tgoop.com/alfraid1/16491
Last Update:
خبر الواعظ الموحد
ذكر المؤرخ الجبرتي قصة فريدة حدثت لواعظ بجامع المؤيد تبين مدى غربة الدين وأهله الموحدين في مصر حينئذ فقال ضمن حوادث عام 1123هـ:
"وفي شهر رمضان قبل ذلك جلس بجامع المؤيد -أي الواعظ- فكثر عليه الجمع وازدحم المسجد وأكثرهم اتراك ثم انتقل من الوعظ وذكر ما يفعله أهل مصر بضرايح الأولياء وأيقاد الشموع والقناديل على قبور الأولياء وتقبيل اعتابهم وفعل ذلك كفر يجب على الناس تركه وعلى ولاة الأمور السعي في إبطال ذلك. وذكر أيضا قول الشعراني في طبقاته أن بعض الأولياء اطلع على اللوح المحفوظ أنه لا يجوز ذلك ولا تطلع الانبياء فضلا عن الأولياء على اللوح المحفوظ وانه لا يجوز ذلك ولا تطلع الانبياء فضلا عن والتكايا ويجب هدم ذلك. وذكر أيضا وقوف الفقراء بباب زويلة في ليالي رمضان. فلما سمع حزبه ذلك خرجوا بعد صلاة التراويح ووقفوا بالنبابيت والاسلحة فهرب الذين يقفون بالباب فقطعوا الجوخ والاكر المعلقة وهم يقولون اين الأولياء: فذهب بعض الناس إلى العلماء بالأزهر واخبروهم بقول ذلك الواعظ وكتبوا فتوى واجاب عليها الشيخ أحمد النفراوي والشيخ أحمد الخليفي بأن كرامات الأولياء لا تنقطع بالموت وإن انكاره على اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ لا يجوز ويجب على الحاكم زجره عن ذلك. وأخذ بعض الناس تلك الفتوى ودفعها للواعظ وهو في مجلس وعظه فلما قرأها غضب وقال: يا ايها الناس إن علماء بلدكم أفتوا بخلاف ما ذكرت لكم وإني أريد أن أتكلم معهم وأباحثهم في مجلس قاضي العسكر فهل منكم من يساعدني على ذلك وينصر الحق. فقال له الجماعة: نحن معك لا نفارقك. فنزل عن الكرسي واجتمع عليه العامة زيادة عن ألف نفس ومر بهم من وسط القاهرة إلى أن دخل بيت القاضي قريب العصر فانزعج القاضي وسألهم عن مرادهم فقدموا له الفتوى وطلب منه أحضار المفتين والبحث معهما. فقال القاضي: اصرفوا هؤلاء الجموع ثم نحضرهم ونسمع دعواكم. فقالوا ما تقول في هذه الفتوى قال باطلة. فطلبوا منه أن يكتب لهم حجة ببطلانها. فقال أن الوقت قد ضاق والشهود ذهبوا إلى منازلهم وخرج الترجمان. فقال لهم: فضربوه واختفى القاضي بجريمة. فما وسع النائب إلا أنه كتب لهم حجة حسب مرادهم ثم اجتمع الناس في يوم الثلاثاء عشرينه وقت الظهر بالمؤيد لسماع الوعظ على عادتهم فلم يحضر لهم الواعظ فأخذوا يسألون عن المانع من حضوره. فقال بعضهم اظن أن القاضي منعه من الوعظ. فقام رجل منهم وقال: ايها الناس من أراد أن ينصر الحق فليقم معي. فتبعه الجم الغفير فمضى بهم إلى مجلس القاضي فلما رآهم القاضي ومن في المحكمة طارت عقولهم من الخوف وفر من بها من الشهود ولم يبق إلا القاضي فدخلوا عليه وقالوا له: اين شيخنا فقال: لا أدري. فقالوا له: قم واركب معنا إلى الديوان ونكلم الباشا في هذا الأمر ونسأله أن يحضر لنا اخصامنا الذين افتوا بقتل شيخنا ونتباحث معهم فإن اثبتوا دعواهم نجوا من ايدينا وإلا قتلناهم. فركب القاضي معهم مكرها وتبعوه من خلفه وإمامه إلى أن طلعوا إلى الديوان فسأله الباشا عن سبب حضوره في غير وقته. فقال: انظر إلى هؤلاء الذين ملأوا الديوان والحوش فهم الذين اتوا بي وعرفه قصتهم وما وقع منهم بالامس واليوم وإنهم ضربوا الترجمان وأخذوا مني حجة قهرا وأتوا اليوم واركبوني قهرا. فأرسل الباشا إلى كتخدا الينكجرية وكتخدا العزب وقال لهما: اسألوا هؤلاء عن مرادهم. فقالوا نريد أحضار النفراوي والخليفي ليبحثا مع شيخنا فيما افتيا به عليه فاعطاهم الباشا بيورلديا على مرادهم ونزلوا إلى المؤيد وأتوا بالواعظ واصعدوه إلى الكرسي فصار يعظهم ويحرضهم على اجتماعهم في غد بالمؤيد ويذهبون بجمعيتهم إلى القاضي وحضهم على الانتصار للدين وقمع الدجالين. وافترقوا على ذلك وأما الباشا فإنه لما اعطاهم البيورلدي أرسل بيورلديا إلى إبراهيم بك وقيطاس بك بعرفهم ما حصل وما فعله العامة من سوء الأدب وقصدهم تحريك الفتن وتحقيرنا نحن والقاضي وقد عزمت أنا والقاضي على السفر من البلد. فلما قرأ الأمراء ذلك لم يقر لهم قرار وجمعوا الصناجق والاغوات ببيت الدفتردار واجمعوا رايهم على أن ينظروا هذه العصبة من أي وجاق ويخرجوا من حقهم وينفي ذلك الواعظ من البلد.
وأمروا الأغا أن يركب ومن رآه منهم قبض عليه وأن يدخل جامع المؤيد ويطرد من يسكنه من السفط. فلما كان صبيحة ذلك اليوم ركب الأغا وأرسل الجاويشية إلى جامع المؤيد فلم يجدوا منهم أحدا وجعل يفحص ويفتش على افراد المتعصبين فمن ظفر به أرسله إلى باب اغاته فضربوا بعضهم ونفوا بعضهم وسكنت الفتنة".
تاريخ الجبرتي (1/ 83-86)
BY فرائد الفوائد
Share with your friend now:
tgoop.com/alfraid1/16491