tgoop.com/shnizaralabbas/1436
Last Update:
بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيه أهل الإيمان
إلى أنَّ السلطان يُعمَل بِقولِه في تثويب الأذان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛
فالصحيح الذي يَترجَّح بالدليل -ورَجَّحه جماعةٌ من أهل العلم- أنَّ التثويب إنَّما يكون في الأذان الثاني عند دخول الفجر الصادق وهو الأذان الذي قبل إقامة الصلاة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كما في حديث أبي محذورة: "فإن كان صلاة الصبح قلتَ: الصلاة خيرٌ من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم". وفي روايةٍ: "الصلاة خيرٌ من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم في الأُولى من الصبح" [سنن أبي داود (٥٠٠، ٥٠١)].
فالحديث أفاد بوضوح:
(١) أنَّ المؤذن لا يُثوِّب فيقول: "الصلاة خيرٌ من النوم" إلا إذا دَخَل وقت الصبح والفجر الصادق وحَلَّ وقتُ الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن كان صلاة الصبح"، فهذا تصريحٌ واضحٌ وتأكيدٌ ظاهرٌ أنَّ التثويب إنما يكون ويقال بعد دخول وقت الفجر والصبح لا بالليل.
(٢) أنَّ أذان الصبح والفجر الصادق سمَّاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأذان الأول، ويَليه إِذَن أذانٌ ثانٍ وهو نداء وأذان الإقامة. ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين كل أذانين صلاةٌ"، وهذا لا يكون في أذان الليل الذي يَسبق الأذان الأول المنصوص عليه في هذا الحديث محل التثويب. ويؤكِّد هذا:
(٣) قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَمنعنَّ أحدَكم أذانُ بلالٍ فإنَّه؛ يؤذِّن بِلَيلٍ ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم" [صحيح البخاري (٦٢١)، صحيح مسلم (١٠٩٣)].
فهذا يؤكِّد أنَّ أذان بلال -رضي الله عنه- الذي كان يؤذِّنه قبل أذان الفجر الصادق والصبح في رمضان وغيره في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (كان بالليل) و(ليس فيه تثويب) كما يفعله البعضُ اليوم، وأنه لإيقاظ النائم لتهيئته لصلاة الفجر (التي لم يؤذَّن لها بعد)، ولأَجْل طعام سحوره في رمضان وتنبيه قائم الليل ليختم صلاته لأَجْل قُرْبِ خروج وقت صلاة الليل والنفل، ولِيأخذَ راحةً تُقوِّيه على صلاة الفجر، أو لأخذ نومةٍ أو اضطجاعةٍ تُعِينُه على الفرض الواجب. وهذا يفيد مسألةً مهمةً وتنبيهاً دقيقاً أيضاً: أنه لا مُبرِّر أو علة للقول الذي يرى أن التثويب بقول الصلاة خير من النوم في الأذان الأول قبل أذان الفجر الصادق لكي يستيقظ النائم لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين وأوضح أن أذان بلال بليل ولاعلاقة له بدخول الفجر الصادق والصلاة وكذلك من كان مستيقظا وحضر أذان الفجر الصادق (الأول) ينبه بالتثويب ألايرجع لنومه ومن كان نائما أن يستيقظ ويقاوم تخذيل وعقد الشيطان الرجيم
مستعينا بالله عليه فلايحصر إذن التعليل بجعل التثويب في الأذان الذي بالليل لنخالف النص الصريح هذا.
(٤) ثم إذا انضاف إلى هذا الدليل وغيرِه توجيهُ وليِّ الأمر وسلطانِ المسلمين وجِهة الاختصاص في سُلطته -مِن هيئة الأوقاف والشؤون الدينية أو شؤون المساجد- أن يكون التثويب في الأذان الثاني لِأَجْل هذه الأدلة، أو اختيارُه لِفَضّ النزاع والخلاف القولَ بالتثويب في الأذان الثاني؛ فإنَّ على الجميع -مِن مؤذِّنين ولِجان مساجد- العملَ بتوجيهه وتنفيذ أمره واختياره طاعةً لله وطاعةً لسلطانه كما أمَرَنا ربُّنا سبحانه بقوله: ((يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأمْرِ مِنكم فَإنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله والرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله واليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلًا))، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن يُطِع الأمير فقد أطاعني، ومَن يعصِ الأمير فقد عصاني" [صحيح البخاري (٢٩٥٧)، صحيح مسلم (١٨٣٥)].
قال القَرافي المالكي -رحمه الله- في الفُروق (١٠٣/٢): "اعلم أنَّ حُكْمَ الحاكم في مسائل الاجتهاد يَرفع الخلاف، ويرجع المخالِف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فُتياه بعد الحُكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء..."، وقال أيضا (١٠٤/٢): "لولا ذلك لما استقرَّت للحكام قاعدةٌ ولَبَقِيَتْ الخصومات على حالها بعد الحُكم، وذلك يُوجب دوام التشاجر والتنازع وانتشار الفساد ودوام العناد، وهو منافٍ للحكمة التي لأجلها نُصِب الحكَّام". ويُنظَر الموافقات للشاطبي (٣٧٦/١).
وهذا مِن السمع والطاعة والتوقير والاحترام لولاة الأمر -وفقهم الله لكل خير-، وفي ذلك:
(٥) اجتماع الكلمة والصف، وعدم التشويش على المسلمين في وقت صلاة الفجر ووقت سحورهم وطعامهم في شهر رمضان المبارك؛ حيث يتشوَّش كثيرون ويضطربون ويَحرِمون أنفسهم مِن أكلِهم وشرابهم في السحور بالليل الذي شرعه الله لنا طعاماً مباركاً ليتقوَّى به الصائمون على صيامهم وطاعاتهم وأعمالهم في نهار رمضان..
BY الصفحة الرسمية للشيخ نزار بن هاشم العباس
Share with your friend now:
tgoop.com/shnizaralabbas/1436