكن يوسف لم يسكت:
– «كيف ماتوا؟ أنا عايز اعرف كيف ماتو؟ ولي جو وكيف اتلاقو؟؟»
الطبيب جلس بجانبه، وقال بصدق لا مراوغة فيه:
– «يا يوسف…، بسبب حادث سير.»
وساد صمت طويل…
كأن الحزن نفسه يراقب من زاوية الغرفة.
ثم قال الطبيب الآخر، محاولًا أن يكون لطيفًا:
– «في الحقيقة… كانوا عائدين من المطار.
أيمن هو الذي اقترح أن يأخذكم ك مفاجأة…
فذهبوا من المطار مباشرة إلى بيتكم.
تَمازحوا في الطريق… ضحكوا…
اشتروا لك هدية عيد ميلادك.»
يوسف أغلق عينيه…
ورأى المشهد كأنه فيلم لا يستطيع إيقافه.
الطبيب أكمل بصوت منخفض:
– «لكن… سيارة ما كانت تسير بعكس الطريق اصطدمت بهم.
انقلبت سيارتهم أربع مرات.
مات سائق السيارة فورًا…
وأصدقاؤك الثلاثة…
لم يجدوا فرصة ليقولوا كلمة واحدة.»
يوسف حرك يده ببطء نحو قلبه…
كأنه يتحسس مكانًا احترق داخله.
لم يبكِ.
لم ينهار.
بل جلس ساكنًا…
كأن الصدمة جففت حتى الدموع.
الأطباء تركوه بسلام،
وغادروا الغرفة دون كلمة إضافية،
فالألم كان واضحًا بما يكفي.
خاطرة قصيرة..
الموت…
ليس صدى بعيدًا كما نظن،
إنه خطوةٌ تقف خلفنا دائمًا،
تنتظر لحظة واحدة فقط
لتضع يدها على كتف الحياة
وتقول: «انتهى الدور…»
يأتي في ضحكة طريق،
الموت ليس عدوًّا…
هو الحقيقة الوحيدة التي لم تكذب علينا يومًا.
يذكّرنا أننا مؤقتون،
وأن كل من نحبهم
يتركون فينا مساحة فارغة
لا يملأها شيء.
ولولا الموت…
لما عرفنا قيمة اللحظة،
ولا ثِقل الذاكرة،
ولا معنى أن نقول لأحد:
«ابقَ… فإن غيابك يقتلني.»
العودة بلا روح
يوسف عاد للحياة…
لكن بلا حياة.
جلس في البيت أيامًا طويلة
لا يتحدث،
لا يأكل،
لا ينظر لأحد.
كان يفتح قروب أصدقائه
ويرسل رسائل كل ليلة:
«وينكم؟
مارك… ياخي رد.
أيمن… قوم بالله.
فرانك… إنت صاحي؟»
بدون رد .
حتى جاء يومٌ
وضعت زينب هداياهم أمامه.
الهدايا التي كانوا سيقدمونها له في منتصف الليل.
قالت بصوت متكسّر:
– «افتحها… يمكن ترتاح.»
لكن يوسف…
انفجر.
مزّق كل شيء.
كسّر الهدايا.
حطم الساعات.
طرد الجميع.
حتى أمه.
ثم جلس على الأرض،
يجمع القصاصات بيدين ترتجفان،
يبكي لأول مرة
منذ موتهم.
وفي تلك الليلة
اعترف قلبه بالحقيقة:
الثلاثة لن يعودوا.
وبدأ عام كامل من الظلام…
عام لا صوت فيه إلا أنفاس رجل
يحاول ألا ينهار.
وفي تلك السَّنةِ السَّوداء…
كان هناك ظلٌّ صغيرٌ
يمشي خلف يوسف،
يتربّص بالصمت،
ويعدّ أنفاسه،
وينتظر اللحظة التي
سيخلع فيها العتمة
ويتحوّل إلى ضوء.
اسم ذلك الظل…
كان سارة.
وسارة لم تكن ظلًّا فقط،
كانت اليد الوحيدة التي امتدّت نحوه،
الحبل الأخير المتدلّي من أعلى الهاوية،
كانت طوق نجاته
وأخرجته – وعاد يوسف الى حياته بسبب ساره ... أو هكذا ظننّا جميعًا...
يتبع..
@HmadaChan
BY نجاح-Najah
Share with your friend now:
tgoop.com/SUuCCeSSplATfORM/2798
