tgoop.com/ask_albaydha/2435
Last Update:
#تأصيل #مكافأة_النفسرقم | و / ٢ / ١٦
تاريخ | ٩ / ٢ / ١٤٤٧ هـ
•السؤال:
ما رأيكم في الدعوة إلى مكافأة النفس، أليست سبيلًا إلى جحود نعم المنعم ونسب الفضل إلى النفس
أليس مبدأنا في العقيدة الصحيحة أن لاحول ولا قوة إلا بالله، وما بنا من نعمة فمن الله
أليس الواجب أن نعود أنفسنا بعد كل فضل أن نلهج بالحمد والشكر لله وحده دون سواه؟
وأرفقت صورة تسأل عما كتب فيها:
(أنا أستحق أن أكافأ، لا لأنني أنجزت كل شيء.. بل لأنني ما زلت أحاول بلطف
ليس عليك أن تنتظر نجاحًا كبيرًا لتدلل نفسك، كل مقاومة كل استمرارية، كل لحظة نجوت فيها بصمت تستحق الاحتفال
دلل نفسك بلا مناسبة، كأنك تقول لها: “أنا أراك، وأقدرك"
تمرين اليوم
اكتب في مذكرتك
"ما هي أبسط طريقة أقدر بها نفسي اليوم؟"
افعل شيئًا صغيرًا فقط لك: كوب قهوة تحبه، نزهة، لحظة
هدوء، أو حتى مجرد مدح لنفسك.
تذكر
لا تنتظر مناسبة لتدلل نفسك.. أنت المناسبة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•الإجابة:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لاشك أن الواجب -كما ذكرت السائلة في مقدمة سؤالها- أن نعود أنفسنا بعد كل فضل، بأن نلهج بالحمد والشكر لله وحده دون سواه، وأن ما بنا من نعمة فمن الله، وأن لا حول ولا قوة إلا به سبحانه، وأن كل فضل وتوفيق وإنجاز ونجاح ولو كان يسيرًا فهو منه سبحانه مبتدئ الفضل والإنعام والإحسان.
وهذا حال من عرف ربه بأسمائه وصفاته، وعرف نفسه وأنه عبد فقير محتاج لباريه في كل حال.
فكان دائم اللهج بالحمد والشكر لمولاه على تجدد النعم ودوامها، وعلى توفيقه وعونه على كل أحواله.
إلا أن هذا لا يُعارضه ولا يُصادمه تحفيز النفس بمحبوباتها في سيرها في أمور الدنيا، فمثلًا أن يكافئ نفسه بقطعة من الحلوى عند إنجازه لفصلين من مذاكرة الاختبار، أو بنزهة عند انتهائه من البحث... وهكذا.
طالما أن العمل مباح والمكافأة مباحة، فهذا لا حرج فيه؛ على أن لا يغيب عن قلبه وذهنه أن ذلك بتوفيق الله وعونه وتيسيره، فيصحب ذلك اعتراف قلبه بالفضل لله والشكر والذلة له؛ لا أن يشهد نفسه ويكون محط نظر قلبه أنه أفلح بقدراته أو بذكائه أو بما عنده من إمكانات وخصائص، فلا يليق هذا بالعبد الذي عرف ربه وعرف نفسه.
أما بالنسبة لما هو مكتوب في الصورة المرفقة، فإن ذلك أول خطوات تعظيم الذات ونفشها وتعاليها على طريق العبودية، وتشبه قول قارون عندما قال: {إِنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ عِندي} [القصص: ٧٨]
وقول إبليس: {أَنا خَير} [الأعراف: ١٢] فإن جعل النفس محل النظر ومحط التقدير، مفسد لها ومن خطوات طغيانها.
فشتان بين المكافأة المجردة بعد الإنجاز، وبين هذا المكتوب في الرسالة؛ فالمكتوب يعزز (الغرور والكبر) وهو مرض قلبي مميت
والذي يختلف عن مجرد مكافأة النفس والترويح عنها بعد الإنجاز، كما أنه تأسيس لمبدأ تعظيم النفس الدائم، والانكفاء عليها (الأنانية) والتمحور حولها (وتدليلها) وهذا أقصر طريق لظلمها وإفسادها.
إذ إنّ النفس كالطفل، إن تتركه شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم، والنفس تحتاج أطرًا على الحق وهضمًا لها في كثير من الأحيان حتى لا تتعالى.
وقد دخل رسول الله مكة فاتحًا منتصرًا وهو وقت نشوة وفخر، لكنه دخل مطرقًا وقال: [الحمدلله وحده ..] وسليمان عليه السلام حينما رأى ملكًا عظيمًا قال: {هذا من فضل ربي ليبلوني…}
وكان هذا حالهم في إنجازات الدنيا ومحصلاتها، إذ إنّ حقيقة العبودية أن يكون محل النظر هو الله جل جلاله والسير إليه، بل إنّ حال الأنبياء ومن لحقهم من الصالحين، هو رؤيتهم لتقصيرهم وأنهم مهما أحسنوا فلن يبلغوا شيئًا من حق الله وفضل الله عليهم، وهذا ما ينبغى أن يكون عليه العبد، كما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾ [المؤمنون: ٦٠] أي والذين يجتهدون في أعمال البر، ويتقربون إلى الله بالأعمال الصالحة وهم خائفون ألا يتقبل الله منهم إنفاقهم وأعمالهم الصالحة؛ فالمؤمن جمع إحسانًا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنًا.
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن هذه الآية: يا رسول الله هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال ﷺ: [لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يقبل منهم]. حديث صحيح.
فهذا يدل على أن العبد المؤمن ينبغي أن يقوم في قلبه الخوف والحياء من الله، ويستحي مما قدم مهما أحسن، أنه لا يليق بمولاه، وأنّ قدر ربه أعظم وأجلّ من كل حسناته؛ لا أن يفرح بنفسه ويصفق لها ويرفعها عن مقامها وقدرها الحقيقي.
فشتان بين عبد حقق معاني العبودية، وبين عبد رفع رأسه وصرف نظره وهمه عن باريه ومولاه، إلى ذاته وتعظيمها وتقديرها.
هذا والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجيب:
أ. جمانة بنت طلال محجوب
باحثة دكتوراه في الدعوة وأصول الدين.
الوسم المرجعي:
#تطوير_الذات_والدورات_التدريبية
قناة اسأل البيضاء:
https://www.tgoop.com/ask_albaydha
.
BY | اسأل البيضاء |
Share with your friend now:
tgoop.com/ask_albaydha/2435