tgoop.com/Redaalgeneedy/7417
Last Update:
أنثى مُكرَّمة
أنثى في القلب
بقلم: رضا الجنيدي
في لحظة صمتٍ ثقيلةٍ، استعادت ذكرياتِ طفولتها، حين كانت تركض خلف أخيها، فتملأ ضحكاتهما أرجاء البيت بهجةً وسعادة، وحين كانت تتعلق بيده عندما يملؤها الخوف، وكأنها تدرك بفطرتها أن أخاها خيرُ سندٍ لها في هذه الحياة.
كانت أحلامهما الصغيرة تتشابه، وأرواحهما تتعانق، وأيديهما تتشابك، فتنسج في قلبيهما خيوطَ المودة التي لا تُمحى، وتنقش في عقليهما ملامحَ ذكرياتٍ لا تُنسى.
لكن الأيام تمضي، والأولويات تتبدل، والمسؤوليات تتزاحم، فينشغل أخوها بدوامة الحياة، ويزداد انشغاله بعد أن يتزوج وينجب.
وأما هي، فلم تكن قد تزوجت بعدُ، فبقيت وحيدة بعد رحيل والديها، تتجرع مرارة الوحدة، خاصةً مع غياب أخيها وانشغاله عنها.
تساءلت في أعماقها: هل لا يزال في قلب أخيها متَّسعٌ لها، أم أن مشاغله قد وارت ما في قلبه من ودٍّ وحبٍّ لها؟
ثم راودها سؤال آخر: هل في ديننا العظيم ما يذكِّر الأخ بمكانة الأخت؛ ليهتم بها ويرعاها؟
وها هو الجواب، واضحٌ وجليٌّ، يأتينا من نور الهديِ النبوي، رافعًا شأن الأخت، ومذكرًا كل أخٍ رزقه الله بأخوات، بأن الأُخوة ليست مجرد رابطة دمٍ، بل هي وصية نبوية، وفرصة لكنوز أخروية؛ منها: الستر من النار، والوعد بجنة الرحمن، خاصةً حين تكون الأخت بلا زوجٍ، سواء لم تتزوج بعدُ، أو مرَّت بتجربة زواج لم تكتمل، بسبب طلاق أو وفاة زوج؛ فهي في تلك الحال تحتاج أن تجد في أخيها قلبًا يحتوي، وروحًا تحتضن، وسندًا لا يخذل، وعينًا تنتبه إلى أدق التفاصيل التي قد تعجز هي عن البوح بها.
لقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم مكانة هذه الرعاية إلى أعلى المراتب، فقال: ((من أنفق على ابنتين أو أختين، أو ذواتي قرابة، يحتسب النفقة عليهما حتى يُغنيَهما من فضل الله، أو يكفيهما، كانتا له ستًرا من النار))؛ [أخرجه أحمد].
وإذا كانت هذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فحُقَّ لكل أنثى أن تتأملها، وتدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُرد من الأخ أن يقدم رعاية مادية فحسب، بل أراد أن تكون هذه الرعاية عبادةً مصحوبةً بالنية الصادقة، ومجردةً من المنِّ والأذى، ومقدمةً بعاطفة رقيقة لا تُشعر الأخت بأنها عبء على أخيها.
ولأن الأنثى لا تستقيم حياتها بتوفير الاحتياجات المادية فقط، فهي بطبيعتها تحتاج إلى الحب والحنان، والطمأنينة والأمان، وتحتاج إلى أن تُعامَل بتقوى وإحسان، جاءت وصيةٌ نبوية أخرى تذكر الأخ بذلك.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان له ثلاثُ بناتٍ، أو ثلاث أخوات، أو ابنتان أو أختان، فأحسَنَ صحبتهن، واتقى الله فيهن دخل الجنة))؛ [صحيح ابن حبان].
((أحسن صحبتهن)): أي: أنه يكون قريبًا منهن بقلبه وفعله، يسأل عنهن، ويهتم بأمورهن، ويعاملهن برفقٍ وحنان، ويؤنس وحدتهن، ويقويهن حين تُضعفهن الهموم والأحزان.
((واتقى الله فيهن)): أي: عاملهن بميزان الشرع لا هوى النفس، وبميزان الرحمة لا الغِلظة، ولم يتركهن يتجرعن مرارة الاحتياج.
ثم يزداد التشريف، ويعلو المقام، حين يجعل النبي صلى الله عليه وسلم جزاءَ هذا الإحسان مرافقته في الجنة؛ حيث نعيم القرب من النبي وشرف رفقته في الآخرة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من عال ابنتين أو ثلاثًا، أو أختين أو ثلاثًا حتى يبنَّ، أو يموت عنهن، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها))؛ [صحيح ابن حبان].
((يبنَّ)): أي: ينفصلن عنه بزواج أو موت.
وهكذا هي مكانة الأنثى المسلمة، فقد أراد الله عز وجل لها أن تعيش عزيزةَ النفس، مكرمةً، فإن أثقلتها الحياة بهمومها، فلن تجد نفسها وحيدةً بلا سند، ففي حياتها أخٌ يقوم على شؤونها، ويحتوي ضعفها، ولا ينشغل بحياته عنها وعن احتياجاتها، فالأخت في الإسلام ليست علاقة تُنسى بمُضيِّ الزمان، ولا ذكرى تُمحى بسبب كثرة المسؤوليات، بل هي وصية نبوية، وكنز أخروي عظيم،
فسبحان من أعز الأنثى، ورفع قدرها، وأعلى شأنها في كل مرحلة من مراحل حياتها!
رضا الجنيدي
✍🏻كلُّنا راحلون ويَبقى الأثر، فلنترك أثرًا قبل الرحيل.
🌿قناة الكاتبة والأخصائية النفسية رضا الجنيدي على التلجرام
https://www.tgoop.com/redaalgeneedy
🌿قناة البرامج والدورات المُجمَّعة
https://www.tgoop.com/Redaalgeneedy2
🌿صفحة الفيس بوك
https://m.facebook.com/Reda.Geneedy
BY رضا الجنيدي

Share with your friend now:
tgoop.com/Redaalgeneedy/7417