tgoop.com/ibbfree/162825
Last Update:
شمس الإصلاح.. من الجدران إلى القلوب
✍️ ياسين العقلاني
في أواخر التسعينيات، لم يكن لحزب التجمع اليمني للإصلاح أي وجود يذكر في عزلتنا النائية، أقصى مديرية شرعب السلام، التي كانت آنذاك معقلًا للاشتراكية الجبهوية. كان عدد المنتمين للإصلاح في المنطقة بالكاد يصل إلى عدد أصابع اليد، بينما كانت المنطقة تشهد تنافسًا شديدًا بين حزب المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي اليمني لا سيما خلال الفترات الانتخابية، حيث يتحول التنافس إلى تعصب حاد بين سكان القرى البسطاء محدودي التعليم.
وسط هذه البيئة، كانت القلة الإصلاحية تعمل بسرية وحذر شديدين. الحزب كان حديث العهد على الساحة السياسية ولم يكن له أي جذور في المنطقة. أتذكر خلال الحملات الانتخابية لمجلس النواب عام 1997، عندما استيقظ سكان قريتنا على شعار حزب الإصلاح، "الشمس" مطبوع بالرنج على جدران المنازل والجبال والمدرجات الزراعية بكثافة.
حينها، خرج جارنا المتعصب للمؤتمر حاملًا "مطرقة كبيرة وصبرة" لتكسير الأحجار المطبوعة عليها شعارات الإصلاح، وبدأ بتحطيمها ودحرجتها إلى منحدر الجبل، مطلقًا السباب واللعن بحق من قام بذلك.
لم يكن أحد يعلم حينها من فعل ذلك، لكن تبين لاحقًا أن شابين، أحدهما محمد مهيوب أحمد (الناشط حاليًا على فيسبوك)، استغلا نوم الأهالي وألصقا شعارات الإصلاح ليلاً. كان والد محمد مهيوب رحمه الله اشتراكياً جبهوياً، لكن شعارات الإصلاح غطت جدران منزله لاحقًا، في مؤشر على بداية انتشار الحزب حتى في البيوت التي كانت تتبع أيديولوجيات أخرى.
وهكذا، بدأ الإصلاح يتوسع في القرى والمديريات النائية والمعزولة. كان المعلمون وطلاب الجامعات في طليعة هذا التوسع، مؤسسين شبكة واسعة ساهمت في جعل الإصلاح الحزب الثاني في البلاد، ودخوله إلى البيوت الاشتراكية والقومية والمؤتمرية والبعثية، وصولاً إلى بيوت البسطاء في الأرياف والمدن.
ولعل تجربتنا الشخصية تمثل نموذجًا حيًا لهذا التوسع. كانت أسرتنا مؤتمرية، وكانت أختي تمثل الحزب في اللجان الانتخابية، ومع ذلك، كانت جمعية الإصلاح الخيرية تقدم مع بداية كل عام دراسي حقائب مدرسية لنا كوننا أيتام بعد وفاة والدنا عام 1995، وكان أخي الأصغر يتلقى دعمًا ماليًا شهريًا "كفالة يتيم".
فيما بعد، التحق أخي الأكبر بجامعة تعز، وكانت التكلفة والسكن مصدر قلق كبير لأمنا، إذ لم يكن لنا أقارب في المدينة. هنا جاء دور سكن الطلاب التابع للإصلاح، الذي وفر له ملاذًا آمنًا وبيئة داعمة. ولم يتوقف الدعم عند هذا الحد، فقد أصيب أخي الأصغر بورم سرطاني، وتم نقله للعلاج في تعز، وخلال فترة العلاج الطويلة، قدم سكن الإصلاح الرعاية والاهتمام اللازمين حتى تماثل للشفاء.
هذه الأمثلة البسيطة تجيب عن سؤال جوهري: كيف تمكن حزب الإصلاح من التوسع على امتداد خارطة البلاد، ليصبح أحد أبرز الأحزاب اليمنية؟ الجواب يكمن في الجمع بين النشاط السياسي، والعمل المجتمعي والإنساني، واستثمار العلاقات الاجتماعية في الريف والمدن، مع التمسك بقيم العطاء الوطني والتفاعل المباشر مع هموم المواطنين.
في النهاية، يمكن القول إن شمس الإصلاح لم تشرق في اليمن فقط من خلال الحملات الانتخابية أو الشعارات المطبوعة على الجدران، بل عبر قصص صغيرة وحكايات شخصية مثل قصتنا، لكنها في الوقت نفسه أسسّت لحزب يمتلك اليوم امتدادًا واسعًا وقوة تأثيرية حقيقية على المشهد السياسي والاجتماعي.
🔻 لمتابعة آخر الاخبار يرجى الضغط على رابط القناة أسفل 👇
https://www.tgoop.com/ibbfree
🌐 شبكة إب الإخبارية I.N.N🌐
BY شبكة إب الإخبارية

Share with your friend now:
tgoop.com/ibbfree/162825