خــــــواطر وثقافات

" حلم كُمساري " !
وقف في المحطة مُتعباً وأخذ يُلَوِّح بيده قائلاً " عربي عربي " ، ملّ هذه الجملة كثيراً ، حَفِظها حتى أنه باتَ يُردّدُها في نومه ليستيقظ ويجد نفسَه أنه كان يحلم .. تنهّد ثم أخذ يواصل في مناداته .. كان أكثر ما يُصْبِرُه على هذه الكلمة أنها كانت حلمه يوماً .. لَمَحَ في تلك اللحظة صديقاً كان يدرس معه في الثانوية العامة .. تلَفّح وشاحه الذي يرتديه خوفاً مِن أن يعرفه .. ولسوء حظه رَكِبَ ذلك الصديق معه .. كان يرتدي ملابسه الجامعية .. حاول ذلك "الكُمساري" الحزين أن يتحاشى نظرات صديقه الذي كان يُحدّق فيه كي يتأكد مِن أنه هو .. هو نفسه ذلك الشخص الذي كان يحلم معه .. تقاسما أحلامهما سوياً وعزما على أن يدرسا ذات الكلية "كلية الآداب قسم اللغة العربية" .. وها هو الآن يرى ذلك الصديق نفسه يعمل "كُمساري" في إحدى الحافلات التي يُمكِنُه القول أنها ربما صُنِعَت مِن الخُرده لِقدَمها وسوئها .. لم يكن بِيَد ذلك "الكُمساري" شئ سوى أن يتأسّى ويصبر .. قرر ألا يأخذ منه تذكرة تلك الحافلة المُتهالِكَة إيفاءً لصداقتهما .. شَرَدَ بِذِهنهِ بعيداً ليجد أن أحدهم يُريدُ النزول أمام كلية الآداب .. كان هو نفسه ذلك الصديق والآن إزداد حُزنُه أضعافاً وقلبُه إنكساراً بعد أن أدرك أن صديقه قد حقق حلمه وبات يدرس في ذات الكلية التي يحلم بها .. تصّنع أنه مشغولاً بِعَدْ المال الذي في يده .. ولكن صديقه حينما أحسّ بشعوره أخذ خمسين جنيهاً خُطّ على أحد وجهَيْها " سنَظَلُ على العهد يا رفيقي ما حَيينا ونُحَقِق أحلامنا سوياً " وناوَلها أحد الرُكّاب قائلا له : أعطِها ذلك الشاب وأترك الباقي عليه .. لم يستطع أن يُطلق على صديقه إسم "كمساري" إكتفى بكلمة شاب ومضى .. قرأ "الكُمساري" تلك الجملة التي أبهجتْ أساريره وأعادتْ البسمة لِثغره الحزين ثُم أخذ يُلَوِّحُ بيده ويُنادِي بحلمه قائلاً "عربي عربي" 🌸

#قُباء_بابِكِر
ـــــــــــــــــــــــــــ
هذا النَص كُتِب منذُ الثامن من أبريل في ظِل نظام العسكر و أبّت نفسي إلا أن تنشره في عهد مدني يتحقق فيه حلم ذلك "الكُمساري"

www.tgoop.com/my_memo/7682

1.02K viewsAug 21, 2019 at 07:35

" حلم كُمساري " !
وقف في المحطة مُتعباً وأخذ يُلَوِّح بيده قائلاً " عربي عربي " ، ملّ هذه الجملة كثيراً ، حَفِظها حتى أنه باتَ يُردّدُها في نومه ليستيقظ ويجد نفسَه أنه كان يحلم .. تنهّد ثم أخذ يواصل في مناداته .. كان أكثر ما يُصْبِرُه على هذه الكلمة أنها كانت حلمه يوماً .. لَمَحَ في تلك اللحظة صديقاً كان يدرس معه في الثانوية العامة .. تلَفّح وشاحه الذي يرتديه خوفاً مِن أن يعرفه .. ولسوء حظه رَكِبَ ذلك الصديق معه .. كان يرتدي ملابسه الجامعية .. حاول ذلك "الكُمساري" الحزين أن يتحاشى نظرات صديقه الذي كان يُحدّق فيه كي يتأكد مِن أنه هو .. هو نفسه ذلك الشخص الذي كان يحلم معه .. تقاسما أحلامهما سوياً وعزما على أن يدرسا ذات الكلية "كلية الآداب قسم اللغة العربية" .. وها هو الآن يرى ذلك الصديق نفسه يعمل "كُمساري" في إحدى الحافلات التي يُمكِنُه القول أنها ربما صُنِعَت مِن الخُرده لِقدَمها وسوئها .. لم يكن بِيَد ذلك "الكُمساري" شئ سوى أن يتأسّى ويصبر .. قرر ألا يأخذ منه تذكرة تلك الحافلة المُتهالِكَة إيفاءً لصداقتهما .. شَرَدَ بِذِهنهِ بعيداً ليجد أن أحدهم يُريدُ النزول أمام كلية الآداب .. كان هو نفسه ذلك الصديق والآن إزداد حُزنُه أضعافاً وقلبُه إنكساراً بعد أن أدرك أن صديقه قد حقق حلمه وبات يدرس في ذات الكلية التي يحلم بها .. تصّنع أنه مشغولاً بِعَدْ المال الذي في يده .. ولكن صديقه حينما أحسّ بشعوره أخذ خمسين جنيهاً خُطّ على أحد وجهَيْها " سنَظَلُ على العهد يا رفيقي ما حَيينا ونُحَقِق أحلامنا سوياً " وناوَلها أحد الرُكّاب قائلا له : أعطِها ذلك الشاب وأترك الباقي عليه .. لم يستطع أن يُطلق على صديقه إسم "كمساري" إكتفى بكلمة شاب ومضى .. قرأ "الكُمساري" تلك الجملة التي أبهجتْ أساريره وأعادتْ البسمة لِثغره الحزين ثُم أخذ يُلَوِّحُ بيده ويُنادِي بحلمه قائلاً "عربي عربي" 🌸

#قُباء_بابِكِر
ـــــــــــــــــــــــــــ
هذا النَص كُتِب منذُ الثامن من أبريل في ظِل نظام العسكر و أبّت نفسي إلا أن تنشره في عهد مدني يتحقق فيه حلم ذلك "الكُمساري"

BY خــــــواطر وثقافات