tgoop.com/shahidzaid/19977
Last Update:
وكـم وجدنا، كم وجدنا ممن قطعوا أعمارهم في زاوية من زوايا بيوتهم بين ركام الكتب يظنون أن هناك العلم وحده، وأن ذلك مصدره وحده، كم وجدنا من أقوال، كم وجدنا من الجهالات، وتجد لأولئك المجاهدين كالخميني مثلاً وكالإمام زيد (عليه السلام)، وكالإمام الهادي (عليه السلام)، وأمثالهم من المجاهدين تجد الحكمة، وتجد العلم، وتجد الهدى لديهم، وهم بعضهم لم يعش كنصف عمر ذلك الشخص الذي عاش ستين سنة أو سبعين سنة في زاوية من زوايا بيته بين ركام الكتب، ترى في أقواله الكثير من الجهالات، ترى في عقائده، في نظراته الكثير من الأخطاء.
لأن النظرة من أساسها خاطئة، أن تظن أن هذا الكتاب أو ذلك الكتاب هو كل شيء، إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل حتى القرآن بدلاً عنه، هو من يهدي، وهو من يعلِّم، وهو من يؤتي الحكمة من داخـل كتابه، وممن يشدهم كتابه إليه، وليس لمن يرون كتابه حتى كتابه بدلاً عنه، فكيف بمن يرى كتباً أخرى هي من كتب البشر بدلاً عن أن يجاهدوا في سبيل الله، وأن يكونوا من المحسنين ليحصلوا على العلم والحكمة من قبل الله.
ثم كم وجدنا ممن حملوا علماً وليس لديهم حكمة، ومتى كان للإنسان علم دون حكمة يتحول علمه إلى ماذا؟ إلى صد عن سبيل الله في أغلب الحالات، يتحول علمه إلى إضلال.
الإنسان يحتاج إلى حكمة مع علمه وهو يتجه بعلمه إلى نفسه، ويحتاج إلى حكمة مع علمه وهو يدعو الآخرين إلى ربه، إذا ما فقدت الحكمة وأنت تعلم نفسك ستفقد الحكمة وأنت تعلم الآخرين، من أين تأتي الحكمة؟ لا يستطيع أحد أن يؤتيك الحكمة إلا الله سبحانه وتعالى، وهو هو من قال لشباب كانوا في مراحل التعليم {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} شاب، وقد يكون البعض يرى بأنه قد بلغ السن الذي فاته فيه أن يتعلم. نشأ يوسف (عليه السلام) في مصر، من الذي علم يوسف (عليه السلام)؟ ألم يأخذه أخوته وهو صغير، وسجنوه في البئر، ثم مشى وقطع فترة طويلة من عمره داخل قصر يشتغل أشبه شيء بخادم؟
ثم موسى من الـذي علمـه في مجتمـع ك(ذلك المجتمع)، مجتمع الفراعنة؟ هو الله سبحانه وتعالى الذي قال: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.
ثم انظر كيف كانت مواقف موسى (عليه السلام)، ذلك الذي نشأ في بيئة جاهلة، ألم ينشأ في بيئة جاهلة في مصر، مصر الفرعونية، هـل كـان هنـاك مراكـز؟ هنـاك مـدارس علم؟ ربما قد يحصل لديـه القليـل ممـا يعرفه عن ديانة آبائه من بني إسرائيل، لكنك تجده في القرآن يقدم حكيماً قبل النبوة، ويقدم عالماً قبل النبوة أيضًا، من أين جاء هذا؟ لأنه انطلق كما قال الله عنه في مجالات الإحسان فآتاه الله حكماً وعلمًا.
كذلك يوسف ألم يكن تصرفه حكيمًا، ومنطقه حكيمًا وهو في مصر؟ والنساء يحاولن وراءه، ثم وهو في السجن، ثم وهو كوزير للاقتصاد، أو وزير للمالية، ألم يكن منطقه حكيماً وتصرفه حكيمًا؟ ألم يكن استقبالـه لأبويـه وإخوته حكيمًا ومنطقه معهم؟ من أين جاء هذا؟ من الله سبحانه وتعالى.
أما الذي ينصرف ويقول: هؤلاء الناس يضيعون أوقاتهم بين ندوات وجلسات وأمسيات، لماذا لا يتفرغون لطلب العلم؟ هـذه نظـرة جاهلة، سيكفيك كتاب واحد وترى نفسك أنه يكفيك أكثر من عشرات الكتب التي قطع ذلك الشخص عمره وهو يتردد بينها، ويقرؤها كتاباً بعد كتاب، ويردد الكتاب مرتين أو ثلاث.
ثـم وجـدنـا في الأخيـر أننا كنا نقطع أيامنا مع كتب وإذا هي ضلال كلها من أولها إلى آخرها ككتب [أصول الفقه] بقواعده، وإذا هي وراء كل ضلال نحن عليه، وراء قعود الزيدية، وراء ضرب الزيدية، وراء هذه الروحية المتدنية لدى الزيدية، التي تختلف اختلافاً كلياً عما كان عليه السابقون من أهل البيت وشيعتهم.
وهي التي نسهر ونحن نراجع الدروس فيها، وهي هي من نحملها معنـا إلى داخـل المساجـد، ومـا أبعدها عن واقع المساجد، ثم وإذا بنا نجني على أنفسنا، ونجني على مساجدنا من تلك الكتب التي كنا نرى أنفسنا نتعبد الله بقراءتها، وإذا بها هي التي عطلت مساجدنا فلم تصبح لها روحيتها التي لروحية مسجد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وإذا بنا فقدنا روحيتنا التي كانت لأهل البيت وشيعتهم السابقين.
هذا ما سيحصل عليه من سيسخر ممن ينطلقون في الأعمال في سبيل الله، الأعمال التي هي تدافع عن هذا الدين، وهي جهاد في سبيله ومواجهة لأعدائه، أليس هذا هو مـا نتكلـم عنـه، ونحاول أن نسير فيه ونحن نرى أعداء الإسلام يصلون إلى كل منطقة؟ ونحن نرى أمريكا وإسرائيل، ونسمع أن الأمريكيين قد وصلوا إلى بلادنا؟ ماذا سيعمل أولئك الذين في زوايا المساجد ماذا سيعملون؟ هو من سيبحث عن مبرر لقعوده، ومن أين سيحصل؟ من القرآن؟ لا. لن يحصل عليه من القرآن، سيحصل عليه من بطون الكتب الأخرى.
BY مؤسسة الشهيد زيد علي مصلح
Share with your friend now:
tgoop.com/shahidzaid/19977