-المستوشمة: التي تطلب من غيرها أن ترسم الوشم لها.
-الواصلة: التي تصل شعرها بشعر آخر مستعار.
-المستوصلة: التي تطلب من غيرها أن تصل لها شعرها بشعر مستعار.
-المتفلجات للحسن: التي تفصل بين أسنانها لتحسين مظهرها.
-المغيرات خلق الله: وهي التي تفعل أي شيء لتغيير خلق الله بهدف الجمال... ياسبحان الله!!
كيف لإنسان.. ميزه الله بالعقل..
ذكرا كان.. أو أنثى..أن يتزين..
بشيء.. حذر رسول الله من فعله..وتوعد من يفعله باللعن...
-واللعن: طرد من رحمةالله..
ونرى كذلك..من أبناء المسلمين..
من يلبسون الملابس الممزقة.. والمقلوبة أحيانا…حتى ظننا أول الأمر...أنهم يلبسونها.. لقلة ذات اليد..وتقطعت قلوبنا عليهم أسفا وشفقة...فإذا بنا نتفاجأ.. أنها موضة..ولا حول ولاقوة إلابالله..
ومنهم.. من يلبسون البناطل الساقطة...وهم لا يعلمون قصة
هذه الموضةوسببها؟
لقد كان سبب لبس هذه البناطل،
أنه كان في امريكا سجناء.. اغتصبوهم الجنود..
وخافوا أن يشتكوا...فأشاروا على كل من اغتصب..أن يلبس البنطال ساقطا..حتى يعرفوا..
فهل يعلم من يلبس البنطال بهذه الصيغة...أن سبب لبسه كان..الإغتصاب؟؟!!..يا للعار...
-يقول الدكتور/مصطفى محمود -رحمه الله : الذى ابتكر فكرة الموضة.. كان تاجراً ذكياً جداً ..
فهو الوحيد الذى أقنع المرأة بأن تلقي جميع فساتينها بدون سبب
إذا كانت فساتينها طويلة.. أخرج لها موضة قصيرة ..!
وإذا كانت واسعة.. أخرج لها الموضة الضيقة..!
و بهذه الخدعة اللطيفة.. يشوش بها في أذنها في حنان... و كأن المصلحة هي مصلحتها ؛ قائلا: إن فستانك.. لايتمشَّى مع الموضة !
استطاع أن يجعلها تلقي بفستانها الجديد... الذي اشترته منذ شهر ..لمجرد أنه أزرق.. والموضة بنفسجي .. أو شوال.. يعني: وَاسع فضفاض..والموضة: ضيق .. أو ضيق.. و الموضة واسع ! وهكذا..
-كم وزننا بميزان الرجال؟:
أوزان الرجال... لا تقدر بالكيلو جرام.. ولا بالأموال ؛ إنما تختلف بقدر إيمانهم.. وعلو همتهم وثباتهم.. وتأثيرهم في المجتمع حولهم ..وقوة الشخصية .. وقد أخبر الله عن خليله إبراهيم.. أنه كان أمة ...
ولا ننسى في هذا السياق.. قصة عمر بن الخطاب.. حينما قال لأصحابه: تمنوا.!!
فقال أحدهم : أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم.. فأنفقها في سبيل الله.
فقال: تمنوا قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا.. فأنفقها في سبيل الله .
قال : تمنوا . قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهرا أو نحوه.. فأنفقه في سبيل الله.
فقال عمر تمنوا: فقالوا : ما تمنينا بعد هذا .
كل هذه الأماني فيها خير ، لأنهم تمنوا المال من أجل إنفاقه في سبيل الله ، ولكن ماذا تمنى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)؟
قال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالا.. مثل أبي عبيدة بن الجراح .
وقال أبو بكر... عن القعقاع بن عمرو : لصوت القعقاع في الجيش.. خيرٌ من ألف رجل “
-والعرب تقول: رجل بألف.. وألف بنعل.
-وقال الشاعر في شأن بعض الناس :
قوم إذا صفع النعال وجوههم شكت النعال بأي ذنب أصفع
فليزن كل منا نفسه..كم يساوي.. وما هو وزنه بميزان الرجال ؟!!
-والحقيقة الواضحة...أن وزن الأمة كلها اليوم..لو وزناها بميزان الرجال...لايساوون حذاء طفل من أطفال غزة..أولئك الكبار العظماء..تيجان هذه الأمة ورموز عزها وفخرها...
نسأل الله لهم الثبات..والنصر والتمكين..والفرج العاجل..
ونسأل الله أن يثقل موازيننا .
@- هذا ما تيسر ذكره ...وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله،ﷺ
فقد أمرنا الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [الأحزاب: 56]،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. ..
اللهم اجعل لإخواننا في غزة وفلسطين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل بلاء عافية ..
اللهم اجعل لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة ،والتمكين
اللهم انصر أهل فلسطين وثبت أقدامهم وسدد رميتهم واربط على قلوبهم وأمدهم بجنود من عندك،
اللهم أنزل عليهم من الصبر والنصر والثبات واليقين أضعاف ما نزل بهم من البلاء ،
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
-الواصلة: التي تصل شعرها بشعر آخر مستعار.
-المستوصلة: التي تطلب من غيرها أن تصل لها شعرها بشعر مستعار.
-المتفلجات للحسن: التي تفصل بين أسنانها لتحسين مظهرها.
-المغيرات خلق الله: وهي التي تفعل أي شيء لتغيير خلق الله بهدف الجمال... ياسبحان الله!!
كيف لإنسان.. ميزه الله بالعقل..
ذكرا كان.. أو أنثى..أن يتزين..
بشيء.. حذر رسول الله من فعله..وتوعد من يفعله باللعن...
-واللعن: طرد من رحمةالله..
ونرى كذلك..من أبناء المسلمين..
من يلبسون الملابس الممزقة.. والمقلوبة أحيانا…حتى ظننا أول الأمر...أنهم يلبسونها.. لقلة ذات اليد..وتقطعت قلوبنا عليهم أسفا وشفقة...فإذا بنا نتفاجأ.. أنها موضة..ولا حول ولاقوة إلابالله..
ومنهم.. من يلبسون البناطل الساقطة...وهم لا يعلمون قصة
هذه الموضةوسببها؟
لقد كان سبب لبس هذه البناطل،
أنه كان في امريكا سجناء.. اغتصبوهم الجنود..
وخافوا أن يشتكوا...فأشاروا على كل من اغتصب..أن يلبس البنطال ساقطا..حتى يعرفوا..
فهل يعلم من يلبس البنطال بهذه الصيغة...أن سبب لبسه كان..الإغتصاب؟؟!!..يا للعار...
-يقول الدكتور/مصطفى محمود -رحمه الله : الذى ابتكر فكرة الموضة.. كان تاجراً ذكياً جداً ..
فهو الوحيد الذى أقنع المرأة بأن تلقي جميع فساتينها بدون سبب
إذا كانت فساتينها طويلة.. أخرج لها موضة قصيرة ..!
وإذا كانت واسعة.. أخرج لها الموضة الضيقة..!
و بهذه الخدعة اللطيفة.. يشوش بها في أذنها في حنان... و كأن المصلحة هي مصلحتها ؛ قائلا: إن فستانك.. لايتمشَّى مع الموضة !
استطاع أن يجعلها تلقي بفستانها الجديد... الذي اشترته منذ شهر ..لمجرد أنه أزرق.. والموضة بنفسجي .. أو شوال.. يعني: وَاسع فضفاض..والموضة: ضيق .. أو ضيق.. و الموضة واسع ! وهكذا..
-كم وزننا بميزان الرجال؟:
أوزان الرجال... لا تقدر بالكيلو جرام.. ولا بالأموال ؛ إنما تختلف بقدر إيمانهم.. وعلو همتهم وثباتهم.. وتأثيرهم في المجتمع حولهم ..وقوة الشخصية .. وقد أخبر الله عن خليله إبراهيم.. أنه كان أمة ...
ولا ننسى في هذا السياق.. قصة عمر بن الخطاب.. حينما قال لأصحابه: تمنوا.!!
فقال أحدهم : أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم.. فأنفقها في سبيل الله.
فقال: تمنوا قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا.. فأنفقها في سبيل الله .
قال : تمنوا . قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهرا أو نحوه.. فأنفقه في سبيل الله.
فقال عمر تمنوا: فقالوا : ما تمنينا بعد هذا .
كل هذه الأماني فيها خير ، لأنهم تمنوا المال من أجل إنفاقه في سبيل الله ، ولكن ماذا تمنى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)؟
قال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالا.. مثل أبي عبيدة بن الجراح .
وقال أبو بكر... عن القعقاع بن عمرو : لصوت القعقاع في الجيش.. خيرٌ من ألف رجل “
-والعرب تقول: رجل بألف.. وألف بنعل.
-وقال الشاعر في شأن بعض الناس :
قوم إذا صفع النعال وجوههم شكت النعال بأي ذنب أصفع
فليزن كل منا نفسه..كم يساوي.. وما هو وزنه بميزان الرجال ؟!!
-والحقيقة الواضحة...أن وزن الأمة كلها اليوم..لو وزناها بميزان الرجال...لايساوون حذاء طفل من أطفال غزة..أولئك الكبار العظماء..تيجان هذه الأمة ورموز عزها وفخرها...
نسأل الله لهم الثبات..والنصر والتمكين..والفرج العاجل..
ونسأل الله أن يثقل موازيننا .
@- هذا ما تيسر ذكره ...وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله،ﷺ
فقد أمرنا الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [الأحزاب: 56]،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ. ..
اللهم اجعل لإخواننا في غزة وفلسطين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل بلاء عافية ..
اللهم اجعل لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة ،والتمكين
اللهم انصر أهل فلسطين وثبت أقدامهم وسدد رميتهم واربط على قلوبهم وأمدهم بجنود من عندك،
اللهم أنزل عليهم من الصبر والنصر والثبات واليقين أضعاف ما نزل بهم من البلاء ،
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللهم عليك باليهود الغاصبين،
اللهم لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم من المجرمين والمنافقين والمطبعين عبرة وآية ، ، ،
اللهم دمر أمريكا واساطيلها يارب العالمين...
اللهم إنصر من نصر غزةَ وفلسطين ،واهلك من خذل غزة وفلسطين يارب العالمين..
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً...
اللهم احفظ بلادنا اليمن وسائر بلدان المسلمين يارب العالمين
اللهم إحفظ أمنه واستقراره وعقيدته
إجعله بلاد سخاء رخاء وسائر بلدان المسلمين
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ...
اللهم أصلح أولادنا واجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة ..
ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وارحمهما كما ربونا صغاراً ...
اللهم إغفر للمسلمين والمسلمات ،المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات وقاضي الحاجات يارب العالمين...
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ...
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛
فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون....
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
اللهم لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم من المجرمين والمنافقين والمطبعين عبرة وآية ، ، ،
اللهم دمر أمريكا واساطيلها يارب العالمين...
اللهم إنصر من نصر غزةَ وفلسطين ،واهلك من خذل غزة وفلسطين يارب العالمين..
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً...
اللهم احفظ بلادنا اليمن وسائر بلدان المسلمين يارب العالمين
اللهم إحفظ أمنه واستقراره وعقيدته
إجعله بلاد سخاء رخاء وسائر بلدان المسلمين
اللهم مكن لدينك وكتابك وعبادك الصالحين ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ...
اللهم أصلح أولادنا واجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا والآخرة ..
ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وارحمهما كما ربونا صغاراً ...
اللهم إغفر للمسلمين والمسلمات ،المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات وقاضي الحاجات يارب العالمين...
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ...
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛
فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون....
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🎤
*خطبة جمعة بعنــوان:*
*من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه*
*للداعـية/ خـــالـــد الخـمـيـسـي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
الحمدُ للهِ فاطرِ الأرضِ والسماوات،
جعل عِوَضَهُ للعبدِ خيرًا له مما فات،
وأبدلَهُ بتركِ الشيءِ ابتغاءَ وجهِهِ في الدنيا الخيراتِ والبركاتِ، وفي الآخرةِ نعيمًا في الجنات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تنفعُ قائلَها يومَ يُجمعُ اللهُ البريات.
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضلُ من سارع إلى الخيرات، وصبر على الطاعات، واجتنب المعاصي والسيئات.
صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه، وعلى آله وصحبه، أهلِ التقوى والصالحات.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحديد: 28].
أما بعد، عباد الله:
ذكر الإمام ابن رجب رحمه الله في كتابه ذيل طبقات الحنابلة (1/443-445، محققة) قصة أذكرها بتصرّف:
وقعت هذه القصة لأبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز الأنصاري، قال:
كنتُ مجاورًا بمكة حرسها الله، فأصابني يومًا من الأيام جوعٌ شديد، لم أجد شيئًا أدفع به عن نفسي هذا الجوع. فوجدتُ كيسًا ملقى في الأرض مشدود الوثاق، فحللته، فإذا فيه عقد من اللؤلؤ لم أرَ مثله قط.
فخرجتُ، فإذا بشيخٍ ينادي عليه، ومعه خرقة فيها خمس مائة دينار، وهو يقول: هذا لمن يردُّ علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ.
فقلت في نفسي: أنا محتاجٌ وجائع، فآخذ الخمس مائة دينار وأردُّ عليه الكيس.
فقلتُ للمنادي: تعالَ إليّ.
فأخذته وجئتُ به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس، وعلامة اللؤلؤ، وعددها، والخيط الذي شُدَّ به.
فأخرجتُ الكيس فدفعته إليه، فسَلَّم إليَّ خمس مائة دينار، فلم أقبل أن آخذها، وقلت: يجب عليّ أن أُعيده إليك، ولا آخذ له جزاء.
فألحَّ عليَّ فلم أقبل، فتركني ومضى.
ثم خرجتُ من مكة وركبتُ البحر، فانكسر المركب، وغرق الناس، وهلكت الأموال، وسلمتُ أنا على قطعة من الخشب. فبقيت مدة في البحر لا أدري أين أذهب، حتى وصلتُ إلى جزيرة فيها قوم.
فقعدتُ في بعض مساجدهم، فسمعوني أقرأ القرآن، فما بقي أحد في الجزيرة إلا جاءني وقال: "علّمني القرآن". فعلّمتهم، فحصل لي من ذلك شيء كثير من المال. ثم علّمتهم الكتابة، فحصل لي منها شيء كثير أيضًا.
فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة، ولها شيء من الدنيا، ونريد أن تتزوج بها، فامتنعت. فقالوا: لا بد، وألزموني، فوافقت وأجبتهم إلى ذلك.
فلما زُفّت إليّ، مددت عيني أنظر إليها، فإذا بذلك العقد بعينه معلّقًا في عنقها. فما كان لي حينئذ من شغل إلا النظر إليه. فقالوا: يا شيخ، كسرت قلب هذه اليتيمة، إذ نظرتَ إلى هذا العقد ولم تنظر إليها!
فقلت لهم: إن لي مع هذا العقد قصة وخبرًا.
فقالوا: وما هي قصتك؟
فقصصت عليهم القصة، فصاحوا وصرخوا بالتكبير والتهليل حتى ارتجّت الجزيرة.
فقلت لهم: ويحكم، ماذا جرى لكم؟
فقالوا: ذلك الشيخ الذي قابلته هو والد هذه الفتاة، وكان يقول: "ما وجدت في الأرض مسلمًا كهذا الذي ردّ عليّ العقد. اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي". ولكنه مات، وكتب الله أن تكون من نصيبك.
فبقيت معها مدة، ورُزقت منها بولدين.
ثم إنها ماتت، فورثتُ العقد أنا وولداي. ثم مات الولدان، فصار العقد لي، فبعته بمائة ألف دينار، وهذا المال الذي ترَون معي من بقايا ذلك المال.
يا الله!
ترك العقد والمال ، فنال العوض من ذي العزة والجلال.
ترك العقد لله، فعوّضه الله بالعقد، وبحبّ صاحب العقد، وبابنة صاحب العقد.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول – كما عند أحمد : إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه.
رواه أحمد (21996) .
أيها المؤمنون:
إنَّ من السُّنن الإلهيَّة، والحقائق القرآنيَّة، والقواعد النبويَّة:
أنَّ من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.
فكم من أناسٍ تركوا أشياء ابتغاءَ ما عند ربِّ الأرض والسماء ، فعوَّضهم الله بما لم يخطر لهم على بال، ولم يمر لهم حتى في خيال.
فالله أكرم وأجود من أن يترك عبدٌ شيئًا لأجله ثم لا يعوِّضه.
الله جلَّ وعلا لا ينسى صبرك على طاعته يوم أن هجرها الكثير، ولا ينسى مجاهدتك نفسك على ترك معصيته يوم أن وقع فيها الكثير.
أفتظن أن يجعلك الله بمن عصاه سواءً؟! كلا والله.
قال الله تبارك وتعالى:
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: 21].
*خطبة جمعة بعنــوان:*
*من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه*
*للداعـية/ خـــالـــد الخـمـيـسـي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
الحمدُ للهِ فاطرِ الأرضِ والسماوات،
جعل عِوَضَهُ للعبدِ خيرًا له مما فات،
وأبدلَهُ بتركِ الشيءِ ابتغاءَ وجهِهِ في الدنيا الخيراتِ والبركاتِ، وفي الآخرةِ نعيمًا في الجنات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تنفعُ قائلَها يومَ يُجمعُ اللهُ البريات.
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضلُ من سارع إلى الخيرات، وصبر على الطاعات، واجتنب المعاصي والسيئات.
صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه، وعلى آله وصحبه، أهلِ التقوى والصالحات.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحديد: 28].
أما بعد، عباد الله:
ذكر الإمام ابن رجب رحمه الله في كتابه ذيل طبقات الحنابلة (1/443-445، محققة) قصة أذكرها بتصرّف:
وقعت هذه القصة لأبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز الأنصاري، قال:
كنتُ مجاورًا بمكة حرسها الله، فأصابني يومًا من الأيام جوعٌ شديد، لم أجد شيئًا أدفع به عن نفسي هذا الجوع. فوجدتُ كيسًا ملقى في الأرض مشدود الوثاق، فحللته، فإذا فيه عقد من اللؤلؤ لم أرَ مثله قط.
فخرجتُ، فإذا بشيخٍ ينادي عليه، ومعه خرقة فيها خمس مائة دينار، وهو يقول: هذا لمن يردُّ علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ.
فقلت في نفسي: أنا محتاجٌ وجائع، فآخذ الخمس مائة دينار وأردُّ عليه الكيس.
فقلتُ للمنادي: تعالَ إليّ.
فأخذته وجئتُ به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس، وعلامة اللؤلؤ، وعددها، والخيط الذي شُدَّ به.
فأخرجتُ الكيس فدفعته إليه، فسَلَّم إليَّ خمس مائة دينار، فلم أقبل أن آخذها، وقلت: يجب عليّ أن أُعيده إليك، ولا آخذ له جزاء.
فألحَّ عليَّ فلم أقبل، فتركني ومضى.
ثم خرجتُ من مكة وركبتُ البحر، فانكسر المركب، وغرق الناس، وهلكت الأموال، وسلمتُ أنا على قطعة من الخشب. فبقيت مدة في البحر لا أدري أين أذهب، حتى وصلتُ إلى جزيرة فيها قوم.
فقعدتُ في بعض مساجدهم، فسمعوني أقرأ القرآن، فما بقي أحد في الجزيرة إلا جاءني وقال: "علّمني القرآن". فعلّمتهم، فحصل لي من ذلك شيء كثير من المال. ثم علّمتهم الكتابة، فحصل لي منها شيء كثير أيضًا.
فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة، ولها شيء من الدنيا، ونريد أن تتزوج بها، فامتنعت. فقالوا: لا بد، وألزموني، فوافقت وأجبتهم إلى ذلك.
فلما زُفّت إليّ، مددت عيني أنظر إليها، فإذا بذلك العقد بعينه معلّقًا في عنقها. فما كان لي حينئذ من شغل إلا النظر إليه. فقالوا: يا شيخ، كسرت قلب هذه اليتيمة، إذ نظرتَ إلى هذا العقد ولم تنظر إليها!
فقلت لهم: إن لي مع هذا العقد قصة وخبرًا.
فقالوا: وما هي قصتك؟
فقصصت عليهم القصة، فصاحوا وصرخوا بالتكبير والتهليل حتى ارتجّت الجزيرة.
فقلت لهم: ويحكم، ماذا جرى لكم؟
فقالوا: ذلك الشيخ الذي قابلته هو والد هذه الفتاة، وكان يقول: "ما وجدت في الأرض مسلمًا كهذا الذي ردّ عليّ العقد. اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي". ولكنه مات، وكتب الله أن تكون من نصيبك.
فبقيت معها مدة، ورُزقت منها بولدين.
ثم إنها ماتت، فورثتُ العقد أنا وولداي. ثم مات الولدان، فصار العقد لي، فبعته بمائة ألف دينار، وهذا المال الذي ترَون معي من بقايا ذلك المال.
يا الله!
ترك العقد والمال ، فنال العوض من ذي العزة والجلال.
ترك العقد لله، فعوّضه الله بالعقد، وبحبّ صاحب العقد، وبابنة صاحب العقد.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول – كما عند أحمد : إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه.
رواه أحمد (21996) .
أيها المؤمنون:
إنَّ من السُّنن الإلهيَّة، والحقائق القرآنيَّة، والقواعد النبويَّة:
أنَّ من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.
فكم من أناسٍ تركوا أشياء ابتغاءَ ما عند ربِّ الأرض والسماء ، فعوَّضهم الله بما لم يخطر لهم على بال، ولم يمر لهم حتى في خيال.
فالله أكرم وأجود من أن يترك عبدٌ شيئًا لأجله ثم لا يعوِّضه.
الله جلَّ وعلا لا ينسى صبرك على طاعته يوم أن هجرها الكثير، ولا ينسى مجاهدتك نفسك على ترك معصيته يوم أن وقع فيها الكثير.
أفتظن أن يجعلك الله بمن عصاه سواءً؟! كلا والله.
قال الله تبارك وتعالى:
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: 21].
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
فإيَّاك أن تظن أن الله لن يعوِّضك، فإنَّ من ترك شيئًا لوجه الله، ابتغاء ما عند الله، وخوفًا من عقاب الله ، فإن الله يعوِّضه سَعةً وبركةً في دنياه، ويعوِّضه بجنات النعيم، والحور العين، والنعيم الدائم المقيم في أُخراه.
تلك حقيقة أثبتها القرآن، وأكَّدتها السنَّة النبويَّة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام.
تأمّل ـ يا رعاك الله ـ قول الله جلّ في علاه:
{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ 39} [سبأ: 39].
آية عظيمة تخبرك أن من أنفق ماله لأجل الله، فإن الكريم سبحانه لا ينساه، بل يضاعفه له أضعافًا كثيرة.
قال ربنا تبارك وتعالى:
{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 245} [البقرة: 245].
يقول أحد الدعاة : ذهبتُ إلى أحد الأسواق، وأخذتُ ما أريد من المتاع والأغراض، وبينما أنا في طريقي إلى البيت وجدت شيخًا قد انحنى ظهره، ورقَّ عظمه، وكبر سنّه، تظهر عليه علامات الفقر والحاجة. فسألني أن أعطيه مما أعطاني الله، فتحسست في جيبي فلم أجد إلا مائة ريال يمني. فاستحييت أن أُخرجها، فتذكرت أن العطاء القليل خير من المنع، فأعطيتُه إيّاها على استحياء. فقال لي: "اعلم يا بُني أن الله سيعوضك بما هو خير منها، فمن ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه".
وما هي إلا ساعات حتى جاءني أحد فاعلي الخير، فأعطاني مائة ريال سعودي.
فما أنفقته من مالك فثق أن الله لن يضيعه، وما بذلته في سبيل الله فاعلم أنه لن يذهب سُدًى، بل قد تكفّل الله بالنفقة على من يُنفق.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
«قَالَ اللهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ».
[متفق عليه: صحيح البخاري (5352)، صحيح مسلم].
إنها قاعدة لا تخطئ: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
عندما ترسخ في قلبك هذه القاعدة، وتعلم أنك تتعامل مع ربٍّ لا يضيع أجر من أحسن عملًا، تنعكس معاملتك حتى مع المخلوقين؛ فتعفو عنهم لأنك ترجو العفو من الله، وتصفح عنهم لأنك تأمل صفح الله، وتتجاوز عنهم رجاء أن يتجاوز عنك الله .
فعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ:
«إن الملائكة لتلقت رُوح رجلٍ كان قبلكم، فقالوا له: هل عملت خيرًا قط؟ قال: لا. قالوا: تذكّر. قال: لا، إلا أني كنت أُداين الناس، فكنتُ آمر فتياني أن ينظروا الموسر ويتجاوزوا عن المعسر. قال الله سبحانه: تجاوزوا عنه».
[متفق عليه: البخاري (4/261) في البيوع، ومسلم (1560)].
هذه هي القيم التي تُغرس في قلوب أهل الإيمان حين يعلمون أن العوض من الله الواحد الديّان.
تعفو عن الناس، فيجازيك الله بعفوك عزّةً في الدنيا ورفعةً في الآخرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا».
رواه مسلم (2588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تكظم غيظك وأنت قادر على الانتقام، فلا تَضرب ولا تَسبّ ولا تَشتم، ولا ترد الإساءة بالإساءة، ليس خوفًا من البشر، إنما خوفًا من خالق البشر، ورجاءً لِمَا عنده من الأجر، فإن الله تعالى يُعوضك يوم القيامة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،
بل ويخيرك ما تشاء من الحور العين.
فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه مرفوعًا:
«مَن كظم غيظًا، وهو قادر على أن يُنفِذه، دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة، حتى يُخيّره من الحور العين ما شاء».
[حسن لغيره] – رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
ودعونا ننتقل معًا إلى موقفٍ من مواقف يوم القيامة، يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق بمقدار ميل، فيعرق الناس كلٌّ على قدر ذنوبه. في تلك اللحظة لا ينفع صراخ، ولا يجدي ندم، ولا ينفع تحسّر ولا ألم، إلا فئة عظيمة جعل الله لهم الأمان في ذلك اليوم العصيب.
إنهم سبعة أصناف تركوا لأجل الله ما تميل إليه النفوس وتشتهيه الأرواح، فعوّضهم الله يوم القيامة بأن أظلّهم تحت ظلّ عرشه، يوم لا ظل إلا ظله.
جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمساجد، ورَجُلانِ تحابّا في اللَّه: اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورَجُلٌ دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» [متفق عليه].
لماذا أظلهم الله في هذا اليوم العصيب؟،
تجد الجواب: لأنهم تركوا ما تميل إليه نفوسهم، وتشتهيه أرواحهم.
فالإمام العادل: دعته الدنيا نفسه إلى حب الدنيا، فقاوم الطمع والغضب والشهوة لأجل الله.
والشاب الذي نشأ في عبادة الله: ترك طيش الصبا، وصبر عن الشهوات، وأقبل على طاعة رب الأرض والسماوات.
تلك حقيقة أثبتها القرآن، وأكَّدتها السنَّة النبويَّة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام.
تأمّل ـ يا رعاك الله ـ قول الله جلّ في علاه:
{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ 39} [سبأ: 39].
آية عظيمة تخبرك أن من أنفق ماله لأجل الله، فإن الكريم سبحانه لا ينساه، بل يضاعفه له أضعافًا كثيرة.
قال ربنا تبارك وتعالى:
{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 245} [البقرة: 245].
يقول أحد الدعاة : ذهبتُ إلى أحد الأسواق، وأخذتُ ما أريد من المتاع والأغراض، وبينما أنا في طريقي إلى البيت وجدت شيخًا قد انحنى ظهره، ورقَّ عظمه، وكبر سنّه، تظهر عليه علامات الفقر والحاجة. فسألني أن أعطيه مما أعطاني الله، فتحسست في جيبي فلم أجد إلا مائة ريال يمني. فاستحييت أن أُخرجها، فتذكرت أن العطاء القليل خير من المنع، فأعطيتُه إيّاها على استحياء. فقال لي: "اعلم يا بُني أن الله سيعوضك بما هو خير منها، فمن ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه".
وما هي إلا ساعات حتى جاءني أحد فاعلي الخير، فأعطاني مائة ريال سعودي.
فما أنفقته من مالك فثق أن الله لن يضيعه، وما بذلته في سبيل الله فاعلم أنه لن يذهب سُدًى، بل قد تكفّل الله بالنفقة على من يُنفق.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
«قَالَ اللهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ».
[متفق عليه: صحيح البخاري (5352)، صحيح مسلم].
إنها قاعدة لا تخطئ: من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
عندما ترسخ في قلبك هذه القاعدة، وتعلم أنك تتعامل مع ربٍّ لا يضيع أجر من أحسن عملًا، تنعكس معاملتك حتى مع المخلوقين؛ فتعفو عنهم لأنك ترجو العفو من الله، وتصفح عنهم لأنك تأمل صفح الله، وتتجاوز عنهم رجاء أن يتجاوز عنك الله .
فعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ:
«إن الملائكة لتلقت رُوح رجلٍ كان قبلكم، فقالوا له: هل عملت خيرًا قط؟ قال: لا. قالوا: تذكّر. قال: لا، إلا أني كنت أُداين الناس، فكنتُ آمر فتياني أن ينظروا الموسر ويتجاوزوا عن المعسر. قال الله سبحانه: تجاوزوا عنه».
[متفق عليه: البخاري (4/261) في البيوع، ومسلم (1560)].
هذه هي القيم التي تُغرس في قلوب أهل الإيمان حين يعلمون أن العوض من الله الواحد الديّان.
تعفو عن الناس، فيجازيك الله بعفوك عزّةً في الدنيا ورفعةً في الآخرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا».
رواه مسلم (2588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تكظم غيظك وأنت قادر على الانتقام، فلا تَضرب ولا تَسبّ ولا تَشتم، ولا ترد الإساءة بالإساءة، ليس خوفًا من البشر، إنما خوفًا من خالق البشر، ورجاءً لِمَا عنده من الأجر، فإن الله تعالى يُعوضك يوم القيامة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،
بل ويخيرك ما تشاء من الحور العين.
فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه مرفوعًا:
«مَن كظم غيظًا، وهو قادر على أن يُنفِذه، دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة، حتى يُخيّره من الحور العين ما شاء».
[حسن لغيره] – رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
ودعونا ننتقل معًا إلى موقفٍ من مواقف يوم القيامة، يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق بمقدار ميل، فيعرق الناس كلٌّ على قدر ذنوبه. في تلك اللحظة لا ينفع صراخ، ولا يجدي ندم، ولا ينفع تحسّر ولا ألم، إلا فئة عظيمة جعل الله لهم الأمان في ذلك اليوم العصيب.
إنهم سبعة أصناف تركوا لأجل الله ما تميل إليه النفوس وتشتهيه الأرواح، فعوّضهم الله يوم القيامة بأن أظلّهم تحت ظلّ عرشه، يوم لا ظل إلا ظله.
جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمساجد، ورَجُلانِ تحابّا في اللَّه: اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورَجُلٌ دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» [متفق عليه].
لماذا أظلهم الله في هذا اليوم العصيب؟،
تجد الجواب: لأنهم تركوا ما تميل إليه نفوسهم، وتشتهيه أرواحهم.
فالإمام العادل: دعته الدنيا نفسه إلى حب الدنيا، فقاوم الطمع والغضب والشهوة لأجل الله.
والشاب الذي نشأ في عبادة الله: ترك طيش الصبا، وصبر عن الشهوات، وأقبل على طاعة رب الأرض والسماوات.
والرجل المعلَّق قلبه بالمساجد: ترك زينة الدنيا، وآثر بيوت الله، وحافظ على القرآن والذكر والصلاة .
والرجلان المتحابان في الله: تركا صحبة السوء وأهل اللهو والمنكرات، وربطتهما أخوّة صافية نقية تقية.
والرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال: مع أن الفتنة عظيمة وهي من دعته، لكنه تركها خوفًا من الله، ترك مراسلة الفتيات والنظر إلى االمحتوى الساقط والنساء العاريات.
والرجل الذي تصدق فأخفى صدقته: جاهد نفسه وترك حب المدح والظهور، وأراد بصدقته وجه الله الغفور.
والرجلُ الذي ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه خوفًا من مولاه؛
لم تكن خلوته على الفواحش والمنكرات، لم يسهر على فيلم إباحي، أو مسلسل يدعو إلى الرذيلة، لم يقضِ ليله على الجوالات أو متابعًا للمباريات، ثم ينام عن صلاة الفجر، فترك كل ذلك لوجه الله، وكانت خلوته ذكرًا وقرآنًا، وخشيةً من الملك الديّان.
فهؤلاء السبعة، لما تركوا شهوات الدنيا وزينتها لأجل الله، أظلّهم تحت ظلّ عرشه يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة.
ومن ترك شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، فيا فوز المستغفرين.
*الخطبة الثانية:*
الحمدُ للهِ وكفى، وصلاةً وسلامًا على النبيِّ المصطفى، ومَن على السُّنَّةِ والأثَرِ إلى يومِ القيامةِ اقتفى.
أمَّا بعدُ:
قيل لأبي بكر المسكي: إنا نشم منك رائحة المسك مع الدوام فما سببها؟
فقال: والله لي سنين عديدة لم أستعمل المسك، ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت علي حتى أدخلتني دارها، وأغلقت دوني الأبواب، وراودتني عن نفسي، فتحيرت في أمري فضاقت بي الحيل، فقلت لها: إن لي حاجة إلى الطهارة؛ فأمرت جارية لها أن تمضي بي إلى الخلاء ففعلت، فلما دخلت الخلاء أخذت العذرة، وألقيتها على جميع جسمي، ثم رجعت إليها وأنا على تلك الحالة، فلما رأتني دهشت، ثم أمرت بإخراجي، فمضيت، واغتسلت، فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائلاً يقول لي: فعلت ما لم يفعله أحد غيرك؛ لأطيبنَّك في الدنيا والآخرة، فأصبحت والمسك يفوح مني، واستمر ذلك إلى الآن.
(الجزاء من جنس العمل لسيد بن حسين العفاني).[20/128].
اترك المعصية لوجه الله يرفعْ الله شأنك،
اترك المعصية لوجه الله يُعلِ الله قدرك،
اترك المعصية لوجه الله، فإن من تركها خوفًا من الله ساق الله إليه ما هو خيرٌ منها بالحلال.
أخرج الطبراني عن زيد ابن أسلم قال: مرَّ ابنُ عمرَ براعي غنَمٍ فقال يا راعيَ الغنَمِ هل مِن جَزْرةٌ قال ما هاهنا ربُّها قال تقولُ أكَلَها الذِّئبُ فرفع الرَّاعي رأسَه إلى السَّماءِ ثمَّ قال فأين اللهُ فقال ابنُ عمرَ فأنا واللهِ أحقُّ أن أقولَ فأين اللهُ فاشترى ابنُ عمرَ الرَّاعيَ واشترى الغنَمَ فأعتَقه وأعطاه الغنَمَ.
ترك شاةً لوجه الله، فعوّضه الله جميع الغنم.
ترك المال الحرام الذي كان سيحصّل عليه من ثمن اللحم المذبوح من مال سيّده، فعوّضه الله بأن أُعتِق ورُزِق كل المال حلالا.
وهكذا – عبدَ الله – إذا تركتَ معصيةً لوجه الله، عوّضك الله من جنسها بالحلال، أو بما هو خيرٌ وأبقى منها.
قد يسهل على المرء أن يضع شهوته في الحرام، لكنه إذا تركها لأجل الملك العلام، وطمعًا في أن يدخله الجنان ويبعده عن النيران، عوَّضه الله بأن يضع شهوته في الحلال، بل ويؤجر على ذلك.
قال الله تبارك وتعالى حاكيًا عن يوسف عليه السلام:
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].
شابٌّ في كامل قوته ورجولته وفتوته، في أشد ما يكون من قوة الشهوة، والتي تدعوه هي سيدته، امرأة ذات منصب وجمال، في قصرها الذي قد أغلقت أبوابه. ومع ذلك تركها لوجه الله، وعفَّ عنها خوفًا من الله، وقال: {مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].
بل خُيِّر بين السجن وبين أن يفعل الفاحشة، فاختار السجن، وترك الراحة في الدنيا ليستريح في جنة المأوى، إذ قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33].
فهل تركه الله حين ترك المعصية خوفًا منه ورجاءً فيما عنده؟
هل نسي الله أمره؟
هل مُحي خبره وذِكره؟
هل أبقاه في سجنه وأسره؟
كلا والله!
فمن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.
لقد عوَّضه الله فوق ما يتصور؛ فجعل له السلطان على خزائن الأرض، وعلَّمه من تأويل الأحاديث، ورَدَّ إليه أهله، وفوق ذلك كله زوجه من امرأة العزيز، ورفع ذكره وجعل قصته عبرةً للمؤمنين.
والرجلان المتحابان في الله: تركا صحبة السوء وأهل اللهو والمنكرات، وربطتهما أخوّة صافية نقية تقية.
والرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال: مع أن الفتنة عظيمة وهي من دعته، لكنه تركها خوفًا من الله، ترك مراسلة الفتيات والنظر إلى االمحتوى الساقط والنساء العاريات.
والرجل الذي تصدق فأخفى صدقته: جاهد نفسه وترك حب المدح والظهور، وأراد بصدقته وجه الله الغفور.
والرجلُ الذي ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه خوفًا من مولاه؛
لم تكن خلوته على الفواحش والمنكرات، لم يسهر على فيلم إباحي، أو مسلسل يدعو إلى الرذيلة، لم يقضِ ليله على الجوالات أو متابعًا للمباريات، ثم ينام عن صلاة الفجر، فترك كل ذلك لوجه الله، وكانت خلوته ذكرًا وقرآنًا، وخشيةً من الملك الديّان.
فهؤلاء السبعة، لما تركوا شهوات الدنيا وزينتها لأجل الله، أظلّهم تحت ظلّ عرشه يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة.
ومن ترك شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، فيا فوز المستغفرين.
*الخطبة الثانية:*
الحمدُ للهِ وكفى، وصلاةً وسلامًا على النبيِّ المصطفى، ومَن على السُّنَّةِ والأثَرِ إلى يومِ القيامةِ اقتفى.
أمَّا بعدُ:
قيل لأبي بكر المسكي: إنا نشم منك رائحة المسك مع الدوام فما سببها؟
فقال: والله لي سنين عديدة لم أستعمل المسك، ولكن سبب ذلك أن امرأة احتالت علي حتى أدخلتني دارها، وأغلقت دوني الأبواب، وراودتني عن نفسي، فتحيرت في أمري فضاقت بي الحيل، فقلت لها: إن لي حاجة إلى الطهارة؛ فأمرت جارية لها أن تمضي بي إلى الخلاء ففعلت، فلما دخلت الخلاء أخذت العذرة، وألقيتها على جميع جسمي، ثم رجعت إليها وأنا على تلك الحالة، فلما رأتني دهشت، ثم أمرت بإخراجي، فمضيت، واغتسلت، فلما كانت تلك الليلة رأيت في المنام قائلاً يقول لي: فعلت ما لم يفعله أحد غيرك؛ لأطيبنَّك في الدنيا والآخرة، فأصبحت والمسك يفوح مني، واستمر ذلك إلى الآن.
(الجزاء من جنس العمل لسيد بن حسين العفاني).[20/128].
اترك المعصية لوجه الله يرفعْ الله شأنك،
اترك المعصية لوجه الله يُعلِ الله قدرك،
اترك المعصية لوجه الله، فإن من تركها خوفًا من الله ساق الله إليه ما هو خيرٌ منها بالحلال.
أخرج الطبراني عن زيد ابن أسلم قال: مرَّ ابنُ عمرَ براعي غنَمٍ فقال يا راعيَ الغنَمِ هل مِن جَزْرةٌ قال ما هاهنا ربُّها قال تقولُ أكَلَها الذِّئبُ فرفع الرَّاعي رأسَه إلى السَّماءِ ثمَّ قال فأين اللهُ فقال ابنُ عمرَ فأنا واللهِ أحقُّ أن أقولَ فأين اللهُ فاشترى ابنُ عمرَ الرَّاعيَ واشترى الغنَمَ فأعتَقه وأعطاه الغنَمَ.
ترك شاةً لوجه الله، فعوّضه الله جميع الغنم.
ترك المال الحرام الذي كان سيحصّل عليه من ثمن اللحم المذبوح من مال سيّده، فعوّضه الله بأن أُعتِق ورُزِق كل المال حلالا.
وهكذا – عبدَ الله – إذا تركتَ معصيةً لوجه الله، عوّضك الله من جنسها بالحلال، أو بما هو خيرٌ وأبقى منها.
قد يسهل على المرء أن يضع شهوته في الحرام، لكنه إذا تركها لأجل الملك العلام، وطمعًا في أن يدخله الجنان ويبعده عن النيران، عوَّضه الله بأن يضع شهوته في الحلال، بل ويؤجر على ذلك.
قال الله تبارك وتعالى حاكيًا عن يوسف عليه السلام:
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].
شابٌّ في كامل قوته ورجولته وفتوته، في أشد ما يكون من قوة الشهوة، والتي تدعوه هي سيدته، امرأة ذات منصب وجمال، في قصرها الذي قد أغلقت أبوابه. ومع ذلك تركها لوجه الله، وعفَّ عنها خوفًا من الله، وقال: {مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].
بل خُيِّر بين السجن وبين أن يفعل الفاحشة، فاختار السجن، وترك الراحة في الدنيا ليستريح في جنة المأوى، إذ قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33].
فهل تركه الله حين ترك المعصية خوفًا منه ورجاءً فيما عنده؟
هل نسي الله أمره؟
هل مُحي خبره وذِكره؟
هل أبقاه في سجنه وأسره؟
كلا والله!
فمن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.
لقد عوَّضه الله فوق ما يتصور؛ فجعل له السلطان على خزائن الأرض، وعلَّمه من تأويل الأحاديث، ورَدَّ إليه أهله، وفوق ذلك كله زوجه من امرأة العزيز، ورفع ذكره وجعل قصته عبرةً للمؤمنين.
قال ابن القيم رحمه الله:
«كما ترك يوسف الصدِّيق عليه السلام امرأة العزيز لله، واختار السجن على الفاحشة، فعوَّضه الله أن مكَّنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وأتته المرأة صاغرة سائلة راغبة في الوصل الحلال، فتزوجها. فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنتِ تريدين. فتأمل كيف جزاه الله سبحانه وتعالى على ضيق السجن أن مكَّنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء، وأذلَّ له العزيز امرأته، وأقرَّت المرأة والنسوة ببراءته. وهذه سنته تعالى في عباده قديمًا وحديثًا إلى يوم القيامة».
📖 روضة المحبين ونزهة المشتاقين.
اترك الذنوب والسيئات يُعَوِّضْك الله جناتٍ عرضها الأرض والسماوات.
ألم ترَ أن الله عز وجل قال:
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان:12]
أي: جزاهم بما صبروا على الطاعات، وجزاهم بما حافظوا على الصلوات،
وجزاهم بما قاموا الليلَ والناسُ نيام،
وجزاهم بما صبروا على الصيام،
وجزاهم بما صبروا عن الذنوب والمنكرات،
وجزاهم بما تركوا اللعب واللهو حين أخَّرهم عن الصلوات،
وجزاهم بما صبروا عن الحرام خوفًا من الملك العلّام وخشية الوقوف بين يدي الله يوم الزحام،
وجزاهم بما صبروا على الأقدار المؤلمة.
فعوّضهم بصبرهم جنّة عالية قُطوفها دانية.
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان:12]
فهذه رسالة إلى كل من أسرف على نفسه بالمعاصي والذنوب، وكلنا ذلك الرجل.
إنك إذا تركت الذنوب والسيئات، وهجرت الفواحش والمنكرات، وأقبلت على الطاعات، واستكثرت من القربات؛ أيكفيك أن يعوضك الله بتبديل سيئاتك حسنات، وأن يجعلك خالدًا في الجنات؟
أيكفيك أن يكون جزاؤك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؟
فلا تُفرِّط بهذا الجزاء العظيم من أجل شهوة عابرة، أو لذة زائلة قد تعقبها الهاوية.
قال الله تبارك وتعالى:
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)} [الفرقان: 70-71].
وقال جل شأنه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} [التحريم: 8].
فهذا هو عوضك إن عدت إلى الله قبل أن يُغلق الباب، فاترك الذنوب، واعلم أن العوض خير منها عند علام الغيوب، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية، وأزكى البشرية، رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم، امتثالًا لأمر الله عز وجل في قوله:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
«كما ترك يوسف الصدِّيق عليه السلام امرأة العزيز لله، واختار السجن على الفاحشة، فعوَّضه الله أن مكَّنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وأتته المرأة صاغرة سائلة راغبة في الوصل الحلال، فتزوجها. فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنتِ تريدين. فتأمل كيف جزاه الله سبحانه وتعالى على ضيق السجن أن مكَّنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء، وأذلَّ له العزيز امرأته، وأقرَّت المرأة والنسوة ببراءته. وهذه سنته تعالى في عباده قديمًا وحديثًا إلى يوم القيامة».
📖 روضة المحبين ونزهة المشتاقين.
اترك الذنوب والسيئات يُعَوِّضْك الله جناتٍ عرضها الأرض والسماوات.
ألم ترَ أن الله عز وجل قال:
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان:12]
أي: جزاهم بما صبروا على الطاعات، وجزاهم بما حافظوا على الصلوات،
وجزاهم بما قاموا الليلَ والناسُ نيام،
وجزاهم بما صبروا على الصيام،
وجزاهم بما صبروا عن الذنوب والمنكرات،
وجزاهم بما تركوا اللعب واللهو حين أخَّرهم عن الصلوات،
وجزاهم بما صبروا عن الحرام خوفًا من الملك العلّام وخشية الوقوف بين يدي الله يوم الزحام،
وجزاهم بما صبروا على الأقدار المؤلمة.
فعوّضهم بصبرهم جنّة عالية قُطوفها دانية.
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان:12]
فهذه رسالة إلى كل من أسرف على نفسه بالمعاصي والذنوب، وكلنا ذلك الرجل.
إنك إذا تركت الذنوب والسيئات، وهجرت الفواحش والمنكرات، وأقبلت على الطاعات، واستكثرت من القربات؛ أيكفيك أن يعوضك الله بتبديل سيئاتك حسنات، وأن يجعلك خالدًا في الجنات؟
أيكفيك أن يكون جزاؤك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؟
فلا تُفرِّط بهذا الجزاء العظيم من أجل شهوة عابرة، أو لذة زائلة قد تعقبها الهاوية.
قال الله تبارك وتعالى:
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)} [الفرقان: 70-71].
وقال جل شأنه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} [التحريم: 8].
فهذا هو عوضك إن عدت إلى الله قبل أن يُغلق الباب، فاترك الذنوب، واعلم أن العوض خير منها عند علام الغيوب، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية، وأزكى البشرية، رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم، امتثالًا لأمر الله عز وجل في قوله:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
*أسباب ومقوّمات النصر، وموانعه)*
الجزءالاول.
_جمع وترتيب أ. مطيع عبدالله الظفاري_
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، الحمدلله الذي صدق وعدَه، ونصر عبدَه، وأعز جندَه، وهزم الأحزابَ وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وعلى آله وصحبه، ومَن اقتفى أثرَه، وسلَك دربَه، ومَن سار على نهجه إلى يوم الدين.
وبعد: أيها القارئ الكريم:
إنّ الحقّ والخير والإسلام في صراع دائم بينها وبين الباطل والشر والكفر، ولكنْ دائماً في النهاية الحق هو المنتصر، والخير هو الغالب، ودينُ الإسلام هو الظاهر على جميع الأديان.
ولكن قد يتأخر أو يُبطئ هذا النصر لأسباب واضحة، أو لأسباب مجهولة يعلمها اللهُ وحدُه. فإنّ استجلاب النصر له أسباب وله مقوّمات، وموجبات، كما أنّ هناك موانعاً قد تمنع من تحقيق النصر، أو تعمل على تأخير وقوعه. وإن شاء الله تعالى في هذا البحث المتواضع سوف نتطرق لبعض هذه الأسباب وهذه المقومات، وسوف نعرف أيضاً بعض هذه الموانع التي قد تُؤخّر، أو تُبطِئ هذا النصر عن هذه الأمّة.
ــــ✍..ولكن قبل أن نعرف ذلك؛ إليكم هذه المقدمة البسيطة بين يدي هذا البحث، فأقول مستعيناً بالله تعالى:
أولاً: إنّ اللهَ تعالى قادر على نصرة دينه، واظهاره على بقية الأديان الأخرى، كما قال اللهُ تعالى: ﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾. فاللهُ تعالى قادر أن ينصر دينَه بنفسه وبقوته، فاللهُ قادر بقول (كُنْ فيكون) أن يُهلِك الكفر وأهل الكفر، بزلزال أو فيضان أو بصاعقة من السماء، فيُهلك اللهُ بها الكفرَ والإلحاد إلى الأبد. ولكنّ اللهَ يريد أن ينصر دينه عن طريق عباده المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿قاتِلوهُم يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ بِأَيديكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدورَ قَومٍ مُؤمِنينَ﴾. فاللهُ تعالى يريد أن يجعل النصر على أيدي وجهدٍ بشري، لا عن طريق معجزة كونية. فاللهُ يريدأن يكون النصرُ ثمرةً طبيعية لجهد بشري قائم على التضحية والفداء، والأخذ بالأسباب.
ثانياً: لن تنتصر الأمّة إلا إذا مرّت بابتلاءات معينة، كما قال الله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُترَكوا أَن يَقولوا آمَنّا وَهُم لا يُفتَنونَ وَلَقَد فَتَنَّا الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكاذِبينَ﴾. [وقد سُئل الإمام الشافعي (رحمه الله): أيهما أفضل للمؤمن؛ أنْ يُبتلى، أم أن يُمَكّن؟ فقال رحمه الله: لن يُمَكّن المؤمن حتى يُبتلى].
فالمؤمن دائماً مبتلى، فنحن نستعجل النصرَ، والنصر لا يأتي إلا بعد ابتلاء وتمحيص، واختبار وتمييز، فلن يأتي النصر إلا بعد قنطرة وتصفية للصف المسلم. (فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكاذِبين).
فالصحابة والمسلمون (رضوان اللهُ عليهم) في مكة، ما انتصر الحقُّ وأهل الحق إلا بعد سنوات من صنوف التعذيب، والقتل، والتشريد، والسخرية والاستهزاء، وما انتصروا إلا بعد سنوات من الابتلاءات من أخذٍ للأموال، وترْكٍ للأهل والأوطان، وهكذا... فالابتلاء سنّة كونية لا مفرّ منها لأهل الحق.
فمثلاً بنو اسرائيل في عهد فرعون اللعين عاشوا سنوات من الذل والهوان، والاستخفاف والتعبيد، فأرسل اللهُ لهم موسى عليه السلام لانقاذهم من هذا العذاب، ومن هذا الذل. فقال اللهُ تعالى بعد هذا العلو والاستكبار والفساد في الأرض والذبح للأطفال من فرعون وقومه لبني اسرائيل. ﴿إِنَّ فِرعَونَ عَلا فِي الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَها شِيَعًا يَستَضعِفُ طائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبناءَهُم وَيَستَحيي نِساءَهُم إِنَّهُ كانَ مِنَ المُفسِدينَ}، فقال اللهُ بعدها:{وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾.
-وهاهم إخواننا اليوم في الشام وفي سوريا عاشوا أكثر من 50 سنة في ظلم وقتل، وقهر وسجن، وتعذيب وتشريد واختفاء من قِبل النظام البائد، فقد عاش أهل سوريا أكثر من نصف قرن في استبداد وطغيان وإجرام وسجون ومعتقلات وبراميل متفجرة وغيرها من صنوف العذاب والحرمان للحياة. فشاء اللهُ تعالى بعد هذا الابتلاء والعذاب أن ينقشع عنهم هذا الظلام وهذا الظلم، وانتصر الحق في سوريا، وانتصر المظلوم على الظالم في دمشق، وانتصر الخير على الشر في حلب، وانتصر الحق على الباطل في درعة…، لقد انتصر الدعاء على البلاء في بلاد الشام كلها. فلقد غيَّم اليأسُ على أهلنا في سوريا لسنوات، ولقد اختفى الأمل منهم بأن ينتهي هذا النظام، وهذا الإجرام لعدة عقود من الزمن، لكن شاء اللهُ القائل: ﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾.
الجزءالاول.
_جمع وترتيب أ. مطيع عبدالله الظفاري_
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، الحمدلله الذي صدق وعدَه، ونصر عبدَه، وأعز جندَه، وهزم الأحزابَ وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وعلى آله وصحبه، ومَن اقتفى أثرَه، وسلَك دربَه، ومَن سار على نهجه إلى يوم الدين.
وبعد: أيها القارئ الكريم:
إنّ الحقّ والخير والإسلام في صراع دائم بينها وبين الباطل والشر والكفر، ولكنْ دائماً في النهاية الحق هو المنتصر، والخير هو الغالب، ودينُ الإسلام هو الظاهر على جميع الأديان.
ولكن قد يتأخر أو يُبطئ هذا النصر لأسباب واضحة، أو لأسباب مجهولة يعلمها اللهُ وحدُه. فإنّ استجلاب النصر له أسباب وله مقوّمات، وموجبات، كما أنّ هناك موانعاً قد تمنع من تحقيق النصر، أو تعمل على تأخير وقوعه. وإن شاء الله تعالى في هذا البحث المتواضع سوف نتطرق لبعض هذه الأسباب وهذه المقومات، وسوف نعرف أيضاً بعض هذه الموانع التي قد تُؤخّر، أو تُبطِئ هذا النصر عن هذه الأمّة.
ــــ✍..ولكن قبل أن نعرف ذلك؛ إليكم هذه المقدمة البسيطة بين يدي هذا البحث، فأقول مستعيناً بالله تعالى:
أولاً: إنّ اللهَ تعالى قادر على نصرة دينه، واظهاره على بقية الأديان الأخرى، كما قال اللهُ تعالى: ﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾. فاللهُ تعالى قادر أن ينصر دينَه بنفسه وبقوته، فاللهُ قادر بقول (كُنْ فيكون) أن يُهلِك الكفر وأهل الكفر، بزلزال أو فيضان أو بصاعقة من السماء، فيُهلك اللهُ بها الكفرَ والإلحاد إلى الأبد. ولكنّ اللهَ يريد أن ينصر دينه عن طريق عباده المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿قاتِلوهُم يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ بِأَيديكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدورَ قَومٍ مُؤمِنينَ﴾. فاللهُ تعالى يريد أن يجعل النصر على أيدي وجهدٍ بشري، لا عن طريق معجزة كونية. فاللهُ يريدأن يكون النصرُ ثمرةً طبيعية لجهد بشري قائم على التضحية والفداء، والأخذ بالأسباب.
ثانياً: لن تنتصر الأمّة إلا إذا مرّت بابتلاءات معينة، كما قال الله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُترَكوا أَن يَقولوا آمَنّا وَهُم لا يُفتَنونَ وَلَقَد فَتَنَّا الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكاذِبينَ﴾. [وقد سُئل الإمام الشافعي (رحمه الله): أيهما أفضل للمؤمن؛ أنْ يُبتلى، أم أن يُمَكّن؟ فقال رحمه الله: لن يُمَكّن المؤمن حتى يُبتلى].
فالمؤمن دائماً مبتلى، فنحن نستعجل النصرَ، والنصر لا يأتي إلا بعد ابتلاء وتمحيص، واختبار وتمييز، فلن يأتي النصر إلا بعد قنطرة وتصفية للصف المسلم. (فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكاذِبين).
فالصحابة والمسلمون (رضوان اللهُ عليهم) في مكة، ما انتصر الحقُّ وأهل الحق إلا بعد سنوات من صنوف التعذيب، والقتل، والتشريد، والسخرية والاستهزاء، وما انتصروا إلا بعد سنوات من الابتلاءات من أخذٍ للأموال، وترْكٍ للأهل والأوطان، وهكذا... فالابتلاء سنّة كونية لا مفرّ منها لأهل الحق.
فمثلاً بنو اسرائيل في عهد فرعون اللعين عاشوا سنوات من الذل والهوان، والاستخفاف والتعبيد، فأرسل اللهُ لهم موسى عليه السلام لانقاذهم من هذا العذاب، ومن هذا الذل. فقال اللهُ تعالى بعد هذا العلو والاستكبار والفساد في الأرض والذبح للأطفال من فرعون وقومه لبني اسرائيل. ﴿إِنَّ فِرعَونَ عَلا فِي الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَها شِيَعًا يَستَضعِفُ طائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبناءَهُم وَيَستَحيي نِساءَهُم إِنَّهُ كانَ مِنَ المُفسِدينَ}، فقال اللهُ بعدها:{وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾.
-وهاهم إخواننا اليوم في الشام وفي سوريا عاشوا أكثر من 50 سنة في ظلم وقتل، وقهر وسجن، وتعذيب وتشريد واختفاء من قِبل النظام البائد، فقد عاش أهل سوريا أكثر من نصف قرن في استبداد وطغيان وإجرام وسجون ومعتقلات وبراميل متفجرة وغيرها من صنوف العذاب والحرمان للحياة. فشاء اللهُ تعالى بعد هذا الابتلاء والعذاب أن ينقشع عنهم هذا الظلام وهذا الظلم، وانتصر الحق في سوريا، وانتصر المظلوم على الظالم في دمشق، وانتصر الخير على الشر في حلب، وانتصر الحق على الباطل في درعة…، لقد انتصر الدعاء على البلاء في بلاد الشام كلها. فلقد غيَّم اليأسُ على أهلنا في سوريا لسنوات، ولقد اختفى الأمل منهم بأن ينتهي هذا النظام، وهذا الإجرام لعدة عقود من الزمن، لكن شاء اللهُ القائل: ﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾.
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
(جاءهم نصرُنا) بدون مقدمات، وبدون توقعات، وبدون حسابات بشرية. لقد انتهى حكم الأسد، وولّى عهد الاستبداد إلى الأبد، لقد ظهر الحقُ، وانتصر المظلوم، لقد سقط هُبَلُ الشام، ولقد هُدمت تماثيل الأسد، وسحبت في شوارع دمشق، لقد انتصرت الحقيقة على الشبيحة، فللّه الحمد والمنّة.
أيها المسلم الكريم:
لم يكن هذا النصر وليد يوم وليلة، بل كان وليد أعوام من الابتلاءات والحرمان والتشريد والظلم والسجن والتعذيب، فلن تنتصر أمةٌ مَا؛ إلا بعد ابتلاء وتمحيص كما سنعرف.
ولقد أراد اللهُ لأهلنا في سوريا بعد 50 سنة، أن يمنّ على الذين استضعفوا منهم، وينقذهم من هذا الظلم الجاثم على صدورهم وصدور آبائهم وأجدادهم ونسائهم من سنوات طوال. فلن يأتي هذا النصر إلا بعد ابتلاء وتمحيص، وصبر وثبات، وتضحية وتربية وجهاد. فنحن نستعجل النصرَ والتمكين، ولكن لا تمكينٌ بلا ابتلاء، ولا نصرٌ بدون تضحيات، فإنّ لكلّ ميلاد مخاض، ولكلّ مَخاض آلآلام، فالنصرُ يُولد من رَحِم المعاناة، والفَرَجُ يخرج من بطن الصبر. ﴿وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾.
ــــ✍..وبعد هذه المقدمة السريعة، جاء دورنا الآن لنعرف ماهي مقومات، وموجبات، وشروط النصر؟ فإليكم بعضها:
1/- *أولها وأعظمها وأهمها لتحقيق النصر هو تحقيق الإيمان باللّه عز وجل، وبرسوله الكريم ﷺ (الإيمان الوثيق والعميق):*
كما قال الله تعالى: ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ}، نعم (المؤمنين) شرط الإيمان، وقال تعالى:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ}. وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾. هذا شرط بشرط، فعْل شرط وجوابه،[إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم]، ونصرة اللهِ تكون بالالتزام بدينه، وتطبيق شريعته، والعمل بأحكامه، وفعْل آوامره، وترك نواهيه...، هذه هي نصرة الله، فإذا تحقق ذلك؛ أنزل اللهُ حينها نصرَه على عباده المؤمنين، المستحقين لهذا النصر.
-فمثلاً لو أخذنا غزوة بدر الكبرى، فإنه لمّا حقق المسلمون هذا الشرط، لما اتصفوا بالإيمان، وكانوا فئةً مؤمنة صادقة مع الله؛ عندها نصرهم اللهُ على عدوهم، وإن كانوا قلة قليلة، بل لقد أنزل اللهُ ملائكةً من السماء تقاتل معهم، وتساندهم، لماذا؟ لأنهم كانوا مؤمنين حقاً، فقد حققوا شرط الايمان في نفوسهم وفي معاملتهم، فقال الله عنهم: ﴿وَلَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدرٍ وَأَنتُم أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾ [آل عمران: ١٢٣].
لكن وبعد سنة واحدة فقط من هذه الغزوة، فإنّه لما خالف بعضُ الصحابة أوامر الرسول ﷺ في يوم أُحُد، عندها انقلبت المعركة من نصر إلى هزيمة، نعم تغيرت المعركة لصالح الكفار، بعدما كانت لصالح المسلمين، لماذا؟ بسبب مخالفة أوامر القائد العام محمد ﷺ، نعم هُزِمُوا وإن كان الرسول محمد بين أظهرهم، نعم هُزِمُوا وإن كان فيهم كبار الصحابة، فالمسلمون الذين حضروا يوم بدر؛ هم المسلمون أنفسُهم الذين حضروا يوم أُحُد..، فقد تغيرت المعركة لماذا؟ لأنّ هناك أسباباً وقوانين ومقومات للنصر لا تحابي ولا تجامل أحَداً، فالأممَ كالأفراد، تصحّ وتمرض، وتقوَى وتضعف، وتنتصر وتُهزَم، وفق قوانين وسنن إلهية، لا تحابي أحدًا، ولا تتخلَّف ولا تتبدَّل على مرِّ العصور ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾، لذلك اللهُ يأمرنا أن نتدبر أمورَنا في حال النصر والهزيمة؛ فإذا انتصرنا شكرنا وعرفنا غاية النصر وتبعاته وأماناته، وإن هُزِمنا حاسبْنا أنفسَنا، وبحثنا عن أخطائنا، واستغفرنا لذنوبنا، وصحَّحنا مسارنا كي لا نضعف أو نهون.
-والبحث عن أسباب النصر، والعمل بمقتضاها، ومعرفة عوامل الهزيمة، والعمل على إصلاحها؛ من الأمور الشرعية والواجبة في ديننا الحنيف، فاللهُ تعالى يقول: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). فإذا أرادت الأمّة أن تنتصر على أعدائها، فلابد لها من تحقيق الإيمان أفراداً وشعوباً، وقادةً وجيوشاً، كما مرّ معنا في قصة طالوت وجنوده، ﴿فَهَزَموهُم بِإِذنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوودُ جالوتَ…}. هذا وعْد الله، ولن يُخلف اللهُ وعدَه، ولن يتحقق وعْدُ الله لهذه الأمّة بالاستخلاف والتمكين لها في الأرض؛ إلا إذا حققت شرط الإيمان والعبودية الحقة لله، كما قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [النور: ٥٥].
أيها المسلم الكريم:
لم يكن هذا النصر وليد يوم وليلة، بل كان وليد أعوام من الابتلاءات والحرمان والتشريد والظلم والسجن والتعذيب، فلن تنتصر أمةٌ مَا؛ إلا بعد ابتلاء وتمحيص كما سنعرف.
ولقد أراد اللهُ لأهلنا في سوريا بعد 50 سنة، أن يمنّ على الذين استضعفوا منهم، وينقذهم من هذا الظلم الجاثم على صدورهم وصدور آبائهم وأجدادهم ونسائهم من سنوات طوال. فلن يأتي هذا النصر إلا بعد ابتلاء وتمحيص، وصبر وثبات، وتضحية وتربية وجهاد. فنحن نستعجل النصرَ والتمكين، ولكن لا تمكينٌ بلا ابتلاء، ولا نصرٌ بدون تضحيات، فإنّ لكلّ ميلاد مخاض، ولكلّ مَخاض آلآلام، فالنصرُ يُولد من رَحِم المعاناة، والفَرَجُ يخرج من بطن الصبر. ﴿وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾.
ــــ✍..وبعد هذه المقدمة السريعة، جاء دورنا الآن لنعرف ماهي مقومات، وموجبات، وشروط النصر؟ فإليكم بعضها:
1/- *أولها وأعظمها وأهمها لتحقيق النصر هو تحقيق الإيمان باللّه عز وجل، وبرسوله الكريم ﷺ (الإيمان الوثيق والعميق):*
كما قال الله تعالى: ﴿وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ}، نعم (المؤمنين) شرط الإيمان، وقال تعالى:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ}. وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾. هذا شرط بشرط، فعْل شرط وجوابه،[إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم]، ونصرة اللهِ تكون بالالتزام بدينه، وتطبيق شريعته، والعمل بأحكامه، وفعْل آوامره، وترك نواهيه...، هذه هي نصرة الله، فإذا تحقق ذلك؛ أنزل اللهُ حينها نصرَه على عباده المؤمنين، المستحقين لهذا النصر.
-فمثلاً لو أخذنا غزوة بدر الكبرى، فإنه لمّا حقق المسلمون هذا الشرط، لما اتصفوا بالإيمان، وكانوا فئةً مؤمنة صادقة مع الله؛ عندها نصرهم اللهُ على عدوهم، وإن كانوا قلة قليلة، بل لقد أنزل اللهُ ملائكةً من السماء تقاتل معهم، وتساندهم، لماذا؟ لأنهم كانوا مؤمنين حقاً، فقد حققوا شرط الايمان في نفوسهم وفي معاملتهم، فقال الله عنهم: ﴿وَلَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدرٍ وَأَنتُم أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾ [آل عمران: ١٢٣].
لكن وبعد سنة واحدة فقط من هذه الغزوة، فإنّه لما خالف بعضُ الصحابة أوامر الرسول ﷺ في يوم أُحُد، عندها انقلبت المعركة من نصر إلى هزيمة، نعم تغيرت المعركة لصالح الكفار، بعدما كانت لصالح المسلمين، لماذا؟ بسبب مخالفة أوامر القائد العام محمد ﷺ، نعم هُزِمُوا وإن كان الرسول محمد بين أظهرهم، نعم هُزِمُوا وإن كان فيهم كبار الصحابة، فالمسلمون الذين حضروا يوم بدر؛ هم المسلمون أنفسُهم الذين حضروا يوم أُحُد..، فقد تغيرت المعركة لماذا؟ لأنّ هناك أسباباً وقوانين ومقومات للنصر لا تحابي ولا تجامل أحَداً، فالأممَ كالأفراد، تصحّ وتمرض، وتقوَى وتضعف، وتنتصر وتُهزَم، وفق قوانين وسنن إلهية، لا تحابي أحدًا، ولا تتخلَّف ولا تتبدَّل على مرِّ العصور ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾، لذلك اللهُ يأمرنا أن نتدبر أمورَنا في حال النصر والهزيمة؛ فإذا انتصرنا شكرنا وعرفنا غاية النصر وتبعاته وأماناته، وإن هُزِمنا حاسبْنا أنفسَنا، وبحثنا عن أخطائنا، واستغفرنا لذنوبنا، وصحَّحنا مسارنا كي لا نضعف أو نهون.
-والبحث عن أسباب النصر، والعمل بمقتضاها، ومعرفة عوامل الهزيمة، والعمل على إصلاحها؛ من الأمور الشرعية والواجبة في ديننا الحنيف، فاللهُ تعالى يقول: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). فإذا أرادت الأمّة أن تنتصر على أعدائها، فلابد لها من تحقيق الإيمان أفراداً وشعوباً، وقادةً وجيوشاً، كما مرّ معنا في قصة طالوت وجنوده، ﴿فَهَزَموهُم بِإِذنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوودُ جالوتَ…}. هذا وعْد الله، ولن يُخلف اللهُ وعدَه، ولن يتحقق وعْدُ الله لهذه الأمّة بالاستخلاف والتمكين لها في الأرض؛ إلا إذا حققت شرط الإيمان والعبودية الحقة لله، كما قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [النور: ٥٥].
فهذه هي شروط النصر ومقوماته، والأمّة المؤمنة لا تقاتل الأعداء بكثرة العَدَد، ولا بكثرة العُدَد؛ وإنما تقاتلهم بهذا الإيمان، وبهذا الدِين، كما قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه):[نحن قوم أعزنا اللهُ بالاسلام…، وإنما نقاتلهم بهذا الدِين…]. فهذا هو الشرط والمقوّم الأول لتحقيق النصر، وهو تحقيق الإيمان الكامل والصادق، والعبودية الخالصة لله عز وجل في هذه الأمّة.
2/- *الثاني: ومن مقوّمات النصر وأسبابه؛ هو عدم الاستعجال في طلب النصر،* أو العَجَلة في طلب نهاية الظلم، أوسرعة تغيير الواقع، أو سرعة تحقيق الأهداف قبل وقتها:
نعم وإن كان الحقّ دائماً هو المنتصر في النهاية، لكن من مقومات النصر عدم الطلب بتعجيل النصر، لِحِكَم كثيرة، سنعرفها فيما بعد. ﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾. فقوله:[حتى إذا استيأس الرسل]: يعني أنّ هناك تأخر للنصر، تأخر لنهاية الظلم، ودولة الظالمين، [جاءهم نصرنا]: أي سوف يَجيئهم هذا النصر وإن تأخر، يعني لا استعجال في طلب النصر، فكل شيء له وقت وزمن محدد لوقوعه وحدوثه. فإنّ النصر لا يأتي إلا بعد ابتلاء وتمحيص، وتضحية وفداء، كما قلنا.
ــــ✍..لذلك الصحابة (عليهم الرضوان) في بداية الدعوة، وبعد ما رأوا هذا الكمّ الهائل من العذاب، ومن القتل والتعذيب لمَن ءَامنَ منهم، وهم على الحق، قالوا في أنفسهم؛ لماذا لا ينصر اللهُ دينَه الحق؟ لماذا لا يَهلِك اللهُ هذا العدو الظالم؟ فجاؤا إلى عند رسول الله ﷺ يريدون جواباً لهذا السؤال، ويطلبون منه استعجال نزول النصر، كما جاء عند البخاري في صحيحه عنْ خَبَّابِ بْن الأَرتِّ قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللَّهِ ﷺ وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا؟ أَلا تَدْعُو لَنَا؟ [وكأنّهم يقولون: يا رسول الله يكفينا ذلّ وهوان، يكفينا تعذيب وتقتيل، يكفينا خوف واختفاء واختباء!، فيقول لهم الرسول ﷺ مُسَلّياً ومربياً ومعلّماً ومثّبِتاً لهم]: قَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، [ثم رسَمَ لهم الرسول ﷺ الأملَ بانتصار الحق، وانتشار هذا الدِين] فقال لهم: واللَّهِ ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري.
[ولكنكم تستعجلون!] يا الله؛ سنوات من العذاب، ومن القتل والأسر والصّلب، والسحب في رمضاء مكة! والرسول ﷺ يقول لهم: (ولكنّكم تستعجلون)، تستعجلون النصر، تستعجلون ظهور الحق، تستعجلون نهايةَ دولة الكفر والظلم، (ولكنّكم قوم تستعجلون)!.
-أتدرون يا مَن تستعجلون النصر؟ كم بين قوله ﷺ هذه العبارة «ولكنّكم تستعجلون» وبين نهاية دولة الكفر، ودولة الظلم والشرك في مكة؟ إنها (23 سنة)!، نعم فبعد 23 سنة ظهر الحقُّ، وانتشر الإسلام، وانتهى الشرك والكفر والطغيان، لقد انتشر التوحيد بعد 23 سنة من المحنة، ومن الصبر، ومن الثبات، ومن التضحية والفداء. لقد فُتحَت مكة بعد 23 سنة من التربية ومن الإعداد والجهاد، لقد عَلا صوت الحق، ورُفِع الأذان فوق الكعبة بعدما غاب هذا الصوت عن مكة لأكثر من 20 عاماً، فبعد هذه المدة الـ(23 سنة) من حديث خبّاب هذا؛ سقط هُبَلُ مكة، وتكسّرت تماثيل قريش، وهُدّمت 360 صنماً كانت داخل الكعبة، وأُعلِن التوحيدُ وقتها الدِينُ الرسمي لدولة الاسلام في مكة!.(ولكنّكم قومٌ تستعجلون).
فاللهُ قادرٌ على نصرة دينه، وإظهار الحق، وتمكين أوليائه المؤمنين، (ولكنّكم قوم تستعجلون).
ــــ✍..فمِن مقومات النصر عدم الاستعجال في قطف الثمار قبل نضجها، أو طلب الحصاد قبل أوانه، «فمَن استَعجَل الشيءَ قبل أوانه؛ عُوقِبَ بحرمانِه».
لذلك يقول أحد الدعاة المفكرين وهو يخاطب أتباعه في أحد إجتماعاته معهم، محذّراً لهم من آفة الاستعجال في قطف ثمرة النصر قبل نضجها، لمّا رأى بعض المتحمِسين المتعَّجِلين الذين يريدون اليوم حصاد ما زرعوه بالأمس فقال لهم ما ملخصه:
[أيها المسلمون؛ وبخاصة المتحمسون المتعجلون منكم: اسمعوها مني كلمة عالية مدوية، من فوق هذا المنبر، في مؤتمركم هذا الجامع: إنّ طريقكم هذا مرسومةٌ خطواتُه، موضوعةٌ حدودُه، ولستُ مخالفاً لهذه الحدود…، أجل؛ قد تكون طريقاً طويلة، ولكن ليس هناك غيرها، فإنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة، والجدّ والعمل الدائب، فمَن أراد منكم أن يستعجل ثمرةً قبل نضجها، أو يقتطف زهرةً قبل أَوانها؛ فلستُ معه في ذلك بحال، وخيرٌ له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات...]. إ.هـ.
2/- *الثاني: ومن مقوّمات النصر وأسبابه؛ هو عدم الاستعجال في طلب النصر،* أو العَجَلة في طلب نهاية الظلم، أوسرعة تغيير الواقع، أو سرعة تحقيق الأهداف قبل وقتها:
نعم وإن كان الحقّ دائماً هو المنتصر في النهاية، لكن من مقومات النصر عدم الطلب بتعجيل النصر، لِحِكَم كثيرة، سنعرفها فيما بعد. ﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾. فقوله:[حتى إذا استيأس الرسل]: يعني أنّ هناك تأخر للنصر، تأخر لنهاية الظلم، ودولة الظالمين، [جاءهم نصرنا]: أي سوف يَجيئهم هذا النصر وإن تأخر، يعني لا استعجال في طلب النصر، فكل شيء له وقت وزمن محدد لوقوعه وحدوثه. فإنّ النصر لا يأتي إلا بعد ابتلاء وتمحيص، وتضحية وفداء، كما قلنا.
ــــ✍..لذلك الصحابة (عليهم الرضوان) في بداية الدعوة، وبعد ما رأوا هذا الكمّ الهائل من العذاب، ومن القتل والتعذيب لمَن ءَامنَ منهم، وهم على الحق، قالوا في أنفسهم؛ لماذا لا ينصر اللهُ دينَه الحق؟ لماذا لا يَهلِك اللهُ هذا العدو الظالم؟ فجاؤا إلى عند رسول الله ﷺ يريدون جواباً لهذا السؤال، ويطلبون منه استعجال نزول النصر، كما جاء عند البخاري في صحيحه عنْ خَبَّابِ بْن الأَرتِّ قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللَّهِ ﷺ وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا؟ أَلا تَدْعُو لَنَا؟ [وكأنّهم يقولون: يا رسول الله يكفينا ذلّ وهوان، يكفينا تعذيب وتقتيل، يكفينا خوف واختفاء واختباء!، فيقول لهم الرسول ﷺ مُسَلّياً ومربياً ومعلّماً ومثّبِتاً لهم]: قَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، [ثم رسَمَ لهم الرسول ﷺ الأملَ بانتصار الحق، وانتشار هذا الدِين] فقال لهم: واللَّهِ ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري.
[ولكنكم تستعجلون!] يا الله؛ سنوات من العذاب، ومن القتل والأسر والصّلب، والسحب في رمضاء مكة! والرسول ﷺ يقول لهم: (ولكنّكم تستعجلون)، تستعجلون النصر، تستعجلون ظهور الحق، تستعجلون نهايةَ دولة الكفر والظلم، (ولكنّكم قوم تستعجلون)!.
-أتدرون يا مَن تستعجلون النصر؟ كم بين قوله ﷺ هذه العبارة «ولكنّكم تستعجلون» وبين نهاية دولة الكفر، ودولة الظلم والشرك في مكة؟ إنها (23 سنة)!، نعم فبعد 23 سنة ظهر الحقُّ، وانتشر الإسلام، وانتهى الشرك والكفر والطغيان، لقد انتشر التوحيد بعد 23 سنة من المحنة، ومن الصبر، ومن الثبات، ومن التضحية والفداء. لقد فُتحَت مكة بعد 23 سنة من التربية ومن الإعداد والجهاد، لقد عَلا صوت الحق، ورُفِع الأذان فوق الكعبة بعدما غاب هذا الصوت عن مكة لأكثر من 20 عاماً، فبعد هذه المدة الـ(23 سنة) من حديث خبّاب هذا؛ سقط هُبَلُ مكة، وتكسّرت تماثيل قريش، وهُدّمت 360 صنماً كانت داخل الكعبة، وأُعلِن التوحيدُ وقتها الدِينُ الرسمي لدولة الاسلام في مكة!.(ولكنّكم قومٌ تستعجلون).
فاللهُ قادرٌ على نصرة دينه، وإظهار الحق، وتمكين أوليائه المؤمنين، (ولكنّكم قوم تستعجلون).
ــــ✍..فمِن مقومات النصر عدم الاستعجال في قطف الثمار قبل نضجها، أو طلب الحصاد قبل أوانه، «فمَن استَعجَل الشيءَ قبل أوانه؛ عُوقِبَ بحرمانِه».
لذلك يقول أحد الدعاة المفكرين وهو يخاطب أتباعه في أحد إجتماعاته معهم، محذّراً لهم من آفة الاستعجال في قطف ثمرة النصر قبل نضجها، لمّا رأى بعض المتحمِسين المتعَّجِلين الذين يريدون اليوم حصاد ما زرعوه بالأمس فقال لهم ما ملخصه:
[أيها المسلمون؛ وبخاصة المتحمسون المتعجلون منكم: اسمعوها مني كلمة عالية مدوية، من فوق هذا المنبر، في مؤتمركم هذا الجامع: إنّ طريقكم هذا مرسومةٌ خطواتُه، موضوعةٌ حدودُه، ولستُ مخالفاً لهذه الحدود…، أجل؛ قد تكون طريقاً طويلة، ولكن ليس هناك غيرها، فإنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة، والجدّ والعمل الدائب، فمَن أراد منكم أن يستعجل ثمرةً قبل نضجها، أو يقتطف زهرةً قبل أَوانها؛ فلستُ معه في ذلك بحال، وخيرٌ له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات...]. إ.هـ.
3/- *الشرط أو المقوّم الثالث للنصر هو: الإعداد المادي والمعنوي:*
فاللهُ تعالى يقول: ﴿وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم…}.
ــــ✍.. *والإعداد هنا نوعان: إعداد مادي حسّي، وإعداد إيماني معنوي.*
فالإعداد المادي يكون بالتدريب وبصنع السلاح وغيرها، والإعداد المعنوي يكون بالإيمان والتقوى، فإنّ «طائر النصر لا يطير إلا بجناحين؛ جناح: (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة) فهذا الجناح المادي. وجناح: (إنْ تنصروا اللهَ ينصركم). وهذا هو الجناح الإيماني. إذاً فلا بد من هذين الجانبين لكي تستحق هذه الأمّة النصر من الله.
ـــ✍..وقوله تعالى: ( *وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة):* فالقوة هنا نكرة، لتشمل أي قوة، فهي تشمل قوة السلاح والعتاد، وتشمل قوة الساعد، وتشمل قوة العقيدة، وقوة اليقين، وقوة الصبر، وقوة الايمان، وقوة التربية، وتشمل كذلك قوة المال، وقوة التخطيط والتدبير، وقوة الوُحدة والأُلفة، وتشمل كذلك قوة الأخلاق والسلوك… فالإسلام يطالبنا بأن نكون أقوياء في كل مجالات الحياة.
فهذه هي قواعد النصر وأسبابه، ومقوماته، فلابد للأمّة أن تُعِدَّ جيلاً مهيئَاً للنصر، إعداد الكَيْف، لا إعداد الكَمّ، جيلاً شعارُه: ﴿كَم مِن فِئَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثيرَةً بِإِذنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصّابِرينَ﴾، كما حدث للمسلمين في غزوة بدر الكبرى، وكما مرّ معنا في قصة طالوت وجنوده، فهذه هي شروط ومواصفات جيل النصر.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فاللهُ تعالى يقول: ﴿وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم…}.
ــــ✍.. *والإعداد هنا نوعان: إعداد مادي حسّي، وإعداد إيماني معنوي.*
فالإعداد المادي يكون بالتدريب وبصنع السلاح وغيرها، والإعداد المعنوي يكون بالإيمان والتقوى، فإنّ «طائر النصر لا يطير إلا بجناحين؛ جناح: (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة) فهذا الجناح المادي. وجناح: (إنْ تنصروا اللهَ ينصركم). وهذا هو الجناح الإيماني. إذاً فلا بد من هذين الجانبين لكي تستحق هذه الأمّة النصر من الله.
ـــ✍..وقوله تعالى: ( *وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة):* فالقوة هنا نكرة، لتشمل أي قوة، فهي تشمل قوة السلاح والعتاد، وتشمل قوة الساعد، وتشمل قوة العقيدة، وقوة اليقين، وقوة الصبر، وقوة الايمان، وقوة التربية، وتشمل كذلك قوة المال، وقوة التخطيط والتدبير، وقوة الوُحدة والأُلفة، وتشمل كذلك قوة الأخلاق والسلوك… فالإسلام يطالبنا بأن نكون أقوياء في كل مجالات الحياة.
فهذه هي قواعد النصر وأسبابه، ومقوماته، فلابد للأمّة أن تُعِدَّ جيلاً مهيئَاً للنصر، إعداد الكَيْف، لا إعداد الكَمّ، جيلاً شعارُه: ﴿كَم مِن فِئَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثيرَةً بِإِذنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصّابِرينَ﴾، كما حدث للمسلمين في غزوة بدر الكبرى، وكما مرّ معنا في قصة طالوت وجنوده، فهذه هي شروط ومواصفات جيل النصر.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
*موانع، وعوائق تحقيق النصر*
*الجـزء الثاني*
_جمع وترتيب أ. مطيع عبدالله الظفاري_
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*بسم الله الرحمن الرحيم*
ايها المسلمون عباد الله:
بعد أن عرفنا سابقاً بعض شروط ومقومات النصر؛ الآن نريد أن نعرف أسباب أو موانع تحقيق النصر.
ــ✍..فإذا كان اللهُ ناصرَ دينه، ومعزّ أولياءه المؤمنين، فلماذا قد يُبطيء أو يتأخر النصر عن هذه الأمّة؟
هناك أسباب وموانع قد تمنع، أو تُأخّر نزول النصر على هذه الأمّة منها:
1_ *عدم توفر أو غياب شروط ومقوّمات النصر المذكورة سابقاً عن هذه الأمّة.*
فقد يتأخر النصر لأجل ذلك.
2_ *قد يُبطيء أو يتأخر النصر لتمييز وتمحيص وغربلة الصفّ المسلم* :
وذلك لمعرفة الصادق من الكاذب، وفضح المنافق من المؤمن، كما عرفنا ذلك في قصة طالوت وجنوده. والله تعالى يقول: ﴿وَلَقَد فَتَنَّا الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكاذِبينَ﴾ [العنكبوت: ٣]، ﴿وَما أَصابَكُم يَومَ التَقَى الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللَّهِ وَلِيَعلَمَ المُؤمِنينَ وَلِيَعلَمَ الَّذينَ نافَقوا} [آل عمران: ١٦٦-١٦٧].
فلو انتصر الحق دائماً في كل المعارك؛ لدخل في هذا الحق مَن ليس منه، أو مَن ليس معه، وأيضاً لمَا عُرِف المنافقون والمرجفون وأصحاب المصالح الشخصية، وكذلك لمَا وُجِدَت الحكمة من الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، ولغابت أيضاً سنة التدافع في الأرض. ﴿إِنْ يَمسَسكُم قَرحٌ فَقَد مَسَّ القَومَ قَرحٌ مِثلُهُ وَتِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠].
فقد يتأخر النصر أحياناً ليَكشِف لنا حقيقةَ بعض المسلمين، حكّاماً كانوا أوشعوباً، أفراداً كانوا أوجماعات، كما كشَفَ لنا قديماً حقيقة بعض المسلمين حين قالوا: {غَرَّ هؤُلاءِ دينُهُم…}، والذين قالوا: ﴿ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾. فقد يتأخر النصر لأجل ذلك المعنى. وكما قال اللهُ تعالى حاكياً عن نبيّه موسى عليه السلام وعن قومه: ﴿وَاختارَ موسى قَومَهُ سَبعينَ رَجُلًا لِميقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ قالَ رَبِّ لَو شِئتَ أَهلَكتَهُم مِن قَبلُ وَإِيّايَ أَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِن هِيَ إِلّا فِتنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَن تَشاءُ وَتَهدي مَن تَشاءُ أَنتَ وَلِيُّنا فَاغفِر لَنا وَارحَمنا وَأَنتَ خَيرُ الغافِرينَ﴾ [الأعراف: ١٥٥]. فقد يتأخر النصر ليُكشَف للأمة حقيقة بعض المنتسبيـن لها بوضوح.
3_ *وقد يُبطيء النصر أو يتأخر لحكمةٍ لا يعلمها إلا اللهُ عزّ وجلّ* : فمثلاً أصحاب الكهف كانوا بضعة نفر آمَنُوا بالله وحده، وتركوا عبادة آلهة آمون العظيم في زمانهم، فكانوا يجلسون وحدهم، ويتفكرون في أنفسهم، ناظرين مِن حولِهم، فحولهُم الكفر والظلم والإلحاد يملئ شوارع المدينة، والآلهة منتشرة في كل الأزقّة وفي كل البيوت، وهم الوحيدون على الحق! فكانوا يتفكرون ويقولون في أنفسهم كيف سينتصر هذا الحق؟ متى سيُظهر اللهُ دينَه الحق؟ متى ستعلوا راية الدِين؟ متى سينتهي هذا الظلم وهذا العذاب؟ فلم يكن هذا استنكاراً منهم أو استبعاداً لذلك؟ لا، ولكن كان تعجباً واستغراباً واستعجالاً!.
وقد كانوا أيضاً يقرؤن عبارات وكلمات المسيح عيسى عليه السلام في الانجيل وهي تقول: [إنّ الحقيقةَ التي كنتم تخشوْن قولها في الخفاء؛ ستُعلن يوماً ما أمام الملأ، وما آمنتم به في الخلوات؛ سوف يُنادَى به يوماً على السطوح، وأمام الأشهاد].إ.هـ. كانوا يقرؤن مثل هذه العبارات ويقولون في أنفسهم متى سيتحقق ذلك…؟ فأماتهم اللهُ، أو بمعنى أصح أنامهم اللهُ 300 سنة، ثم بعثهم وأيقظهم اللهُ بعد هذه المدة الطويلة ليرَوا قدرة الله في اظهار الحق، وإعلاء دينه، فقاموا من سباتهم ليشاهدوا ما كانوا يُطالِبون به، وما كانوا يتساءلون عنه!. فقد أهلك اللهُ ثلاثةَ أجيال متتالية، جيلاً وراءه جيل، ومَلِكاً بعده ملِك، ومائةَ سنة تعقبها مائةٌ ثانية وثالثة! لماذا؟ لشيئين هما: كما قال الله تعالى:
١- ﴿وَكَذلِكَ أَعثَرنا عَلَيهِم لِيَعلَموا أَنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ،
٢- وَأَنَّ السّاعَةَ لا رَيبَ فيها …}.
(ليعلموا أنّ وعدَ الله حق) في نصرة دينه، وإعلاء كلمته، وإهلاك الطغاة ودولة الظالمين. فهذه الحكمة الأولى من بعثتهم، جواباً على أسئلتهم التي حيرتهم في حياتهم. فبعد 300 سنة أراهم اللهُ قدرتَه في نصرة الحقّ وأهل الحقّ. (ولكنّكم قوم تستعجلون).
والحكمة الثانية من بعثتهم، كما قالها المفسرون: (وأنّ الساعةَ لا ريبَ فيها)؛ فلقد انتشرت شبهات قبل مبعثهم، باستبعاد قدرة الله على إحياء الموتى بعد موتهم، والتشكيك في ذلك، فكان إحياء أصحاب الكهف أمام الجميع بعد 300 سنة تفنيدًا لهذه الشبهات، وإثباتاً لقدرة الله على إحياء الموتى بعد موتهم.
*الجـزء الثاني*
_جمع وترتيب أ. مطيع عبدالله الظفاري_
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*بسم الله الرحمن الرحيم*
ايها المسلمون عباد الله:
بعد أن عرفنا سابقاً بعض شروط ومقومات النصر؛ الآن نريد أن نعرف أسباب أو موانع تحقيق النصر.
ــ✍..فإذا كان اللهُ ناصرَ دينه، ومعزّ أولياءه المؤمنين، فلماذا قد يُبطيء أو يتأخر النصر عن هذه الأمّة؟
هناك أسباب وموانع قد تمنع، أو تُأخّر نزول النصر على هذه الأمّة منها:
1_ *عدم توفر أو غياب شروط ومقوّمات النصر المذكورة سابقاً عن هذه الأمّة.*
فقد يتأخر النصر لأجل ذلك.
2_ *قد يُبطيء أو يتأخر النصر لتمييز وتمحيص وغربلة الصفّ المسلم* :
وذلك لمعرفة الصادق من الكاذب، وفضح المنافق من المؤمن، كما عرفنا ذلك في قصة طالوت وجنوده. والله تعالى يقول: ﴿وَلَقَد فَتَنَّا الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكاذِبينَ﴾ [العنكبوت: ٣]، ﴿وَما أَصابَكُم يَومَ التَقَى الجَمعانِ فَبِإِذنِ اللَّهِ وَلِيَعلَمَ المُؤمِنينَ وَلِيَعلَمَ الَّذينَ نافَقوا} [آل عمران: ١٦٦-١٦٧].
فلو انتصر الحق دائماً في كل المعارك؛ لدخل في هذا الحق مَن ليس منه، أو مَن ليس معه، وأيضاً لمَا عُرِف المنافقون والمرجفون وأصحاب المصالح الشخصية، وكذلك لمَا وُجِدَت الحكمة من الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، ولغابت أيضاً سنة التدافع في الأرض. ﴿إِنْ يَمسَسكُم قَرحٌ فَقَد مَسَّ القَومَ قَرحٌ مِثلُهُ وَتِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠].
فقد يتأخر النصر أحياناً ليَكشِف لنا حقيقةَ بعض المسلمين، حكّاماً كانوا أوشعوباً، أفراداً كانوا أوجماعات، كما كشَفَ لنا قديماً حقيقة بعض المسلمين حين قالوا: {غَرَّ هؤُلاءِ دينُهُم…}، والذين قالوا: ﴿ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ إِلّا غُرورًا﴾. فقد يتأخر النصر لأجل ذلك المعنى. وكما قال اللهُ تعالى حاكياً عن نبيّه موسى عليه السلام وعن قومه: ﴿وَاختارَ موسى قَومَهُ سَبعينَ رَجُلًا لِميقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ قالَ رَبِّ لَو شِئتَ أَهلَكتَهُم مِن قَبلُ وَإِيّايَ أَتُهلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِن هِيَ إِلّا فِتنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَن تَشاءُ وَتَهدي مَن تَشاءُ أَنتَ وَلِيُّنا فَاغفِر لَنا وَارحَمنا وَأَنتَ خَيرُ الغافِرينَ﴾ [الأعراف: ١٥٥]. فقد يتأخر النصر ليُكشَف للأمة حقيقة بعض المنتسبيـن لها بوضوح.
3_ *وقد يُبطيء النصر أو يتأخر لحكمةٍ لا يعلمها إلا اللهُ عزّ وجلّ* : فمثلاً أصحاب الكهف كانوا بضعة نفر آمَنُوا بالله وحده، وتركوا عبادة آلهة آمون العظيم في زمانهم، فكانوا يجلسون وحدهم، ويتفكرون في أنفسهم، ناظرين مِن حولِهم، فحولهُم الكفر والظلم والإلحاد يملئ شوارع المدينة، والآلهة منتشرة في كل الأزقّة وفي كل البيوت، وهم الوحيدون على الحق! فكانوا يتفكرون ويقولون في أنفسهم كيف سينتصر هذا الحق؟ متى سيُظهر اللهُ دينَه الحق؟ متى ستعلوا راية الدِين؟ متى سينتهي هذا الظلم وهذا العذاب؟ فلم يكن هذا استنكاراً منهم أو استبعاداً لذلك؟ لا، ولكن كان تعجباً واستغراباً واستعجالاً!.
وقد كانوا أيضاً يقرؤن عبارات وكلمات المسيح عيسى عليه السلام في الانجيل وهي تقول: [إنّ الحقيقةَ التي كنتم تخشوْن قولها في الخفاء؛ ستُعلن يوماً ما أمام الملأ، وما آمنتم به في الخلوات؛ سوف يُنادَى به يوماً على السطوح، وأمام الأشهاد].إ.هـ. كانوا يقرؤن مثل هذه العبارات ويقولون في أنفسهم متى سيتحقق ذلك…؟ فأماتهم اللهُ، أو بمعنى أصح أنامهم اللهُ 300 سنة، ثم بعثهم وأيقظهم اللهُ بعد هذه المدة الطويلة ليرَوا قدرة الله في اظهار الحق، وإعلاء دينه، فقاموا من سباتهم ليشاهدوا ما كانوا يُطالِبون به، وما كانوا يتساءلون عنه!. فقد أهلك اللهُ ثلاثةَ أجيال متتالية، جيلاً وراءه جيل، ومَلِكاً بعده ملِك، ومائةَ سنة تعقبها مائةٌ ثانية وثالثة! لماذا؟ لشيئين هما: كما قال الله تعالى:
١- ﴿وَكَذلِكَ أَعثَرنا عَلَيهِم لِيَعلَموا أَنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ،
٢- وَأَنَّ السّاعَةَ لا رَيبَ فيها …}.
(ليعلموا أنّ وعدَ الله حق) في نصرة دينه، وإعلاء كلمته، وإهلاك الطغاة ودولة الظالمين. فهذه الحكمة الأولى من بعثتهم، جواباً على أسئلتهم التي حيرتهم في حياتهم. فبعد 300 سنة أراهم اللهُ قدرتَه في نصرة الحقّ وأهل الحقّ. (ولكنّكم قوم تستعجلون).
والحكمة الثانية من بعثتهم، كما قالها المفسرون: (وأنّ الساعةَ لا ريبَ فيها)؛ فلقد انتشرت شبهات قبل مبعثهم، باستبعاد قدرة الله على إحياء الموتى بعد موتهم، والتشكيك في ذلك، فكان إحياء أصحاب الكهف أمام الجميع بعد 300 سنة تفنيدًا لهذه الشبهات، وإثباتاً لقدرة الله على إحياء الموتى بعد موتهم.
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
فلحكمةٍ يعلمها اللهُ وحده سبحانه، فقد أخّر اللهُ النصرَ، أو رؤية النصر عن أصحاب الكهف لهذه الحِكَم التي قرأتموها.
ــ✍..وهنا لفتة نصْرية مهمة؛ وهي: ليس شرطاً أنْ يرى النصرَ كلُّ من سار أو عاش لأجل هذا الحقّ! فيكفي أنّ صاحب الحق مات وهو ثابتٌ على هذا الحق، فموتُك على الحقّ، ولأجل الحق؛ هو نصرٌ في حدّ ذاته.
-فمثلاً أصحاب الأخدود، وقصة الغلام المؤمن هل رأوا نُصرة الحق، وإهلاك من قتلهم وأحرقهم؟ طبعاً لا! فيكفيهم أنهم ماتوا على هذا الحق، وثبتوا عليه، ولم يُحقِقوا هدف قاتِلهم بإجبارهم ترك دينهم الحقّ الذين ماتوا من أجله، وغيرهم كثير.
وأيضاً ماشطة ابنت فرعون، وزوجة فرعون، ومَن قتلهم فرعون؛ كلهم لم يروا هلاك وغَرَق فرعون، فيكفيهم أنهم ماتوا على هذا الحق، وهكذا… فسُمية زوجة ياسر لم ترَ مصرع أبي جهل الذي طعنها، وكذلك زوجها ياسر، فيكفي لهؤلاء أنهم ثبتوا على دينهم، ولم يُحقِقوا أهداف وأطماع عدوهم. فهؤلاء الشهداء الذين قُتِلوا دفاعاً وفداءاً لهذا الدِين، فهم لم يسمعوا أو يروا انتصار الحقّ قبل موتهم، لكن يكفيهم أنهم ماتوا في سبيل تحقيق هذا النصر، وأسرجوا بدمائهم مشاعل هذا النصر.
فالنصر هو الثبات على هذا الحقّ، وعلى هذا الدِين حتى الممات، وإن لم تر النصر بنفسك في حياتك، فالنصر هو استمرار هذا الحقّ، ومواصلة مشروع الدعوة، ودَيْمُومية بقائها، واستمرارية نشاطها، ومواصلة كفاحها، وانتقالها من جيلٍ إلى جيل إلى قيام الساعة. [فلا تزالُ طائفةٌ من أمة محمد على الحقّ ظاهرة، وبأمر الله قائمة، ولإعدائها قاهرة، وعلى منهج القرآن والسُنّة سائرة، لا يضرها من خذلها، أو تآمر عليها، حتى يأتي أمر اللهُ (الموت) وهم على ذلك]. نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
ــ✍.. *نعود لموضوعنا:*
فقد يتأخر النصر كما قلنا لحكمةٍ لا يعلمها إلا اللهُ، فقد لا تتحقق الأهداف التي يريدها المسلمون لحكمةٍ يعلمها اللهُ وحده، فمثلاً في حادثة (صلح الحديبية، وبنود هذا الصلح)؛ فقد رجع الرسولُ ﷺ والصحابة بدون عُمرة، ولم يحقِقوا الهدف المرسوم من خروجهم من المدينة إلى مكة! وقَبِل الرسول ﷺ بنود هذا الصلح، وتضايق أغلب الصحابة من هذه البنود وهذه الشروط المجحفة في نظهرهم، كما نعرف ذلك من قول عمر رضي الله عنه، ولكن لحكمةٍ كان يعلمها اللهُ، فقد تأخر تنفيذ هدف هذه المرحلة، وهو زيارة مكة والطواف حول الكعبة، لتحقيق هدف أكبر وهو امتلاك مكة بكاملها، والإقامة فيها كوطن ومسكن دائم، بدل ما كانت الإقامة فيها لمدة ثلاثة أيام فقط، لذلك سمّى اللهُ هذا الصلح فتحاً، فقال اللهُ عن هذا الصلح: ﴿إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحًا مُبينًا﴾ [الفتح: ١]، وسَمّى السورة بسورة الفتح، ولم تُفتح مكة إلا بعد عامين من هذا الصلح، ومع ذلك سَمّى اللهُ هذا الصلح فتحاً، لحكمةٍ كان يعلمها مسبقاً سبحانه،(واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون).
لذلك كان يقول ابن مسعود رضي الله عنه: [إنّكم كنتم تَعُدّون الفتح (فتح مكة)، ونحن كنّا نَعُدُ الفتح (صلح الحديبية)]. لأجل ذلك قد يُبطيء النصر أو يتأخر لحكمةٍ يعلمها اللهُ وحده دون غيره، فلا اعتراض لحُكْمه، وهو أسرع الحاسبين.
4/- *وقد يُبطيء النصرُ، أو يتأخر حتى يقيم اللهُ الحُجة على العدوّ،* ويُمهله لعلّه يرجع، أو يترك، أو يتوب، أو يُسلِم، وهكذا …
فمثلاً إهلاك فرعون؛ فقد كان اللهُ قادراً على اهلاكه قبل أن يُولد نبيّ الله موسى، ويُنقذ بني إسرائيل من الذلّ والتعذيب، ولكنْ إقامةً للحجة على فرعون، فقد أرسل له رسولاً خاصاً، يدعوه إلى الإيمان والتوحيد، وترْك بني إسرائيل لشأنهم، لكن فرعون لم يتذكر أو يخشى، عندها أهلكه اللهُ بالغرق.
-فلا إله إلا الله، ما أحلمَ اللهُ على الظالمين، رغم أنّ فرعون أدّعى الألوهيّة والربوبية؛ لكنّ الله لم يُهلكه إلا بعد إقامة الحُجة عليه، وإرسال إليه رسول ونذير، وبعد مشاهدته للآيات الكثيرة والمعجزات، لكنه لم يَرعوِي…،
وبعد استجابة دعاء نبي الله موسى وأخيه هارون عليهما السلام على فرعون وقومه بالهلاك، حين دعَيا عليهم بقولهم: ﴿وَقالَ موسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيتَ فِرعَونَ وَمَلَأَهُ زينَةً وَأَموالًا فِي الحَياةِ الدُّنيا رَبَّنا لِيُضِلّوا عَن سَبيلِكَ رَبَّنَا اطمِس عَلى أَموالِهِم وَاشدُد عَلى قُلوبِهِم فَلا يُؤمِنوا حَتّى يَرَوُا العَذابَ الأَليمَ﴾ [يونس: ٨٨]، فقال اللهُ بعدها: ﴿قالَ قَد أُجيبَت دَعوَتُكُما فَاستَقيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبيلَ الَّذينَ لا يَعلَمونَ﴾ [يونس: ٨٩]، قال المفسرون: لقد استجاب اللهُ لدعوتهما بعد أربعين سنة، من الإنذار والبلاغ.
بعدها انتهى فرعون، وانتهى حكمُه على بني إسرائيل، وتمّ تحقيق المهمة التي وُلِدَ وأُرسِل موسى من أجلها، وهي مهمة: ﴿وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾ [القصص: ٥-٦].
ــ✍..وهنا لفتة نصْرية مهمة؛ وهي: ليس شرطاً أنْ يرى النصرَ كلُّ من سار أو عاش لأجل هذا الحقّ! فيكفي أنّ صاحب الحق مات وهو ثابتٌ على هذا الحق، فموتُك على الحقّ، ولأجل الحق؛ هو نصرٌ في حدّ ذاته.
-فمثلاً أصحاب الأخدود، وقصة الغلام المؤمن هل رأوا نُصرة الحق، وإهلاك من قتلهم وأحرقهم؟ طبعاً لا! فيكفيهم أنهم ماتوا على هذا الحق، وثبتوا عليه، ولم يُحقِقوا هدف قاتِلهم بإجبارهم ترك دينهم الحقّ الذين ماتوا من أجله، وغيرهم كثير.
وأيضاً ماشطة ابنت فرعون، وزوجة فرعون، ومَن قتلهم فرعون؛ كلهم لم يروا هلاك وغَرَق فرعون، فيكفيهم أنهم ماتوا على هذا الحق، وهكذا… فسُمية زوجة ياسر لم ترَ مصرع أبي جهل الذي طعنها، وكذلك زوجها ياسر، فيكفي لهؤلاء أنهم ثبتوا على دينهم، ولم يُحقِقوا أهداف وأطماع عدوهم. فهؤلاء الشهداء الذين قُتِلوا دفاعاً وفداءاً لهذا الدِين، فهم لم يسمعوا أو يروا انتصار الحقّ قبل موتهم، لكن يكفيهم أنهم ماتوا في سبيل تحقيق هذا النصر، وأسرجوا بدمائهم مشاعل هذا النصر.
فالنصر هو الثبات على هذا الحقّ، وعلى هذا الدِين حتى الممات، وإن لم تر النصر بنفسك في حياتك، فالنصر هو استمرار هذا الحقّ، ومواصلة مشروع الدعوة، ودَيْمُومية بقائها، واستمرارية نشاطها، ومواصلة كفاحها، وانتقالها من جيلٍ إلى جيل إلى قيام الساعة. [فلا تزالُ طائفةٌ من أمة محمد على الحقّ ظاهرة، وبأمر الله قائمة، ولإعدائها قاهرة، وعلى منهج القرآن والسُنّة سائرة، لا يضرها من خذلها، أو تآمر عليها، حتى يأتي أمر اللهُ (الموت) وهم على ذلك]. نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
ــ✍.. *نعود لموضوعنا:*
فقد يتأخر النصر كما قلنا لحكمةٍ لا يعلمها إلا اللهُ، فقد لا تتحقق الأهداف التي يريدها المسلمون لحكمةٍ يعلمها اللهُ وحده، فمثلاً في حادثة (صلح الحديبية، وبنود هذا الصلح)؛ فقد رجع الرسولُ ﷺ والصحابة بدون عُمرة، ولم يحقِقوا الهدف المرسوم من خروجهم من المدينة إلى مكة! وقَبِل الرسول ﷺ بنود هذا الصلح، وتضايق أغلب الصحابة من هذه البنود وهذه الشروط المجحفة في نظهرهم، كما نعرف ذلك من قول عمر رضي الله عنه، ولكن لحكمةٍ كان يعلمها اللهُ، فقد تأخر تنفيذ هدف هذه المرحلة، وهو زيارة مكة والطواف حول الكعبة، لتحقيق هدف أكبر وهو امتلاك مكة بكاملها، والإقامة فيها كوطن ومسكن دائم، بدل ما كانت الإقامة فيها لمدة ثلاثة أيام فقط، لذلك سمّى اللهُ هذا الصلح فتحاً، فقال اللهُ عن هذا الصلح: ﴿إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحًا مُبينًا﴾ [الفتح: ١]، وسَمّى السورة بسورة الفتح، ولم تُفتح مكة إلا بعد عامين من هذا الصلح، ومع ذلك سَمّى اللهُ هذا الصلح فتحاً، لحكمةٍ كان يعلمها مسبقاً سبحانه،(واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون).
لذلك كان يقول ابن مسعود رضي الله عنه: [إنّكم كنتم تَعُدّون الفتح (فتح مكة)، ونحن كنّا نَعُدُ الفتح (صلح الحديبية)]. لأجل ذلك قد يُبطيء النصر أو يتأخر لحكمةٍ يعلمها اللهُ وحده دون غيره، فلا اعتراض لحُكْمه، وهو أسرع الحاسبين.
4/- *وقد يُبطيء النصرُ، أو يتأخر حتى يقيم اللهُ الحُجة على العدوّ،* ويُمهله لعلّه يرجع، أو يترك، أو يتوب، أو يُسلِم، وهكذا …
فمثلاً إهلاك فرعون؛ فقد كان اللهُ قادراً على اهلاكه قبل أن يُولد نبيّ الله موسى، ويُنقذ بني إسرائيل من الذلّ والتعذيب، ولكنْ إقامةً للحجة على فرعون، فقد أرسل له رسولاً خاصاً، يدعوه إلى الإيمان والتوحيد، وترْك بني إسرائيل لشأنهم، لكن فرعون لم يتذكر أو يخشى، عندها أهلكه اللهُ بالغرق.
-فلا إله إلا الله، ما أحلمَ اللهُ على الظالمين، رغم أنّ فرعون أدّعى الألوهيّة والربوبية؛ لكنّ الله لم يُهلكه إلا بعد إقامة الحُجة عليه، وإرسال إليه رسول ونذير، وبعد مشاهدته للآيات الكثيرة والمعجزات، لكنه لم يَرعوِي…،
وبعد استجابة دعاء نبي الله موسى وأخيه هارون عليهما السلام على فرعون وقومه بالهلاك، حين دعَيا عليهم بقولهم: ﴿وَقالَ موسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيتَ فِرعَونَ وَمَلَأَهُ زينَةً وَأَموالًا فِي الحَياةِ الدُّنيا رَبَّنا لِيُضِلّوا عَن سَبيلِكَ رَبَّنَا اطمِس عَلى أَموالِهِم وَاشدُد عَلى قُلوبِهِم فَلا يُؤمِنوا حَتّى يَرَوُا العَذابَ الأَليمَ﴾ [يونس: ٨٨]، فقال اللهُ بعدها: ﴿قالَ قَد أُجيبَت دَعوَتُكُما فَاستَقيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبيلَ الَّذينَ لا يَعلَمونَ﴾ [يونس: ٨٩]، قال المفسرون: لقد استجاب اللهُ لدعوتهما بعد أربعين سنة، من الإنذار والبلاغ.
بعدها انتهى فرعون، وانتهى حكمُه على بني إسرائيل، وتمّ تحقيق المهمة التي وُلِدَ وأُرسِل موسى من أجلها، وهي مهمة: ﴿وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾ [القصص: ٥-٦].
وهكذا في كل قصص الأنبياء مع أقوامهم، فلم يُهلكهم اللهُ إلا بعد إقامة الحجة عليهم، كما قال اللهُ تعالى عن هذه الحكمة: ﴿وَما كانَ رَبُّكَ مُهلِكَ القُرى حَتّى يَبعَثَ في أُمِّها رَسولًا يَتلو عَلَيهِم آياتِنا، وَما كُنّا مُهلِكِي القُرى إِلّا وَأَهلُها ظالِمونَ﴾ [القصص: ٥٩]، وقال تعالى أيضاً: ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
أي: ولا يُعذِّب اللهُ أحَدًا إلا بعد إقامة الحجة عليه بإرسال الرسل، وإنزال الكتب. (التفسير).
لأجل ذلك قد يتأخر النصر أو يُبطئ، حتى تُقام الحجة على العدو، وتبرَئ الذمّة أمام الله.
ـــ✍..وقد يُبطيء النصر، أو يتأخر لِحِكَمٍ كثيرة أخرى، كما ذكرها ذلك السيد قطب (رحمه الله) في تفسيره لسورة الحجّ، فقد ذكَر كلاماً جميلاً ما ملخصُهُ، فقال:[
5/- *وقد يُبطيء النصر، أو يتأخر: حتى تزيد الأمّةُ من صلتها بربها.* فحين تتألم الأمّة، وتزيد من معاناتها، عندها لا تجد لها سنداً إلا ربُها، فتعود وترجع إليه، وترفع أيدي التضرع إليه برفع هذا الظلم وهذه المعاناة عنها.
6/- *وقد يُبطيء النصر أو يتأخر: لأنّ بُنيَة الأمّة لم تنضج بعد،* ولم تَحشد كلّ طاقتها، ولم تبذل كل جهدها، وأقصى قوتها للحصول على النصر. فإنّه إذا حصلت الأمّة على النصر قبل ذلك؛ فإنّه سرعان ما تفقد هذا النصر، لأنها ليس لها القدرة على حمايته، والدفاع عنه، والحفاظ عليه طويلاً، لأجل ذلك قد يتأخر النصر.
7/- *وقد يُبطيء النصر أو يتأخر: لأنّ الباطل الذي تُحاربه الأمّة لم يَنكشف زيفُهُ تماماً للناس،* فلو انتصر الحقّ على الباطل وقتها؛ لوجدتَّ حينئذٍ أنصاراً لهذا الباطل مازالوا مغرورين أو مخدوعين به، فهم مازالوا غيرَ مقتنعين بزوالِه، أو رحيلِه، فقد يتأخر النصر حتى تَنكشفَ لهم الحقيقة، بعدها يَقلَع اللهُ هذا الباطل من جذوره، فيرحل وقتها الباطل ويذهب وينتهي (بلا عودة)، من غير مأسوفٍ عليه.
8/- وقد يُبطيء النصر أو الفَرَج، أو يتأخر عن هذه الأمّة: لأنّ البيئةَ لا تصلح الآن لاستقبال الحقّ، أو العدل، أو الخير، الذي تُمثّله هذه الأمّة المؤمنة، فإنّه لو انتصر الحقّ والعدل حينئذٍ لرأينا معارضةً (قوية) مِن هذه البيئة الغير مهيأة لاستقبال هذا الحقّ، عندها لن يستقر لهذه الأمّة قرار، ولن يهدأ لها بال، فيبقى ويستمر الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس لاستقبال هذا الحقّ الظافر واستبقائه…، فمِن أجل ذلك كلّه؛ (ومن أجْل أشياء لا يعلمها إلا اللهُ)؛ قد يتأخر النصر عن هذه الأمّة لماذا؟ حتى تتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام، حتى يكون النصر للمؤمنين في النهاية]. انتهى كلامه رحمه الله.
-لذلك نحن مطلوبٌ منا كأفرادٍ في هذه الأمّة؛ مطلوب منا إيمان وتضحية وفداء، وبذل النفْس والنفيس، وبذل الغالي قبل الرخيص، من أجل إعلا كلمة الله في الأرض، والتمكين لهذا الدِين، وأَدَاء الأمانة التي كلفنا اللهُ بها، مثل ما كان حال سلفُنا الصالح. «ولن يَصلُح حال أمّتنا اليوم؛ إلا بما صَلُحَ به حال أمتنا بالأمس، أمّة خير القرون الأولى».
*ختاماً* :
ــــ✍..فإذا حققت هذه الأمّة هذه المقوّمات، وعملت بهذه الأسباب، وتوّفرت عندها هذه الشروط، وانتفت منها هذه الموانع؛ فلتُبشِر بالخير والفوز من ربها، والنصر والتمكين على أعدائها، بل ونزول ملائكة من السماء تُقاتِلُ معها، بإذن ربها جلّ وعلا، كما حدَث للأمة الأولى في معركتها الأولى، في يوم بدر الكبرى، (يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، إذْ هم بالعُدْوة القصوى).
-بل إنّه إذا حققت هذه الأمّة شروط ومقوّمات، وأسباب النصر العُظمى؛ فإنّ اللهَ سوف يُسخر لها حتى الكون لخدمتها، وتحت إمَارتها، فاللهُ تعالى قد يُغيّر نظام الكون؛ نصرةً، ودفاعاً، للحق، ولأهل الحقّ! كما حَدَث ذلك لنبيّ الله يوشع بن نون عليه السلام. فقد حبَس اللهُ له الشمسَ في يوم جمعة، حتى يُنهِي القتال في ذلك اليوم قبل غروب الشمس، ودخول يوم السبت، وكان ذلك ليتمكن من استعادة بيت المقدس دون أن يشاركوا في قتالهم في يوم السبت الذي حرّم اللهُ القتال فيه عليهم.
فقد نادى نبيُّ اللهُ يوشعُ الشمسَ قائلاً لها قبل غروبها: (يا شمسُ! أنتِ عَبدةٌ مأمورة، وأنا عبدٌ مأمور، فتوقفِي عن الغروب بإذن الله، فتوقفتْ بأمرٍ من الله). كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه)، ما مَفادُه، أنّ رسول الله ﷺ قال: (غزا نبيٌ من الأنبياء بيتَ المقدس ليُخلصها من القوم الجبارين، وكان اليوم يوم جمعة، وكادت الشمس أن تغيب، وتدخل عليهم ليلة السبت؛ فقام يوشع بن نون يدعو ربه أن يحبس له الشمس حتى يدخل بيت المقدس، ويُحررها من القوم الجبارين، فاستجاب اللهُ له دعاءه، وحبَس اللهُ الشمسَ ساعةً من نهار، حتى انتصر، وفتح بيت المقدس).
أي: ولا يُعذِّب اللهُ أحَدًا إلا بعد إقامة الحجة عليه بإرسال الرسل، وإنزال الكتب. (التفسير).
لأجل ذلك قد يتأخر النصر أو يُبطئ، حتى تُقام الحجة على العدو، وتبرَئ الذمّة أمام الله.
ـــ✍..وقد يُبطيء النصر، أو يتأخر لِحِكَمٍ كثيرة أخرى، كما ذكرها ذلك السيد قطب (رحمه الله) في تفسيره لسورة الحجّ، فقد ذكَر كلاماً جميلاً ما ملخصُهُ، فقال:[
5/- *وقد يُبطيء النصر، أو يتأخر: حتى تزيد الأمّةُ من صلتها بربها.* فحين تتألم الأمّة، وتزيد من معاناتها، عندها لا تجد لها سنداً إلا ربُها، فتعود وترجع إليه، وترفع أيدي التضرع إليه برفع هذا الظلم وهذه المعاناة عنها.
6/- *وقد يُبطيء النصر أو يتأخر: لأنّ بُنيَة الأمّة لم تنضج بعد،* ولم تَحشد كلّ طاقتها، ولم تبذل كل جهدها، وأقصى قوتها للحصول على النصر. فإنّه إذا حصلت الأمّة على النصر قبل ذلك؛ فإنّه سرعان ما تفقد هذا النصر، لأنها ليس لها القدرة على حمايته، والدفاع عنه، والحفاظ عليه طويلاً، لأجل ذلك قد يتأخر النصر.
7/- *وقد يُبطيء النصر أو يتأخر: لأنّ الباطل الذي تُحاربه الأمّة لم يَنكشف زيفُهُ تماماً للناس،* فلو انتصر الحقّ على الباطل وقتها؛ لوجدتَّ حينئذٍ أنصاراً لهذا الباطل مازالوا مغرورين أو مخدوعين به، فهم مازالوا غيرَ مقتنعين بزوالِه، أو رحيلِه، فقد يتأخر النصر حتى تَنكشفَ لهم الحقيقة، بعدها يَقلَع اللهُ هذا الباطل من جذوره، فيرحل وقتها الباطل ويذهب وينتهي (بلا عودة)، من غير مأسوفٍ عليه.
8/- وقد يُبطيء النصر أو الفَرَج، أو يتأخر عن هذه الأمّة: لأنّ البيئةَ لا تصلح الآن لاستقبال الحقّ، أو العدل، أو الخير، الذي تُمثّله هذه الأمّة المؤمنة، فإنّه لو انتصر الحقّ والعدل حينئذٍ لرأينا معارضةً (قوية) مِن هذه البيئة الغير مهيأة لاستقبال هذا الحقّ، عندها لن يستقر لهذه الأمّة قرار، ولن يهدأ لها بال، فيبقى ويستمر الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس لاستقبال هذا الحقّ الظافر واستبقائه…، فمِن أجل ذلك كلّه؛ (ومن أجْل أشياء لا يعلمها إلا اللهُ)؛ قد يتأخر النصر عن هذه الأمّة لماذا؟ حتى تتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام، حتى يكون النصر للمؤمنين في النهاية]. انتهى كلامه رحمه الله.
-لذلك نحن مطلوبٌ منا كأفرادٍ في هذه الأمّة؛ مطلوب منا إيمان وتضحية وفداء، وبذل النفْس والنفيس، وبذل الغالي قبل الرخيص، من أجل إعلا كلمة الله في الأرض، والتمكين لهذا الدِين، وأَدَاء الأمانة التي كلفنا اللهُ بها، مثل ما كان حال سلفُنا الصالح. «ولن يَصلُح حال أمّتنا اليوم؛ إلا بما صَلُحَ به حال أمتنا بالأمس، أمّة خير القرون الأولى».
*ختاماً* :
ــــ✍..فإذا حققت هذه الأمّة هذه المقوّمات، وعملت بهذه الأسباب، وتوّفرت عندها هذه الشروط، وانتفت منها هذه الموانع؛ فلتُبشِر بالخير والفوز من ربها، والنصر والتمكين على أعدائها، بل ونزول ملائكة من السماء تُقاتِلُ معها، بإذن ربها جلّ وعلا، كما حدَث للأمة الأولى في معركتها الأولى، في يوم بدر الكبرى، (يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، إذْ هم بالعُدْوة القصوى).
-بل إنّه إذا حققت هذه الأمّة شروط ومقوّمات، وأسباب النصر العُظمى؛ فإنّ اللهَ سوف يُسخر لها حتى الكون لخدمتها، وتحت إمَارتها، فاللهُ تعالى قد يُغيّر نظام الكون؛ نصرةً، ودفاعاً، للحق، ولأهل الحقّ! كما حَدَث ذلك لنبيّ الله يوشع بن نون عليه السلام. فقد حبَس اللهُ له الشمسَ في يوم جمعة، حتى يُنهِي القتال في ذلك اليوم قبل غروب الشمس، ودخول يوم السبت، وكان ذلك ليتمكن من استعادة بيت المقدس دون أن يشاركوا في قتالهم في يوم السبت الذي حرّم اللهُ القتال فيه عليهم.
فقد نادى نبيُّ اللهُ يوشعُ الشمسَ قائلاً لها قبل غروبها: (يا شمسُ! أنتِ عَبدةٌ مأمورة، وأنا عبدٌ مأمور، فتوقفِي عن الغروب بإذن الله، فتوقفتْ بأمرٍ من الله). كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه)، ما مَفادُه، أنّ رسول الله ﷺ قال: (غزا نبيٌ من الأنبياء بيتَ المقدس ليُخلصها من القوم الجبارين، وكان اليوم يوم جمعة، وكادت الشمس أن تغيب، وتدخل عليهم ليلة السبت؛ فقام يوشع بن نون يدعو ربه أن يحبس له الشمس حتى يدخل بيت المقدس، ويُحررها من القوم الجبارين، فاستجاب اللهُ له دعاءه، وحبَس اللهُ الشمسَ ساعةً من نهار، حتى انتصر، وفتح بيت المقدس).
فاللهُ سبحانه وتعالى سخّر هذا الكونَ، وغيّر نظامَه، فحبسَ الشمسَ، وأطالَ النهارَ؛ خدمةً لأولياءه المؤمنين، لينصروا دينَه، ويُحمُوا عبادَه المستضعفين المؤمنين، لذلك يقول الرسول ﷺ: (إنّ الشمسَ لم تُحبس لبشرٍ؛ إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس). رواه احمد.
-فإذا حقّقت هذه الأمّة موجبات النصر في أنفسها؛ فإنّ اللهَ يُهَيء لها أسبابَ النصر ومقدماته، بل ويسخر لهم الكوْن، ويكون هذا الكون جُنداً مطيعاً لهم نصرةً للحقّ، وأهل الحقّ، كما حدث لنبي الله يوشع بن نون، وأيضاً كما حدث لقائد يوشع، نبي الله موسى عليه السلام حينما سخّر اللهُ له البحرَ جُنداً مطيعاً، ليكون له وللمؤمنين طريقَ نجاة يَبَسَاً، لا يخاف فيه دَرَكاً من بطش فرعون، ولايخشى غرَقاً، فقد أوحى اللهُ ذلك لموسى بقوله: ﴿وَلَقَد أَوحَينا إِلى موسى أَن أَسرِ بِعِبادي فَاضرِب لَهُم طَريقًا فِي البَحرِ يَبَسًا لا تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخشى}. فبضرْبة عصا، وبأمرٍ من الله؛ فقد شُقّ البحرُ شَقًا، فأصبح طريقَ نجاة للمؤمنين المستضعفين، وطريقَ هلاكٍ للكافرين والظالمين، {فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ بِجُنودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُم، وَأَضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَما هَدى﴾ [طه: ٧٧-٧٩].
-وهكذا…؛ فمتى ما حققت هذه الأمّة موجبات النصر، وأسبابه في أنفسها، (أفراداً وجماعات، شعوباً وحكّاماً)؛ فقد استحقت نزول رحمات الله، ونصْرِه، وتأييده، وعوْنه لهم.
فهذه سُنّة لا تتبدل، ولا تتغير، حتى قيام الساعة، وامتداداً لهذه السُنّة؛ فإنّه سوف يأتي الشّجرُ والحَجَرُ في آخر الزمان ليدافع عن الحقّ، ويُساعِد أهلَ الحقّ، فيُنطقه اللهُ تعالى قائلاً: (يا مسلم، يا عبدالله؛ تعال، هذا ورائي يهودي، تعالَ فاقْتُلْه).
فاللهُ قادرٌ على نُصرة وإظهار دينه،(ولكنّكم قومٌ تستعجلون).
اللهمَّ انصر دينَك، وكتابَك، وسنةَ نبيّك، وعبادَك الصالحين، اللهمَّ مكِّن لهم خيرَ تمكين، اللهمَّ مكّن لهم تمكين الوارثين، اللهمَّ أنزِل نصرَك الذي وعدتَ به عبادك المؤمنين، يارب العالمين.
اللهمَّ ردّ هذه الأمّة حكّاماً وشعوباً إلى دينك ردّا جميلاً، اللهمَّ اكشف الغُمّة، عن هذه الأمّة يارب العالمين.
♕ *وآخر دعوانا أنِ الحمدلله ربّ العالمين♕*
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
-فإذا حقّقت هذه الأمّة موجبات النصر في أنفسها؛ فإنّ اللهَ يُهَيء لها أسبابَ النصر ومقدماته، بل ويسخر لهم الكوْن، ويكون هذا الكون جُنداً مطيعاً لهم نصرةً للحقّ، وأهل الحقّ، كما حدث لنبي الله يوشع بن نون، وأيضاً كما حدث لقائد يوشع، نبي الله موسى عليه السلام حينما سخّر اللهُ له البحرَ جُنداً مطيعاً، ليكون له وللمؤمنين طريقَ نجاة يَبَسَاً، لا يخاف فيه دَرَكاً من بطش فرعون، ولايخشى غرَقاً، فقد أوحى اللهُ ذلك لموسى بقوله: ﴿وَلَقَد أَوحَينا إِلى موسى أَن أَسرِ بِعِبادي فَاضرِب لَهُم طَريقًا فِي البَحرِ يَبَسًا لا تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخشى}. فبضرْبة عصا، وبأمرٍ من الله؛ فقد شُقّ البحرُ شَقًا، فأصبح طريقَ نجاة للمؤمنين المستضعفين، وطريقَ هلاكٍ للكافرين والظالمين، {فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ بِجُنودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُم، وَأَضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَما هَدى﴾ [طه: ٧٧-٧٩].
-وهكذا…؛ فمتى ما حققت هذه الأمّة موجبات النصر، وأسبابه في أنفسها، (أفراداً وجماعات، شعوباً وحكّاماً)؛ فقد استحقت نزول رحمات الله، ونصْرِه، وتأييده، وعوْنه لهم.
فهذه سُنّة لا تتبدل، ولا تتغير، حتى قيام الساعة، وامتداداً لهذه السُنّة؛ فإنّه سوف يأتي الشّجرُ والحَجَرُ في آخر الزمان ليدافع عن الحقّ، ويُساعِد أهلَ الحقّ، فيُنطقه اللهُ تعالى قائلاً: (يا مسلم، يا عبدالله؛ تعال، هذا ورائي يهودي، تعالَ فاقْتُلْه).
فاللهُ قادرٌ على نُصرة وإظهار دينه،(ولكنّكم قومٌ تستعجلون).
اللهمَّ انصر دينَك، وكتابَك، وسنةَ نبيّك، وعبادَك الصالحين، اللهمَّ مكِّن لهم خيرَ تمكين، اللهمَّ مكّن لهم تمكين الوارثين، اللهمَّ أنزِل نصرَك الذي وعدتَ به عبادك المؤمنين، يارب العالمين.
اللهمَّ ردّ هذه الأمّة حكّاماً وشعوباً إلى دينك ردّا جميلاً، اللهمَّ اكشف الغُمّة، عن هذه الأمّة يارب العالمين.
♕ *وآخر دعوانا أنِ الحمدلله ربّ العالمين♕*
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 www.tgoop.com/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
*الأخلاق ثمرة العقيدة*
*ومــــــــيزان العــــــــبادة*
*إعــداد/ حـســــن الـكــنزلي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*محاور الخطبة:*
□ مقدمة
□ الترابط بين العقيدة والعبادة والأخلاق
□ خطورة الانفصال بين التدين والأخلاق
□ الأخلاق معيار التفاضل بين الناس
□ تطبيقات عملية لمكارم الأخلاق في حياة المسلم
□ الأخلاق قوة حضارية للأمة
□ خاتمة
*الخطبة الأولى:*
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدَّر فهدى، وأنزل الكتاب هدى للناس وبياناً، وجعل مكارم الأخلاق لباب الدين وروحه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي المقصّرة أولاً بتقوى الله عز وجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131]. فاتقوا الله حقَّ تقاته، واستمسكوا بدينه، وتزودوا من طاعته، فإن تقوى الله نجاة في الدنيا، ورفعة في الآخرة، ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ(3)﴾ [الطلاق].
وبعد، أيها الأحبة في الله!
□ فإن رسالة الإسلام لم تأت لتثقل ظهور الناس بالشعائر الجوفاء، ولا لتزيّن الألسن بالشعارات الفارغة؛ وإنما جاءت لتصوغ الإنسان صياغة ربانية، يعبد الله حق العبادة، ويعمر الأرض بالعدل والرحمة، ويترجم العقيدة والعبادة إلى حياة ملؤها مكارم الأخلاق. قال ﷺ: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» [الموطأ، رقم 1614، وصححه الألباني].
□ أيها الإخوة! اعلموا أن العقيدة أصل، والعبادة فرع، والأخلاق ثمرة، فلا معنى لعقيدةٍ لا تثمر عبادةً، ولا قيمة لعبادةٍ لا تُنتج أخلاقاً. العبادة التي لا تغيّر سلوكاً ولا تهذّب نفساً عبادة ناقصة.
ألم يقل ربنا جل شأنه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]؟ أليست هذه شهادة من الله أن الصلاة الصحيحة تهذب الأخلاق؟
وقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾ [الشمس: 9]، أي قد فاز وربح من زكّى نفسه بالتقوى، ونقّاها من الرذائل.
ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله: "إنما الدين لُحْمة، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الدين" [حلية الأولياء 2/135].
فلا تقاس العقائد بكثرة الكلام عنها؛ بل بثمارها في حياة المؤمنين، ولا تُعرف العبادة بكثرة الحركات والأصوات؛ بل بقدرتها على صناعة إنسان صادق، أمين، رحيم، وفيٍّ، متواضع.
□ أيها الأحبة! أعظم بلاء أن نفصل بين التدين والأخلاق، فنرى أقواماً يتزيّنون بالمظاهر: لحى كثة، أو لباس واسع، أو كثرة صلاة وصيام، ثم إذا عاملتهم وجدت غشّاً وخيانة، وظلماً واعتداء، وسوء عشرة..!
هذا ليس ديناً! بل خداع للنفس وللناس، وافتئات على مقاصد الإسلام. قال النبي ﷺ: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [صحيح البخاري، رقم 10؛ صحيح مسلم، رقم 40].
والتدين الشكلي الذي لا يثمر خلقاً قويمًا إنما هو صورة من صور النفاق. ألم يقل الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1].
فلسانهم يشهد بالعقيدة، وقلوبهم خالية منها، وأعمالهم تفضح كذبهم. وكذلك حال من يرفع شعارات الإيمان بينما يظلم ويغش ويخون.
وقد قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم" [جامع بيان العلم وفضله 1/625]. أي أن ثمرة العلم والعبادة تُعرف في الخلق قبل أن تُعرف في الأوراد والمظاهر.
□ أيها الإخوة المؤمنون! إن ميزان الناس عند الله لا يُقاس بالمظاهر ولا بالشعارات؛ وإنما يُقاس بصفاء القلوب وحسن العمل وتمام الخلق. فقد قطع القرآن كل سبيل للادعاء الفارغ فقال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]. فالتقوى التي تثمرها العقيدة الصحيحة لا تظهر في الوجوه والملابس فقط؛ بل تترجم نفسها في صدق المعاملة، وأمانة اليد، وعدل الكلمة، ورحمة القلب، وحلم النفس، ووفاء العهد...
إن الناس قد يختلفون في ألوانهم وألسنتهم وأوطانهم؛ ولكنهم لا يتفاضلون عند الله إلا بمقدار ما في قلوبهم من تقوى، وما في أعمالهم من برّ وخير. ولذلك كان ميزان النبي ﷺ لأصحابه بميزان الأخلاق، فقال: «أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً» [رواه الترمذي، رقم 2018، وصححه الألباني].
إن معيار الصدق في التدين لا يُعرف في حلقات الذكر فقط، ولا في أعداد الركعات، وإنما يُعرف حين يتعامل الإنسان مع أهله في بيته: هل هو رحيم أم جبار؟ مع جيرانه: هل هو مؤنس أم مؤذٍ؟ مع شركائه: هل هو أمين أم غشاش؟ مع خصومه: هل هو عادل منصف أم متكبر جائر؟
*ومــــــــيزان العــــــــبادة*
*إعــداد/ حـســــن الـكــنزلي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*محاور الخطبة:*
□ مقدمة
□ الترابط بين العقيدة والعبادة والأخلاق
□ خطورة الانفصال بين التدين والأخلاق
□ الأخلاق معيار التفاضل بين الناس
□ تطبيقات عملية لمكارم الأخلاق في حياة المسلم
□ الأخلاق قوة حضارية للأمة
□ خاتمة
*الخطبة الأولى:*
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدَّر فهدى، وأنزل الكتاب هدى للناس وبياناً، وجعل مكارم الأخلاق لباب الدين وروحه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي المقصّرة أولاً بتقوى الله عز وجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131]. فاتقوا الله حقَّ تقاته، واستمسكوا بدينه، وتزودوا من طاعته، فإن تقوى الله نجاة في الدنيا، ورفعة في الآخرة، ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ(3)﴾ [الطلاق].
وبعد، أيها الأحبة في الله!
□ فإن رسالة الإسلام لم تأت لتثقل ظهور الناس بالشعائر الجوفاء، ولا لتزيّن الألسن بالشعارات الفارغة؛ وإنما جاءت لتصوغ الإنسان صياغة ربانية، يعبد الله حق العبادة، ويعمر الأرض بالعدل والرحمة، ويترجم العقيدة والعبادة إلى حياة ملؤها مكارم الأخلاق. قال ﷺ: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» [الموطأ، رقم 1614، وصححه الألباني].
□ أيها الإخوة! اعلموا أن العقيدة أصل، والعبادة فرع، والأخلاق ثمرة، فلا معنى لعقيدةٍ لا تثمر عبادةً، ولا قيمة لعبادةٍ لا تُنتج أخلاقاً. العبادة التي لا تغيّر سلوكاً ولا تهذّب نفساً عبادة ناقصة.
ألم يقل ربنا جل شأنه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]؟ أليست هذه شهادة من الله أن الصلاة الصحيحة تهذب الأخلاق؟
وقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾ [الشمس: 9]، أي قد فاز وربح من زكّى نفسه بالتقوى، ونقّاها من الرذائل.
ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله: "إنما الدين لُحْمة، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الدين" [حلية الأولياء 2/135].
فلا تقاس العقائد بكثرة الكلام عنها؛ بل بثمارها في حياة المؤمنين، ولا تُعرف العبادة بكثرة الحركات والأصوات؛ بل بقدرتها على صناعة إنسان صادق، أمين، رحيم، وفيٍّ، متواضع.
□ أيها الأحبة! أعظم بلاء أن نفصل بين التدين والأخلاق، فنرى أقواماً يتزيّنون بالمظاهر: لحى كثة، أو لباس واسع، أو كثرة صلاة وصيام، ثم إذا عاملتهم وجدت غشّاً وخيانة، وظلماً واعتداء، وسوء عشرة..!
هذا ليس ديناً! بل خداع للنفس وللناس، وافتئات على مقاصد الإسلام. قال النبي ﷺ: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [صحيح البخاري، رقم 10؛ صحيح مسلم، رقم 40].
والتدين الشكلي الذي لا يثمر خلقاً قويمًا إنما هو صورة من صور النفاق. ألم يقل الله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1].
فلسانهم يشهد بالعقيدة، وقلوبهم خالية منها، وأعمالهم تفضح كذبهم. وكذلك حال من يرفع شعارات الإيمان بينما يظلم ويغش ويخون.
وقد قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم" [جامع بيان العلم وفضله 1/625]. أي أن ثمرة العلم والعبادة تُعرف في الخلق قبل أن تُعرف في الأوراد والمظاهر.
□ أيها الإخوة المؤمنون! إن ميزان الناس عند الله لا يُقاس بالمظاهر ولا بالشعارات؛ وإنما يُقاس بصفاء القلوب وحسن العمل وتمام الخلق. فقد قطع القرآن كل سبيل للادعاء الفارغ فقال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]. فالتقوى التي تثمرها العقيدة الصحيحة لا تظهر في الوجوه والملابس فقط؛ بل تترجم نفسها في صدق المعاملة، وأمانة اليد، وعدل الكلمة، ورحمة القلب، وحلم النفس، ووفاء العهد...
إن الناس قد يختلفون في ألوانهم وألسنتهم وأوطانهم؛ ولكنهم لا يتفاضلون عند الله إلا بمقدار ما في قلوبهم من تقوى، وما في أعمالهم من برّ وخير. ولذلك كان ميزان النبي ﷺ لأصحابه بميزان الأخلاق، فقال: «أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً» [رواه الترمذي، رقم 2018، وصححه الألباني].
إن معيار الصدق في التدين لا يُعرف في حلقات الذكر فقط، ولا في أعداد الركعات، وإنما يُعرف حين يتعامل الإنسان مع أهله في بيته: هل هو رحيم أم جبار؟ مع جيرانه: هل هو مؤنس أم مؤذٍ؟ مع شركائه: هل هو أمين أم غشاش؟ مع خصومه: هل هو عادل منصف أم متكبر جائر؟
Telegram
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
المتخصصة بالخطـب والمحاضرات
🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
للتواصل مع إدارة القناة
إضغط على الرابط التالي
@majd321
وهذا ما فهمه السلف الصالح، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يغرنّكم صلاة امرئ ولا صيامه، من شاء صلى ومن شاء صام؛ ولكن لا دين لمن لا أمانة له" [مصنف ابن أبي شيبة 7/173].
□ أيها الأحبة! إذا كانت الأخلاق ثمرة العقيدة وميزان العبادة، فلابد أن نلمس أثرها في واقع حياتنا؛ لا أن تبقى مجرد شعارات تزين الخطب والكلمات:
- في البيت: يظهر الخلق في حسن معاملة الزوجة والأبناء، بالرحمة والرفق، فقد قال ﷺ: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» [رواه الترمذي، رقم 3895، وصححه الألباني]. فحقيقة الرجولة ليست في القسوة والغلظة؛ بل في الرحمة والرفق.
- في السوق: يظهر الخلق في الصدق في البيع والشراء، واجتناب الغش والاحتكار. قال النبي ﷺ: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء» [رواه الترمذي، رقم 1209، وصححه الألباني]. السوق مدرسة الأخلاق؛ فإما أن يخرج الإنسان منه موفور البركة، وإما أن يخرج محروماً مذموماً.
- في العمل: يظهر الخلق في الإخلاص، والأمانة، وإتقان المسؤوليات، فقد قال ﷺ: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» [رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 5313، وصححه الألباني]؛ فالإيمان لا ينفصل عن الإتقان؛ بل هما وجهان لعملة واحدة.
- في المجتمع: يظهر الخلق في كظم الغيظ والعفو عن الناس، والتعاون على البر، ونصرة المظلوم، قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]. والمجتمع الذي يسوده الحلم والتسامح مجتمع قوي متماسك.
- في السياسة والشأن العام: يظهر الخلق في إقامة العدل، والشفافية، والصدق مع الأمة، فالحاكم والمحكوم مسؤولون أمام الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ [النحل: 90]. ولا تقوم أمة على أساس من الخداع والظلم، وإنما تنهض على أساس من العدل والصدق، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله يبقي الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يبقي الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة" [الجواب الكافي لابن القيم، ص: 90].
والبرُّ إنما هو إيمانٌ وعمل، عبادةٌ ومعاملة، ثباتٌ وصبر، وبه تُبنى شخصية المؤمن الصادق المتقي.
قال مَن بيَّن أن البر ليس طقوسًا جامدة ولا اتجاهًا للوجوه، وإنما هو حقيقة إيمانية سلوكية، عقيدةً في القلب، وعملاً في الواقع:
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا۟ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُو۟لَٰٓئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا۟ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177].
بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم!
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين؛ إنه هو الغفور الرحيم والتواب الحليم!
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وبتوفيقه تتحقق الغايات، أمر بعبادته ووعد المتقين جنات النعيم، ونهى عن الفساد ووعد المفسدين بالخزي المبين، وجعل حسن الخلق قمة الإيمان ولبّ الإسلام، فقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله وصحبه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، أيها الإخوة المؤمنون!
□ فإن الأمم لا تنهض بكثرة الأموال ولا بوفرة الموارد وحدها؛ وإنما تنهض أولاً بأخلاقها، فإذا صلحت أخلاقها استثمرت مواردها فأنتجت حضارة راسخة، وإذا فسدت أخلاقها ضاعت مواردها وتلاشت قوتها، وإن بدت في ظاهرها غنية قوية.
والتاريخ بين أيدينا شاهد صادق؛ كم من أمة امتلكت أسباب القوة المادية ولكنها لما انحرفت عن مكارم الأخلاق تهاوت أمام أعدائها وسقطت حضارتها سقوطاً مروعاً! ولذلك وصف القرآن حال من جاء بعد الصالحين فقال: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ [مريم: 59]. ضيّعوا الدين، وغلبتهم الشهوات، فكان ذلك بداية الانهيار.
إن انحطاط الأخلاق ليس مجرد انحراف فردي؛ بل هو انكسار جماعي، ومؤشر على ضعف العقيدة وضياع العبادة. فحين يُشيع الناس الكذب، وتُهدر الأمانة، وتُباع الذمم، وتُشترى المواقف، فاعلم أن العقيدة لم تتغلغل في القلوب، وأن العبادة لم تتجاوز حركات الجوارح.
□ أيها الأحبة! إذا كانت الأخلاق ثمرة العقيدة وميزان العبادة، فلابد أن نلمس أثرها في واقع حياتنا؛ لا أن تبقى مجرد شعارات تزين الخطب والكلمات:
- في البيت: يظهر الخلق في حسن معاملة الزوجة والأبناء، بالرحمة والرفق، فقد قال ﷺ: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» [رواه الترمذي، رقم 3895، وصححه الألباني]. فحقيقة الرجولة ليست في القسوة والغلظة؛ بل في الرحمة والرفق.
- في السوق: يظهر الخلق في الصدق في البيع والشراء، واجتناب الغش والاحتكار. قال النبي ﷺ: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء» [رواه الترمذي، رقم 1209، وصححه الألباني]. السوق مدرسة الأخلاق؛ فإما أن يخرج الإنسان منه موفور البركة، وإما أن يخرج محروماً مذموماً.
- في العمل: يظهر الخلق في الإخلاص، والأمانة، وإتقان المسؤوليات، فقد قال ﷺ: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» [رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 5313، وصححه الألباني]؛ فالإيمان لا ينفصل عن الإتقان؛ بل هما وجهان لعملة واحدة.
- في المجتمع: يظهر الخلق في كظم الغيظ والعفو عن الناس، والتعاون على البر، ونصرة المظلوم، قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]. والمجتمع الذي يسوده الحلم والتسامح مجتمع قوي متماسك.
- في السياسة والشأن العام: يظهر الخلق في إقامة العدل، والشفافية، والصدق مع الأمة، فالحاكم والمحكوم مسؤولون أمام الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ [النحل: 90]. ولا تقوم أمة على أساس من الخداع والظلم، وإنما تنهض على أساس من العدل والصدق، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الله يبقي الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يبقي الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة" [الجواب الكافي لابن القيم، ص: 90].
والبرُّ إنما هو إيمانٌ وعمل، عبادةٌ ومعاملة، ثباتٌ وصبر، وبه تُبنى شخصية المؤمن الصادق المتقي.
قال مَن بيَّن أن البر ليس طقوسًا جامدة ولا اتجاهًا للوجوه، وإنما هو حقيقة إيمانية سلوكية، عقيدةً في القلب، وعملاً في الواقع:
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا۟ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُو۟لَٰٓئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا۟ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177].
بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم!
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين؛ إنه هو الغفور الرحيم والتواب الحليم!
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، وبتوفيقه تتحقق الغايات، أمر بعبادته ووعد المتقين جنات النعيم، ونهى عن الفساد ووعد المفسدين بالخزي المبين، وجعل حسن الخلق قمة الإيمان ولبّ الإسلام، فقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله وصحبه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، أيها الإخوة المؤمنون!
□ فإن الأمم لا تنهض بكثرة الأموال ولا بوفرة الموارد وحدها؛ وإنما تنهض أولاً بأخلاقها، فإذا صلحت أخلاقها استثمرت مواردها فأنتجت حضارة راسخة، وإذا فسدت أخلاقها ضاعت مواردها وتلاشت قوتها، وإن بدت في ظاهرها غنية قوية.
والتاريخ بين أيدينا شاهد صادق؛ كم من أمة امتلكت أسباب القوة المادية ولكنها لما انحرفت عن مكارم الأخلاق تهاوت أمام أعدائها وسقطت حضارتها سقوطاً مروعاً! ولذلك وصف القرآن حال من جاء بعد الصالحين فقال: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ [مريم: 59]. ضيّعوا الدين، وغلبتهم الشهوات، فكان ذلك بداية الانهيار.
إن انحطاط الأخلاق ليس مجرد انحراف فردي؛ بل هو انكسار جماعي، ومؤشر على ضعف العقيدة وضياع العبادة. فحين يُشيع الناس الكذب، وتُهدر الأمانة، وتُباع الذمم، وتُشترى المواقف، فاعلم أن العقيدة لم تتغلغل في القلوب، وأن العبادة لم تتجاوز حركات الجوارح.