tgoop.com/mawarith1402/2182
Last Update:
تعال أعضَّك!
حُدِّثت قديمًا أن فتاة في حي قريب منا كانت تأمر كل طفل لا يعجبها أو يغضبها أن يأتي إليها طائعًا لتعضَّه، فتقول له بلفظ صريح: "ولد، تعال أعضَّك". وتصرُّفها هذا يستلزم عقلًا أنها لا ترضى من الطفل عصيانًا ولا انتقامًا ولا شكوى لأحد، وإلا كان خارجًا عن الطاعة الواجبة والأدب المرضي.
ولا أظنها الآن -وفقها الله لخير الدارين- إلا تضحك كلما ذكرت موقفها ذاك، ككل إنسان يذكر حماقات الطفولة وسوابق الجهل، ولو وجدت في نفس ضحية لها أثرًا باقيًا لسبقت يدُ إحسانها إليه لسانَ الاعتذار.
ولم يرِد موقفها الطفولي البريء علي خاطري الآن إلا وأنا أتأمل طريقة قائمة يلخِّصها أربابها في قول أحوالهم: اسمع ما نقول لك، وأطِع، وتذلل، وائتِ طائعًا خاضعًا، وليتسع صدرك للَّمز بغير شاهد، وللطعن بغير برهان، ولردٍّ ينافر الفهم ويصارم العدل، فإن سكتَّ ولم تصرِّح بموافقة فلا حظَّ لك في الأدب، وإن بيَّنت ودافعت فلا حظ لك في سلامة الطريقة، وإن رددت ونقضت فلا حظ لك في السنة، وتوشك أن لا يكون لك حظ في الإسلام.
وهذه الطريقة استظل بقُبَّتها كل معلول، فمعلول العقل سكن إليها غير عالم بقُبحها ملتمسًا فضلها المعدوم، ومعلول النفس بالخبث جعلها سترًا لإخراج ضغينته على المؤمنين والتعالي عليهم بالجهل، ومعلولها بالضعف طلب السلامة لنفسه حيث تكون إهانتها، ومعلول الحال أوى إليها بعد أن أجهده تتبع مواقع الرزق، ثم يبرحها قريبًا.
وكما أنك أخي #طالب_العلم لم تكن لترضى وأنت طفلٌ أن تذهب طائعًا لمن يريد أن يعضَّ يدك، فلا ترضَ وأنت راشد متعلم متعقِّل أن تميل إلى من يعضُّ قلبك لتستقيم له وإن كنت ذا عوج، فيعلمك الجهل بطريقة أهل العلم، ويُلزمك الإخلال بمروءة مثلك، ولا يخرجك من تحت يده إلا وأنت أبعاض مفترقة، قول ينافيه الفعل، وفعل يخالفه القلب، ولسان تكذِّبه العين وتلعنه الأذن.
BY قناة ماجد بن محمد النفيعي
Share with your friend now:
tgoop.com/mawarith1402/2182