MOHAMMADSHIKEH Telegram 1391
(خُزاعةُ وغزةُ)

في السنةِ السادسةِ للهجرةِ وُقِّعتِ المصالحةُ بينَ النبيِّ_ صلى الله عليه وسلم _ وبينَ وقريشٍ، وسُميتْ (صلحَ الحديبيةِ)، وكانَ منْ بنودِها: أنَّ مَنْ أرادَ الدخولَ في حِلْفِ المسلمينَ فلهُ ذلك، ومَنْ أرادَ الدخولَ في حِلْفِ قريشٍ فلهُ ذلك؛ فدخلتْ خزاعةُ في حلفِ الرسولِ_ صلى الله عليه وسلم _، ودخلتْ بنو بَكْرٍ في حلفِ قريشٍ.

وقدْ كانَ بينَ القبيلتينِ: خزاعةَ وبني بكرٍ حروبٌ قديمةٌ وثاراتٌ؛ فأرادَ بنو بكرٍ أنْ يُصيبوا مِنْ خزاعةَ الثأرَ القديمَ، فاستعدتْ وأعدَّتْ، وأغارتْ على حينِ غَرَّةَ على خزاعةَ، حيث كانت آمنةً مطمئةً، ملتزمةً بالصلحِ الذي أُبرمَ، وحافظةً لرسولِ اللهِ ذمتَه وعهدَهُ، فأصابوا منهم مَقتلةً عظيمةً!

ومعَ هذا الغدرِ، لم تجدْ خزاعةُ إلا أنْ تفرَّ إلى الحرمِ بحكم قربها منه، لعل بني بكرٍ تقيمُ له حرمةً، فيتوقَّفَ القتلُ، فخرجوا رجالاً ونساءً وصبياناً إلى مكةَ، ولم ينفعهمْ ذلكَ، ووقع ذلك على مرأى منْ قريشٍ ومسمعٍ، وتبدَّدَ ما كانَ فيه مطمعُ، بل أدهى من ذلك وأمرُّ، حيثُ أمدُّوهم بالسلاحِ، واستمر ذلكَ حتى لاحَ الصباحُ!

فما كانَ منْ خزاعةَ إلا أنْ تفرَّ إلى المدينةِ حيثُ الصادقُ المصدوقُ، الذي لا يخفرُ عهدًا، ولا يتركُ حليفَه تنهشُه الكلابُ، وكانَ عَمرُو بنُ سالمٍ أوَّلَ مَنْ قَدِم على رسولِ الله_ صلَّى الله عليه وسلَّم _فوقَف عليه وهو جالسٌ في المسجدِ بيْن الناس، فقال‏:‏

يَا رَبِّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا .. حِلْفَنَا وَحِلْفَ أَبِيهِ الْأَتْلَدَا

فما كانَ منْ رسولِ اللهِ إلا أنْ قال: «نصرت يا عمرو بن سالم».

واضحٌ مِنَ الحادثةِ أنَّ الاعتداءَ على قبيلةِ خُزاعةَ المرتبطةِ معَ المسلمينَ بحِلفٍ قدْ عدَّه النبيُّ_ صلَّى الله عليه وسلَّم _اعتداءً عليهِ، ونقضا لعهدِهِ، وخرقًا لصلحِ الحديبيةِ، فلمْ يقبلِ النبيُّ فيه شفاعةَ أبي سفيانَ، ولم يُلْقِ لاعتذارِهِ بالا، ولم يطمعْ لتمديدِ الصلحِ؛ لأنَّ ذلكَ هو الخذلانُ، وما كان للنبيِّ أنْ يَخذلَ حلفاءَه، أو أنْ يلتفتْ عمَّنِ استنصرَ به، ولو أدَّى ذلكَ إلى خوضِ معركةٍ إستراتيجيَّةٍ في حجمِ معركة فتح مكَّةَ، فهكذا تكونُ النصرةُ، وبذلكَ يكونُ الوفاءُ.

وهكذا كانَ؛ ففي اليومِ العاشرِ منْ رمضانَ، سنةَ ثَماني للهجرةِ، شرع جيشُ الفتحِ بالتحركِ منَ المدينةِ يؤُمُّ مكةَ (أُمَّ القرى)، وكانَ جيشًا عرمرمًا، بلغَ قَوامُهُ عشرةَ آلافِ فارسٍ من صحابةِ رسولِ اللهِ الغُرِّ الميامينَ، يترأسُهم نبيُّنا وقدوتنُا رسولُ اللهِ_ وقدِ استخلفَ على المدينةِ أبا ذرٍّ الغفاريِّ _، وقد تمَّ الفتحُ في مثل هذه الأيامِ المباركةِ، في العشرينَ من رمضانَ، وكانَ كما قالَ ربُّنا سبحانه: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا).

إنَّ خزاعةَ لمَّا دخلتْ في حلفِ رسولِ اللهِ لم تكُنْ يومئذٍ على الإيمانِ، بل أسلمَ بعضُ أفرادِها، ولمْ يُهاجروا، ولو كانتْ على الإيمانِ لما لزمَها أنْ تدخلَ في حلفِ المسلمينَ؛ لأنها ستكونُ منهمْ، ولشملتْها وثيقةُ المدينةِ:" وأنَّ ذمةَ اللهِ واحدةٌ يُجيرُ عليهِم أدناهُم، وأنَّ المؤمنينَ بعضُهم مَوالي بعضٍ دونَ الناسِ"، بلْ حالُهم كحالِ يهودَ في الوثيقةِ:" وأنَّهُ مَنْ تَبعنا منْ يهودَ فإنَّ لهُ النصرَ والأسوةَ غيرَ مظلومينَ ولا مُتناصَرٍ عليهِمْ".

فلما دخلتْ خزاعةُ حلفَ رسولِ اللهِ، انطبقَ عليهِم قولُهُ:" فإنَّ لهُ النصرَ والأسوةَ غيرَ مظلومينَ ولا مُتناصَرٍ عليهِمْ".

وقد أوجبَ الإسلامُ النصرةَ لمَنْ آمنَ ولمْ يُهاجرْ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).

فإنْ كانَ هذا الحالُ مع مَنْ دخلَ في حلفِ المسلمينَ أو أنَّهُ آمنَ ولمْ يُهاجرْ، فالنصرةُ أولى وآكدُ لمَنْ كانَ مسلمًا في ديارِ الإسلامِ، وكانَ ذلكَ أعظمَ إن كانَ ذلكَ في أرضِ الأقصى والمسرى، أهلَ فلسطينَ عمومًا، وأهلَ غزةَ خصوصًا، فهكذا شأنُهم في وثيقةِ المدينةِ:" وأنَّ المؤمنينَ المتقينَ أيديهِم على كلِّ مَنْ بغَى منهُم أو ابتغَى دسيعةَ ظلمٍ أو إثماً أو عدواناً أو فساداً بينَ المؤمنين، وأنَّ أيديهِم عليهِ جميعاً ولوْ كانَ ولدَ أحدِهم. ولا يقتلُ مؤمنٌ مؤمناً في كافرٍ، ولا ينصرُ كافراً على مؤمنٍ... وأنَّ سِلْمَ المؤمنينَ واحدةٌ؛ لا يسالمُ مؤمنٌ دونَ مؤمنٍ في قتالٍ في سبيلِ اللهِ إلا على سواءٍ وعدلٍ بينهُم".

فأينَ أمةُ الإسلامِ ممَّا يحدثُ في غزةَ، حيثُ القتلُ والتدميرُ والتهجيرُ والتوجيعُ؟!

أليسَ في جيوشُ المسلمينَ رجلٌ رشيدٌ؟!



tgoop.com/mohammadshikeh/1391
Create:
Last Update:

(خُزاعةُ وغزةُ)

في السنةِ السادسةِ للهجرةِ وُقِّعتِ المصالحةُ بينَ النبيِّ_ صلى الله عليه وسلم _ وبينَ وقريشٍ، وسُميتْ (صلحَ الحديبيةِ)، وكانَ منْ بنودِها: أنَّ مَنْ أرادَ الدخولَ في حِلْفِ المسلمينَ فلهُ ذلك، ومَنْ أرادَ الدخولَ في حِلْفِ قريشٍ فلهُ ذلك؛ فدخلتْ خزاعةُ في حلفِ الرسولِ_ صلى الله عليه وسلم _، ودخلتْ بنو بَكْرٍ في حلفِ قريشٍ.

وقدْ كانَ بينَ القبيلتينِ: خزاعةَ وبني بكرٍ حروبٌ قديمةٌ وثاراتٌ؛ فأرادَ بنو بكرٍ أنْ يُصيبوا مِنْ خزاعةَ الثأرَ القديمَ، فاستعدتْ وأعدَّتْ، وأغارتْ على حينِ غَرَّةَ على خزاعةَ، حيث كانت آمنةً مطمئةً، ملتزمةً بالصلحِ الذي أُبرمَ، وحافظةً لرسولِ اللهِ ذمتَه وعهدَهُ، فأصابوا منهم مَقتلةً عظيمةً!

ومعَ هذا الغدرِ، لم تجدْ خزاعةُ إلا أنْ تفرَّ إلى الحرمِ بحكم قربها منه، لعل بني بكرٍ تقيمُ له حرمةً، فيتوقَّفَ القتلُ، فخرجوا رجالاً ونساءً وصبياناً إلى مكةَ، ولم ينفعهمْ ذلكَ، ووقع ذلك على مرأى منْ قريشٍ ومسمعٍ، وتبدَّدَ ما كانَ فيه مطمعُ، بل أدهى من ذلك وأمرُّ، حيثُ أمدُّوهم بالسلاحِ، واستمر ذلكَ حتى لاحَ الصباحُ!

فما كانَ منْ خزاعةَ إلا أنْ تفرَّ إلى المدينةِ حيثُ الصادقُ المصدوقُ، الذي لا يخفرُ عهدًا، ولا يتركُ حليفَه تنهشُه الكلابُ، وكانَ عَمرُو بنُ سالمٍ أوَّلَ مَنْ قَدِم على رسولِ الله_ صلَّى الله عليه وسلَّم _فوقَف عليه وهو جالسٌ في المسجدِ بيْن الناس، فقال‏:‏

يَا رَبِّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا .. حِلْفَنَا وَحِلْفَ أَبِيهِ الْأَتْلَدَا

فما كانَ منْ رسولِ اللهِ إلا أنْ قال: «نصرت يا عمرو بن سالم».

واضحٌ مِنَ الحادثةِ أنَّ الاعتداءَ على قبيلةِ خُزاعةَ المرتبطةِ معَ المسلمينَ بحِلفٍ قدْ عدَّه النبيُّ_ صلَّى الله عليه وسلَّم _اعتداءً عليهِ، ونقضا لعهدِهِ، وخرقًا لصلحِ الحديبيةِ، فلمْ يقبلِ النبيُّ فيه شفاعةَ أبي سفيانَ، ولم يُلْقِ لاعتذارِهِ بالا، ولم يطمعْ لتمديدِ الصلحِ؛ لأنَّ ذلكَ هو الخذلانُ، وما كان للنبيِّ أنْ يَخذلَ حلفاءَه، أو أنْ يلتفتْ عمَّنِ استنصرَ به، ولو أدَّى ذلكَ إلى خوضِ معركةٍ إستراتيجيَّةٍ في حجمِ معركة فتح مكَّةَ، فهكذا تكونُ النصرةُ، وبذلكَ يكونُ الوفاءُ.

وهكذا كانَ؛ ففي اليومِ العاشرِ منْ رمضانَ، سنةَ ثَماني للهجرةِ، شرع جيشُ الفتحِ بالتحركِ منَ المدينةِ يؤُمُّ مكةَ (أُمَّ القرى)، وكانَ جيشًا عرمرمًا، بلغَ قَوامُهُ عشرةَ آلافِ فارسٍ من صحابةِ رسولِ اللهِ الغُرِّ الميامينَ، يترأسُهم نبيُّنا وقدوتنُا رسولُ اللهِ_ وقدِ استخلفَ على المدينةِ أبا ذرٍّ الغفاريِّ _، وقد تمَّ الفتحُ في مثل هذه الأيامِ المباركةِ، في العشرينَ من رمضانَ، وكانَ كما قالَ ربُّنا سبحانه: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا).

إنَّ خزاعةَ لمَّا دخلتْ في حلفِ رسولِ اللهِ لم تكُنْ يومئذٍ على الإيمانِ، بل أسلمَ بعضُ أفرادِها، ولمْ يُهاجروا، ولو كانتْ على الإيمانِ لما لزمَها أنْ تدخلَ في حلفِ المسلمينَ؛ لأنها ستكونُ منهمْ، ولشملتْها وثيقةُ المدينةِ:" وأنَّ ذمةَ اللهِ واحدةٌ يُجيرُ عليهِم أدناهُم، وأنَّ المؤمنينَ بعضُهم مَوالي بعضٍ دونَ الناسِ"، بلْ حالُهم كحالِ يهودَ في الوثيقةِ:" وأنَّهُ مَنْ تَبعنا منْ يهودَ فإنَّ لهُ النصرَ والأسوةَ غيرَ مظلومينَ ولا مُتناصَرٍ عليهِمْ".

فلما دخلتْ خزاعةُ حلفَ رسولِ اللهِ، انطبقَ عليهِم قولُهُ:" فإنَّ لهُ النصرَ والأسوةَ غيرَ مظلومينَ ولا مُتناصَرٍ عليهِمْ".

وقد أوجبَ الإسلامُ النصرةَ لمَنْ آمنَ ولمْ يُهاجرْ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).

فإنْ كانَ هذا الحالُ مع مَنْ دخلَ في حلفِ المسلمينَ أو أنَّهُ آمنَ ولمْ يُهاجرْ، فالنصرةُ أولى وآكدُ لمَنْ كانَ مسلمًا في ديارِ الإسلامِ، وكانَ ذلكَ أعظمَ إن كانَ ذلكَ في أرضِ الأقصى والمسرى، أهلَ فلسطينَ عمومًا، وأهلَ غزةَ خصوصًا، فهكذا شأنُهم في وثيقةِ المدينةِ:" وأنَّ المؤمنينَ المتقينَ أيديهِم على كلِّ مَنْ بغَى منهُم أو ابتغَى دسيعةَ ظلمٍ أو إثماً أو عدواناً أو فساداً بينَ المؤمنين، وأنَّ أيديهِم عليهِ جميعاً ولوْ كانَ ولدَ أحدِهم. ولا يقتلُ مؤمنٌ مؤمناً في كافرٍ، ولا ينصرُ كافراً على مؤمنٍ... وأنَّ سِلْمَ المؤمنينَ واحدةٌ؛ لا يسالمُ مؤمنٌ دونَ مؤمنٍ في قتالٍ في سبيلِ اللهِ إلا على سواءٍ وعدلٍ بينهُم".

فأينَ أمةُ الإسلامِ ممَّا يحدثُ في غزةَ، حيثُ القتلُ والتدميرُ والتهجيرُ والتوجيعُ؟!

أليسَ في جيوشُ المسلمينَ رجلٌ رشيدٌ؟!

BY مُحَمّد/Mohammad


Share with your friend now:
tgoop.com/mohammadshikeh/1391

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

As of Thursday, the SUCK Channel had 34,146 subscribers, with only one message dated August 28, 2020. It was an announcement stating that police had removed all posts on the channel because its content “contravenes the laws of Hong Kong.” Those being doxxed include outgoing Chief Executive Carrie Lam Cheng Yuet-ngor, Chung and police assistant commissioner Joe Chan Tung, who heads police's cyber security and technology crime bureau. Among the requests, the Brazilian electoral Court wanted to know if they could obtain data on the origins of malicious content posted on the platform. According to the TSE, this would enable the authorities to track false content and identify the user responsible for publishing it in the first place. The group’s featured image is of a Pepe frog yelling, often referred to as the “REEEEEEE” meme. Pepe the Frog was created back in 2005 by Matt Furie and has since become an internet symbol for meme culture and “degen” culture. bank east asia october 20 kowloon
from us


Telegram مُحَمّد/Mohammad
FROM American