tgoop.com/sd_anonymous/29260
Last Update:
اعلم أنَّ أشعَّةَ لا إله إلّا الله تُقطِّع من ضَبابِ الذُّنوب وغَيمها بقدر قوَّة ذلك الشُّعاع وضَعْفِه، فلها نورٌ، وتفاوتُ أهلها في ذلك النُّور قوّةً وضعفًا لا يحصيه إلّا الله تعالى.
فمن النّاس مَن نورُ هذه الكلمة في قلبه كالشَّمس.
ومنهم مَن نورُها في قلبه كالكوكب الدُّرِّيِّ. ومنهم مَن نورُها في قلبه كالمِشْعَل العظيم، وآخَرُ كالسِّراج المضيء، وآخَر كالسِّراج الضَّعيف.
ولهذا تظهر الأنوارُ يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار، بحسب ما هو في قلوبهم من نور هذه الكلمة علمًا وعملًا ومعرفةً وحالًا. وكلَّما عظُمَ نورُ الكلمة واشتدَّ أحرَقَ من الشُّبهات والشَّهوات بحسب قوَّته وشدَّته، حتّى إنَّه ربَّما وصل إلى حالٍ لا يصادف شبهةً ولا شهوةً ولا ذنبًا إلَّا أحرَقَه.
وهذه حالُ الصَّادق في توحيده، الذي لم يُشرك بالله شيئًا. فأيُّ ذنبٍ أو شهوةٍ أو شبهةٍ دنت من هذا النُّور أحرَقَها. فسماءُ إيمانه قد حُرِسَتْ بالنُّجوم من كلِّ سارقٍ لحسناته، فلا ينال منه السَّارقُ إلّا على غِرَّةٍ وغفلةٍ لا بدَّ منها للبشر. فإذا استيقظ وعَلِمَ ما سُرِقَ منه استنقذه من سارقه، أو حصَّل أضعافَه بكسبه. فهو هكذا أبدًا مع لصوص الجنِّ والإنس، ليس كمن فَتَح لهم خِزانتَه ، وولّى البابَ ظهرَه.
ابن القيم | مدارج السالكين
BY Sudanese anonymous
Share with your friend now:
tgoop.com/sd_anonymous/29260