tgoop.com/shnizaralabbas/721
Last Update:
لم لصاحبه هذا فهو علم نافع، فمتى كان العلم نافعاً ووقر في القلب فقد خشع القلب للَّه، وانكسر له، وذلَّ؛ هيبةً، وإجلالاً، وخشيةً، ومحبةً، وتعظيماً. ومتى خشع القلب للَّه وذل وانكسر له قنعت النفس بيسير الحلال من الدنيا، وشبعت به، فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا …" اهـ. ["بيان فضل علم السلف على علم الخلف" ص (٧٢-٧٤) ط: دار البشائر].
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : خطب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطبة خفيفة ، فلما فرغ من خطبته قال: "يا أبا بكر قم فاخطب"، فقصر دون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فلما فرغ من خطبته قال: "يا عمر قم فاخطب"، فقام فخطب فقصر دون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – و دون أبي بكر ، فلما فرغ من خطبته قال: "يا فلان قم فاخطب"، فشقَّق القول، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: *"اسكت – أو اجلس – فإن التشقيق من الشيطان، و إنَّ من البيان لسحراً"* و قال: "يا ابن أم عبد قم فاخطب". فقام ابن أم عبد، فحمد الله ، و أثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس، إنَّ الله – عز وجل – ربنا، و إنَّ الإسلام ديننا، و إنَّ القرآن إمامنا، و إنَّ البيت قبلتنا، و إنَّ هذا نبينا – و أومأ بيده إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – رضينا ما رضي الله تعالى لنا و رسوله، وكرهنا ما كره الله تعالى لنا و رسوله.
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "أصاب ابن أم عبد، أصاب ابن أم عبد و صدق، رضيت بما رضي الله تعالى لي ولأمتي؛ ابن أم عبد".
[أخرجه الطبراني في “الكبير” وأورده الإمام الألباني في “الصحيحة” برقم (١٢٢٥)].
وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" برقم (٨٧٥) وصححه الإمام الألباني في صحيح الأدب المفرد عن ابن عمر قال:
“قدم رجلان من المشرق خطيبان على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقاما فتكلما ثم قعدا. وقام ثابت بن قيس؛ خطيب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فتكلم، فعجب الناس من كلامهما. فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخطب، فقال:
*"يا أيها الناس ! قولوا قولكم، فإنما تشقيق الكلام من الشيطان"*.
ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان سحراً".
وأتبع هذا الحديثَ الإمامُ البخاري في "الأدب المفرد" بأثر صحح إسناده الإمام الألباني عن أنس – رضي الله عنه -قال:
خطب رجل عند عمر، فأكثر الكلام، فقال عمر - رضي الله عنه -: *"إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان"*.
وعلّق الإمام الألباني في الحاشية بقوله:
"الشقاشق": جمع "الشقشقة"، قال في "المعجم الوسيط" : هي شيء كالرئة، يخرجه الجمل من فيه إذا هاج وهدر. قال ابن الأثير: شبه الفصيح المنطق بالفحل الهادر، ولسانه بشقشقته، *ونسبها إلى الشيطان؛ لما يدخل فيه من الكذب والباطل وكونه لا يبالي بما قال*" انتهى.
واعلم – وفقني الله وإياك لمرضاته – أنّ البلاغة التي أمر الله – تعالى – بها رسوله في محاجة المنافقين في سورة النساء في قوله: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)[النساء: ٦٣]
هي البلاغة المطلوبة شرعاً، وهي أبعد ما تكون عن التشقيق والتقعّر؛ لأنها قائمة على تكميل المعاني وتبيين المباني، فلا تكون العبارة ناقصة تحتاج إلى ما يكملها في معناها أو مبناها؛ لذلك قال الطبري – رحمه الله – في تفسير الآية:
"مرهم باتقاء الله، والتصديق به، وبرسوله، ووعده ووعيده" انتهى.
ولا ريب أنّ أكمل المعاني، وأجمل المباني وأبينها ما اشتمل على هذه المقاصد الجليلة، فأين المشققون للكلام، المتقعرون فيه، المتفيهقون الباغون للبرآء العنت من هذه المقاصد !
وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ من البيان لسحراً"[متفق عليه]
*يحتمل المدح والذم*، وذلك بحسب مقاصد البيان وصفته كما تقدم.
نقل ابن حجر في الفتح [(٩/ ١٤٤)]ط: دار مصر للطباعة] عن ابن التين قوله:
"والبيان نوعان؛ الأول: ما يبين به المراد. والثاني: تحسين اللفظ حتى يستميل قلوب السامعين، والثاني هو الذي يشبه بالسحر، *والمذموم منه ما يقصد به الباطل*، وشبهه بالسحر لأن السحر صرف الشيء عن حقيقته" اهـ.
فالبيان الواضح القائم على جمال العبارة، واختصار اللفظ دونما إخلال، البعيد عن التشقيق، والسجع المتكلف، والذي يؤدي المعنى المطلوب دون تطويل، وتكون مقاصده حسنة طيبة مشروع، أما تشقيق الكلام فمذموم مطلقاً، وفرق ما بين الاثنين.
ولانّه يغلب على كثير من أهل البيان التقعّر والتشقيق عدّه الشرع نفاقاً، فقد أخرج أحمد، والترمذي، والحاكم – وصححه على شرط الشيخين وأقرَّه الذهبي – وهو في صحيح الجامع للإمام الألباني برقم (٣٢٠١) عن أبي أمامة – رضي الله عنه – مرفوعاً:
*"الحياء و العِيُّ شعبتان من الإيمان، و البذاءُ و البيانُ شعبتان من النفاق"*.
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" [(٦/ ١٤٧)ط: العلمية] مفسراً (البيان):
"أي: الفصاحة الزائدة عن مقدار حاجة الإنسان، من التعمق في النطق وإظهار
BY الصفحة الرسمية للشيخ نزار بن هاشم العباس
Share with your friend now:
tgoop.com/shnizaralabbas/721