tgoop.com/ALGSALAF/20391
Last Update:
السُّؤَالِ»(٧)، وحديثُ عُبادةَ بنِ الصَّامت رضي الله عنه: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي [اليُسْرِ وَالعُسْرِ وَ]المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، [وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا]، وَ[عَلَى] أَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَ[عَلَى] أَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالحَقِّ حَيْثُـ[مَا] كُنَّا، لَا نَخَافُ [فِي اللهِ] لَوْمَةَ لَائِمٍ»(٨).
هذا، ولا يَلزَمُ ـ مِنِ اهتمامِ المسلم بما يجري حولَه ويدور مِنَ القضايا السِّياسيَّةِ ـ الانشغالُ بها عن واجباتِه ولا الانخراطُ في الأحزاب، واللَّحاقُ بالعُضويَّةِ فيها للقيام بالعمل السِّياسيِّ بحجَّةِ التَّغيير والإصلاح في زعمه، لكونها طريقةً غيرَ شرعيَّةٍ للتَّغيير مُستورَدةً مِنَ النُّظُمِ الغربيَّةِ والشَّرقيَّة، فضلًا عنِ الإدمانِ على مشاهدةِ البرامجِ السِّياسيَّةِ والمُناظراتِ التَّحليليَّةِ ومتابعةِ نشراتِ الأخبارِ بما فيها مِنْ مُخالَفاتٍ شرعيَّةٍ في البثِّ والمحتوى، وكذا التَّعوُّد المستديم لشراء الجرائدِ والصُّحُف يوميًّا، والاشتغال بقراءةِ الأحداث السِّياسيَّةِ والأخبارِ الرِّياضيَّة والتَّرفيهيَّة ونحو ذلك؛ الأمر الَّذي يُؤدِّي ـ بطريقٍ أو بآخَرَ ـ إلى هجرِ القرآنِ، والزُّهدِ في أداء الأورادِ والأذكار، والعزوفِ عن مطالعة المُفيدِ النَّافع مِنَ الكُتُب والصُّحُفِ والمَجَلَّات، وتضييعِ الواجباتِ وحقوقِ الآخَرِين؛ وإنَّما على المسلم السَّلفيِّ أَنْ يحيط علمًا بكُلِّ شيء ممَّا يدخلُ خصوصًا في واجباتِه الدِّينيَّةِ والأخلاقيَّةِ والتَّربويَّة والعملِ بها مِنْ جهةٍ، وله أَنْ يُدرِكَ ما يحيط بالمسلمين عمومًا ويدور في مُجرَيَاتِ أمورهم ويهتمَّ بواقعِهم المَعيشِ مِنْ جميع النَّواحي خاصَّةً الدِّيني والأخلاقي والتَّربوي والفكري، ويُحرِّزَهم مِنَ الأخطار المُحدِقة بهم مِنْ جهةٍ أخرى، وليس المعنيُّ بذلك خصوصَ الأخبارِ السِّياسيَّةِ لأنَّ مُعظَمَها خالٍ مِنَ المَعاييرِ الشَّرعيَّة للثُّبوت، لِاختلاطِ الحقائق بالأوهام والوقائعِ بالإشاعات، وما ثبَتَ منها مِنْ قضايا فلا تستوي في ذلك أهليَّةُ المُتتبِّعين لها والمُتكلِّمين فيها في تشخيصِها ومُعالَجتِها بالطَّريقة الشَّرعيَّةِ المُثلى للتَّفاعل معها إيجابًا وسلبًا، بالنَّظر إلى تفاوُتِ توجُّهاتهم ومُنطلَقاتِهم ومُستويَاتِهم ومؤهِّلاتهم، واختلافِ درجاتِهم ومراكزِهم مِنَ المسؤوليَّة، ومدى قُربِهم مِنَ الدَّائرة السِّياسيَّة وصُنَّاعِ القرار واطِّلاعِهم على خبايا الأمور ومستورِها، والمُشتغِلُ بذلك إنَّما هو مَنْ بِيَدِه الحقائقُ ويمتلك التَّأثيرَ والقدرةَ على الإصلاح والتَّغييرِ وفقَ الشَّرعِ بمُشارَكتِه الفعَّالةِ لِانكشاف الصَّواب له، فيكونُ ـ غالبًا ـ أَبعدَ عن الخطإ وأكثرَ تجرُّدًا للحقِّ، دون مَنْ يتخبَّط في الأخبار بالوهم والتَّخمين واتِّباعِ الهوى وإعجابِ المرءِ بنفسه وحِرصِه على مصالحِه الخاصَّةِ على حساب المصلحة العامَّة، ويُبادِرُ إلى إشاعتها ونشرِها والإخبارِ بها قبل تحقُّقها، أو يزيد فيها زياداتٍ لا تنفكُّ عن الكذب والإضرار، وقد يكون الخبرُ عاريًا مِنَ الصِّحَّة مِنْ أساسِه لا أصلَ له مِنَ الصَّواب؛ قال اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡ﴾ [النِّساء: ٨٣]؛ قال السِّعديُّ ـ رحمه الله ـ: «وفي هذا دليلٌ لقاعدةٍ أدبيَّةٍ، وهي أنَّه إذا حصَلَ بحثٌ في أمرٍ مِنَ الأمور ينبغي أَنْ يُولَّى مَنْ هو أهلٌ لذلك ويُجعَلَ إلى أهله، ولا يُتقدَّم بين أيديهم، فإنَّه أَقرَبُ إلى الصَّوابِ وأحرى للسَّلامةِ مِنَ الخطإ، وفيه النَّهيُ عنِ العَجَلةِ والتَّسرُّعِ لنشرِ الأمورِ مِنْ حينِ سماعِها، والأمرُ بالتَّأمُّلِ قبلَ الكلامِ والنَّظرِ فيه: هل هو مصلحةٌ فيُقْدِمَ عليه الإنسانُ؟ أم لا فيُحجِمَ عنهُ؟»(٩)؛ وعليه فإنَّ التَّعاملَ بالأخبار السِّياسيَّةِ دائرٌ بين الجواز والمنع؛ إذ قد يُمنَع على البعضِ ما يجوز أو قد يجب على آخَرِين بحسبِ ما تَقدَّم مِنْ تَفاوُتٍ في الدَّرجةِ والأهليَّةِ وغيرِهما؛ لذلك يحذر غيرُ المُؤهَّلِ للنَّظر والاستنباطِ الَّذي ليس بِيَدِه صِحَّةُ معلوماتِ القضايا السِّياسيَّةِ ومُعطيَاتِها أَنْ يشتغل بأخبارِها وتَتبُّعِ تفاصيلها، كما يحذر أَشدَّ الحذرِ مِنَ الحديث مِنْ غيرِ تثبُّتٍ ولا تدبُّرٍ ولا تبيُّنٍ، لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ ٦﴾ [الحُجُرات]، وقولِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ
BY مَشَايخُ الدَّعْوةِ السَلَفِيةِ بِالْجَزَائِرِ
Share with your friend now:
tgoop.com/ALGSALAF/20391