KNOWLEDGEREVIVAL Telegram 16273
[ تقعيد نفيس لباب سد الذرائع ]

سؤال من طالب علم حنفي عن سد الذرائع ، وجواب شيخنا الشريف عليه :

السؤال :

السلام عليكم ورحمة وبركاته
فضيلة الشيخ حفظك الله ورعاك

أسأل الله أن تكون بخير وعافية

لديَّ سؤال حول مسألةٍ أتردّد فيها.
كنتُ أنا وصديقي قد كتبنا في العام الماضي رسالةً باللغة الإنجليزية حول مسألة الاختلاط، وقد قرظ عليها بعض العلماء، منهم تلميذك الفاضل الشيخ……،.
ذكرنا فيها أن القول بالتحريم المبنيّ على سدّ الذرائع ينقسم إلى قسمين:
أحدهما ما هو منصوصٌ عليه في القرآن والسنة الصحيحة، والآخر ما ليس منصوصًا لكنه مبنيّ على اجتهاد المجتهد.
وما كان من القسم الثاني، وهو الأمور الاجتهاديّة، فلا يجوز الإنكار فيه. هذا خلاصة ما كتبناه.
وسؤالي: ما الضابط في الحكم على أمرٍ أصله الإباحة بأنّه محرَّم؟ هل يكفي غلبة الظنّ بأنه يفضي إلى الحرام، أم لا بدّ من ظنٍّ قريبٍ من اليقين؟
والسؤال الثاني ــ وهو ما يحيرني ــ أنه إذا قُبل أن فعلًا ما محرّم في الوقت الحاضر لأنه ذريعة إلى الحرام، فهل يكون فاعله آثمًا عند مَن يقول بالتحريم إذا لم يقع في الحرمة المتوقعة؟
فمثلًا: خروج المرأة إلى المسجد — على فرض أنه محرّم في بلدٍ ما لشدّة الفتنة — فإذا خرجت متحجّبة وصلت في المسجد ولم تقع في أي معصية، فهل يجوز لعالِمٍ أن يقول إنها آثمة؟
إن يمكن أن تبين هذا الإشكال أو تدلني على الكتاب أو المقالة.
بارك الله فيك
________

الجواب :

سد الذرائع المبني على الاجتهاد ينبغي أن تُراعى فيه أمور :
أولا : التفريق بين الفتوى الخاصة لشخص بعينه أو أفراد قليلين معينين ، والفتوى العامة للمجتمع كله ؛ لأن غلبة الظن بتذرع الحلال إلى الحرام لشخص بعينه أو لأفراد معينين لا تصعب معرفته عادة على الفقيه . كشخص ضعيف البدن جدا ضعيف المناعة تجاه أي مرض ، فيحرم عليه الذهاب لأي موضع فيه من الأمراض المهلكة ما لا يحتمله جسده .
ولكن لا يصح أن أجعل حكمه هذا حكما عاما لكل الناس ، وإن وُجد في المجتمع مثله أفرادٌ قلائل ، وإن كان حكم هؤلاء الأفراد القليلين هو حكمه في المنع .
ثانيا : الحكم العام بتحريم المباح سدا للذريعة يجب أن يكون مبنيا على غلبة الظن بعموم التذرّع بذلك الحلال إلى الحرام ، أن غالب المجتمع سيقع قطعا في الحرام بسبب ذلك الحلال .
مثلا : لو كنت في بلد أو قرية عامة محصولها من العنب لا يُشترى إلا لكي يصنع الناس منه الخمر في بيوتهم ، فلا يجوز حينها أن تبيع العنب إلا لمن علمت أنه لا يشرب الخمر ولا يصنعه ، ويغلب على ظنك أنه ما اشتراه إلا ليأكله مثلا . أما عموم الناس فلا يجوز لك بيع العنب لهم ، سدا للذريعة .
وتنبه لقولي ( غلبة الظن بعموم التذرّع بذلك الحلال إلى الحرام ) حيث إن المقصود به أنه سيكون الوقوع في الحرام شاملا عامة الناس : أي الكثرة الكاثرة منهم . أما لو تيقنا من أن هذا الحلال سيكون ذريعةً للحرام للأقل من الناس ، فهذا لا يجيز تحريم الحلال على العموم بحجة سد الذريعة ، وإنما يحرمه على الأقل فقط .
مثاله : ما زال يوجد في الناس من يصنع الخمر من العنب في عموم المجتمعات المسلمة ، منذ حُرمت الخمر حتى يوم الناس هذا . ومع ذلك لم يكن ذلك سببا مجيزًا تحريمَ زراعة العنب عموما ولا تحريمَ بيعه ؛ لأن وجود من يصنع الخمر من العنب (مع وجودهم المتيقن) إلا أنهم قليل في المجتمعات المسلمة ، فلم يحرم أحدٌ من الفقهاء زراعة العنب أو بيعه مطلقا بحجة التيقن من وجود من يجعله خمرا .
ثالثا : عند الحكم العام بتحريم المباح سدا للذريعة يجب أن ينبني على دراسات وإحصائيات حقيقية ، لا بمجرد الوساوس والمخاوف غير المستندة للحقائق المفيدة لغلبة الظن الحقيقية ، لا غلبة الظن المبنية على سوء الظن بالمجتمع المسلم أو المبنية على ممارسة الوصاية عليه بإلزامه بالورع غير الواجب وبالأحوط حسب وجهة نظر المفتي ، والذي قد يكون فيه تشدد وتزمت لا يلزم المسلمين متابعته عليه .
خاصة مع ضعف الفقه في العصر الحاضر ، ومع تيسر مراكز البحث المجتمعي ومصادر الإحصائيات الدقيقة في هذا العصر ، والتي يمكن أن تفيد غلبة ظن حقيقية ، لا متوهمة . حيث إن تحريم الحلال جرمٌ عظيم ، لا يجوز الإقدام عليه إلا بعذر حقيقي يحتج به العبد عند ربه إذا سُئل : لم حرّمتَ ما أبحتُ .
رابعا : عند الحكم العام بتحريم المباح سدا للذريعة يجب أن يُحدّد الحكم بالظرف الزماني والمكاني الذي يكون فيه الحلال حراما سدا للذريعة ؛ لسببين :
الأول : أن الحكم المطلق غير المقيد بزمان ومكان استدراك على الشرع الذي نزل صالحا لكل رمان ومكان ؛ إلا في الظرف المحدد ، الذي أجاز للفقيه الاستثناء .
الثاني : أن ذلك الحكم المطلق غير المقيد افتئاتٌ على الغيب ، فما أدرى المفتي بما يقع في بقية بقاع الأرض في غير مجتمعه وموضع دراسته ، وما أدراه بما يحمله المستقبل من تغير الأحوال والظروف .
💯1



tgoop.com/KnowledgeRevival/16273
Create:
Last Update:

[ تقعيد نفيس لباب سد الذرائع ]

سؤال من طالب علم حنفي عن سد الذرائع ، وجواب شيخنا الشريف عليه :

السؤال :

السلام عليكم ورحمة وبركاته
فضيلة الشيخ حفظك الله ورعاك

أسأل الله أن تكون بخير وعافية

لديَّ سؤال حول مسألةٍ أتردّد فيها.
كنتُ أنا وصديقي قد كتبنا في العام الماضي رسالةً باللغة الإنجليزية حول مسألة الاختلاط، وقد قرظ عليها بعض العلماء، منهم تلميذك الفاضل الشيخ……،.
ذكرنا فيها أن القول بالتحريم المبنيّ على سدّ الذرائع ينقسم إلى قسمين:
أحدهما ما هو منصوصٌ عليه في القرآن والسنة الصحيحة، والآخر ما ليس منصوصًا لكنه مبنيّ على اجتهاد المجتهد.
وما كان من القسم الثاني، وهو الأمور الاجتهاديّة، فلا يجوز الإنكار فيه. هذا خلاصة ما كتبناه.
وسؤالي: ما الضابط في الحكم على أمرٍ أصله الإباحة بأنّه محرَّم؟ هل يكفي غلبة الظنّ بأنه يفضي إلى الحرام، أم لا بدّ من ظنٍّ قريبٍ من اليقين؟
والسؤال الثاني ــ وهو ما يحيرني ــ أنه إذا قُبل أن فعلًا ما محرّم في الوقت الحاضر لأنه ذريعة إلى الحرام، فهل يكون فاعله آثمًا عند مَن يقول بالتحريم إذا لم يقع في الحرمة المتوقعة؟
فمثلًا: خروج المرأة إلى المسجد — على فرض أنه محرّم في بلدٍ ما لشدّة الفتنة — فإذا خرجت متحجّبة وصلت في المسجد ولم تقع في أي معصية، فهل يجوز لعالِمٍ أن يقول إنها آثمة؟
إن يمكن أن تبين هذا الإشكال أو تدلني على الكتاب أو المقالة.
بارك الله فيك
________

الجواب :

سد الذرائع المبني على الاجتهاد ينبغي أن تُراعى فيه أمور :
أولا : التفريق بين الفتوى الخاصة لشخص بعينه أو أفراد قليلين معينين ، والفتوى العامة للمجتمع كله ؛ لأن غلبة الظن بتذرع الحلال إلى الحرام لشخص بعينه أو لأفراد معينين لا تصعب معرفته عادة على الفقيه . كشخص ضعيف البدن جدا ضعيف المناعة تجاه أي مرض ، فيحرم عليه الذهاب لأي موضع فيه من الأمراض المهلكة ما لا يحتمله جسده .
ولكن لا يصح أن أجعل حكمه هذا حكما عاما لكل الناس ، وإن وُجد في المجتمع مثله أفرادٌ قلائل ، وإن كان حكم هؤلاء الأفراد القليلين هو حكمه في المنع .
ثانيا : الحكم العام بتحريم المباح سدا للذريعة يجب أن يكون مبنيا على غلبة الظن بعموم التذرّع بذلك الحلال إلى الحرام ، أن غالب المجتمع سيقع قطعا في الحرام بسبب ذلك الحلال .
مثلا : لو كنت في بلد أو قرية عامة محصولها من العنب لا يُشترى إلا لكي يصنع الناس منه الخمر في بيوتهم ، فلا يجوز حينها أن تبيع العنب إلا لمن علمت أنه لا يشرب الخمر ولا يصنعه ، ويغلب على ظنك أنه ما اشتراه إلا ليأكله مثلا . أما عموم الناس فلا يجوز لك بيع العنب لهم ، سدا للذريعة .
وتنبه لقولي ( غلبة الظن بعموم التذرّع بذلك الحلال إلى الحرام ) حيث إن المقصود به أنه سيكون الوقوع في الحرام شاملا عامة الناس : أي الكثرة الكاثرة منهم . أما لو تيقنا من أن هذا الحلال سيكون ذريعةً للحرام للأقل من الناس ، فهذا لا يجيز تحريم الحلال على العموم بحجة سد الذريعة ، وإنما يحرمه على الأقل فقط .
مثاله : ما زال يوجد في الناس من يصنع الخمر من العنب في عموم المجتمعات المسلمة ، منذ حُرمت الخمر حتى يوم الناس هذا . ومع ذلك لم يكن ذلك سببا مجيزًا تحريمَ زراعة العنب عموما ولا تحريمَ بيعه ؛ لأن وجود من يصنع الخمر من العنب (مع وجودهم المتيقن) إلا أنهم قليل في المجتمعات المسلمة ، فلم يحرم أحدٌ من الفقهاء زراعة العنب أو بيعه مطلقا بحجة التيقن من وجود من يجعله خمرا .
ثالثا : عند الحكم العام بتحريم المباح سدا للذريعة يجب أن ينبني على دراسات وإحصائيات حقيقية ، لا بمجرد الوساوس والمخاوف غير المستندة للحقائق المفيدة لغلبة الظن الحقيقية ، لا غلبة الظن المبنية على سوء الظن بالمجتمع المسلم أو المبنية على ممارسة الوصاية عليه بإلزامه بالورع غير الواجب وبالأحوط حسب وجهة نظر المفتي ، والذي قد يكون فيه تشدد وتزمت لا يلزم المسلمين متابعته عليه .
خاصة مع ضعف الفقه في العصر الحاضر ، ومع تيسر مراكز البحث المجتمعي ومصادر الإحصائيات الدقيقة في هذا العصر ، والتي يمكن أن تفيد غلبة ظن حقيقية ، لا متوهمة . حيث إن تحريم الحلال جرمٌ عظيم ، لا يجوز الإقدام عليه إلا بعذر حقيقي يحتج به العبد عند ربه إذا سُئل : لم حرّمتَ ما أبحتُ .
رابعا : عند الحكم العام بتحريم المباح سدا للذريعة يجب أن يُحدّد الحكم بالظرف الزماني والمكاني الذي يكون فيه الحلال حراما سدا للذريعة ؛ لسببين :
الأول : أن الحكم المطلق غير المقيد بزمان ومكان استدراك على الشرع الذي نزل صالحا لكل رمان ومكان ؛ إلا في الظرف المحدد ، الذي أجاز للفقيه الاستثناء .
الثاني : أن ذلك الحكم المطلق غير المقيد افتئاتٌ على الغيب ، فما أدرى المفتي بما يقع في بقية بقاع الأرض في غير مجتمعه وموضع دراسته ، وما أدراه بما يحمله المستقبل من تغير الأحوال والظروف .

BY KR


Share with your friend now:
tgoop.com/KnowledgeRevival/16273

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

With the administration mulling over limiting access to doxxing groups, a prominent Telegram doxxing group apparently went on a "revenge spree." According to media reports, the privacy watchdog was considering “blacklisting” some online platforms that have repeatedly posted doxxing information, with sources saying most messages were shared on Telegram. Users are more open to new information on workdays rather than weekends. Click “Save” ; Telegram message that reads: "Bear Market Screaming Therapy Group. You are only allowed to send screaming voice notes. Everything else = BAN. Text pics, videos, stickers, gif = BAN. Anything other than screaming = BAN. You think you are smart = BAN.
from us


Telegram KR
FROM American