tgoop.com/shnizaralabbas/1059
Last Update:
[تنبيهٌ ووقفةٌ مهمةٌ حول باب الإخبار عن الله]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛ فإن الإخبار عن الله ليس باباً واسعاً يُتكلم فيه عن الله بما نشاء وبما يجري على ألسنة الناس؛ فإن هذا الباب حين تكلم فيه أهل العلم يقصدون به أن نميز ما يكون من أسماء الله الحسنى وما يكون من صفاته العليا وما يكون إخباراً عن الله وعن أفعاله مما لا تُشتق وتؤخذ منه الأسماء الحسنى، أو ما تكون حوجة الأمر تدعو إليه مِن مُحاجَّة خصوم أهل السنة ودحض شبههم؛ كالإخبار عن وجود الله وأنه موجود، أو أنه سبحانه شيءٌ، فهو موجودٌ ليس كوجود المخلوق، وشيءٌ ليس كبقية الأشياء سبحانه وتعالى.
لذا لا تجد مطلقاً أهل العلم يأتون بألفاظ عامة الناس ويخبرون بها عن الله؛ تعظيماً لله وتوقيراً وتأدباً مع عظمة هذا الباب العظيم الخطير.
فلفظة (شَنَقَ) و(دَوَّخَ) ألفاظٌ لا تليق تجاه جناب الله وعظمته فتُطلق عليه! بل لم يطلقها العلماء ناهيك عن أن (الشَّنق) في واقع الأمر ليس حكماً شرعياً وليس هو القصاص الشرعي، وإنما هو مخالف لحكم الإسلام في عقوبة القاتل أو من حَكَم الشرعُ وقياسُ النصِّ أو الأولويةُ بقتله -كتجار ومروجي المخدرات مثلاً-.
فالله تعالى ينزَّه عن هذا جل وتقدس وعلا، فكان يكفي أن يقال: قتلهم الله، أو أهلكهم، أو شقَّ الله عليهم. عملاً بالنصوص وما يستساغ لفظاً ومعنى.
وكذا يقال في لفظة (دَوَّخ) و(دَوَّخَهم) لأنه من حيث المضمون تحمل معنى مغالبةٍ ومنازعةٍ وتمرُّدٍ من جهة فقوبلت بنقيض ذلك، وهي لفظة ليست بعلمية ويقولها كل من هب ودب، ولَم ولا يستعملها علماء السنة قديماً وحديثاً.
ثم ما الداعي وما الدافع لمثل استخدام هذه الألفاظ أصلاً؟!!! وكثرة الكلام والتكرار ومجاراة ألفاظ عامة الناس؟!! فإن علماء السنة أهل الحديث والأثر على نهج السلف الصالح لا يكثرون الكلام في هذا الباب ويحترمونه ولا يثرثرون ولا يتشدقون فيه مطلقاً، وإنما يقتفون الأثر النصي لخطورة هذا الباب إلا لضرورةٍ تدفعهم لذلك حين محاجَّة ومحاولة هداية الخصوم المخالفين ودفع شبهتهم كاستخدامهم لفظ (الموجود) لإثبات بطلان عقيدة المعطلة والمشبهة فهو موجودٌ ووجوده ليس كوجود خلقه وليس عدماً منفياً، وكذا لفظة (الذات). كما قال العلماء المحققون بأن السلف لم يكونوا يقولون: (القرآن كلام الله ليس بمخلوق) بل كانوا يكتفون بما جاء به النص: (القرآن كلام الله) أخذاً من قول الله: ((حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله)) وغيره، حتى ظهرت بدعة القول بخلق القرآن فقالوها تميزاً وتقريراً ومزيد إثباتٍ ودحضاً لباطل القوم.
وكذا لفظة (الذات) تجاه استواء الله تعالى وعلوه على عرشه سبحانه قالوها: (على العرش بذاته، واستوى عليه بذاته) رداً على المخالفين النافين والمعطِّلين لعلو الله واستوائه على عرشه سبحانه وتعالى، هكذا كانوا -رحمهم الله- وعلى هذا سار علماء السنة المعاصرين -رحمهم الله وحفظ من كان حياً على الحق-.
فانظروا -وفقكم الله لكل خيرٍ- في كلامهم وكتبهم وميراثهم لا يمشون ولا يقولون إلا ما قال الأولون على وحي الكتاب والسنة وسيرة السالفين.
وعلى هذا يُفهم وينضبط هذا الباب، فليس باب الإخبار بهذه السعة التي يذكرها من يذكرها ليقول ما شاء كما شاء ويجاري ألفاظ البشر بإطلاقٍ، فلابد من هضم الأمور هذه جيداً وكثرة النظر والرجعة إلى كتب السلف ومن سار على طريقتهم من تابعيهم خاصة شيخي الإسلام الكبير ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحم الله الجميع- في باب الأسماء والصفات وسائر الاعتقاد وغيره لنضبط ألفاظنا بل حتى عقائدنا وسائر شؤن ديننا ولنترك كل أنواع التشدق والتكلف وكثرة الكلام والثرثرة ومجاراة الناس والفرق والجماعات والإغراق في باب العربية وعلومها والإغراب اللفظي -لا استهانةً وتحقيراً لكن ضبطاً وحفاظاً على الوسيلة كوسيلةٍ لا جَعْلها غايةً وتكلفاً؛ فإنها علومٌ خطرة أحياناً وتصرف عن المراد الأسمى إنْ لَم يوفَّق العبد في أخذها وتعاطيها-.
فأسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
كتبه
نزار بن هاشم العباس
٩/ربيع الآخر/١٤٤١
الصفحة الرسمية للشيخ على التلجرام:
http://bit.ly/1Oj7urP
BY الصفحة الرسمية للشيخ نزار بن هاشم العباس

Share with your friend now:
tgoop.com/shnizaralabbas/1059