tgoop.com/dr_alsolami/1291
Last Update:
#مقال
مقامات الإيمان
الإيمان هو الأصل في العبودية لله تعالى، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أنَّه يزيد بطاعة الله وينقص بمعصيته، وفي زيادة الإيمان مقامات عظيمة ورفيعة، وأعلاها ما وصل إليه الأنبياء والمرسلون ثُمَّ الصديقون والشهداء وغيرهم من أهل المقامات العالية عند الله تعالى.
ولا ريب أنَّ الإيمان من أعظم النعم الربانية، والمنح الإلهية، يقول تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:6-7]، وكل من حقَّق أصل الإيمان فهو داخل فيهم، ولكن الذين أنعم الله عليهم درجات ومقامات وليسوا على مرتبة واحدة، ولهذا كانت الجنَّة درجات عظيمة، يقول تعالى في أهل مقامات الإيمان: {فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]، ويقول تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32].
ومن أعلى مقامات الإيمان: العلم بالله، والجهاد في سبيل الله، فهذان مقامان عاليان؛ لأنَّهما يتضمَّنان أعلى درجات اليقين بالله، وفيهما من بذل الجهد والمجاهدة والصبر أمرًا لا يعرفه إلا من خَبَرَ حقيقة كل منهما.
فالعالم يبذل حياته ووقته وأيامه في تعلُّم العلم، وآثاره في الناس كبيره من إقامة الحق والدفاع عنه والصبر عليه، والمجاهد في سبيل الله يبذل نفسه لإقامة الحق والدفاع عنه، ويصبر على ذلك.
والعلاقة بين العلم والجهاد: أنَّ الأول من الحياة في سبيل الله، والثاني: يفضي إلى الموت في سبيل الله، ويجتمعان في أمرين شريفين:
الأمر الأول: القيام بالحق.
والأمر الثاني: الدفاع عنه.
وفي هذين الأمرين معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويتفرَّع عن مقام العلم بالله، والجهاد في سبيله سائر شعب الإيمان وفضائله، فإنَّ العلم أصل دافع للعمل الصالح، والجهاد أصل دافع لمجاهدة النفس والشيطان وأعداء الدين، وبهما يقوم الإيمان في النفس والمجتمع.
والعلم أحد طرق الجهاد في سبيل الله، ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالجهاد بالقرآن فقال تعالى: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52]، ويكون ببيان الحق والدفاع عنه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73]، وجهاد الكفار بالسنان، وجهاد المنافقين بالبيان، ولهذا كان من الجهاد بيان باطل الأديان المحرَّفة، والمذاهب الإلحادية، وكشف زيف الفرق الضالة، والشبهات الباطلة، وبهذا يتحقق بالعلم الجهاد بالبيان.
وأعلى من ذلك: الجمع بين جهاد البيان والسنان كما كان علماء الصحابة والتابعين يجاهدون الكفار والمنافقين، فكل علماء الصحابة مجاهدون، ومن أبرز العلماء المجاهدين عبدالله بن المبارك وغيره من علماء السلف الصالح.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1291
BY قناة أ.د. عبدالرحيم بن صمايل السلمي
Share with your friend now:
tgoop.com/dr_alsolami/1291