Telegram Web
المعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه..

فمعنى الإعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للإتصال بخدمة الخالق.

وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الإنقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال..

[لطائف المعارف (ص/191) لابن رجب]
قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال: قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"

العفو من أسماء الله تعالى، وهو يتجاوز عن سيئات عباده الماحي لأثارهم عنهم، وهو يحب العفو، فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته.

[لطائف المعارف (ص/205) لابن رجب]
وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الإجتهاد في الأعمال فيها، وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر.

[لطائف المعارف (ص/206) لابن رجب]
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}..

قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.

[لطائف المعارف (ص/192) لابن رجب]
قد وصف اللَّه تعالى في كتابه أن المُحبِّين له يُجاهدون في سبيله ولا يخافون لومة لائم.

وفى ذلك يقولُ بعضُهم:

أَجِدُ الْمَلَامَةَ فِي هَوَاك لَذِيذَةً ... حُبًّا لِذِكرِك فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ

[مجموع الرسائل (78/1) لابن رجب]
قال النبي ﷺ:

(..وأَستغفِركُ لِما تَعلَمُ؛ إنَّك أنت عَلَّامُ الغُيوبِ)

"من الذُّنوب ما ينساه العبد ولا يذكره وقت الاستغفار، فيحتاج العبد إلى استغفار عام من جميع ذنوبه - ما عَلِم منها وما لم يعلم - والكل قد علِمه الله وأحصاه"

‏[مجموع الرسائل(392/1)لابن رجب]
قبل أن يكون همك صلاة الليل، وكثرة الختمات وتلاوة القرآن، ألقِ نظرة إلى قلبك.. واقرأ في معاصي القلب وأمراضه، والتي منها: (الرياء، والحسد، والعُجب، والكِبْر، والغل، والحقد.. والغضب لغير الله تعالى.. والبخل، والإعراض عن الحق استكباراً.. والطمع، وخوف الفقر، وسخط المقدور، والبطر، وتعظيم الأغنياء لغناهم، الاستهزاء بالفقراء لفقرهم، والفخر، والخيلاء، والتنافس في الدنيا، والمباهاة، والتزين للمخلوقين، والمداهنة، وحب المدح بما لم يفعل، والاشتغال بعيوب الخلق عن عيوبه، ونسيان النعمة، والمحبة والرغبة والرهبة لغير الله تعالى)
[الدر الثمين (ص/575) لميَّارة]
وتفكَّر في حالك، كم في قلبك من مرض وأنت ساهٍ عنهُ وغافل.. ولربما ظننت الصِّحَّة وأنت عليل!!

ولا تظن أنَّ الأمر بكثرة العمل وبالجهد الكبير وما إلى ذلك، مع إغفال القلب وعدم إعطاءه نصيبه من التطهير والصلاح!!
قلبك يستحق منك الكثير، لا تظلمه ولا تظلم نفسك.

قال ابن رجب الحنبلي:
(الاشتغال بتطهير القلوب أفضل من الاستكثار من الصّوم والصّلاة مع غشّ القلوب ودغلها)
[لطائف المعارف (ص/446) لابن رجب]

وقال رحمه الله:
(ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة، بل ببر القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله خشية له ومحبة وإجلالا وتعظيما ورغبة فيما عنده وزهدا فيما يفنى)
[لطائف المعارف (ص/254) لابن رجب]
🔺اعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ:

< صَوْمُ الْعُمُومِ >

< وصوم الخصوص >

< وصوم خصوص الخصوص >

1️⃣ وأما صَوْمُ الْعُمُومِ: فَهُوَ كَفُّ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ عَنْ قضاء الشهوة.

2️⃣ وَأَمَّا صَوْمُ الْخُصُوصِ: فَهُوَ كَفُّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ عَنِ الْآثَامِ.

3️⃣ وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهمم الدَّنِيَّةِ وَالْأَفْكَارِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَكَفُّهُ عَمَّا سِوَى اللَّهِ عز وجل بالكليّة.

[الإِحياء (214/1) لأبي حامد الغَزّالي]
قد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يتهجّد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتّلة، لا يمرّ بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلاّ تعوّذ، فيجمع بين الصّلاة والقراءة والدّعاء والتفكّر. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم.

[لطائف المعارف (ص/359) لابن رجب]
المبادرة المبادرة إلى اغتنام العمل فيما بقي من الشهر، فعسى أن يستدرك به ما فات من ضياع العمر.

تولّى العمر في سهو … وفي لهو وفي خسر

فيا ضيعة ما أنفقت … في الأيّام من عمري

[لطائف المعارف (ص/342) لابن رجب]
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تولى العمر في سهو وفي لهو وفي خسر
فيا ضيعة ما أنفقت في الأيام من عمري
ومالي في الذي ضيعت من عمري من عذر
فما أغفلنا من واجبات الحمد والشكر
أما قد خصنا الله بشهر أيما شهر
بشهر أنزل الرحمن فيه أشرف الذكر
وهل يشبه شهر وفيه ليلة القدر
فكم من خبر صح بما فيها من الخير
روينا عن ثقات أنها تطلب في الوتر
فطوبى لامرىء يطلبها في هذه العشر
ففيها تنزل الأملاك بالأنوار والبر
قد قال {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
ألا فادخرها إنها من أنفس الذخر
فكم من معلق فيها من النار ولا يدري

[لطائف المعارف (ص/193) لابن رجب]
لا يصلح لمناجاة الملوك في الخلوات إلاّ من زيّن ظاهره وباطنه، وطهّرهما خصوصا لملك الملوك الذي يعلم السّرّ وأخفى، وهو لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فمن وقف بين يديه فليزيّن له ظاهره باللباس، وباطنه بلباس التّقوى.

[لطائف المعارف (ص/337) لابن رجب]
يستحبّ في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظّف والتزيّن، والتطيب بالغسل والطّيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد، وكذلك يشرع أخذ الزّينة بالثياب في سائر الصّلوات، كما قال تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١].

[لطائف المعارف (ص/337) لابن رجب]
وقد اختلف الناس في ليلة القدر اختلافا كثيرا..
قال الجمهور: هي منحصرة في العشر الأواخر، واختلفوا في أي ليالي العشر أرجى؛ فحكي عن الحسن ومالك أنّها تطلب في جميع ليالي العشر؛ أشفاعه وأوتاره، ورجّحه بعض أصحابنا..
قال الأكثرون: بل بعض لياليه أرجى من بعض، وقالوا: الأوتار أرجى في الجملة. ثم اختلفوا: أيّ أوتاره أرجى..

[لطائف المعارف (ص/348) لابن رجب]
في ليلة القدر تنتشر الملائكة في الأرض، فيبطل سلطان الشّياطين، كما قال الله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٤ - ٥].

وفي المسند عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: «الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى».

وفي «صحيح ابن حبّان»، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال في ليلة القدر: «لا يخرج شيطانها حتّى يخرج فجرها»..

وكلّ هذا يدلّ على كفّ الشّياطين فيها عن انتشارهم في الأرض، ومنعهم من استراق السّمع فيها من السّماء.

[لطائف المعارف (ص/325) لابن رجب]
قد استنبط طائفة من المتأخرين من القرآن أنّها ليلة سبع وعشرين من موضعين:

أحدهما: أنّ الله تعالى ذكر ليلة القدر في سورة القدر في ثلاثة مواضع منها، وليلة القدر حروفها تسع حروف، والتسع إذا ضربت في ثلاثة فهي سبع وعشرون.

والثاني: أنّه قال: «سلام هي» فكلمة «هي» هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة؛ فإنّ كلماتها كلّها ثلاثون كلمة.

قال ابن عطية: هذا من ملح التفسير لا من متين العلم، وهو كما قال.

[لطائف المعارف (ص/357) لابن رجب]
قال جويبر: قلت للضحاك: أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟ قال: نعم كل من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر.

[لطائف المعارف (ص/192) لابن رجب]
يا ليلة القدر للعابدين اشهدي،
يا أقدام القانتين اركعي لربك واسجدي،
يا ألسنة السائلين جدي في المسألة واجتهدي.

يا رجال الليل جدوا
رُبِّ داعٍ لا يُرَدُّ

ما يقوم الليل إلاّ
من لهُ عزمٌ وجِدُّ

[لطائف المعارف (ص/191) لابن رجب]
ينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر.

وكان أبو قلابة يعتق في آخر الشهر جارية حسناء مزينة يرجو بعتقها العتق من النار.

[لطائف المعارف (ص/213) لابن رجب]
الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها فتختم به الصلاة والحج وقيام الليل، ويختم به المجالس...
فكذلك ينبغي أن يُختم صيام رمضان بالاستغفار.

كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم رمضان بالاستغفار وصدقة الفطر فإن صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث.
والاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث.

[لطائف المعارف (ص/377) لابن رجب]
2025/10/13 02:11:59
Back to Top
HTML Embed Code: