Telegram Web
قال شارح الطحاوية : أكبر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الأمة مسألة القدر ، وقد اتسع الكلام فيها غاية الاتساع .
عندي في هذا الكلام نظر ؛ لأن أكبر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الأمة إما مسألة الصفات أو مسألة الإيمان وقد اتسع الكلام في هاتين المسألتين أكثر من اتساعه في القدر .
طرفة أدبية
استعمل عتبة بن أبي سفيان رجلا من آله على الطائف، فظلم رجلا من أزد شنوءة، فأتى الأزدي عتبة، فمثل بين يديه، فقال:
أمرت من كان مظلوما ليأتيكم
فقد أتاكم غريب الدار مظلوم
ثم ذكر ظلامته، فقال له عتبة: إني أراك أعرابيا جافيا،والله ما أحسبك تدري كم تصلي في كل يوم وليلة ، فقال: أرأيت إن أنبأتك ذلك، أتجعل لي عليك مسألة ؟
قال ؛ نعم .
فقال الأعرابي:
إن الصلاة أربع وأربع
ثم ثلاث بعدهن أربع
ثم صلاة الفجر لا تضيع
فقال: صدقت فاسأل !
فقال: كم فقار ظهرك ؟
فقال: لا أدري .
فقال: أفتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك .
قال: ردوا عليه غنيمته.
‏قال تعالى : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ؛ قال البغوي : معناه أن المؤمن لا يبتلى بشيء من الذنوب إلا جعل الله له منه مخرجا ؛ بعضها بالتوبة ، وبعضها برد المظالم والقصاص، وبعضها بأنواع الكفارات، فليس في دين الإسلام ذنب لا يجد العبد سبيلا إلى الخلاص من العقاب فيه.
ذكر ابن القاسم عند الإمام مالك ؛ فقال : عافاه الله ، مثله كمثل جراب مملؤ مسكا . وكان ابن القاسم مع رسوخه في الفقه عابدا ورعا ، وله في ذلك أخبار ذكرها أهل العلم في سيرته ؛ منها أنه نزل بمسجد، ببعض المدائن فنام هو وصاحبه ، ثم انتبه من النوم مذعورا، فقال لصاحبه : رأيت الساعة كأن رجلا دخل علينا من باب هذا المسجد، ومعه طبق مغطى، وفيه رأس خنزير، أسأل الله خيرها. فما لبثوا إلا قليلا حتى أقبل رجل معه طبق مغطى بمنديل، وفيه رطب من تمر تلك القرية، فجعله بين يدي ابن القاسم، وقال: كل. قال: ما إلى ذلك من سبيل. قال: فأعطه أصحابك. قال: أنا لا آكله، أعطيه غيري! فانصرف الرجل، فقال ابن القاسم لصاحبه : هذا تأويل الرؤيا.
وكان يقال: إن تلك القرية، أكثرها وقف غصبت.
قوله تعالى ﴿لا يسأل عما يفعل ﴾ ؛ هل ذلك لكمال حكمته ، أو لمجرد قهره وقدرته ؟ السلف على الأول ، ونفاة الحكمة من الجهمية وغيرهم على الثاني ؛ ولهذا أجازوا على الله فعل كل ممكن .
قال الشوكاني في نيل الأوطار : قوله ( فإن أذنا فجاهد ) ، فيه دليل على أنه يجب استئذان الأبوين في الجهاد … واستدل بالحديث على تحريم السفر بغير إذنهما ؛ لأن الجهاد إذا منع منه مع فضيلته فالسفر المباح أولى .
‏من أسباب الحفظ من الشيطان وعمله أن يقول المسلم إذا دخل المسجد : أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم . فإذا قال هذا الدعاء قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم .
‏يروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمؤدبه: كيف كانت طاعتي إياك وأنت تؤدبني ؟
‏فقال : أحسن طاعة.
‏قال: فأطعني الآن كما أطيعك إذ ذاك ؛ خذ من شاربك حتى تبدو شفتاك، ومن ثوبك حت تبدو عقباك.
‏قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
‏إن قيل : أي رحمة حصلت لمن كفر به ؟
‏والجواب ماقال ابن عباس رضي الله عنهما : من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف .
قال بعض السلف: ما احتاج تقي قط، لقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}؛ فقد ضمن الله للمتقين أن يجعل لهم مخرجا مما يضيق على الناس، وأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون، فإذا لم يحصل ذلك دل على أن في التقوى خللا، فليستغفر الله وليتب إليه .


شرح الطحاوية ، ص ٢٦٩
‏قال بعض السلف : عجبت لمن ابتغى الغنى بغير النكاح ، والله تعالى يقول :( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) .

‏تفسير البغوي ٣ / ٣٤٢
قال تعالى : ( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) ؛ فالسموم الريح الحارة ، والحميم الماء الحار ، واليحموم الدخان الذي اشتد سواده ، قال ابن رجب : هذه الآية تضمنت ذكر ما يتبرد به في الدنيا من الكرب والحر ، وهو ثلاثة ؛ الماء والهواء والظل ؛ فهواء جهنم السموم ، وهو الريح الحارة الشديدة الحر، وماؤها الحميم الذي قد اشتد حره ، وظلها اليحموم ، وهو قطع دخانها، أجارنا الله من ذلك كله بكرمه ومنه .
‏قال الحسن البصري : إن لأهل التقوى علامات، يعرفون بها ؛ صدق الحديث، ووفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء، وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسَعَة الخَلْق فيما يقرب إلى الله .
‏قال علي بن خشرم: ما رأيت بيد وكيع كتابا قط، إنما هو حفظ، فسألته عن أدوية الحفظ، فقال: إن علمتك الدواء استعملته؟ قلت: إي والله. قال: ترك المعاصي، ما جربت مثله للحفظ.
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فضيق الناس المنازل ، وقطعوا الطريق ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - مناديا ينادي في الناس : ( أن من ضيق منزلا ، أو قطع طريقا فلا جهاد له ) ؛ وهكذا الشأن فيمن يضيق على الناس طرقهم في صلاة الجمعة أو الجماعة يخشى أن يكون لاصلاة له ؛ لأن الشريعة لاتفرق بين المتماثلات ،
قال تعالى :( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ) ؛ قال عمر - رضي الله عنه - : جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع من النساء دلاجة ولاجة خراجة .
رواه ابن أبي حاتم بإسناد صحيح.

والسلفع المرأة الجريئة
‏عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان في السوق ، فأقيمت الصلاة ، فقام الناس وأغلقوا حوانيتهم فدخلوا المسجد ؛ فقال ابن عمر : فيهم نزلت: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة} .

‏تفسير البغوي
‏ ٣ / ٣٤٨
‏قال تعالى : ( واضمم إليك جناحك من الرهب ) ؛ أي من الفزع والرعب ؛ قال ابن كثير : أمر موسى - عليه السلام - إذا خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب ، وهو يده، فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف، وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء ، فوضع يده على فؤاده فإنه يزول عنه ما يجده أو يخف إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
الصفات الكبرى التي يدور عليها الإيمان بالقدر ثلاث ؛ العلم والقدرة والحكمة ، وضلال القدرية النفاة والغلاة ناشئ عن ضلالهم في تحقيق هذه الصفات ؛ فالقدرية الأولى أنكروا عموم العلم ، والقدرية الثانية أنكروا عموم القدرة ، والقدرية الغلاة أو الجبرية أنكروا صفة الحكمة ، وجوزوا على الله فعل كل ممكن .
‏قال تعالى :( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) ؛ قال شقيق: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : فاتتني الصلاة الليلة ؟ فقال: أدرك ما فاتك من ليلتك في نهارك ؛ فإن الله عز وجل جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر .
2025/10/09 16:10:28
Back to Top
HTML Embed Code: