tgoop.com/mohamadaliyousef/5812
Last Update:
وهنا يبدأ فصل آخر من الدراما الشبحية خصوصا إذا لم يستطع الطب تقديم الكثير فاستعد حينئذ لمشاهدة "الأصحاب الجدعان" ومعهم أهل "الشبح" المتراقص على ماكينة الموت وهم يمارسون نوعًا آخر من المجدعة واستعراض القوة
ليس على الأسفلت هذه المرة، ولكن على الأطباء والممرضين وكل من سيتعرض لهم من العاملين بالمشفى، محملين إياهم مسؤولية ما حدث، وكأن قوانين الجاذبية والسرعة الفائقة والتراقص المتهور الذي كان يلهو الشبح؛ كل ذلك هو محض مؤامرة قام بها الطاقم الطبي ضد فقيدهم الذي لم يفعل شيئا يذكر اللهم إلا ما يشبه الا.نـ.تـ.حـ.ار
ارجوك لا تظن أنني أسخر منهم أو اتعالى عليهم
معاذ الله
أصارحك أن ثمة سخرية طبعا لكنها ليست منهم
ربما هي من الحالة المزرية التي أوصلتهم لهذه النسخة المؤلمة
أما بالنسبة لهم فصدقا أنا أتألم لأجلهم
إن "الأشباح" في نظري = ضحايا.
ضحايا لثقافة الاستهلاك الجشع التي حولت كل شيء إلى صورة، وكل قيمة إلى "ترند" عابر.
ضحايا لهذا السيل الجارف من السطحية الذي أغرقت كثيرا منا بدرجات متفاوتة لكن الأشباح للأسف غاصوا فيها حتى الآذان التي أبرزها ذلك القزع العنيف الذي يصرون عليه
هم ضحايا لبريق الشاشات الخادع
لضجيج المهرجانات الذي يملأ فراغ العقول والآذان ويقنعهم بأن "الكاريزما" لا تشترى إلا بهذه الهيئة والطريقة التي تماثل هذا الممثل أو ذاك المطرب
يقنعهم بأن الظهور هو ببساطة أهم من الوجود.
وهنا تكمن المفارقة المضحكة المبكية.
هذه الواجهة "الفِخِمة" غالبًا ما تكون أوهن من "الإكتوبلازم" الذي تتكون منه مادة الأشباح في أفلام الرعب والرويات الرخيصة
خدش بسيط بموقف حقيقي، وسترى "الشبح" الصلب يذوب أمامك إلى هلام مرتبك وتظهر حقيقة مباشرة
حقيقة شاب يبحث بيأس عن هوية وقبول، فاختار أقصر الطرق وأكثرها لمعانًا خادعًا
التقليد والمحاكاة.
والحق أنهم ليسوا مجرد "مُقلّدين"
اعتقد أن الأدق كونهم ممثلين بالوكالة لأدوار لم يختاروها وأزياء لا تناسب أرواحهم
أصداء مشوهة وظلال باهتة تبحث عن صورة مرضية في مرايا "الترند" البغيض التي تلتقط الأكثر صخبًا وغرابك لا لشيء إلا لتُرى
تُرى في عالم لا يلتفت إلا للضوضاء.
لذلك ورغم ما صدرت به مقالي من أنني لا أحب الأشباح إلا أنني أنصحك حين ترى أحدهم أن تتذكر حقيقة تلخص ما صدعتك به في السطور السابقة
حقيقة كون ما تراه أمامك هو مجرد عرض جانبي لأزمة أعمق
أزمة زمن غابت فيه القدوات الحقيقية وأصبحت "الترندات" هي البوصلة الرئيسية وربما الوحيدة!
عرض لمرض بحاجة حقيقية إلى ما يهونه أو يخففه كعرض وما يعالج السبب الحقيقي الكامن وراءه
بعض التوجيه الذي يناسب فهمه
جرعة من الواقع تُصب في فمه كدواء مُر
نصيحة هادئة بلغة يدرك مدلولاتها وتنتزعه ولو قليلا من أمام سيل مقاطع التيك توك والريلز
قد تكون تلك مجرد بدايات على طريق استعادة أرواح حقيقية تحل محل تلك الأشباح..
أشباح هائمة في شوارع مدينتنا
BY قناة د. محمد علي يوسف
Share with your friend now:
tgoop.com/mohamadaliyousef/5812