ALEMAAD Telegram 536
مشهد عروج الأرواح الطيبة في الشهر الفاضل مشهد مهيب.. يقف المرء أمامه موقف الإجلال لتلك الأنفس العلوية في فهمها ومراداتها، فكانت النهاية على وزن العمل جلالا ومآلا، كذلك نحسبهم ولا نزكيهم على الله.

الشهادة في سبيل الله إذا كانت ثمرة الحياة لله، فهي كذلك ثمرة الفهم لحقائق الدين ومعاني الإيمان، وغاية الإصابة لمقاصد الشريعة ومراضي الرب.

هؤلاء الشباب الذين كانوا إلى زمن قريب فتيانا يفعة لم تشبّ وجوههم، فكان المرء يرى فيها نضرة الحياة وطلعة المستقبل.. حتى ليذكرهم المرء وما في وجه أحدهم شعرة، فيعجب لتلك المراقي التي ارتقوها، والمعالي التي سموا إليها.. بينما يكون غيرهم في مصاف المتفرجين على مواكب النور العارجة تلك.

يذكرني هؤلاء الشهداء بوصف النبي ﷺ لفقراء المهاجرين، الذين هم أول من يدخل الجنة، الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره.
أولئك كما قال النبي ﷺ يموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء.

كم أدركتُ هؤلاء الكبار وهم في نظر الكثيرين أغمار لا يؤبه لهم، بل ربما كانوا عند البعض أرقاما تذهب ويأتي غيرها.. كم شعرت بما في حزازات صدورهم من احتياج لقليل من متاع أو حاجة، وما أكثر ما كانت تنقلب الأحوال على غير مرادهم.. مع سهولة قضاء تلك الحاجات عند أربابها وأهل قضائها.

هؤلاء الشهداء.. تعيد سيرتهم تصحيح المفاهيم وتوزين القضايا في ميزان صحيح، وهم يقررون بوضوح حقيقة الدنيا والأخرى في الميزان الشرعي..

لقد أكدوا بصورة واضحة أن الفهم الحقيقي لحقيقة العبودية هو تدبير شأن الآخرة، فبقدر ما كان كثير من "المجاهدين السابقين" يدبرون أمور دنياهم.. كان أولئك سعاة لعمارة آخرتهم حيث المرجع والمصير والقرار..
وأي عمارة أعظم من أن تكون الخاتمة شهادة في سبيل الله؟

لقد انقلبت كثير من الموازين حتى ضل كثير من أصحاب القضية الطريق، أو عظمت عليهم التكاليف فآثروا الراحة، فكان من بركة الشهداء دلالة الطريق بالدماء والأشلاء، حين كان كثيرون يطلبونه بالدعاوى والأماني.

الشهيد رجل تضج روحه الحية بالحياة الحقيقية التي عاين فيها اليقين وأدركه، في حين أن الحي تغور نفسه الميتة في دركات الأمنيات وطول الأمل.. فلم يكن عجيبا ألا يصلى على الشهيد، وهل يصلى على الحي؟!

لا يتصور المرء أنه يقوم بحق رثاء السابقين الذين هم فيما نحسب ولا نزكيهم على الله قد نزلوا منازل الأبرار.. ولو طالت الصحبة، وعظم الفقد وعز الفراق..
بل هو أحق إلى أن يرثي نفسه إلى نفسه، لما قنع من العمل بالكتابة ومن الفعل بالرثاء! ويرجع من دماء الشهداء الزكية بأوبة وهداية ترشده إلى ذات الطريق..

شهداؤنا الأبرار.. ليسوا رقما يشطب من السجلات، ولا مرثية أدبية تمضي عليها الأيام فتنسى، بل هم أبضاع تنتزع من الأفئدة، وأضلاع تهشم في الصدور.. ومع حرارة الموت وجلال النهاية؛ يتلمس المرء رضا ربه وحكمته فيما يقضيه، ويسأله خلف خير، وعاقبة محمودة، ورضا لايلحقه سخط.

فليت عينَ التي آب النهارُ بها
فداءُ عينِ التي زالت ولم تَؤُبِ..


اللهم تقبل عبادك وارض عنهم.

#الشهداء
#جبل_الزاوية



tgoop.com/Alemaad/536
Create:
Last Update:

مشهد عروج الأرواح الطيبة في الشهر الفاضل مشهد مهيب.. يقف المرء أمامه موقف الإجلال لتلك الأنفس العلوية في فهمها ومراداتها، فكانت النهاية على وزن العمل جلالا ومآلا، كذلك نحسبهم ولا نزكيهم على الله.

الشهادة في سبيل الله إذا كانت ثمرة الحياة لله، فهي كذلك ثمرة الفهم لحقائق الدين ومعاني الإيمان، وغاية الإصابة لمقاصد الشريعة ومراضي الرب.

هؤلاء الشباب الذين كانوا إلى زمن قريب فتيانا يفعة لم تشبّ وجوههم، فكان المرء يرى فيها نضرة الحياة وطلعة المستقبل.. حتى ليذكرهم المرء وما في وجه أحدهم شعرة، فيعجب لتلك المراقي التي ارتقوها، والمعالي التي سموا إليها.. بينما يكون غيرهم في مصاف المتفرجين على مواكب النور العارجة تلك.

يذكرني هؤلاء الشهداء بوصف النبي ﷺ لفقراء المهاجرين، الذين هم أول من يدخل الجنة، الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره.
أولئك كما قال النبي ﷺ يموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء.

كم أدركتُ هؤلاء الكبار وهم في نظر الكثيرين أغمار لا يؤبه لهم، بل ربما كانوا عند البعض أرقاما تذهب ويأتي غيرها.. كم شعرت بما في حزازات صدورهم من احتياج لقليل من متاع أو حاجة، وما أكثر ما كانت تنقلب الأحوال على غير مرادهم.. مع سهولة قضاء تلك الحاجات عند أربابها وأهل قضائها.

هؤلاء الشهداء.. تعيد سيرتهم تصحيح المفاهيم وتوزين القضايا في ميزان صحيح، وهم يقررون بوضوح حقيقة الدنيا والأخرى في الميزان الشرعي..

لقد أكدوا بصورة واضحة أن الفهم الحقيقي لحقيقة العبودية هو تدبير شأن الآخرة، فبقدر ما كان كثير من "المجاهدين السابقين" يدبرون أمور دنياهم.. كان أولئك سعاة لعمارة آخرتهم حيث المرجع والمصير والقرار..
وأي عمارة أعظم من أن تكون الخاتمة شهادة في سبيل الله؟

لقد انقلبت كثير من الموازين حتى ضل كثير من أصحاب القضية الطريق، أو عظمت عليهم التكاليف فآثروا الراحة، فكان من بركة الشهداء دلالة الطريق بالدماء والأشلاء، حين كان كثيرون يطلبونه بالدعاوى والأماني.

الشهيد رجل تضج روحه الحية بالحياة الحقيقية التي عاين فيها اليقين وأدركه، في حين أن الحي تغور نفسه الميتة في دركات الأمنيات وطول الأمل.. فلم يكن عجيبا ألا يصلى على الشهيد، وهل يصلى على الحي؟!

لا يتصور المرء أنه يقوم بحق رثاء السابقين الذين هم فيما نحسب ولا نزكيهم على الله قد نزلوا منازل الأبرار.. ولو طالت الصحبة، وعظم الفقد وعز الفراق..
بل هو أحق إلى أن يرثي نفسه إلى نفسه، لما قنع من العمل بالكتابة ومن الفعل بالرثاء! ويرجع من دماء الشهداء الزكية بأوبة وهداية ترشده إلى ذات الطريق..

شهداؤنا الأبرار.. ليسوا رقما يشطب من السجلات، ولا مرثية أدبية تمضي عليها الأيام فتنسى، بل هم أبضاع تنتزع من الأفئدة، وأضلاع تهشم في الصدور.. ومع حرارة الموت وجلال النهاية؛ يتلمس المرء رضا ربه وحكمته فيما يقضيه، ويسأله خلف خير، وعاقبة محمودة، ورضا لايلحقه سخط.

فليت عينَ التي آب النهارُ بها
فداءُ عينِ التي زالت ولم تَؤُبِ..


اللهم تقبل عبادك وارض عنهم.

#الشهداء
#جبل_الزاوية

BY العماد


Share with your friend now:
tgoop.com/Alemaad/536

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

As five out of seven counts were serious, Hui sentenced Ng to six years and six months in jail. Read now Hashtags are a fast way to find the correct information on social media. To put your content out there, be sure to add hashtags to each post. We have two intelligent tips to give you: The best encrypted messaging apps To view your bio, click the Menu icon and select “View channel info.”
from us


Telegram العماد
FROM American