tgoop.com/shnizaralabbas/1591
Last Update:
[تنبيهاتٌ مهمة في صوم الحامل والمرضع]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فإن الله تعالى قد جعل للحامل والمُرضع عدة أحكامٍ في الشرع، والشرع هو القرآن والسنة.
أولاً:
قال الله تعالى: ((وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)) فهذه آيةٌ عظيمةٌ في سورة البقرة تفيد أن الطفل ترضعه أمه سنتين كاملتين. هذا الأصل، لكن لا حرج مِن فَطمه قبل ذلك؛
١- إذا تمكن من الأكل واعتمد عليه.
٢- أو حصل للأم ضررٌ بالرضاعة الطويلة.
٣- أو منَعها الطب من مواصلة الرضاعة.
٤- أو كان في لبنها ما يضر الطفل.
٥- أو كان في الطفل وضعٌ صحِّيٌّ أو خَلقيٌّ يتضرر بسببه من لبن أمه أو بما يدخل في لبنها بسبب غذائها وطعامها فيتضرر به.
فهذه أعذارٌ معتبرةٌ شرعاً لفطام الرُّضَّع.
ثانياً:
أما امتناع المرأة المرضع من إرضاع طفلها بلا سببٍ ولا عذرٍ معتبر شرعاً كما في النقطة السابقة؛ فهي ها هنا قد تأثم ومتوعَّدة بالعقاب، فقد ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فيما رأى في نار جهنم نساء تنهش الحيَّاتُ ثُدِيَّهنَّ فقال: ما بالُ هؤلاء؟ فقيل له: "هؤلاءِ اللّاتي يمنَعْنَ أولادَهنَّ ألبانَهنَّ" [أخرجه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].
فمَنْعُ الرضيع لبَنه مِن أمه أمرٌ مخيفٌ؛ لشدة حاجة وضرورة الطفل الرضيع لهذا اللبن والذي خلقه الله عز وجل له.
ثالثاً:
لأجل مصلحة هذا الرضيع الواجبة والحفاظ على حياة الأطفال الأجنة في بطون الأمهات رَحِمَ الله النساء الحاملات والمرضعات برحمته الواسعة؛ فرخَّص لهن الفطر في رمضان وعدم الصيام، ولم يأمرهن بالقضاء بل وجَّههن إلى الفطر وإخراج الكفارة بفدية طعامٍ يعطى للمساكين.
قال الله تعالى: ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين)) ومعنى (يطيقونه) أي يشق عليهم ويحصل به ضررٌ عليهم أو على غيرهم ممن يتصل بهن من جنينٍ أو رضيعٍ، كما فسَّره ابن عباس رضي الله عنه حبر القرآن أن الحامل والمرضع من الذين يطيقونه، وكذا كبار السن والعاجزين من الرجال والنساء والمرضى الذين يستمر بهم المرض ولا يرتفع عنهم، هؤلاء جميعاً يفطرون رمضان ويكفرون بفدية طعامٍ للمساكين عن كل يومٍ أفطروه، كلٌّ بحسب حاله يخرج مداً أو صاعاً أو نصف صاع من الطعام الذي يأكله أولئك المساكين من قمحٍ أو ذرةٍ أو تمرٍ أو دخنٍ أو زبيبٍ أو أرزٍ.
وهذه الكفارة لا يجوز إخراجها نقداً مالياً؛ لأن الله أمر بإخراجها طعاماً كزكاة الفطر تماماً.
رابعاً:
وقد ورد في السنة الصحيحة ما يؤكد ويقرر ما جاء في القرآن مِن رحمة الله الواسعة بالنساء الحاملات والمرضعات وأن الله أسقط عنهن ولم يوجب عليهن الصوم فقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ" [أخرجه أصحاب السنن الأربعة والإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني].
(وَضَعَ) أي أَسقط حكم وجوب الصوم ورخص في الفطر لهن.
وهذا حديثٌ عظيمٌ صريحٌ كالشمس في هذه المسألة، ويفض ويحل النزاع الذي بين أهل الفقه، ويرجح المذهب الحق الفاصل الذي ذهب إليه جماعةٌ من الصحابة وأهل العلم أن الحامل والمرضع لا صيام عليهما ولا قضاء، وإنما عليهما الفدية والكفارة كما بيَّنَتْه آية البقرة السابقة ((فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين))، وأنه لا دليل مطلقاً لمن خالف هذا وأوجب عليهما القضاء -أو القضاء والكفارة معاً- جاعلاً حكمهما كحكم المريض الذي إن أفطر في رمضان فعليه القضاء! وهذا قياسٌ وحكمٌ لا يصح؛ لأن الحمل أو الرضاع ليس بمرضٍ وإنما حالٌ خاص ونعمة من الله لها حكمها الخاص بينه الله في كتابه، والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، وكذا صحابته رضي الله عنهم كابن عمر رضي الله عنهما فقد كانت له بنتٌ تحت رجلٍ من قريشٍ وكانت حاملًا فأصابها عطشٌ في رمضانَ فأمرها ابنُ عمرَ أن تُفطر وتُطعم عن كلِّ يومٍ مسكيناً [أخرجه الدارقطني وصححه، وكذا صححه الألباني في إرواء الغليل].
فهذه نقاطٌ مختصرةٌ توضح حكم الحامل والمرضع في رمضان وترفع الإشكال الذي يكثر السؤال عنه إن شاء الله.
أما من تقول أو يقال لها -في مخالفة هذه النصوص-: قضاء رمضان صعبٌ وشديدٌ! فتخالف هذه النصوص وتتعمد الصيام غير مباليةٍ بنفسها ولا بجنين بطنها ورضيعها خوفاً من القضاء!!
فيقال لها ولهم: مَن أوجب عليها الصيام أصلاً؟! حتى يوجب عليها القضاء أو توجبه على نفسها؟! فهذا الصنيع من الغلو والحرج والآصار الذي يخالف سماحة الإسلام ويُسره؛ قال الله ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ))، وقال: ((لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)).
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
كتبه
نزار بن هاشم العباس
٢/ رمضان/ ١٤٤١
الصفحة الرسمية للشيخ على التلجرام:
http://bit.ly/1Oj7urP
BY الصفحة الرسمية للشيخ نزار بن هاشم العباس

Share with your friend now:
tgoop.com/shnizaralabbas/1591