tgoop.com/oopdf/51658
Last Update:
مدخل عن رواية ام سعد
أم سعد امرأة حقيقية ، أعرفها جيداً ، وما زلت أراها دائماً ، وأحادثها ، وأتعلم منها ، وتربطني بها قرابة ما. ومع ذلك فلم يكن هذا بالضبط ، ما جعلها مدرسة يومية ، فالقرابة التي تربطني بها واهية اذا ما هي قيست بالقرابة التي تربطها بتلك الطبقة الباسلة المسحوقة والفقيرة والمرمية في مخيمات البؤس والتي عشت فيها ومعها ولست أدري كم عشت لها. « إننا نتعلم من الجماهير ونعلمها ومع ذلك فإنه يبدو لي يقيناً أننا لم نتخرج بعد من مدارس الجماهير ، المعلم الحقيقي الدائم ، هو الذي في صفاء رؤياه تكون الثورة جزءاً لا ينفصم عن الخبز والماء وأكف الكدح ونبض القلب. لقد علمتني أم سعد كثيراً ، وأكاد أقول إن كل حرف جاء في السطور التالية إنما هو مقتنص من بين شفتيها اللتين ظلتا فلسطينيتين رغم كل شيء ، ومن كفيها الصلبتين اللتين ظلتا ، رغم كل شيء ، تنتظران السلاح عشرين سنة.
ومع ذلك فأم سعد ليست امرأة واحدة ، ولولا أنها ظلت جسداً وعقلاً وكدحاً ، في قلب الجماهير وفي محور همومها ، وجزءاً لا ينسلخ عن يومياتها ، لما كان بوسعها أن تكون ما هي ، ولذلك فقد كان صوتها دائماً بالنسبة لي هو صوت تلك الطبقة الفلسطينية التي دفعت غالياً ثمن الهزيمة. والتي تقف الآن تحت سقف البؤس الواطئ في الصف العالي من المعركة ، وتدفع ، وتظل تدفع أكثر من الجميع.
غسان كنفاني
BY روايات 👑 كتب 📠 اقتباسات 💭
Share with your friend now:
tgoop.com/oopdf/51658