Telegram Web
[عيد الفطر]

من صوم رمضان، وهو مترتب على إكمال صيام رمضان، وهو الركن الثالث من أركان الإسلام ومبانيه، فإذا استكمل المسلمون صيام شهرهم المفروض عليهم، واستوجبوا من الله المغفرة والعتق من النار، فإن صيامه يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، وآخره عتق من النار يعتق فيه من النار من استحقها بذنوبه،

فشرع الله تعالى لهم عقب إكمالهم لصيامهم عيدا يجتمعون فيه على:

١- شكر الله وذكره وتكبيره على ما هداهم له،

٢-وشرع لهم في ذلك العيد الصلاة والصدقة.

وهو يوم الجوائز يستوفي الصائمون فيه أجر صيامهم ويرجعون من عيدهم بالمغفرة.

[لطائف المعارف (ص/276) لابن رجب]
إظهار السرور في العيد من شعار الدين.

[فتح الباري (433/8) لابن رجب]
والعيد هو موسم الفرح والسرور، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم، إذا فازوا بإكمال طاعته، وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم عليها بفضله ومغفرته، كما قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] قال بعض العارفين: ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله؛ فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمولاه.

[لطائف المعارف (ص/479) لابن رجب]
قال الحسن: كُلُّ يومٍ لا يُعصى الله فيه فهو عيد، كُلُّ يومٍ يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد.

[لطائف المعارف (ص/485) لابن رجب]
يا شبّان التّوبة، لا ترجعوا إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام، فالرّضاع إنّما يصلح للأطفال لا للرجال.
ولكن لا بدّ من الصّبر على مرارة الفطام؛ فإن صبرتم تعوّضتم عن لذّة الهوى بحلاوة الإيمان في القلوب.

[لطائف المعارف (ص/394) لابن رجب]
١- إذا اعترف العبدُ بذنبه
٢- وطلب المغفرة من ربِّه،
٣- وأقرّ له أنّه لا يغفر الذنوب غيره =
كان جديراً أنْ يُغفر له.

ولهذا قال في الحديث: (فاغفرلي إنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت)،
وكذلك في دعاء سيد الاستغفار،
وكذلك في الدعاء الذي علّمه الصديق أن يقوله في صلاته.

وإلى هذا الإشارة في القرآن: {ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله}.

[مجموع الرسائل (147/1) لابن رجب]
وبكل حال، فلا يقوى العبدُ على نفسه إلاَّ بتوفيق الله إيّاه وتولّيه له، فمن عصمه الله= حفظه وتولاّه، ووقاه شح نفسه وشرّها، وقوّاه على مُجاهدتها ومُعاداتها.
ومن وكله إلى نفسه= غلبته وقهرته، وأسرته وجرّته إلى ما هُو عين هلاكه..

‏[مجموع الرسائل(144/1)لابن رجب]
من ترجمة الحافظ ابن رجب للإمام عبدالقادر الجيلاني:

"عبد القادر بن أبي صالح بن عبدالله بن جكني دوست بن أبي عبدالله بن عبد الله الجيلي ثم البغدادي ت ٥٦١هـ، شيخ الطريقة، وإمام الحنابلة في وقته، قدوة العارفين، وسلطان المشايخ، صاحب المقامات والكرامات والعلوم والمعارف، والأحوال المشهورة.

حصل له القبول التام من الناس، واعتقدوا ديانته وصلاحه وانتفعوا به وبكلامه ووعظه وانتصر أهل السنة بظهوره، واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته، وهابه للملوك فمن دونهم..

قال الشيخ موفق الدين صاحب المغني: لم أسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عن الشيخ عبدالقادر، ولا رأيت أحداً يُعظم من أجل الدين أكثر منه.
وذكر الشيخ عز الدين بن عبد السلام شيخ الشافعية: أنه لم تتواتر كرامات أحد من المشايخ إلا الشيخ عبدالقادر، فإن كراماته نقلت بالتواتر.

وللشيخ عبد القادر -رحمه الله تعالى- كلام حسن في التوحيد والصفات، والقدر، وفي علوم المعرفة موافق للسُّنَّةِ، وله كتاب (الغنية لطالبي طريق الحق).. وله كتاب (فتوح الغيب) وجمع أصحابه من مجالسه في الوعظ كثيراً، وكان متمسكاً في مسائل الصفات والقدر ونحوهما بالسُّنَّةِ مُبالغاً في الرد على من خالفها.

[ذيل طبقات الحنابلة (187/2) لابن رجب]
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه قناةٌ تُعنى بلطائف الإمام عبدالقادر الجَيلاني رَحِمَهُ اللهُ ورضيَ عنهُ

https://www.tgoop.com/aljaylani561
«واعلم أنَّ في الصَّبر على ما تكره خيراً كثيراً»

يعني: أنَّ ما أصاب العبدَ مِنَ المصائب المؤلمةِ المكتوبة عليه إذا صبر عليها، كان له في الصبر خيرٌ كثير..

والتقدير الماضي يُعين العبد على أنْ ترضى نفسُه بما أصابه، فمن استطاع أنْ يعمل في اليقين بالقضاء والقدر على الرضا بالمقدور فليفعل، فإنْ لم يستطع الرِّضا، فإنَّ في الصَّبر على المكروه خيراً كثيراً.

فهاتان درجتان للمؤمن بالقضاء والقدر في المصائب:

إحداهما: أنْ يرضى بذلك، وهذه درجةٌ عاليةٌ رفيعة جداً، قال الله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}.
قال علقمة: هي المصيبة تصيبُ الرَّجلَ، فيعلم أنَّها من عند الله، فيسلِّمُ لها ويرضى..

وأهل الرضا تارةً يلاحظون حكمة المبتلي وخيرته لعبده في البلاء، وأنَّه غير متَّهم في قضائه، وتارةً يُلاحظون ثوابَ الرِّضا بالقضاء، فيُنسيهم ألم المقتضي به، وتارةً يُلاحظون عظمةَ المبتلي وجلالَه وكمالَه، فيستغرقون في مشاهدة ذلك، حتى لا يشعرون بالألم، وهذا يصلُ إليه خواصُّ أهل المعرفة والمحبَّةِ..

والدرجة الثانية: أنْ يصبرَ على البلاء، وهذه لمن لم يستطع الرِّضا بالقضاء فالرِّضا فضلٌ مندوبٌ إليه مستحب، والصبرُ واجبٌ على المؤمن حتمٌ، وفي الصَّبر خيرٌ كثيرٌ، فإنَّ الله أمرَ به، ووعدَ عليه جزيلَ الأجر. قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}..

والفرق بين الرضا والصبر:
أنَّ الصَّبر: كفُّ النَّفس وحبسُها عن التسخط مع وجود الألم، وتمنِّي زوال ذلك، وكفُّ الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع.
والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمنِّي زوال ذلك المؤلم، وإنْ وجدَ الإحساسُ بالألم، لكن الرضا يخفِّفُه لما يباشر القلبَ من رَوح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرِّضا، فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.

[جامع العلوم والحِكَم (ص/454) لابن رجب]
قالَ ابنُ رجَب:

وَقَدْ سَافَرَ الشَّيْخُ -ابن تيمية- مَرَّةً عَلَى البَريْدِ إِلَى الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ يَسْتَنْفِرُ السُّلْطَانَ عِنْدَ مَجِيْءِ التَّتَرِ سَنَةً مِنَ السِّنِيْنِ، وَتَلَا عَلَيْهِمْ آيَاتُ الجِهَادِ، وَقَالَ: إِنْ تَخَلَّيْتُمْ عَنِ "الشَّامِ" وَنُصْرَةِ أَهْلِهِ، وَالذَّبِّ عَنْهُمْ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُقِيْمُ لَهُمُ مَنْ يَنْصُرُهُمْ غَيْرَكُمْ، وَيَسْتَبْدِلُ بِكُم سِوَاكُمْ، وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا}.
وَبَلَغَ ذلِكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّيْنِ بنَ دَقِيْقَ العِيْدِ -وَكَانَ هُوَ القَاضِي حِيْنَئِذٍ- فَاسْتَحْسَنَ ذلِكَ، وَأَعْجَبَهُ هَذَا الاسْتِنْبَاطَ، وَتَعَجَّبَ مِنْ مُوَاجَهَةِ الشَّيْخِ للسُّلْطَانِ بِمِثْلِ هَذَا الكَلَامِ.

[ذيل طبقات الحنابلة (510/4) لابن رجب]
مِمَّا جاء في ترجمة الوزير ابن هبيرة :

"وَكَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ العُلَمَاءِ وَالفُقَرَاءِ، وَكَانَتْ أَمْوَالُهُ مَبْذُوْلَةً لَهُمْ، وَلِتَدْبِيرِ الدَّوْلَةِ، فَكَانَتْ السَّنَةُ تَدُوْرُ عَلَيْه وَعَلَيْهِ دُيُوْنٌ، وَقَالَ: مَا وَجَبَتْ عَلَى زكَاةٍ قَطٌّ..

وَفِي ذلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ :

يَقُوْلُوْنَ يَحْيَى لَا زكَاةَ لِمَالِهِ … وَكيْفَ يُزَكِّي المَالَ مَنْ هُوَ بَاذِلُهْ

إِذَا دَارَ حَوْلٌ لَا يُرَى فِي بُيُوتِهِ … مِنَ المَالِ إِلَّا ذِكْرُهُ وَفَضَائِلُهْ

[ذيل طبقات الحنابلة (125/2) لابن رجب]
واعلمْ أَن النَّفسَ تُحبُّ الرِّفَعَةَ والعُلوَّ عَلَى أَبناءِ جنسِهَا، وَمن هُنا نشأَ الكِبرُ والحسدُ، ولكن العاقلَ يُنافسُ في العُلوِّ الدائم الباقي الَّذِي فيهِ رضوانُ اللَّه وقُربُهُ وجِوارُهُ، ويَرغَبُ عن العُلوِّ الفاني الزَّائلِ، الَّذِي يعقُبُهُ غَضبُ اللَّه وَسخطُه، وانحطاطُ العبدِ وسُفُولُه وبعدُهُ عَن الله وطردُهُ عنه، فهذا العُلوّ الفاني الَّذِي يُذَمًّ، وهو العتُوُّ والتكبرُ في الأرض بغيرِ الحَقِّ. وأما العُلوُّ الأوَّلُ والحرصُ عليهِ فهو محمودٌ.

[مجموع الرسائل (89/1) لابن رجب]
كان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حرّ الظهيرة يذكر انصراف النّاس من موقف الحساب إلى الجنّة أو النار؛ فإنّ السّاعة تقوم يوم الجمعة..

وينبغي لمن كان في حرّ الشمس أن يتذكّر حرّها في الموقف؛ فإنّ الشمس تدنو من رؤوس العباد يوم القيامة ويزاد في حرّها، وينبغي لمن لا يصبر على حرّ الشمس في الدنيا أن يجتنب من الأعمال ما يستوجب صاحبه دخول النار؛ فإنّه لا قوّة لأحد عليها ولا صبر.

[لطائف المعارف (ص/556) لابن رجب]
في دَرجاتِ الآخرةِ الباقيةِ يَشرُعُ التنافسُ وطلبُ العُلوِّ في مَنازِلها، والحرصُ عَلَى ذلك بالسعيِ في أسبابِهِ، وأن لا يقنع الإنسانُ منها بالدُّونِ مَع قُدرتهِ عَلى العُلوّ، وأما العلوُّ الفاني المنُقطعُ الَّذِي يعقب صاحبَهُ غدا حَسرةً وندامةً وذِلَّةً وهَوانًا وصغارًا، فهو الَّذِي يشرعُ الزهدُ فيه والإِعراضُ عنهُ.

[مجموع الرسائل (90/1) لابن رجب]
أَلَا إِنمَا التَّقْوَى هِيَ الْعِزُّ والْكَرَمُ ... وَحُبُّكَ لِلدُّنْيا هُوَ الذُّلُّ والسَّقَم

وَليسَ عَلَى عَبْدٍ تقيٍّ نقيصَة ... إِذَا حَقَّقَ التَّقوَى وَإنْ حَاكَ أَو حَجَم

[مجموع الرسائل (92/1) لابن رجب]
من اشتغل بتربية منزلته عند الله بما ذكرنا من العلم الباطن وصل إلى الله، فاشتغل به عما سواه، وكان له في ذلك شغل عن طلب المنزلة عند الخلق، ومع هذا فإن الله يعطيه المنزلة في قلوب الخلق والشرف عندهم، وإن كان لا يريد ذلك ولا يقف معه؛ بل يهرب منه أشد الهرب ويفر أشد الفرار؛ خشية أن يقطعه الخلق عن الحق جل جلاله..

قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} أي: في قلوب عباده.

وفي حديث: «إن الله إذا أحب عبدا نادی: يا جبريل، إني أحب فلانا، فيحبه جبريل، ثم يحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض». والحديث معروف، وهو مخرج في «الصحيح».

[مجموع الرسائل (95/1) لابن رجب]
من سار على طريق الرسول ﷺ ومنهاجه وإن اقتصد فإنه يسبق من سار على غير طريقه وإن اجتهد.

مَنْ لِي بِمِثْلِ سَيْرِكَ الْمُدَلَّلِ
‏تَمْشِي رُوَيْدًا وَتَجِي فِي الْأَوَّلِ

[لطائف المعارف (ص/255) لابن رجب]
من أعانه الله، فهو المُعانُ، ومن خذله فهو المخذولُ، وهذا تحقيقُ معنى قول: (لا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله)، فإن المعنى لا تَحوُّلَ للعبد مِنْ حال إلى حال، ولا قُوَّة له على ذلك إلا بالله، وهذه كلمةٌ عظيمة وهي كنز من كنوز الجنة، فالعبد محتاجٌ إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات كلِّها في الدُّنيا وعندَ الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على الإِعانة على ذلك إلا الله عزَّ وجلَّ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه. وفي الحديث الصحيح عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: "احرصْ على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزْ".

‏[جامع العلوم والحكم (482/1) لابن رجب]
الغضب يحمل صاحبه على أن يقول غير الحقّ، ويفعل غير العدل، فمن كان لا يقول إلاّ الحق في الغضب والرضا، دلّ ذلك على شدّة إيمانه وأنّه يملك نفسه.

[مجموع الرسائل (166/1) لابن رجب]
2025/10/12 23:38:25
Back to Top
HTML Embed Code: