كلآ̀م̀ م̀ن̀ ذ̀ه̀ب ֆ ⚡️🔱ۦ

بدأ يعود متأخراً إلى المنزل.. سألته زوجته عن السبب فأجاب بانفعال بأنه متعب بسبب ضغوطات الحياة ويحتاج إلى مساحة.. صمتت وهي تفكر بينها وبين نفسها "مساحة؟ ما معنى مساحة؟" وهي تفكر بيومها الذي يبدأ بطلبات أطفالها وينتهي بنومهم في أحضانها دون أن تتمكن حتى من ارتشاف كوب القهوة بسلام. لم تناقشه، قررت منحه "المساحة" التي طلبها.
إلا أنه ما لم يكن يتخيله هو أنها مرة بعد مرة، يوماً بعد يوم، ستعتاد هي على هذه المساحة، ستعتاد على عدم وجوده، ستعتاد على إكمال يومها بدونه، ستعتاد على أنها لم تعد بحاجة إليه.. دون أن يعلم بنى بينه وبينها مسافة من البرود والجفاء غيّرت كل شيء.
بعد مرور حوالي شهر على هذه الحال، عاد ذات يوم مبكراً إلى المنزل. دخل وتناول الطعام وجلس بانتظار أن يسمع أحاديثها الطويلة التي لا تنتهي حول يومها وعملها ومخططاتها. لكنها لم تتحدث. أكملت يومها بشكل عادي كأنه غير موجود. اعتنت بأطفالها درستهم، ادخلتهم للاستحمام، ثم ناموا في حضنها وغفت بالقرب منهم كالمعتاد.
تكرر الوضع نفسه في اليوم الذي يليه واليوم الذي بعده.. إلى أن سألها "لماذا تتعمدين عدم التحدث إلي؟". أجابت بهدوء وهي ترتب الملابس "أتعمّد؟ أنا حقاً لا اتعمد ذلك؟ لكنني في الفترة التي كنت بعيداً فيها عني، احتجت كثيراً إلى من يسمعني ولم أجدك، وشيئاً فشيئاً اعتدت على حل أموري بنفسي دون كلام." ثم تنهّدت وقالت "صدقني، لم يعد هناك داعي لأي كلام". ثم دخلت لتكمل توضيب الملابس في الخزانة.
حتى أطفاله لم يعودوا يركضوا نحو الباب ليغمروه عند دخوله، فقد اعتادوا أن يناموا قبل أن يأتي، وبعد أن اشتاقوا إليه وسألوا عنه عدة أيام لفترة طويلة، اعتادوا على عدم السؤال.. واعتادوا على عدم وجوده.
المرء لا يتعمّد الجفاء، الجفاء سورٌ يُبنى بين شخصين بعد أن تتراكم حجاره لفترة طويلة، يمنع كل سبل التواصل.. وحتى إن تم التواصل، يصبح تأثير الصوت وصداه بعيداً عن القلوب بسبب ارتفاع السور وصلابته.
عزيزي الرجل، وجودك في حياة زوجتك وأطفالك ليس خياراً هو واجب. مهما كان حجم معاناتك، إياك أن تتعامل مع أفراد أسرتك على أنهم عبء، إياك أن تتعمد تجاهلهم والابتعاد عنهم.. فبقدر ما دورك مهم وأساسي وضروري في حياتهم، بقدر ما خلق الله لكل مرء القدرة على الاعتياد على التغيير. وإن اعتادوا غيابك.. لن يصبح لوجودك بعد ذلك أي تأثير.

www.tgoop.com/bsjejejjeb/78756

178 viewsالفقيره الى الله, Jul 22 at 12:01

بدأ يعود متأخراً إلى المنزل.. سألته زوجته عن السبب فأجاب بانفعال بأنه متعب بسبب ضغوطات الحياة ويحتاج إلى مساحة.. صمتت وهي تفكر بينها وبين نفسها "مساحة؟ ما معنى مساحة؟" وهي تفكر بيومها الذي يبدأ بطلبات أطفالها وينتهي بنومهم في أحضانها دون أن تتمكن حتى من ارتشاف كوب القهوة بسلام. لم تناقشه، قررت منحه "المساحة" التي طلبها.
إلا أنه ما لم يكن يتخيله هو أنها مرة بعد مرة، يوماً بعد يوم، ستعتاد هي على هذه المساحة، ستعتاد على عدم وجوده، ستعتاد على إكمال يومها بدونه، ستعتاد على أنها لم تعد بحاجة إليه.. دون أن يعلم بنى بينه وبينها مسافة من البرود والجفاء غيّرت كل شيء.
بعد مرور حوالي شهر على هذه الحال، عاد ذات يوم مبكراً إلى المنزل. دخل وتناول الطعام وجلس بانتظار أن يسمع أحاديثها الطويلة التي لا تنتهي حول يومها وعملها ومخططاتها. لكنها لم تتحدث. أكملت يومها بشكل عادي كأنه غير موجود. اعتنت بأطفالها درستهم، ادخلتهم للاستحمام، ثم ناموا في حضنها وغفت بالقرب منهم كالمعتاد.
تكرر الوضع نفسه في اليوم الذي يليه واليوم الذي بعده.. إلى أن سألها "لماذا تتعمدين عدم التحدث إلي؟". أجابت بهدوء وهي ترتب الملابس "أتعمّد؟ أنا حقاً لا اتعمد ذلك؟ لكنني في الفترة التي كنت بعيداً فيها عني، احتجت كثيراً إلى من يسمعني ولم أجدك، وشيئاً فشيئاً اعتدت على حل أموري بنفسي دون كلام." ثم تنهّدت وقالت "صدقني، لم يعد هناك داعي لأي كلام". ثم دخلت لتكمل توضيب الملابس في الخزانة.
حتى أطفاله لم يعودوا يركضوا نحو الباب ليغمروه عند دخوله، فقد اعتادوا أن يناموا قبل أن يأتي، وبعد أن اشتاقوا إليه وسألوا عنه عدة أيام لفترة طويلة، اعتادوا على عدم السؤال.. واعتادوا على عدم وجوده.
المرء لا يتعمّد الجفاء، الجفاء سورٌ يُبنى بين شخصين بعد أن تتراكم حجاره لفترة طويلة، يمنع كل سبل التواصل.. وحتى إن تم التواصل، يصبح تأثير الصوت وصداه بعيداً عن القلوب بسبب ارتفاع السور وصلابته.
عزيزي الرجل، وجودك في حياة زوجتك وأطفالك ليس خياراً هو واجب. مهما كان حجم معاناتك، إياك أن تتعامل مع أفراد أسرتك على أنهم عبء، إياك أن تتعمد تجاهلهم والابتعاد عنهم.. فبقدر ما دورك مهم وأساسي وضروري في حياتهم، بقدر ما خلق الله لكل مرء القدرة على الاعتياد على التغيير. وإن اعتادوا غيابك.. لن يصبح لوجودك بعد ذلك أي تأثير.

BY كلآ̀م̀ م̀ن̀ ذ̀ه̀ب ֆ ⚡️🔱ۦ