tgoop.com/adelhamad1442/620
Last Update:
والخلاف: ليس رحمة، بل هو مذموم؛ ذمَّه القرآن والسنة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[الأنعام: 159]، ﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود: 119-118]، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: 105]، ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: 115]. ولو كان الخلاف رحمة لما كان الإجماع - الذي هو الأصل الثالث - حُجَّة.
وفي حديث العرباض بن سارية: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ".
وجـــــاء فِي صحيــــح مسلم، عـــــن عبــــد الله بن عمــــرو بن العاص قال: هَجَّرْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فسمع أصوات رجلين اختلفا فِي آية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرى فِي وجهه الغضب، قال: "إنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم فِي الكتاب" وفي حديث آخر: "أبهذا أمرتكم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟! وإنما أهلك من كان قبلكم كثرة التنازع فِي أمر دينهم، واختلافهم على أنبيائهم".
وبالجملة: فهذه الآيات، والأحاديث، والآثار، كلُّها تذمُّ الاختلاف، وتعيبه، وتمنع منه، وما يروى: "اختلاف أمتي رحمة" لا أصل له، كما قاله السيوطي، وابن الديبع، والسخاوي فِي المقاصد الحسنة. بل الرحمة والخير فِي الاجتماع؛ والشرُّ والبلاء فِي الفرقة والاختلاف، ومعناه ليس بصحيح، لأن المعنى: يكون الحثّ على الاختلاف، والتفرُّق، وعدم الاتفاق، طلبًا لتوسعة الرحمة.
والذي تعطيه عبارة الأخ فِي قوله: ولولا رحمة الله الَّتِي تمثَّلت فِي اختلاف المذاهب الأربعة،... إلخ، ما يدلُّ على أن الرحمة لم تتمثَّل وتحصل إلا بعد وجود هَذِهِ المذاهب الأربعة، وكثرة الخلاف؛ وأعتقد أن الأخ لا يقصد هذا، وإنما هي سبقة قلم.
قال الأخ: ولو أراد الحجيج كلُّهم أن يخرجوا دفعة واحدة من مَكَّة فيخرجوا يوم التروية، متَّجهين إلى مِنَى، ليصلوا بها الظُّهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر اليوم التاسع، ثُمَّ يتحرك كل الحجيج دفعة واحدة أيضًا إلى عرفات، لو وقع هَذَا فعلًا، لما تحركت سيارة واحدة من مكة... إلى أن قال: ولو تحرَّكوا من مِنَى كلهم فِي صبيحة اليوم التاسع، لانتهى وقت الوقوف قبل أن يصل كلُّ الحجيج إلى عرفات.
أقول: لو خرجوا دفعةً واحدةً لتيسَّر أمرهم، ما داموا متَّبِعين لهدي الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ولوجدوا فيه الرَّاحة، والطمأنينة، وهذا يحصل فعلًا بدفعهم من عرفات إلى مزدلفة، وكالنفر الأول من مِنَى إلى مكة، ولا يحصل إلا الخير. ومع هذا، فإن الخطباء لم يُقرِّروا وجوب الخروج فِي اليوم الثامن؛ بل لو خرج الحجيج قبله أو بعده إلى عرفات، جاز. والمبيت بمنى اللَّيلة التاسعة، سنّة بغير خلاف. ثُمَّ لو لم يأت عَرَفَة إلا ليلة النحر قبل طلوع الفجر، صحَّ حجُّه.
نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل حسن يوسف الحمد
BY قناة د. عادل الحمد
Share with your friend now:
tgoop.com/adelhamad1442/620