tgoop.com/kamelAlmarzouki/3669
Last Update:
التّنوير الشّعبوي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التّنوير، العلمانيّة، الدّيمقراطيّة، الحداثة، ما بعد الحداثة، الدّولة الحديثة، الدّولة المركزيّة، العقلانيّة، العقل، علم المنطق، الفلسفة، العلمويّة، العلم التّجريبي، العلم الطّبيعي، العلوم الوضعيّة، التّكنولوجيا، التّطوّر المادّي، المادّيّة، الانحلال الأخلاقي، مفهوم الحرّيّة الغربيّة، إنكار الرّوحانيّات والغيبيّات، القوميّة، الدّولة القطريّة، نظام الوظيفة الحديثة، الاقتصاد الرّبوي والبنوك، التّعليم المختلط بين الذّكور والإناث، النّسويّة، الجندر، الكوير، الطّبّ النّفسي ... الخ
هل ترى هذه جميعا؟ وما لم نذكره منها أكثر ممّا ذكرناه ..
كلّها بلا استثناء، لو فتحت فمك لتنقد أيّ واحدة منها فسيقع تصنيفك مباشرة في خانة الرّجعيّين المتطرّفين الظّلاميّين الجهلة المتخلّفين، فهذه أمور تعامل معاملة الحقائق الكونيّة المستقرّة الّتي يعدّ مجرّد وضعها على الطّاولة كبيرة وكفرا في دين التّنويريّين الجدد.
في حين أنّه يجب عليك أنت المسلم أن تقبل وضع جميع المسلّمات على طاولة النّقد وتقبل نقد الفقهاء والصّحابة والأنبياء والملائكة والوحي والشّرع بل أن تقبل نقد الله ربّ العالمين، وإلّأ فأنت دوغمائيّ متعصّب لا تقبل الفكر ولا الحوار!
على أنّ جميع تلك الأمور الّتي ذكرناها منقودة في الفكر الغربيّ نقدا واسعا شاملا، وليس هو نقدا على الهامش أو على الحاشية بل هو نقد أصليّ للفكرة المركزيّة نفسها الّتي تقوم عليها كلّ واحدة من تلك الأفكار، أي أنّه نقد هدميّ جوهره نقض تلك الفكرة من أصلها لا مجرّد إصلاحها أو نقد بعض جزئيّاتها ..
وهو ليس نقدا من هواة من الصّفّ الثّاني أو الثّالث، بل هو نقد لمفكّرين وفلاسفة كبار من وزن: هايدغر، وماركوز، وهوركهايمر، وبودريار، وبورديو، وهوسرل، وهابرماس، وتايلور، وتورين، وغينون، وبتلر، وباومان، وتويمبي، وأدورنو، وجيمس ديز، وهيوم، ولوك، وبوبر، ودريدا ... وأضرابهم
وهذا النّقد لا أحد في الغرب يصفه بالتّخلّف ولا الرّجعيّة ولا التّطرّف ولا الجهل، وهي تطرح بحرّيّة وتناقش بموضوعيّة، من غير هروب للتّصنيفات الجاهزة المعلّبة والشّخصنة بدل المناظرة العلميّة الباردة الهادئة.
وسبب هذا أنّ التّنويرجيّ الشّعبويّ (الّذي لا يدري حرفا عن هذه النّقود المكتوبة من آلهته في أصنامه الّتي يعبدها) المنسحق تحت قدم الغرب وفكره، الّذي يبني كلامه على مسلّمة أنّ العالم كلّه منبهر بالغرب وحضارته وفكره، أي أنّ خطابه موجّه أصلا لشريحة انقرضت أو تكاد وهي شريحة جيل الأربعينيّات من القرن الماضي، مع مسلّمة أخرى وهي أنّ ما قبل السّوشيال ميديا كما بعدها ..
في حين أنّ جيل ما بعد السّوشيال ميديا مثلا يمكن أن يعرف عن مجتمع أمريكا أكثر ممّا يعرفه عن بلده من غير أن يغادر غرفته.
لكنّ التّنويرجي الشّعبويّ ما زال لا يدري حتّى أنّ إنجازات الغرب (المبهرة!) كما يراها، قائمة على نظريّة النّخبة الإيطاليّة (Elite theory/ Teoria dell'élite) في علم الاجتماع، الّتي وضعت في مفتتح القرن العشرين على أيدي باريتو وموسكا وميشيلز ..
وخلاصتها أنّ تقدّم هذه المجتمعات سببه نخبة لا تتجاوز 5 في المائة، وأمّا باقي المجتمع في دول المركز فهو لا يختلف في شيء موضوعيّا عن دول الأطراف والعالم الثّالث ..
ففي أمريكا والقارّة العجوز توجد نسبة هائلة تؤمن بالأرض المسطّحة والأطباق الطّائرة والعفاريت والسّحر والطّبّ البديل والأرواح الشّرّيرة وجالبات الحظّ والتّنجيم وتحضير الأرواح والنّحس والتّنمية البشريّة والعلاج بالطّاقة والتّنويم المغناطيسي وأخبار نهاية العالم والأرماجيدون (الموضة البروتستانتيّة) نهاية كلّ عام ... الخ
في أمريكا تعيش بلا أيّ مشاكل طائفة الآميش، وهي طائفة مسيحية تجديديّة العماد تابعة للكنيسة المنيونيّة، وهي طائفة تؤمن باعتزال المجتمع والاغتراب عنه، والالتزام الحرفيّ بما جاء في الإنجيل، وعندهم مجلس فتوى يسمّى (أولد أوردر) وهم مجموعة من كبار السّنّ المتديّنين (المشايخ) يدرسون أيّ طارئ (نازلة) ويصدرون فتوى وفقا لما يرونه مطابقا لتعاليم الإنجيل.
BY الشيخ: كمال المرزوقي.
Share with your friend now:
tgoop.com/kamelAlmarzouki/3669