tgoop.com/Alemaad/377
Last Update:
بلغت أنفس المسلمين، من المجاهدين والعامة مبلغا كبيرا من الخَلَق والبلى، حتى أضحت تفيض بعناصر البشرية والحظوظ الشخصية، الآخذة بالأثرة المؤثرة للشح.
وإذا كانت الأنفس قد علتْها غبرة الهزيمة المادية والمعنوية؛ فإن تلك الهزيمة لم تنفض بتجلية الحقائق الإيمانية وترسيخ القواعد القرآنية، التي تذهب كدر النفوس وتهذب حظوظها.
هذه القواعد هي التي حفل القرآن بتربية الصحابة عليها، حتى لا يكاد يذكر غيرها في أعقاب غزوة أحد، كما تراه في أواخر سورة آل عمران.
ومن تدبر في تلك الآيات أدرك أن معقد العلاج متجه صوب القلب، في شتى أحواله، فلا يكاد يذكر الماديات إلا تبعا أو لماما؛ لأن الهزيمة المادية لا تتحقق واقعا قبل أن تتحقق في القلوب، فإذا ما أريد قلب الوقائع ظهر طريق ذلك.
واليوم لا يخطئ الناظر جفوة الأنفس وغلظة الأفئدة لإعراض القدوات والمصلحين والمصدّرين عن إصلاح أنفسهم بداءة، ثم إصلاح غيرهم تبعا لذلك.
ولهذا ليعلم القدوات والأمراء والرعاة أنه بغير إصلاح أنفسهم، ومواضعة قلوبهم على ما يحبه الله تعالى، وزهدهم في الدنيا، وتطلعهم إلى الأخرى، وقصر أعينهم عن زهرة الحياة الدنيا= فلن يتحقق مقصود الإصلاح، ولن تظهر آثاره، ولن تقع البركة في الأعمال مهما حسنت.
ولعل بعض الناس ممن غلب عليه بهرج المدنية، وزهوتها؛ يرى في مثل هذا الكلام دروشة بعيد عن الواقع، غافل عن أوجه الحضارة والنمذجة والحوكمة، وما شئت من هذا الكلام الطويل..
فأقول لمن خطر بباله شيء من ذلك؛ انظر في أوامر الله تعالى للأنبياء المكلفين بالإصلاح، فستراها يجمعها العمل للآخرة والإعراض عن الدنيا، ثم انظر إلى نفسك إن كنت في ذات السبيل؟ وحينئذ تنجلي لك الحقائق.
وما لم تتخلق الرعاة والأمراء بأخلاق الإيثار والكرم، وخفض الجناح، والرحمة بالضعفة، والمواساة بما ائتمنوا عليه من حقوق العباد؛ فلينتظر كل واحد منهم المشاحة من أقرب الناس إليه، والعسر من أطوعهم له، وقلة التدبير من أكثرهم ذكاء، وأعظم ذلك خطرا أن يعملوا عملا صالحا فلا يكون له في أنفس الأمة أثر يذكر، بل لعله انقلب عندهم إلى خطيئة منكرة.
BY العماد
Share with your friend now:
tgoop.com/Alemaad/377