tgoop.com/menber10/1921
Last Update:
يَا مَن يُجِيبُ دُعَا المُضْطَرِّ فِي الظُّلَمِ *** يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ
قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَانْتَبَهُوا *** وَأَنْتَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمِ
أَدْعُوكَ رَبِّي حَزِينَاً هَائِمَاً قَلِقَاً *** فَارْحَمْ بُكَائِي بِحَقِّ البَيْتِ وَالحَرَمِ
إِنْ كَان َجُودُكَ لَا يَرْجُوهُ ذُو سَعَةٍ *** فَمَنْ يَجُودُ عَلَى العَاصِينَ بِالنِّعَمِ؟
ثم سقط على الأرض مغشياً عليه، فدنوت منه فإذا هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي، فقلت: ما هذا البكاء والجزع و أنت من آل بيت النبوة ومعدن الرسالة؟! فقال: هيهات يا أصمعي! إن الله خلق الجنة لمن أطاعه و لو كان عبدا حبشيا، و خلق النار لمن عصاه و لو كان شريفاً قرشيا، أليس الله تعالى يقول: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَومَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ المفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) [المؤمنون:103-105].
عباد الله: احفظوا الله يحفظكم, احفظوا الله باستقامتكم على الدين يحفظكم الله, احفظوا الله بسلامة قلوبكم للمسلمين يحفظكم الله, احفظوا الله بطهارة أيديكم من دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم يحفظكم الله من كل سوء، ويجعل لكم من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل عسرٍ يسراً؛ تَعَرَّفُوا عليه في الرخاء يَعْرفكم في الشدة.
هذا نبي الله يونس عليه السلام لما أُلقى في البحر وقد ابتلعه الحوت في ظلماتٍ ثلاث، وهو في ذلك الكرب والضيق قد انقطعت صلته بالمخلوقين جميعاً، لا ولد، ولا زوجة، ولا أهل، ولا قوم، ولا مال، ولا منصب، ولا جاه، وإذا به يتوجه بندائه لملك الملوك: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87]، وانطلقت لا إله إلا الله، وتفتحت لها أبواب السماء.
قال بعض أهل التفسير: سمِعَت الملائكة قول يونس بن متى وهو في الظلمات: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87] فبكوا وقالوا: يا رب! عرفنا الصوت، ولكن لا ندري أين يونس؟ الملائكة لا تعرف في أي قارة هو أو في أي بحر أو محيط! لكن الواحد الأحد يدري أين هو، (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام:59]، فماذا كانت النتيجة؟ لقد حفظه الله ونجَّاه، قال تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء:88].
وحفظ الله يوسف عليه السلام لما ضاع وألقي في غيابت الجب، وقال إخوته لأبيهم أكله الذئب، فقال يعقوب عليه السلام: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64]، وتذكر أن الفرقة حلت بينه وبين ابنه الحبيب، وتذكر أن فلذة كبده لا يدري هل يعود أم لا؟! فقال: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64].
قال بعض العلماء: ضاع يوسف أربعين سنة، فرده الله إلى أبيه الذي كان يقول: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64]، بل حفظ الله يوسف عليه السلام من الوقوع في المعصية في قصر العزيز، وحال بينه وبينها، قال تعالى: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24].
وقد جاء عن ابن عباس موقوفاً عليه عند البخاري أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل كلمة قالها إبراهيم لما ألقي في النار فكانت برداً وسلاماً، وقالها محمد -عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران:173-174].
فاللهمَّ احفظنا بحفظك الذي لا يُرام، احرسنا بعينك التي لا تنام، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
عباد الله: مَنْ حَفِظَ الله في دينه وعمله وأخلاقه زاده الله مهابةً في قلوب الخلق، وامتلأ قلبه بحب الله وعظمته وجلالته، فلا يخشى أحداً إلا الله.
دخل المهدي الخليفة العباسي مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وفي المسجد أكثر من خمسمائة من طلبة الحديث والعلماء وأهل المدينة، فقام الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب وهو أحد العلماء من رواة البخاري ومسلم، فقال الخليفة المهدي العباسي: يا ابن أبي ذئب! قام الناس لي جميعاً إلا أنت لم تقم! قال: والله الذي لا إله إلا هو
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1921