tgoop.com/abualiashari/8362
Last Update:
"خَفِّفْ عن نفسك... لستَ عالِمًا بعد، ولا يلزمك أن تكون!"
كثيرٌ من طلبة العلم تُصيبهم كآبة خفيّة، وحسرة ثقيلة، لا يعرفون منشأها…
فتجد الواحدَ منهم يتثاقل عن التحصيل، تضيق نفسه، يتراجع عن المطالعة، يتبرم من كثرة ما لا يعرف…
كل هذا لأنه – في داخله – قد رسم لنفسه صورة "العالِم"، ثم راح يقيس نفسه عليها كل يوم،
فإذا به يرى نفسه صغيرًا، عاجزًا، لا يملك شيئًا…
فينكسر، وربما يترك الطريق.
وهذا من أشد الآفات!
أن يظنّ طالب العلم أن عليه أن يكون "كاملًا" من أول الطريق،
أن يُقنع نفسه أن العلم موقوف عليه، أو أن تأخره نقصٌ فيه،
فيحمل همّ الإنجاز، وهمّ التصدر، وهمّ الكمال…
فينسى الهمّ الأكبر: أن يتعلم لله، لا لنفسه.
إنك – يا طالب العلم – لست عالمًا، ولا يجب أن تكون الآن!
أنت في مرحلة التكوين، والإعداد، والتأهيل…
وليس مطلوبًا منك أن "تكون شيئًا"،
بل المطلوب أن تسير بصدق، وتطلب بعزم، وتصبر بطول نفس.
الطالب الحقيقي لا يُصيب نفسه بوهم الكمال، ولا يتصنّع الوقار، ولا يتكلف الكبرياء،
بل يتواضع، ويضحك أحيانًا من جهله،
ويفرح إذا تعلّم مسألةً جديدةً كأنها كنزٌ وجده،
ويُكثر من "لا أدري"، ويرى في كل كتاب علَمًا،
ولا يتحرّج أن يسأل، أو يخطئ، أو يبدأ من جديد.
تأمل في أحوال الجهابذة الكبار:
كلهم ساروا الطريق طويلًا… بلا عُجلة، بلا رياء، بلا تصنّع.
كلهم كانوا طلابًا لا يُعرفون… ثم عرفهم الناس بعلمهم بعد سنين.
وما عرفهم الله إلا بصبرهم، لا بألقابهم.
فلا تُرهق نفسك باسمٍ لم تنله، ولا تُقعدها لأنك لم تُعرف،
خفف عنك كَلَف "التميّز"، و"الإنجاز"، و"الأثر"،
فأعظم الأثر أن تنجو أنت بعلمك.
اعمل بهمة الكبار، وعش بروح الصغار،
ولا تجعل صورتك في ذهنك أثقل من قدميك على الأرض.
فالعلم طريق طويل... لا يمشيه المتصنعون.
BY Abu Ali al-Ashari
Share with your friend now:
tgoop.com/abualiashari/8362