MOHMMADIYON Telegram 12275
زيارة الأربعين بين العاطفة والوعي الجهادي


جعفر الزنكي
البصرة الفيحاء
٢١ صفر ١٤٤٧

إنّ زيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام تمثّل واحدة من أعظم الشعائر الدينية التي تعكس عمق الولاء لأهل البيت عليهم السلام، وتجسّد معنى الثبات على طريق الحق مهما بلغت التضحيات. فهي ليست مجرّد مسيرة مليونيّة يُعبَّر فيها عن المحبّة والحنين إلى سيد الشهداء، بل هي مدرسة عملية تختصر دروس النهضة الحسينية كلّها: الوعي، التضحية، نصرة الحق، مواجهة الطغيان، والتهيؤ للجهاد في سبيل الله.

لكن مع عظمة هذه الزيارة وخطورة رمزيتها، يبقى السؤال الأساس: ما قيمة هذه الشعيرة إن لم تحوِّل الزائر إلى إنسان واعٍ بقضية الأمة؟ وما جدواها إن لم تهيِّئه ليكون مجاهداً صادقاً في صفوف الحق؟

١- الحسين مشروع جهادي لا طقس عبادي فقط

الإمام الحسين عليه السلام خرج ليواجه أعظم طغيان في زمانه، ولم يخرج لأجل مقام ذاتي أو طلب دنيا، بل لأجل إقامة الدين وإحياء قيم العدل والحرية. فهل من المنطقي أن يتحوّل مشروعه الرسالي إلى مجرّد طقس شكلي يُفرغ من مضمونه الثوري؟

الزيارة الحقيقية تعني أن يقف الزائر عند قبره الشريف وهو يعلن:

“يا أبا عبد الله، إنّي سلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمن حاربكم، إلى يوم القيامة”.

وهذا النصّ ليس دعاءً عاطفياً بل عهدٌ سياسي-جهادي يلزم المؤمن بأن يكون حيث تكون جبهة الحق، وأن يقف ضد كل من يحارب الإسلام المحمدي الأصيل.

٢- زيارة بلا وعي = ترف روحي قد يبعدك عن الله

حين يترك الإنسان أمّته تنزف في فلسطين، واليمن، ولبنان، وإيران، وساحات المواجهة مع قوى الاستكبار، ثم يذهب إلى كربلاء وكأنّ شيئاً لم يحدث، فإنّه يقع في خطر الانفصال بين العبادة والجهاد. هذا الانفصال هو ذاته الذي حذّر منه القرآن الكريم حين ذمّ الذين “اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا”.

الزيارة بلا وعي رسالي قد تتحوّل إلى نوع من الترف الروحي الذي يسكّن ضمير الإنسان، فيشعر أنّه أدّى ما عليه بالدموع والمشي والتعب، بينما يترك التكليف الحقيقي: مواجهة الطاغوت والدفاع عن المستضعفين. وهذا خطر عظيم، لأنّه يجعل الشعائر بديلاً عن الواجبات الشرعية الكبرى.

٣- فلسطين واليمن ولبنان وإيران.. الامتحان الحقيقي للزائر الحسيني

اليوم، أمّة الإسلام تعيش حالة جهادية كبرى في أكثر من ساحة، وكلّها تمثّل الامتحان الحقيقي لصدق الولاء للحسين:
• في فلسطين يخوض المجاهدون أشرس مواجهة مع الاحتلال الصهيوني، حيث تُسكب الدماء دفاعاً عن القدس وعن الأرض المباركة.
• في اليمن يصمد شعبٌ أعزل تقريباً أمام حرب وحصار عالمي، رافعاً راية “هيهات منّا الذلّة” بوجه الاستكبار.
• في لبنان يقف رجال المقاومة على حدود فلسطين المحتلّة، يحملون دماءهم على أكفّهم، معلنين أنّهم الامتداد الطبيعي لثورة كربلاء في هذا العصر.
• في إيران يقود الشعب والدولة معاً مشروع المواجهة مع الاستكبار العالمي، وقدّموا آلاف الشهداء دفاعاً عن الإسلام وقضايا الأمة.

أمام هذه الساحات، لا يمكن لزائر الأربعين أن يدّعي حبّ الحسين ثم يقف على الحياد. لأنّ الحسين حاضر في كل جبهة تُقاتل الطغيان، وغائب عمّن يحوّل زيارته إلى مجرد طقس عاطفي منفصل عن معركة الأمة.

٤- الأربعين: منبر عالمي للرسالة

الملايين الذين يتوجّهون إلى كربلاء في الأربعين يشكّلون قوّة عظيمة لو تحوّلت هذه الحشود إلى وعي جماعي يعلن الموقف الواضح ضد الاستكبار، ويدعو إلى نصرة فلسطين واليمن ولبنان وإيران وكل ساحات المقاومة. عندها تصبح زيارة الأربعين ليس فقط شعيرة دينية، بل حدثاً سياسياً-حضارياً يرعب الأعداء ويبعث الأمل في قلوب المستضعفين.

لكن إذا بقيت هذه الحشود مجرّد تظاهرة خالية من الوعي، فإنّها تُستَغل وتُفرَّغ من مضمونها، وربما تتحوّل مع الوقت إلى ما يشبه “مهرجاناً دينياً سياحياً” بلا أثر في الواقع. وهذا ما يجب أن نحذّر منه.

٥- خلاصة: أربعين بلا جهاد.. بلا قيمة

إنّ زيارة الأربعين بلا شكّ عمل عظيم وثوابها جزيل، لكن قيمتها الحقيقيّة لا تتحقّق إلا إذا كانت بوابة للجهاد، مدرسة للوعي، وميداناً لتجديد العهد مع الحسين بأن نقف حيث يريدنا أن نقف:
• مع المقاومة ضد إسرائيل.
• مع اليمن ضد العدوان.
• مع لبنان ضد المشروع الصهيوني.
• مع إيران في مواجهة الاستكبار.

من يذهب إلى الأربعين ويعود إلى بيته وهو غافل عن معركة الأمة، فقد خسر جوهر الحسين. ومن يذهب وهو يحمل همّ الجهاد، فقد نال أعظم وسام: وسام النصرة للحسين في هذا الزمان.



🔻 النتيجة: زيارة الأربعين ليست هدفاً بذاتها، بل وسيلة للتقرب إلى الله عبر الحسين عليه السلام، وهذا القرب لا يتحقق إلا بالالتحاق بمسيرة الجهاد والمقاومة. وأيّ زيارة تُبعدك عن هذا المعنى إنّما هي ترف روحي، وربما تصبح حجاباً يحول بينك وبين الله.



جعفر الزنكي
البصرة الفيحاء
٢١ صفر ١٤٤٧

https://www.tgoop.com/mohmmadiyon



tgoop.com/mohmmadiyon/12275
Create:
Last Update:

زيارة الأربعين بين العاطفة والوعي الجهادي


جعفر الزنكي
البصرة الفيحاء
٢١ صفر ١٤٤٧

إنّ زيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام تمثّل واحدة من أعظم الشعائر الدينية التي تعكس عمق الولاء لأهل البيت عليهم السلام، وتجسّد معنى الثبات على طريق الحق مهما بلغت التضحيات. فهي ليست مجرّد مسيرة مليونيّة يُعبَّر فيها عن المحبّة والحنين إلى سيد الشهداء، بل هي مدرسة عملية تختصر دروس النهضة الحسينية كلّها: الوعي، التضحية، نصرة الحق، مواجهة الطغيان، والتهيؤ للجهاد في سبيل الله.

لكن مع عظمة هذه الزيارة وخطورة رمزيتها، يبقى السؤال الأساس: ما قيمة هذه الشعيرة إن لم تحوِّل الزائر إلى إنسان واعٍ بقضية الأمة؟ وما جدواها إن لم تهيِّئه ليكون مجاهداً صادقاً في صفوف الحق؟

١- الحسين مشروع جهادي لا طقس عبادي فقط

الإمام الحسين عليه السلام خرج ليواجه أعظم طغيان في زمانه، ولم يخرج لأجل مقام ذاتي أو طلب دنيا، بل لأجل إقامة الدين وإحياء قيم العدل والحرية. فهل من المنطقي أن يتحوّل مشروعه الرسالي إلى مجرّد طقس شكلي يُفرغ من مضمونه الثوري؟

الزيارة الحقيقية تعني أن يقف الزائر عند قبره الشريف وهو يعلن:

“يا أبا عبد الله، إنّي سلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمن حاربكم، إلى يوم القيامة”.

وهذا النصّ ليس دعاءً عاطفياً بل عهدٌ سياسي-جهادي يلزم المؤمن بأن يكون حيث تكون جبهة الحق، وأن يقف ضد كل من يحارب الإسلام المحمدي الأصيل.

٢- زيارة بلا وعي = ترف روحي قد يبعدك عن الله

حين يترك الإنسان أمّته تنزف في فلسطين، واليمن، ولبنان، وإيران، وساحات المواجهة مع قوى الاستكبار، ثم يذهب إلى كربلاء وكأنّ شيئاً لم يحدث، فإنّه يقع في خطر الانفصال بين العبادة والجهاد. هذا الانفصال هو ذاته الذي حذّر منه القرآن الكريم حين ذمّ الذين “اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا”.

الزيارة بلا وعي رسالي قد تتحوّل إلى نوع من الترف الروحي الذي يسكّن ضمير الإنسان، فيشعر أنّه أدّى ما عليه بالدموع والمشي والتعب، بينما يترك التكليف الحقيقي: مواجهة الطاغوت والدفاع عن المستضعفين. وهذا خطر عظيم، لأنّه يجعل الشعائر بديلاً عن الواجبات الشرعية الكبرى.

٣- فلسطين واليمن ولبنان وإيران.. الامتحان الحقيقي للزائر الحسيني

اليوم، أمّة الإسلام تعيش حالة جهادية كبرى في أكثر من ساحة، وكلّها تمثّل الامتحان الحقيقي لصدق الولاء للحسين:
• في فلسطين يخوض المجاهدون أشرس مواجهة مع الاحتلال الصهيوني، حيث تُسكب الدماء دفاعاً عن القدس وعن الأرض المباركة.
• في اليمن يصمد شعبٌ أعزل تقريباً أمام حرب وحصار عالمي، رافعاً راية “هيهات منّا الذلّة” بوجه الاستكبار.
• في لبنان يقف رجال المقاومة على حدود فلسطين المحتلّة، يحملون دماءهم على أكفّهم، معلنين أنّهم الامتداد الطبيعي لثورة كربلاء في هذا العصر.
• في إيران يقود الشعب والدولة معاً مشروع المواجهة مع الاستكبار العالمي، وقدّموا آلاف الشهداء دفاعاً عن الإسلام وقضايا الأمة.

أمام هذه الساحات، لا يمكن لزائر الأربعين أن يدّعي حبّ الحسين ثم يقف على الحياد. لأنّ الحسين حاضر في كل جبهة تُقاتل الطغيان، وغائب عمّن يحوّل زيارته إلى مجرد طقس عاطفي منفصل عن معركة الأمة.

٤- الأربعين: منبر عالمي للرسالة

الملايين الذين يتوجّهون إلى كربلاء في الأربعين يشكّلون قوّة عظيمة لو تحوّلت هذه الحشود إلى وعي جماعي يعلن الموقف الواضح ضد الاستكبار، ويدعو إلى نصرة فلسطين واليمن ولبنان وإيران وكل ساحات المقاومة. عندها تصبح زيارة الأربعين ليس فقط شعيرة دينية، بل حدثاً سياسياً-حضارياً يرعب الأعداء ويبعث الأمل في قلوب المستضعفين.

لكن إذا بقيت هذه الحشود مجرّد تظاهرة خالية من الوعي، فإنّها تُستَغل وتُفرَّغ من مضمونها، وربما تتحوّل مع الوقت إلى ما يشبه “مهرجاناً دينياً سياحياً” بلا أثر في الواقع. وهذا ما يجب أن نحذّر منه.

٥- خلاصة: أربعين بلا جهاد.. بلا قيمة

إنّ زيارة الأربعين بلا شكّ عمل عظيم وثوابها جزيل، لكن قيمتها الحقيقيّة لا تتحقّق إلا إذا كانت بوابة للجهاد، مدرسة للوعي، وميداناً لتجديد العهد مع الحسين بأن نقف حيث يريدنا أن نقف:
• مع المقاومة ضد إسرائيل.
• مع اليمن ضد العدوان.
• مع لبنان ضد المشروع الصهيوني.
• مع إيران في مواجهة الاستكبار.

من يذهب إلى الأربعين ويعود إلى بيته وهو غافل عن معركة الأمة، فقد خسر جوهر الحسين. ومن يذهب وهو يحمل همّ الجهاد، فقد نال أعظم وسام: وسام النصرة للحسين في هذا الزمان.



🔻 النتيجة: زيارة الأربعين ليست هدفاً بذاتها، بل وسيلة للتقرب إلى الله عبر الحسين عليه السلام، وهذا القرب لا يتحقق إلا بالالتحاق بمسيرة الجهاد والمقاومة. وأيّ زيارة تُبعدك عن هذا المعنى إنّما هي ترف روحي، وربما تصبح حجاباً يحول بينك وبين الله.



جعفر الزنكي
البصرة الفيحاء
٢١ صفر ١٤٤٧

https://www.tgoop.com/mohmmadiyon

BY محمديون للثقافة والنشر




Share with your friend now:
tgoop.com/mohmmadiyon/12275

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Telegram channels enable users to broadcast messages to multiple users simultaneously. Like on social media, users need to subscribe to your channel to get access to your content published by one or more administrators. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? It’s easy to create a Telegram channel via desktop app or mobile app (for Android and iOS): During a meeting with the president of the Supreme Electoral Court (TSE) on June 6, Telegram's Vice President Ilya Perekopsky announced the initiatives. According to the executive, Brazil is the first country in the world where Telegram is introducing the features, which could be expanded to other countries facing threats to democracy through the dissemination of false content. Concise
from us


Telegram محمديون للثقافة والنشر
FROM American