tgoop.com/shnizaralabbas/720
Last Update:
*نصيحة الرفيق بخطر أهل التشقيق*
مقال قديم يكشف حقيقة أهل التشقيق في فتنة الحلبي كتبته عام ١٤٣٠ هجرية، ينطبق تمامًا على أهل التشقيق في فتنة ابن هادي، فقد قال الإمام الربيع في رأس هذه الفتنة: *"ليس عنده علم، ما عنده إلا الثرثرة والفتن"*. نقل ذلك الشيخ الفاضل عبد الله الظفيري ليلة الخميس ٢٩ رمضان ١٤٣٩ هجرية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:
التشقيق: مصدرٌ أصله الفعل (شقَّ)، قال أبو الحسين بن فارس: "الشين والقاف أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على انصداعٍ في الشيء، ثم يحمل عليه ويشتقُّ منه على معنى الاستعارة. تقول: شقَقت الشيء أَشُقه شقًّا، إذا صدعتَه. وبيده شُقوق، وبالدابّة شُقاق" [معجم مقاييس اللغة (٣/ ١٧٠)، ط: دار الفكر، تحقيق: عبد السلام هارون].
قلت: فلهذا الأصل يرجع لفظ "التشقيق" الذي يدلُّ على التعمُّقِ والتكلُّفِ في إخراج الكلام على أحسن مخرج، فكأنّ المتقعّر في كلامه لشدة تكلفه وتعمُّقه يشقّ اللفظ ويصدعه، أو كأنّ فمه يتشقق وينصدع أثناء تكلمه وتكلّفه.
وأهل الباطل عمومًا، يولون تحسين الألفاظ وتنميقها وسجعها والتقعّر فيها اهتماماً كبيراً؛ لأنّ هذا من وسائلهم الخبيثة في صرف الناس – عن الحق – إليهم، من خلال قلب الحقائق، واللحن في القول، فيستميلون قلوب الضعاف لفتنتهم.
لذلك خاف النبي – صلى الله عليه وسلم – على أمته لسان المنافق وحكمته الظاهرة.
فقد أخرج أحمد في "مسنده"، وابن بطة في "الإبانة" وهو في "الصحيحة" لمحدث العصر الألباني برقم (١٠١٣)، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مرفوعاً:
*"إنَّ أخوفَ ما أخافُ على أمتي كلُّ منافقٍ عليمِ اللسانِ"*.
وفي لفظ: *"إنما أخافُ على هذه الأمةِ كلَّ منافقٍ يتكلَّمُ بالحكمةِ و يعملُ بالجَوْرِ"*. [أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" وانظر "الصحيحة" (٧/ ٦٠٨)].
وأخرج الطبرانيّ في "الكبير"، وابن حبان في "صحيحه" والبزار في "مسنده" وهو في صحيح الترغيب والترهيب برقم (١٣٢) عن عمران بن حصين – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
*"إنّ أخوفَ ما أخافُ عليكم بعدي كلُّ منافقٍ عليمِ اللسانِ"*.
فالمنافق العليم اللسان يوظف لسانته في *"تنفيق نفاقه، وترويج غشه وتلبيسه"*.
قال المناويُّ: "(كل منافق عليم اللسان)، أي: *عالم للعلم، منطلق اللسان به، لكنه جاهل القلب، فاسد العقيدة، يغرُّ الناس بشقشقة لسانه، فيقع بسبب اتباعه خلق كثير في الزلل*" انتهى. [فيض القدير" (١/ ٢٨٦) ط: العلمية].
وقال- أيضاً - كلاماً أنفسَ من سابقه:
*"(كل منافق عليم اللسان)، أي: كثير علم اللسان، جاهل القلب والعمل، اتخذ العلم حرفة يتأكَّل بها، ذا هيبة وأبهة *يتعزز ويتعاظم بها، يدعو الناس إلى الله ويفر هو منه، ويستقبح عيب غيره ويفعل ما هو أقبح منه*، ويظهر للناس التنسك والتعبد ويسارر ربه بالعظائم، إذا خلا به ذئب من الذئاب، لكن عليه ثياب، فهذا هو الذي حذر منه الشارع – صلى الله عليه وسلم – هنا *حذرا من أن يخطفك بحلاوة لسانه، ويحرقك بنار عصيانه، ويقتلك بنتن باطنه وجنانه"* اهـ. ["فيض القدير" (٢/ ٥٣١) ط: العلمية)]
فما أدق هذه الأوصاف التي يشمل بعضها من زيّن ظاهره بالشقشقة والاستكثار من العلوم والتعاظم بها على غيره، ولكنها لم تنفعه؛ لأنها لم تورثه خشية الله!
والمنافق يحرص على تحسين الظاهر وتزويقه وتنميقه، ومن ذلك شقشقة الكلام، بينما باطنه خراب في خراب، لأنه حُرم الفقه في الدين، فعلمه على لسانه لا في قلبه.
أخرج الترمذي في "سننه" وهو في "الصحيحة" برقم (٢٧٨)، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
*"خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت، و لا فقه في الدين"*.
*"والسمت الحسن: التزيي بزي الصالحين، وتحري طرق الخير، والتنزه عن المعايب ظاهراً وباطناً، والفقه في الدين: ما وقع في القلب، ثم ظهر على اللسان، فأفاد العمل، وأورث الخشية والتقوى، وأما الذي يتدارس أبوابا منه ليتعزز به ويتأكل به فإنه بمعزل عن الرتبة العظمى؛ لأن الفقه تعلق بلسانه دون قلبه" اهـ. [بتصرف يسير من "تحفة الأحوذي" (٧/ ٣٧٨) ط: العلمية].
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله -:
"قال ابن مسعود وغيره: كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله جهلاً، وقال بعض السلف: ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية. وقال بعضهم: من خشي اللهَ فهو عالم، ومن عصاه فهو جاهل ... وسبب ذلك أن هذا العلم النافع يدل على *أمرين*: أحدهما: على معرفة الله، وما يستحقه من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، والأفعال الباهرة، وذلك يستلزم إجلاله، وإعظامه، وخشيته، ومهابته، ومحبته، ورجاءه، والتوكل عليه، والرِّضى بقضائه، والصبر على بلائه.
*والأمر الثاني*: المعرفة بما يحبه ويرضاه، وما يكرهه ويسخطه، من الاعتقادات، والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال، فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة الله ورضاه، والتباعد عما يكرهه ويسخطه. فإذا أثمر الع
BY الصفحة الرسمية للشيخ نزار بن هاشم العباس
Share with your friend now:
tgoop.com/shnizaralabbas/720