KHA2ASL2DDL Telegram 17031
وَفِي رِواية لمسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إلى سَبْع مِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنَا أَجْزِي به،».

وهذا الحديث الجليل يدلُّ على فضيلة الصَّوم من وجوه عديدة:

الأول: أنَّ الله تعالى اختصَّ لِنفسِهِ الصَّوم من بين سائرِ الأعمالِ، وذلك لشرفِه عنده، ومحبَّتِه له، وظهور الإِخلاصِ له سبحانهِ فيه، لأَنَّه سرُّ بين العبد وربِّه لا يطَّلع علَيه إِلَّا الله؛ فإنَّ الصَّائم يكون في الموضعِ الخالي من النَّاس متمَكِّنا من تناوُل ما حرَّم الله علَيْه بالصِّيام، فلا يتناولهُ؛ لِأَنَّه يعلم أَنَّ له ربًّا يطَّلِع عليه فِي خلوته، وقد حَرَّم عليهِ ذلك، فيتركه اللهِ خوفًا من عقابه، ورَغبةً في ثوابه، فَمِن أجل ذلِك شَكَرَ اللهُ له هَذَا الإِخْلاص، وَاختصَّ صيامه لنفسه من بين سائر أعماله؛ ولهذا قَال: «يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».

وتظهر فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامة، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رحمهُ اللهُ: «إِذَا كَانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ اللهُ عَبدَهُ ويُؤدِّي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِن سائِرِ عَمَلِهِ، حَتَّى إِذَا لَم يَبْقَ إِلَّا الصَّومُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ الجنَّة بالصوم» أخرجه البيهقي (٢٧٤/٤).

الثَّانِي: أَنَّ الله تعالى قال في الصَّوم: «وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» فأضاف الجزاء إلى نفسه الكريمة؛ لِأَنَّ الأعمال الصَّالحة يُضاعف أجرُها بِالعدد الحسنة بعشر أمثالها إِلَى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، أَمَّا الصَّوم فَإِنَّ اللَّه تعالي أضاف الجزاء عليه إِلَى نفسه من غير اعتبار عدد، وهو سبحانه أكرم الأكرمين وأجود الأجودين، والعَطيَّة بقدر مُعطِيها، فيكون أجر الصَّائم عظيمًا كثيرًا بلا حساب.

والصِّيَام صَبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم اللهِ، وصبرٌ على أقدار اللَّه المؤلمة من الجوع وَالعطَش وضعف البدن وَالنَّفس؛ فقد اجتمعت فيه أنواع الصَّبر الثَّلاثة، وتحقَّقَ أن يكون الصَّائم من الصَّابرينَ، وقد قَال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ﴾ [الزمر: ١٠]

الثَّالث: أَنَّ الصَّومَ جُنَّةٌ أَي وِقايةٌ وسترٌ يقي الصَّائم مِنَ اللَّغو والرَّفث، ولذلك قَال: «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُتْ وَلَا يَصْخَبْ» ويقيه من النَّار؛ ولذلك رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الصِّيامُ جُنَّةٌ يَستجِنُّ بها العبدُ من النَّارِ».

الرَّابع: أَنَّ خُلوف فمِ الصَّائم أطيبُ عند اللَّه من ريح المسك؛ لِأَنَّها من آثار الصِّيام، فكانت طيِّبةٌ عند اللَّه سبحانه ومحبوبة لهُ، وهذا دليلٌ على عظيم شأنِ الصِّيام عند الله، حتَّى إِنَّ الشيء المكروهَ الْمُستخبثَ عند النَّاس يكون محبوبًا عند الله تعالى وطيبًا؛ لكونه نشأ عن طاعتهِ بِالصِّيام.

الخامس: أَنَّ لِلصَّائم فرحتين: فرحةً عند فِطرِهِ، وفرحةٌ عند لقاء ربَّه؛ أَمَّا فَرحُهُ عند فِطرِهِ فيفرح بما أنعم الله تعالى عليه من القيام بعبادة الصِّيام الذي هو من أَفضل الأعمال الصَّالحة، وكم أُناس حُرِمُوهُ فلم يصوموا، ويفرح بما أباح الله تعالى له من الطَّعام والشَّراب والنِّكَاح الذي كان مُحرَّمًا عليه حال الصَّوم، وأَمَّا فرحه عند لقاء ربِّه فيفرح بصومه حين يجد جزاء عند الله تعالى موفَّرًا كاملًا في وقت هو أحوج ما يكون إليه حين يقابل: «أَيْنَ الصَّائِمُونَ -لِيَدْخُلُوا الْجَنَّةَ مِنْ بَابِ الرَّيَّان الَّذِي- لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ».

وفي هذا الحديث إِرشادٌ للصَّائم إذا سابَّه أحدٌ أو قاتلَه أن لا يقابلهُ بالمثل لئلا يزداد السِّباب والقتال، وأن لا يضعف أمامه بالسكوت، بل يُخبره بأنَّه صائمٌ، إِشارةً إلى أنَّه لَن يقابِلَه بالمثل احتِرامًا للصَّوْم لَا عجزًا عن الأَخذ بالثَّار وحينئذٍ ينقطع السِّبابُ والقتال: ﴿ادفَع بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذي بَينَكَ وَبَينَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ ۝ وَما يُلَقّاها إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَما يُلَقّاها إِلّا ذو حَظٍّ عَظيمٍ﴾ [فصلت: ٣٤-٣٥]،
5👍2❤‍🔥1



tgoop.com/kha2asl2ddl/17031
Create:
Last Update:

وَفِي رِواية لمسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، إلى سَبْع مِائَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لي، وَأَنَا أَجْزِي به،».

وهذا الحديث الجليل يدلُّ على فضيلة الصَّوم من وجوه عديدة:

الأول: أنَّ الله تعالى اختصَّ لِنفسِهِ الصَّوم من بين سائرِ الأعمالِ، وذلك لشرفِه عنده، ومحبَّتِه له، وظهور الإِخلاصِ له سبحانهِ فيه، لأَنَّه سرُّ بين العبد وربِّه لا يطَّلع علَيه إِلَّا الله؛ فإنَّ الصَّائم يكون في الموضعِ الخالي من النَّاس متمَكِّنا من تناوُل ما حرَّم الله علَيْه بالصِّيام، فلا يتناولهُ؛ لِأَنَّه يعلم أَنَّ له ربًّا يطَّلِع عليه فِي خلوته، وقد حَرَّم عليهِ ذلك، فيتركه اللهِ خوفًا من عقابه، ورَغبةً في ثوابه، فَمِن أجل ذلِك شَكَرَ اللهُ له هَذَا الإِخْلاص، وَاختصَّ صيامه لنفسه من بين سائر أعماله؛ ولهذا قَال: «يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».

وتظهر فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامة، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رحمهُ اللهُ: «إِذَا كَانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ اللهُ عَبدَهُ ويُؤدِّي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِن سائِرِ عَمَلِهِ، حَتَّى إِذَا لَم يَبْقَ إِلَّا الصَّومُ يَتَحَمَّلُ اللَّهُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ الجنَّة بالصوم» أخرجه البيهقي (٢٧٤/٤).

الثَّانِي: أَنَّ الله تعالى قال في الصَّوم: «وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» فأضاف الجزاء إلى نفسه الكريمة؛ لِأَنَّ الأعمال الصَّالحة يُضاعف أجرُها بِالعدد الحسنة بعشر أمثالها إِلَى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، أَمَّا الصَّوم فَإِنَّ اللَّه تعالي أضاف الجزاء عليه إِلَى نفسه من غير اعتبار عدد، وهو سبحانه أكرم الأكرمين وأجود الأجودين، والعَطيَّة بقدر مُعطِيها، فيكون أجر الصَّائم عظيمًا كثيرًا بلا حساب.

والصِّيَام صَبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم اللهِ، وصبرٌ على أقدار اللَّه المؤلمة من الجوع وَالعطَش وضعف البدن وَالنَّفس؛ فقد اجتمعت فيه أنواع الصَّبر الثَّلاثة، وتحقَّقَ أن يكون الصَّائم من الصَّابرينَ، وقد قَال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ﴾ [الزمر: ١٠]

الثَّالث: أَنَّ الصَّومَ جُنَّةٌ أَي وِقايةٌ وسترٌ يقي الصَّائم مِنَ اللَّغو والرَّفث، ولذلك قَال: «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُتْ وَلَا يَصْخَبْ» ويقيه من النَّار؛ ولذلك رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الصِّيامُ جُنَّةٌ يَستجِنُّ بها العبدُ من النَّارِ».

الرَّابع: أَنَّ خُلوف فمِ الصَّائم أطيبُ عند اللَّه من ريح المسك؛ لِأَنَّها من آثار الصِّيام، فكانت طيِّبةٌ عند اللَّه سبحانه ومحبوبة لهُ، وهذا دليلٌ على عظيم شأنِ الصِّيام عند الله، حتَّى إِنَّ الشيء المكروهَ الْمُستخبثَ عند النَّاس يكون محبوبًا عند الله تعالى وطيبًا؛ لكونه نشأ عن طاعتهِ بِالصِّيام.

الخامس: أَنَّ لِلصَّائم فرحتين: فرحةً عند فِطرِهِ، وفرحةٌ عند لقاء ربَّه؛ أَمَّا فَرحُهُ عند فِطرِهِ فيفرح بما أنعم الله تعالى عليه من القيام بعبادة الصِّيام الذي هو من أَفضل الأعمال الصَّالحة، وكم أُناس حُرِمُوهُ فلم يصوموا، ويفرح بما أباح الله تعالى له من الطَّعام والشَّراب والنِّكَاح الذي كان مُحرَّمًا عليه حال الصَّوم، وأَمَّا فرحه عند لقاء ربِّه فيفرح بصومه حين يجد جزاء عند الله تعالى موفَّرًا كاملًا في وقت هو أحوج ما يكون إليه حين يقابل: «أَيْنَ الصَّائِمُونَ -لِيَدْخُلُوا الْجَنَّةَ مِنْ بَابِ الرَّيَّان الَّذِي- لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ».

وفي هذا الحديث إِرشادٌ للصَّائم إذا سابَّه أحدٌ أو قاتلَه أن لا يقابلهُ بالمثل لئلا يزداد السِّباب والقتال، وأن لا يضعف أمامه بالسكوت، بل يُخبره بأنَّه صائمٌ، إِشارةً إلى أنَّه لَن يقابِلَه بالمثل احتِرامًا للصَّوْم لَا عجزًا عن الأَخذ بالثَّار وحينئذٍ ينقطع السِّبابُ والقتال: ﴿ادفَع بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذي بَينَكَ وَبَينَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ ۝ وَما يُلَقّاها إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَما يُلَقّاها إِلّا ذو حَظٍّ عَظيمٍ﴾ [فصلت: ٣٤-٣٥]،

BY مواضيع دينية وعقائديّة


Share with your friend now:
tgoop.com/kha2asl2ddl/17031

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

A Hong Kong protester with a petrol bomb. File photo: Dylan Hollingsworth/HKFP. As five out of seven counts were serious, Hui sentenced Ng to six years and six months in jail. To delete a channel with over 1,000 subscribers, you need to contact user support Telegram offers a powerful toolset that allows businesses to create and manage channels, groups, and bots to broadcast messages, engage in conversations, and offer reliable customer support via bots. Telegram Channels requirements & features
from us


Telegram مواضيع دينية وعقائديّة
FROM American