Telegram Web
والألفاظ اللغوية قد تفيد القطع، وإنكار ذلك قدح في قواطع الكتاب والسُّنَّة، وهو بين كفر وبدعة، ثم يلزم منه عجز الأنبياء عن تبليغ الرسالة على القطع، وفيه عجز الله تعالى عن تفهيم أحكامه على القطع من طريق الوحي، وهو محال.

(تنقيح محصول ابن الخطيب في الأصول، أمين الدين التِّبْرِيزِي مُظَفَّر بن أبي الخير بن إسماعيل الشافعي «تـ ٦٢١هـ»، تحقيق: د. حمزة زُهير حافظ، أسفار لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية، الطبعة الأولى ١٤٤٦هـ - ٢٠٢٤م، ص٤٢٢)

أفادني بهذا النص فضيلة الشيخ زياد بن أسامة خياط (مِهاد الأصول)
👍112
Forwarded from الكُنَّاشَة
🌿الحمدلله، نطلق الآن
موقع #كناشة_الأصولي
لخدمة المتخصصين بأصول الفقه


↗️
رابط الموقع
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
14👍9😍2🥰1👏1👌1
من مشكل قول الإمام أحمد في الاحتجاج بالقياس:


من مُشكل قول الإمام أحمد رحمه الله في «القياس» قوله: «يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين: المجمل والقياس».

وقد حكى الأصحابُ أنّ ظاهر العبارة يوهم إنكار القياس، ومن ثَمّ تأولوا هذا الظاهر على محمَلَين:

الأول -وهو المحَمل المشهور- : أنَّ المراد به إنكار القياس إذا خالف نصًّا؛ لأنه حينئذ يكون فاسد الاعتبار.
وهذه طريقة القاضي أبي يعلى رحمه الله في توجيه كلام الإمام أحمد، كما في «العُدّة»، وهي الطريقة المشهورة بين الأصحاب.

الثّاني: أنَّ المرادَ به إنكارُ العمل بالقياس قبل البحث عن النَّصِّ؛ وذلك لأنَّ القياس مرتبةُ ضرورةٍ -كما قاله الشافعي وارتضاه أحمد منه- فلا يُعدَلُ إليه إلا بعد البحث عن النصِّ وعدم العثور عليه.
وتمثيلُ ذلك: أنَّ القياس مع النَّصِّ مثلُ التَّيمُّم مع الوضوء، فكما أنَّه لا يُنتقَل إلى التّيمُّم إلا بعد طلب الماء وفقده؛ فكذلك لا يُنتَقل إلى القياس إلا بعد طلب النُّصوص وعدم وجدانها.
وهذه طريقة الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله في توجيه كلام الإمام أحمد، ذكرها في «المسوّدة»، وهو تقرير مستفيض في كتبه.

وهذا التأويل أقرب إلى فهم كلام الإمام أحمد؛ لأنَّ القياس المخالف للنَّصِّ معلوم البطلان عند جميع الأئمة، والتنبيه عليه قليل الفائدة مع ظهوره، وأما العمل بالقياس قبل البحث عن النصِّ، فهو محلٌّ دقيق يحسن التنبيه عليه؛ ولذا كان هذا من أهمِّ موارد النزاعِ بين أهل الحديث وأهل الرأي في العمل بدليل القياس، وذلك أنَّهم كانوا على طريقتَيْنِ متباينتَيْنِ:
🔸فطريقة فقهاء الحديث- كأحمد والشافعي وأبي عبيد ونظرائهم - هي: تنزيلُ القياس من النَّصِّ منزلة الضَّرورة، فلا يعمَدون إليه إلا بعد الإعواز من النُّصوص.
🔸وطريقة فقهاء الرأي هي: الابتدارُ إلى القياسِ قبل النَّظر في النُّصوص. والله أعلم.

#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
20👏3👍2😢1
تفسير القول المعتمد عند الشافعية بأنّ قول بعض المجتهدين إذا انتشر ولم ينكر؛ كان حجة لا إجماعًا.


«والثالث: أنه حجة وليس إجماعا. وذهب إليه أبو هاشم بن أبي علي ، وهو المشهور عند أصحابنا كما نقل الرافعي.
وهل المراد بذلك:
١- أنه دليل آخر من أدلة الشرع غير الإجماع،
٢- أو أنه ليس بإجماع قطعي بل ظني؟


النظر مضطرب في ذلك.
١- ويؤيِّد الأولَ قولُ الماوردي: "والقول الثاني: أنه لا يكون إجماعا. قال الشافعي: من نسب إلى ساكت قولا فقد كذب عليه"، فاقتضى أن يكون الساكت لا ينسب إليه قول لا ظنًّا ولا قطعا.
٢- ويعضدُ الثانيَ قولُ أبي عمرو بن الحاجب في "المختصر الكبير": «هو حجة وليس بإجماع قطعي».

«الإبهاج لابن السُّبكي».
2
قناة | مِهاد الأُصُول
تفسير القول المعتمد عند الشافعية بأنّ قول بعض المجتهدين إذا انتشر ولم ينكر؛ كان حجة لا إجماعًا. «والثالث: أنه حجة وليس إجماعا. وذهب إليه أبو هاشم بن أبي علي ، وهو المشهور عند أصحابنا كما نقل الرافعي. وهل المراد بذلك: ١- أنه دليل آخر من أدلة الشرع غير الإجماع،…
من مظانِّ الغفلة في دراسة المتون : الإعراض عن تفسير الأقوال، وهو من موارد التَّحليل.
والقول يُحتاج إلى تفسيره في أحوال:
١- أن يكون ظاهرُه مُشكِلا، بأن يُوهِم معنى فاسدا، أو يُوهِم الاشتباه بغيره من الأقوال، فيظنُّ مرادفًا لها، وليس بمرادف.
٢- أنْ تختلِف العبارة عنه، ولا تستقِرَّ على صيغة.
٣- أنْ يوجد في عبارته غرابةٌ أو إجمالٌ.

#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول
5
Forwarded from قَنَاةُ | مَرَافِئ الأُصُولِ (إِبـرَاهِيـم الـرِّعِيـض)
أما متون المالكية؛ فمختصر ابن الحاجب لا يُعدُّ منها إلا بالاسم، لأنه متابع للآمدي فيه، وهو ملخص لأصوله، ولم يعتن بإبراز مذهب مالك ولا تحقيقه، بل ينسب له الآراء متابعة للأصل.

د. زياد خيَّاط
8
كناشة أصوليَّة مكتنزة نافعة، يعتني صاحبُها الشيخ إبراهيم الرعيض -وهو طالب علم متخصص في الأصول- بتحرير المسائل الأصوليَّة واقتناصها من مظانِّها وتهذيبها، بارك الله فيه ونفع به وفتح عليه بالعلم النافع والعمل الصَّالح.
https://www.tgoop.com/kunashah_osoliah
6👍4
4🔥2
6👍2🔥2
كان من عادة أهل العلمِ فيما سلف إذا كتبوا في موضوعٍ سُبِقوا إليه: أن يجتنبوا التكرار المحض، لكنهم مع ذلك يودعون كتبهم خلاصة محررة تحيط بمعارف من سبقهم، ثم يتفرَّد المُتفرِّد منهم بزيادات وتنقيحات وتعقبات، فيكون كتاب الواحد منهم إذا تأخَّر جامعا لأغراض من سبقه، عائدًا عليها بالتكميل والتحصيل والنقد والتحليل، ويكون القارئ للكتاب المدوّن على هذا الطِّراز قد استغنى بقراءته عن قراءة غيره في الباب، أو قارب أن يستغني.
لذلك تجد في كل فنٍّ أنك إذا عمدت إلى آخر ما ألِّف فيه؛ فإنك تكون قد ظهرتَ على ما دوَّنه السابقون قبله ولو كثروا؛ فهذه من حسنات كتب المتأخرين.

وهذا الصَّنيع الذي درج عليه أهلُ العلمِ فيما سلف أقوم قيلا وأهدى سبيلا من صنيع من يظن أن الأفضل للمتأخِّر إذا كتب أن يجتنب "الشائع المكرَّر" مطلقًا عند من سبقه؛ وذلك لأمرين:
- أن القارئ لا ينتفع بالاستقلال بقراءة مصنَّفه هذا، مع تفويته ما استقرَّ عليه من قبله، فلم تحصل الفائدة التي أرادها هذا المؤلف من "اجتناب الشائع المكرَّر".
- أنّ البناء العلمي بناء تراكميٌّ لا يستقلُّ به عقلٌ دون عقلٍ؛ فلا بدَّ للمتأخِّر أن يستظهر موادَّ من سبقه ويستبطنها في كتابه، لا أن يُعرِضَ عنها متذرّعا بدعاوى الاستقلال في النَّظر، بل النظر الصحيح أن يوردها ملخصة مهذبة من غير تطويل، ثم يبني عليها مادته الجديدة.

وهكذا كان العلماء يصنِّفون؛ فلا يطيلون في تقرير ما سُبقوا إليه؛ ولا يهملون ذكرَ خلاصته وإيراد صفوته؛ بل يجمعون حسنة الطريقتين؛ بأن يوردوا جملةَ ما انتهت إليه أنظارُ غيرهم، ثم ينهضون بعد ذلك إلى مقام البناء والتكميل والتنقيح والتصحيح والاستدراك والزيادة، ففي هذا من الإفادة ما يعتني به المحققون السادة، ومن الله التوفيق والإحسان والزيادة..
21👍7👌4
📚 قناة الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين 📚
النتاج_العلمي_لـ_أ_د_عبد_السلام_بن_إبراهيم_الحصيّن.pdf
من علماء الأصول النبلاء في عصرنا أ.د.عبدالسلام الحصيّن حفظه الله، وهنا مجموع نتاجه وبحوثه المحققة النافعة المباركة.
10👍1
من #سؤالات_القناة:
ما رأيكم في الكتب التي تجرّد أصول الفقه من المسائل الكلامية وتعنون لها بـ(أصول الفقه على منهج أهل السنة)؟

الجواب:
لا أحبُّ هذا الأسلوبَ في التَّصنيف؛ لكونه غالبا يفسد العلم ولا يصلحه؛ فإن العلوم صارت بنية واحدة، فتفكيكها وتجريدها عسر.
غير أن القول بتمايز أصول أهل السنة عن غيرهم في هذه العلوم -يعني وجود قدر من التمايز- ليس بمنكر؛ لكن الحل في ذلك هو أن تدرس العلوم كما هي وأن يُميَّز قولُ أهل السنة في المسائل التي وردت على هذه العلوم من علم الكلام، أو تأثرت به.

فالمسائل هنا -كما في أصول الفقه- ثلاث مراتب:
١- مسائل كلامية محضة. فهذه يبين أنها دخيلة، ويبين طريقة أهل السنة فيها.
٢- مسائل أصولية اختلطت بمنزع كلامي، فهذه لا وجه لتجريدها أصلا، بل يبين وجه تأثرها بالكلام، وتخلّص من الشائبة الكلامية.
٣- مسائل أصولية مشتركة بين العلمين، فهي أصولية خالصة لم تستعر من الكلام ولا تأثرت به، فهذه على مكانها.
وثمَّ نوعٌ آخر بعد هذه الثلاث يمكن تسميته بالنّفَس الكلامي أو الأسلوب الكلامي في البحث، وهذا النوع ليس فيه مسائل محدثة، ولا متأثرة، لكن طريقة التقرير فيها نوع تجريدٍ واستدلال عقلي يناسب الكلام ولا يليق بالفقه؛ فهذا الضرب ليس محل المعالجة هنا، على أنه حسنٌ نافع في مواضع.

فالقدر اللازم هنا: أن يُدرَس العلم كما هو بمراتبه الثلاث؛ لأن تصوُّر العلم ومصنفاته ومناهجه ومسائله على وجه الكمال لا يمكن إلا بإدراك ما استقر عليه أهله وتواضعوا عليه؛ مع التمييز بين هذه المراتب وسلوك المنهج الصحيح في تقريرها والتعامل معها.
وأما تجريد العلوم على هذا الوجه؛ فيضرُّ ببنية العلم وتصوُّره، خاصّةً لو جُرِّدَتْ المسائل التي هي من صلب العلم لكن اختلطت بمنزع كلامي؛ فهذا فيه فصلٌ لشيء من العلم لا يصحُّ فصلُه عنه.

هذا؛ وإنَّ هؤلاء الذين يكتبون مثل هذه الكتابات ويعنونون: (على منهج أهل السُّنَّة) لا يتَّضِح مرادُهم من هذا الصَّنيع:
١- فهل المراد تجريد المسائل الكلامية المحضة التي ليست من صميم العلم والتي دخلت بتأثير الفرق الكلامية؟
٢- أم المراد إبقاء هذه المسائل وتمييز اختيار أهل السنة فيها؟

فإن كان الثاني؛ فهذا سبيل معمول به، ولم يأتوا بجديد، فما زال مَن يكتب في الأصول من أهل السنة ينبّه على اختيار أهل السنة في هذه المسائل كالسمعاني والخطيب وابن تيمية وابن القيم وابن قدامة...الخ.

وإن كان الأوَّل؛ فهذا العنوان ليس مطابِقًا؛ لأنَّ تجريدَ العلم من الدَّخيل إليه من علم آخر ليس من خَصيصة أهل السنة، فلا يُطلَق على العلم بعد تجريد المسائل الكلامية بأنه (على منهج أهل السنة)؛ لأن هذا التجريد يقول به أهل الكلام أنفسهم، فهم وإن خلطوا -لدواع وأسباب- ما زالوا ينكرون على هذا الخلط، فهو مورد مشترك، فمحقِّقوهم لا يرون خلط مسائل الكلام بالأصول، فهذا الصنيع إذن لا يختص بأهل السنة.
وهذا بخلاف المسلك الآخر وهو بيان اختيارات أهل السنة في المسائل الكلامية؛ فهذا فيه بيان منهج أهل السنة، لكنه لا يستحق أن يوسم بهذا الاسم؛ لأنه صنيع مطروق من العلماء السابقين، ولم يدَّعوا هذه الدعوى.

ثم يقال: هذه الأعمال نفخ في غير ضرَم؛ فعامة هذه المسائل هي من الموارد المشتركة التي لم ينبنِ الكلام فيها على أصول عقدية مختصة، وأما ما انبنى على أصول عقدية مختصة -وهو الأقل- ففي مسائل منقطعة التأثير؛ لأنه لا إنتاج لها في مسائل الفقه التي هي مقصود الأصول وثمرتها؛ فلا توجد مسألة كلامية مسطورة في الأصول لها أثر في مسألة فقهية، بل هي متأثرة بالكلام غير مؤثرة في الفقه، فالتأثير من جهة واحدة، وإنما إنتاجها في علمها علم الكلام.. فكأنها إذا دخلت من الكلام إلى الأصول؛ صارت عقيمة بعد أن كانت منتجة.

🔸 وعلى هذا؛ فالمهم هو ما تقدم:
أن يضبط اختيار أهل السنة في هذه المسائل المخالفة، وما سوى ذلك فتضييع أو إسراف
، وربُّنا الرّحمن المستعان.

#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
26👍11
Forwarded from عطاءات العلم (عطاءات العلم)
💡 بشرى لطلاب العلم ومحبي إصدارات #عطاءات_العلم

🪴 أطلقت عطاءات العلم منصتها المطوّرة لعام 2025، في منظومة تجمع بين أصالة التراث وتقنية العصر 💡، مقدمةً تجربة بصرية عصرية 🖥، بواجهة متجاوبة مع جميع الأجهزة 📱، وخطوط مختارة بعناية ، ومحاكي للكتب الورقية مع التقليب الآلي والتكبير والتصغير وحفظ الصفحات 📖، إضافة إلى الوضع الليلي 🌙.

📚 توفّرُ المنصة محتوى شرعيّاً موثوقاً، مع تحديث تلقائي للإصدارات 🔄، وإمكانية تحميل كتب العلماء للقراءة دون اتصال 📥، ودعم تحرير المقالات بالذكاء الاصطناعي ، وعرض ملفات ومقاطع علمية مختصرة 🎥.

كما تضم مشاريع علمية وقوائم متخصصة ، ومكتبة موثوقة لموسوعة صحيح البخاري وروابطها بلغات متعددة 📜، وإصدارات وكتب محققة ودراسات ، ومكتبة رقمية متكاملة 💾.

🔍وتتيح المنصة محرك بحث داخلي ، وتحسين الظهور في نتائج البحث 📈، ومشاركة المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي 📲، إلى جانب تكامل خارجي يشمل روابط مباشرة لحسابات عطاءات العلم على منصات التواصل ومنها منصة إكس ، والتواصل عبر نموذج “اتصل بنا” 📩، والانتقال المباشر إلى متجر عطاءات العلم 🛒، إضافة إلى البريد الإلكتروني الرسمي 📧.

عطاءاتُ علمٍ بالعُلا تتفرّدُ
تحيي التراثَ ويستبينُ المنهجُ 📜

وتصوغُ فكرًا خالدًا في حُلّةٍ 💡
تزهو، وتزدانُ العُلومُ وتبهجُ 🎈

للاستفادة من هذه المنصة الإلكترونية العلمية
https://ataat.com.sa/

ويمكنكم الاطلاع على كافة المميزات عبر الملف المرفق
3
لطيفتانِ في سورة الكهف


اللطيفة الأولى:
في حكمة التَّقديم والتَّأخير في قوله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيّمًا لينذر بأسا شديدا من لدُنه...} [الكهف: ١-٢].

🔸قال أبو الرَّبيع الطوفي الحنبلي (ت ٧١٦ هـ) رحمه الله:
«قوله عز وجل: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيّمًا لينذر بأسا شديدا من لدنه...} هذا من باب التقديم والتأخير، وتقديره: أنزل الكتابَ قيِّمًا، ولم يجعل له عوجًا.

«فإن قلتَ: ما الحكمة في تقديم نفي العوج عنه على إثبات الاستقامة له؟
فالجواب: أنّ العوج من قبيل الشرّ والنقص، والاستقامة من قبيل الخير والكمال، ودفعُ الشرور والنقائص أهمُّ في الحكمة من جلب الخيرات والكمالات، على ما لا يخفى طبعا وعادة.
ولهذا -والله عز وجل أعلم- قال: {فمن زُحزِح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز} [آل عمران: ١٨٥] بدأ بدفع الشر، وهو النار، ثم ثنَّى بحصول الخير، وهو الجنّة.
وتحقيق ذلك: أنّ كل ذات فلها ثلاثة أحوال:
- حالُ نقصٍ.
- وتمامٍ.
- وكمالٍ، وهو فوق التمام.
وإنّما يلحقها العيبُ في حالة النَّقص دون الحالتين الأخريين؛ فكان الاهتمامُ بصيانتها من الجهة التي يلحقها النّقصُ منها مُتعيِّنًا، والله أعلم بالصواب». 📕«قاعدة في علم الكتاب والسُّنّة» (ص٥٤).



اللطيفة الثانية: في الحكمة من التعبير بلفظ الازدياد: (وازدادوا تسعًا) في قوله تعالى: {ولبثوا في كهفهم ثلاثَ مئةٍ سنينَ وازدادوا تسعًا} [الكهف: ٢٥] ومعها قصة هدايةِ مجوسيٍّ بسبب علمه بالحكمة!

🔸قال أبو الحسن ابن سراقة العامريُّ الشافعي (ت ٤١٠ هـ) رحمه الله:
«ولقد حكى لي بعض أصحابي:
أنّ مجوسيًّا سأل بعضَ شيوخنا عن معنى قوله تعالى: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مئةٍ سنين وازدادوا تسعًا} [الكهف: ٢٥] ، والزيادة ليست إليهم، وكيف جاز للحكيم أن يقول ذلك وهو غيرُ شاكٍّ، ولا مُستدرِكٍ لإغفال، وإلا قال: ثلاث مئة وتسع سنين؟
فقال له: إنّ اليهودَ سألوا النّبيّ ﷺ عن مدّة لُبث أهل الكهف في كهفهم إلى أنْ بُعِثوا وعُثِر عليهم، ومن شأن اليهود أنهم يحسُبون الزمان بالسّنين الشمسيّة، التي تكون السنّةُ فيها ثلاثَ مئةٍ وخمسةً وستّين يومًا، وربع يوم.
فأجابهم النّبيُّ ﷺ بما عرفوه من سِنيّهم، وألِفوه من حسابهم؛ لتقع لهم الفائدة في جواب سؤالهم؛ بقوله: {ثلاث مئة سنين}، فهذا الجواب كافٍ لهم، وعلم سبحانه أنّ العرب تحمل ذلك على ما تعرفه من السنين القمريّة المختصّة بالأهلّة، وهي: ثلاث مئة وأربعة وخمسون يوما، وخمس يومٍ، وسدس يوم، وكان ما بين السّنين: في ثلاث مئة سنة تسع سنين، فقال: {وازدادوا تسعًا} يعني: زيادة السنين القمرية على الشمسية؛ ليعلم العربُ أنّ ذلك لسِنيِّها: ثلاثُ مئةٍ وتسعُ سنين، ولسِنيِّ اليهود: ثلاثُ مئةِ سنةٍ؛ سواءً، ولو قال: ثلاث مئة وتسع سنين؛ لحملت كل طائفة ذلك على سنيِّها، وذلك متفاوت، فهذا وجه الحكمة فيه.
فقال له المجوسيُّ: فهل من برهانٍ على ذلك أنّ الله سبحانه أراد هذا؟
قال: فدعا بلَوْحٍ ومِيل، وكتب عليه، وضرب وقسم، فخرج ذلك صحيحًا؛ فقيل لي: إنّ المجوسيَّ أسلم عند ذلك على يده، لمّا ظهر له هذه المعجزة الظاهرة في هذه الآية!».
📕«إعجاز القرآن» (ص٦٧- ٦٨).
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
17👍3🥰2
18😢4👏2👌1
2025/10/08 20:45:11
Back to Top
HTML Embed Code: