tgoop.com/mawarith1402/2005
Last Update:
الاجتهاد -المستكمل الشروط وغير المستكمل- ليس سلسلة متصلة في الأمة لا تنقطع حلقاتها، وهذا ظاهر لمن عقَل وأنصف، فلا يدعي إنسان الاجتهاد بحق أو بباطل إلا ويتبعه أقوام يأوون إلى قوله، ويعوِّلون على تصحيحه، ويقيمون الدين كله على قانونه، فتنقطع سلسلة الاجتهاد حتى يصلها مدِّعٍ جديد. والاستقراء العلمي شاهد، والتاريخ العلمي دليل.
فالتقليد إذن ضربة لازب لبعض أو جُل مراحل تاريخنا العلمي، لكنه روح واحدة نُفخِت في جسدين:
أحدهما: جسدٌ له لسان معترفٌ بالعجز، وقلبٌ اطمأن إلى ركن قوي يبلغ به، وجوارح استقامت على مقتضى القول والاعتقاد، وهذه سبيل طالب العلم المنضبط بمذهبه، والعامي الذي ألزم نفسه سؤال من يثق في علمه ودينه في كل ما يشكل.
والآخر: جسدٌ له لسان ينطق بنفس دعوى المجتهد، وقلبٌ لا يصدِّق دعوى اللسان ويقر بخلافها، وجوارح مذبذبة لا إلى اللسان ولا إلى القلب، وهذه سبيل من يشغل الناس بدعوى الاتباع والتسليم للدليل وإن خالف المذهب، فإذا أمسكت عن جداله -وهو مقتضى الشرع والعقل- وأمهلته ليصدِّق دعواه؛ لم يلِد جبلُ دعواه بعد مخاضه العريض غير مختصرات ومقالات من أقوال شيوخه ومعظَّميه خالية من الدليل، منزوعة التعليل، مدعَّمة بشعارات اتباع علماء السنة والحديث، وليس الحديث فيها غير عنوان جاذب، أو قنطرة إِلى غيره.
وهذا جوابي لمن سألني متعجِّبًا عن مختصرات فقهية أخرجها طلاب مدارس علمية في الشام واليمن وغيرهما لم يكن شيوخها -رحمهم الله- يرفعون رأسًا بالمختصرات المجردة من الدليل، ولا يطيقون أن يقتدي طلابهم بطريقة المتمذهبين في قليل ولا قطمير، لكن الأمر كما بيَّنته لك أخي القارئ: التزموا دعاوى شيوخهم ظاهرًا، وعجزوا عن امتثالها حقيقة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
BY قناة ماجد بن محمد النفيعي
Share with your friend now:
tgoop.com/mawarith1402/2005