tgoop.com/Alemaad/550
Last Update:
جلست بقربه أهنئه بالعيد وآخذ ما مضى من أخباره، فقال لي: أود زيارة أهالي الشهداء الذين استشهدوا قبل أيام، ولو استطعت زيارتهم في العزاء لفعلت.
أشجاني هذا الوفاء، وأثار مكامن الحزن في نفسي على نفسي وعلى غيري على التقاصر دون هذه الرتب العليا.
ثم قال: لم يقطعني هؤلاء الشباب -الشهداء- منذ العام الماضي حين استشهد ابني، وقد زاروني قبل أيام قليلة من استشهادهم!
وهنا.. رأيت أن المقام مقام كبار، وحزنت مرة أخرى على تخلفنا بعيدا دون المقامات العالية.. تلك التي يجعلها الله تعالى للموفقين من خلقه.
هؤلاء #الشهداء لم يدرسوا هذا الوفاء في المدارس، ولم يقرؤوه في الكتب، لكنهم كانوا أصوب بصيرة وأصح نظرا من الدارسين والقارئين والمنظّرين..
ماذا كانت حصيلتنا نحن أهل الدراسة والفهم -كما نزعم- من الأخذ بهذه الخصال العالية؟
لاشك أن كثيرا منا يرى أولئك أرقاما ذهبت كما أتت، ولئن لم يكن هذا لسان المقال فهو لسان الحال.
هؤلاء الشهداء قد اقتبسوا آثار النبوة في الوفاء، وأخذوا بالهدايات التي ظهرت فيها صور الوفاء من لدن سيد المرسلين محمد ﷺ.
ومع علمي أنهم لم يقرؤوا شيئا في هذا الأمر ولم يسمعوا بآثاره النبوية، لكنه الفهم الفطري الصحيح، الذي يضع كل شيء موضعه، وهو من ثمرات التوفيق الرباني.
انظر معي إلى هذا الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أنس أن النبي ﷺ لم يكن يدخل بيتا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له، فقال: (إني أرحمها، قتل أخوها معي).
هذه إذن، أفهام مستقاة من مشكاة النبوة، وأفعال مقتبسة من تلك الآثار، وإن كان أصحابها أمّيون، لا يفكون الحروف ولا يحسنون رصفها كما نفعل!
لكن الحسرة على الأميين حقا، الذين اضطربت أفهامهم واختلت أولوياتهم، وإن كانوا في نظر الناس من أصحاب الفكر والرأي والنظر، فهم وإن تنعّموا ببركة من سالت دمائهم، وعاشوا في ظلال جماجم الراحلين، فقد أضاعوا حق الحي من الوفاء والصلة.
BY العماد
Share with your friend now:
tgoop.com/Alemaad/550