tgoop.com/yalytanigadamtlhyati/1456
Last Update:
باب: في تسرير المتعة:
——————————-
يعجّ نمط حياتنا المعاصر بما يمكن تسميته "تسرير المتعة"؛ يمكث بعضنا في سريره ضعف ساعات نومه، فالطعام الذي كان يجتمع له صار يتناوله على سريره، والمتعة التي يسعى لها من يذهب بقدميه إلى المسارح والنوادي صارت على الهاتف وتشاهد على السرير أيضًا، لقاءاتنا التي نعد لها العدة مع أصدقائنا صرنا نكتفي منها بمراسلات تتم من على السرير، حتى التعلم الذي كنا نذهب له بمشقة صار على السرير؛ وهذا من أسباب اكتئاب هذا الجيل، كل شيء يدفعك لأن تمارسه وحدك، وفي مكان أعد للنوم فأعددته للأنشطة.
لا أعرف تحديدًا متى التقطت نفسي هذا المعنى؛ وهو أن الحزن والكسل توأم، وأن أدلّ دلالات الكآبة ليس دمع العين، ولا إطراق الرأس، بل تلك الروح المشلولة التي تقضي ثلاث أرباع يومها في موطنٍ يفترض أنه وضع للراحة من أنشطة خارجية؛ فصار للنشاط والاسترخاء مكان واحد.
يومًا ما قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
"ولهذا تجد الكسالى أكثر الناس همًا وغمًا وحزنًا ليس لهم فرح ولا سرور، بخلاف أرباب النشاط والجد في العمل -أي عمل كان- فإن كان النشاط في عمل هم عالمون بحسن عواقبه وحلاوة غايته كان التذاذهم بحبه ونشاطهم فيه أقوى" [1]
أنبل جهدك ليس في مسح دمعة صديقك المكروب، بل في انتشاله من حالة السجن السريري ليطلق قدميه في مكان آخر، حين ترى صاحبك في هم حرّك جسده لتتحرك روحه من تجمدها.
أؤمن أن جزءًا من انشراح صدورنا عند عودتنا من الدوام الوظيفي كامن في تغيير المكان وتلقي النسمات ورؤية الوجوه، وأن أسباب حبنا للحياة بعد جلسات الأصدقاء لا تعود لأحاديثهم فقط؛ بل في هذا النشاط القبلي من اختيار الملابس، والتأنق، والسير خارج المنزل، والاشتباك مع تفاصيل اليوم عند من نراهم.
يا أسير السرير:
قُم واجلس مع أهل بيتك في جمعتهم، التقِ أصدقاءك في مكان خارج المنزل، قم بأنشطتك في مكان غير موضع نومك ولو كان في طرف غرفتك، أنتَ لا تستجمع نفسك بحبسها في السرير بل تجعلها تتآكل بصمت.
————-
[1] روضة المحبين ص168
BY يآليتني قدمت لحيآتي❤️
Share with your friend now:
tgoop.com/yalytanigadamtlhyati/1456